رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مطربون لا يذكر لهم الجمهور إلا (أغنية واحدة) رغم كثرة إنتاجهم (3)

كتب : أحمد السماحي

مازالنا مع حلقات (مطربون .. لا يذكر لهم الجمهور إلا (أغنية واحدة)، رغم كثرة إنتاجهم!) أوما نطلق عليهم (مطرب الأغنية الواحدة)!

 هؤلاء الذين حققوا شهرة ونجاح، وتواجدوا على خريطة الغناء، لكنهم لم (يبصموا) في الشارع المصري وبالتالي العربي إلا من خلال (أغنية واحدة) أو اثنين على الأكثر.

استعراضنا في الحلقات السابقة مجموعة من أصوات العشرينات والثلاثينات والأربعينات، وهذا الأسبوع نستكمل ما تبقى من مطربيين الأربعينات الذي اشتهروا بـ (أغنية واحدة).

وبالمناسبة كل الأصوات التى استعرضناها من قبل، وخلال هذا الأسبوع تمتلك أصوات قوية، وعذبة، وبعضهم يمتلك حنجرة ساحرة.

لكن الشيئ الوحيد الذي لا يمتلكونه هو ذكاء الإختيار، وعدم ضبط اختياراتهم على موجة ومزاج الشارع المصري والعربي؟! وحصر أنفسهم في دائرة من الألحان المحدودة التى جعلت الجمهور بعد فترة يبتعد عنهم بسبب الملل!.

وفي هذه السطور القليلة القادمة نستعرض اثنين من هؤلاء المطربيين الذين عرفوا بـ (أغنية واحدة).

(عباس البليدي) الذي يعتبر واحدا من أهم مطربي الثلاثينات والأربعينات

(عباس البليدي).. عديني يا معداوي

أول المطربيين الذين نستعرضهم هذا الأسبوع (عباس البليدي) الذي يعتبر واحدا من أهم مطربي الثلاثينات والأربعينات، ولد في مدينة دمياط، وكان والده تاجرا ومن هواة الإستماع إلى الغناء.

وكان لدى (عباس البليدي) شقيق يجيد العزف على عدة آلات، ومن هذا البيت الفني عشق (البليدي) أصوات (صالح عبدالحي، أم كلثوم، محمد عبدالوهاب، فتحية أحمد) وغيرهم من مطربي هذه الفترة.

وفي عام 1930  – كما يذكر البليدي في مقال له بعنوان (حياتي) – غنى في حفل أقامه مأمور (بندر شربين) بمناسبة جلوس الملك فؤاد الأول، ويومها ترنم البليدي بأغنيتين لمحمد عبدالوهاب، هما (حاسدوني وباين في عينيهم) و(خايف أقول اللي في قلبي).

فبهر جمهور الحفل بجمال صوته، وترجم مأمور بندر شربين (أحمد بك جمعة) إعجابه بأداء عباس في تلك الليلة، بالتوصية لدى بعض أعضاء مجلس إدارة معهد الموسيقى الملكي بالقاهرة لقبوله دارسا بالمعهد.

وبعد تخرجه من المعهد، حدث افتتاح الإذاعة الحكومية في عام 1934، ومن خلالها قدم العديد من الأغنيات الجميلة التى تحلق حولها جمهور المستمعين في هذه الفترة.

إقرأ أيضا : (مطربون) لا يذكر لهم الجمهور إلا أغنية واحدة رغم كثرة إنتاجهم (2)

من هذه الأغنيات (لأجل الجمال خضع قلبي) كلمات سيد محمود محمد، ألحان محمد هاشم، أنشودة (الورد) كلمات محمد سعيد أحمد، لحن وغناء البليدي الذي لحن لنفسه معظم أغنيات هذه الفترة.

نذكر منها (آدي حالي في الحب معاكي، ياللي حبك قاسي، باين عليك إنك عاشق، الجو راق يا مراكبية، غردي يا طير، ماكانش عشمي فيك كده، عندليب الروض، الدمع جافاني) وغيرها.

ومثلت حقبة الأربعينات مرحلة التوهج في مسيرة (البليدي) فقدم فيها (من حبنا حبناه) كلمات إبراهيم كامل رفعت، وألحان أحمد صدقي، والتى يقول مطلعها :

من حبنا حبناه، ونشيله في رموش عنينينا

ولو نقاسي في هواه ما يهونش برضه علينا.

وغني من ألحانه، وكلمات أحمد شفيق كامل أغنية متميزة جدا بعنوان (دايما تقول بكره) والتى يقول مطلعها:

دايما تقول بكره وتسيبني مستني

ولا فيش مرة بالقرب هنيتني

وغيرها من عشرات الأغنيات الجميلة مثل (يا غايب من سنين عني، ندى وزهر ابتسم، ويا الأحبة، إسعى وسير ع القدم، أشرق الصبح، الأم) وغيرها.

كما أعاد العديد من الموشحات والأدوار القديمة مثل موشح (أتاني زماني)، ودور (كادني الهوى)، ودور (في البعد ياما كنت أنوح)، كما قدم العديد من الصور والملاحم الغنائية الناجحة مثل (وردة وعابد المداح).

ومن المعلومات التى لا يعرفها الكثيرين أنه سبق أم كلثوم  في غناء قصيدة (أغار من نسمة الجنوب) بنحو 15 عاما حيث قام بغناء القصيدة تحت عنوان (أماني) عام 1942.

 والحكاية ترجع عندما إستمع (البليدي) إلى قصيدة (أماني) من شاعرها أحمد رامي أول مرة في منتصف عام 1942 فطلب غنائها.

