رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: في الطريق إلى (طرة)!

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

قبل أن أفيق من الصدمة.. كانت يداى قد كبلتا في الكلابشات المعدنية الباردة مرة أخرى.. عصابة العين حركتنى بخطوات متعثرة في الظلام المشحون بالأصوات الميرى.. وسط حراسة مشددة دفعونى داخل سيارة في الطريق إلى سجن (طرة).

بعد دقائق انزلقت العصابة عن عينى لثوان قليلة لمحت خلالها سهم يشير بحدة إلى الاتجاه الذى نسلكه يعلوه عبارة (إلى طرة).

ثم بعد فترة من تعب السجن في (طرة) كانت البراءة من كل التهم بلا استثناء.. بما فيها تهمة قلب نظام الحكم مع استعمال القوة ..

هنأني أحد الضباط على الخروج من سجن (طرة).. و أنا أرتدى ملابسى بحثت عن بطاقتى الشخصية في جيبى الأيمن فلم أجدها.. و حينما أبديت قلقي استعجلنى الضابط للتحرك – مش مهم تلقاها دلوقت .. لو لقيناها هنجيبهالك.

و ايه لازمة المشورة وتجونى آخر الدنيا ؟.. منا هنا أهو .

لآ.. أصلك هتفضل لسه تحت أيدينا شوية.

أنا باكتبك.. رغم الوجع والتوهة

الوجع والتوهة

يا ميت ندامة.. عليكى يا حدايّة..

دايسة الدوايّة.. عشان ما نقدر نكتب

والله .. لُولا السجدة.. لُولا الآية..

كنا في يوم.. هانصدق اللي بيكدب

…………………………………

في المعتقل.. إزاى هاننسى جراحِك..

وانتي الحبيبة الأم.. وانتي ضنانا

يا اللي مازال في القلب نايمة رماحك..

يا سالكة رغم اللي حصل.. جوانا

…………………………………

أنا باكتبك.. رغم الوجع والتوهة ..

مش هاشطبك.. أبدا.. ولا هانساكي

أنا قلت ياما عليكي.. أغلــى إلهة..

وكتبت ألف ديوان يا أمي عليكي

…………………………………

يا حرقتي.. جوه سجونك يا امه..

والكل خايف مني.. بره سجونك

أخرس معـانا.. أيوه أطرش.. أعمى..

إنتي سجنتي الشعب.. جوه جنونك

…………………………………

(قراقـوش)..ما زال ع الكرسي.. داس قراقوشك ..

على قلبي.. آه يا قلبي.. سيبك منها

في النهر.. غرقت مركبي بقروشك..

وقالولي إن الخوف خلاص جَنِنْها

 

 

…………………………………

إزاى هاخاف م السجن يا ساجناني..

مع ناس ماهـش فاهماني.. قلبى رافضهم

لا شيوعـى ريَّح قلبي.. لا إخواني..

ولا إيدى قدرت لحظة تحـضن إيدهم

…………………………………

قاعد.. (صلاح عيـسي) بيكتب عنك..

ع الأرض .. فايض لسـه نص سـيجارة

كل اللي دوستي عليه بيعزف لحنك..

وبيطفي نوره من بداية الغارة

…………………………………

هاكتب بدم عيوني عن زنازينك ..

عن رميتك لىّ وقسوة روحك

سلمتي للقواد يا أمي خزينك..

وحرمتي من طعم الطبيخ مجروحك

…………………………………

يا قِبلتـي.. أيوه هاصلي عشانك..

واطلب من (المولى المجير) يشفيكي

يعـطف علىّ.. يِشَّل إيد سجانك..

من دمي.. لو ناويّه عبور.. يسقيكى

…………………………………

أوراقي يا أوراقي.. كوني جناحي..

وخديني للدنيا اللي بره عيوني

لسه القلم.. والحبر.. هما سلاحي..

مع انهم هما اللي ليها جابوني

…………………………………

يا حرقة (المقبوض عليه) فى الزحمة..

يا فرحته بيكى.. حرامي الحلة

لا (إنسانية) مع الحبيب.. ولا (رحمة)..

ولا دين.. ولا مبدأ شريف.. ولا (مِلة)

…………………………………

ها اكتب وهاكتب مهما جاروا علىّ..

وداسونى بالنعل الحديد الحافي

تدينى قسوة جبال.. أكُون حنيّه.ة

وأشيل حمولتك حتى (جوه كتافي)

…………………………………

الشِعر كان لىّ خلاص من قهري..

باتدارى جوه عنيه من اللى سابوني

(سُم الفيران) حطوه بقسوه لمُهري..

واما اعترضت على اللي كان.. سَبُوني

…………………………………

آه يا عزيزة عينى كتب كتابي..

يوم الخروج هاكتب كتابك تاني

بس انتى حُوشى المخبرين عن بابي..

أرجوكى اطفي م الكيان أحزاني

…………………………………

يا شِعر يا اللي أخدنى ضيَّك ليها..

أم الضفاير ناعمة جوه كفوفي

أنا مستعد بكل عمرى افديها..

مهما تِزيد أحزاني.. ويقيد خوفي

…………………………………

من كتاب: (مدد مدد)

سيره ذاتيه تحت الطبع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.