ووافق الشاعر على غناء المطرب الشاب للقصيدة، فقام بتلحينها وغنائها وقامت الإذاعة بإذاعتها أول مرة يوم الجمعة 31 يوليو 1942.

ومن الأغنيات التى رددها الشارع المصري لعباس البليدي (أغنية واحدة) بعنوان (عديني يا معداوي) من كلمات أحمد السمره، وألحان خليل المصري وتقول بعض كلماتها:

عديني يا معداوي واديك ريالين فضة

مجروح وحبيبي مداوي تتمنى العين يرضى

عديني يا معداوي البر التاني قبالي

عمره ما يغيب عن بالي، عديني البر التاني.

ظل (عباس البليدي) في دائرة الضوء حتى بداية الخمسينات حتى رحيله في منتصف الستينيات

(عباس البليدي) والرحيل

ظل (عباس البليدي) في دائرة الضوء حتى بداية الخمسينات، ومع منتصف الخمسينات وظهور مجموعة من الأصوات الجديدة والملحنيين الجدد، لم يستطع البليدي مواكبتهم، فاختفى عن الأنظار.

وقد طالت فترة توقف البليدي عن الغناء وابتعاده عن الأضواء، حتى ما عاد يذكر اسمه سوى في برامج الإذاعة التى تهتم بالتراث والغناء القديم إلى أن وافته المنية عام 1966.

(إسماعيل شبانة) يمتلك واحدا من أهم الأصوات الغنائية التى ظهرت في مصر في القرن العشرين

إسماعيل شبانة.. أكتر تلاتة بحبهم

كان (إسماعيل شبانة) يمتلك واحدا من أهم الأصوات الغنائية التى ظهرت في مصر في القرن العشرين، صوت واسع المساحة عذب النغمات، يجيد غناء كل الألوان الغنائية بتمكن ومهارة وعذوبة .

ورث حلاوة الصوت من والده الشيخ (علي شبانه) مؤذن جامع القرية، والذي كان ينشد التواشيح لأهل قريته في شهر رمضان، وتربى إسماعيل شبانه على صوت الموسيقارمحمد عبدالوهاب.

ووضحت موهبته  الغنلئية مبكرا، فترك القرية وهو في السابعة عشر من عمره، ونزل للقاهرة للعمل بوزارة الصحة ولدراسة الموسيقى والغناء، فالتحق بمعهد الموسيقى العربية.

وفي عام 1943 حصل على دبلوم المعهد قسم (الأصوات) بدرجة الامتياز، مما أهله للتعين معيدا بالمعهد، في عام 1945 تقريبا افتتح المعهد العالي للموسيقى المسرحية  ليستكمل دراسته الموسيقية به.

عام 1946 طرق أبواب الإذاعة المصرية واستطاع بسحر صوته وتمرسه فى الغناء، وقدرته على غناء الأدوار والموشحات انتزاع إعجاب الجمهور من خلال العديد من الأغنيات الجميلة.  

وكان أشهرهذه الأغنيات (ايه اللي حايشني، أفرح واتهنى)، كلمات إبراهيم كامل رفعت، (مالك ومال بكره و ليه بيحسدوني وندر علي)  كلمات (إبراهيم رجب).

(الشمعة) كلمات محمد المهدي، (أنا الفلاح) كلمات علي بحيري، كما قدم ديو مع سعاد مكاوي بعنوان (القمر ما أحلى جماله) كلمات منير الفنجري، وكل هذه الألحان كانت للملحن أحمد صبرة.

والملحن الثاني الذي تعاون معه (إسماعيل شبانة) هو خليل المصري الذي لحن له  (القرنفل) كلمات  أحمد السمرة، (حكاية) كلمات محمد علي أحمد.

 وغيرها من الأغنيات التى كانت تذاع بصفة منتظمة في فترات الصباح نظرا لجمال معانيها وعذوبة ألحانها، كما تعاون مع كثير من الملحنيين، سواء من جيله أو الأجيال التالية له، وقدم العديد من الصور الغنائية المتميزة للغاية.

ويعتبر (إسماعيل شبانة) أجمل صوت قام بإحياء تراث خالد الذكر الشيخ سيد درويش

(إسماعيل شبانة) والشيخ سيد درويش

ويعتبر (إسماعيل شبانة) أجمل صوت قام بإحياء تراث خالد الذكر الشيخ سيد درويش فأعاد وأمتعنا بصوته القوي العذب المتمرس بعض أدوار وأغنيات عبقري النغم، خاصة التى رددها في فيلم (سيد درويش).

ورغم غزارة ما قدمه إسماعيل شبانة إلا أن الشارع المصري لم يردد له إلا (أغنية واحدة) بعنوان (أكتر تلاتة بحبهم) التى كتبها الشاعر الغنائي صلاح فايز، ولحنها سابق عصره منير مراد.

والتى استعانت بها الإذاعة المصرية في البرنامج الاجتماعي الشهير (إلي ربات البيوت) والتى  يقول مطلعها :

أكتر تلاتة بحبهم، ابني وبنتي وأمهم

سكنين في قلبي وتملي جنبي

 وبقول ياربي خليني أعيش من أجلهم.

وما تزال أغنيته الجميلة (لوغبت عني) التى كتبها زين العابدين عبدالله، ولحنها عبدالعظيم محمد  تتردد حتى اليوم والتى يقول في بدايتها :(لو غبت عني ولو شوية، ابقى افتكرني وإسأل علي).

ورحل (إسماعيل شبانة) يوم الخميس 28 فبراير عام 1985.

……………………………

الأسبوع القادم نستعرض أصوات حقبة الخمسينات التى لم تنجح لها إلا أغنية واحدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.