رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

اضحك كركر.. مع (أبو السعود الإبياري) والسعادة (4)

بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد

كلاكيت أول مرة..

غادر (أبو السعود الإبياري) فرقة بديعة مصابنى دون رجعة، بعد أن تحول الكازينو من أكاديمية فنون إلى كباريه يلبى رغبات الجنود الإنجليز من رقص وشرب.

أصبح شبح البطالة البغيض يطل برأسه أينما ذهب، في محاولة للهروب من النفق المظلم كتب قصة للسينما، وضعها في ظرف أنيق، انطلق بها إلى شخصية كبيرة في ستديو مصر مع بطاقة توصية من أحد الأصدقاء.

كان الرجل الكبير يتحدث بسرعة ألف كلمة في الدقيقة مبديا مدى عجلته من أمره وعدم وجود وقت لديه لقراءة أو مناقشة.

(خلاص يا أفندى، سيب لى انت بس الظرف دا هنا و انا هقراه الليلة براحتى).

في اليوم التالى عاد (أبو السعود الإبياري) إلى مكتب الرجل الكبير ليصده الفراش عن الدخول وهو يمد يده بالظرف المغلق، قرأ على جانبه عبارة اعتذار بأن القصة لا تصلح للسينما، كان يقين (أبو السعود الإبياري) أن الرجل لم يقرأ القصة من الأساس.

كان صديق الكفاح السابق في فرقة بديعة مصابنى (بشارة واكيم)

(أبو السعود الإبياري) و(بشارة واكيم)

كان صديق الكفاح السابق في فرقة بديعة مصابنى (بشارة واكيم) قد أصبح عاملا مشتركا في معظم أفلام السينما هذه الفترة.. بل كانت بدايته مع السينما الصامته بفيلم (برسوم يبحث عن وظيفة).

بالمناسبة فما أشيع عن (بشارة واكيم) أنه شامى الأصل كانت لبراعته في إتقانه التام اللهجة الشامية، لكنه في حقيقته من مواليد أحد أحياء مصر الشعبية (حى الفجالة).

توالت أفلام (بشارة) منها فيلم (الباش مقاول) مع إحسان الجزايرلي، و(عريس من إسطنبول) مع يوسف وهبى وغيرها.

اشتكى (أبو السعود الإبياري) لصديقه بشارة من موقف المسؤول في ستديو مصر ليجيبه:

إقرأ أيضا : أبو السعود الإبياري .. أسطورة فنية مصرية لن تتكرر

(يا سيدى: مش كل الناس زى بعضها.. بكره هعرفك على شخصية كويسه خالص.. بس هات معاك انت قصة حلوه كده وربنا يسهلها).

استغرق (أبو السعود الإبياري) ليلتها في قصه استوحى أحداثها من حالة البطالة والفقر التي يعيشها هذه الفترة، ومن أحلام اليقظة التي تداهم من هو على هذا الحال ليكتب فكرة فيلم (لو كنت غني).

في اليوم التالى بدأت المنتجة (آسيا) في قراءة الفكرة بابتسامات خفيفة لتنطلق بعدها في قهقهات عالية متوالية انتهت بتوقيعها شيكا بخمسين جنيها كعربون للفيلم.

اجتاحت (أبو السعود الإبياري) حالة انبهار وهو يتابع في الاستوديو يوميا إخراج الفيلم على يدى هنرى

حالة انبهار (أبو السعود الإبياري)

اجتاحت (أبو السعود الإبياري) حالة انبهار وهو يتابع في الاستوديو يوميا إخراج الفيلم على يدى هنرى بركات، وتحرك شخصياته ونطقها مجسدة في (بشارة واكيم، وعبد الفتاح القصرى، ويحيى شاهين، و ثريا حلمى) و غيرهم.

حيث محروس الحلاق الفقير الذى يحلم طوال الوقت بالثراء فيتحقق حلمه يوم أن يموت قريبه الشحاذ الذى يعثر في بيته على أكوام من الأموال لتتغير أحوال عائلته وينتقلون جميعا للعيش في فيللا بالزمالك.

لكن اندفاعهم في بحبوحة العيش والثروة أوقعهم في مفارقات ضاحكة ككوميديا سوداء، أثناء الفيلم طالبه (بشارة واكيم) أن يسارع بكتابة فيلم آخر يقوم بشارة ببطولته فيكتب له فيلم (أما جنان).

بطولة (آسيا وحسن فايق، وعبد الفتاح القصرى، وزينات صدقى، وإسماعيل ياسين، في دور السائق ورد).

وكانت هذه من بدايات رحلته الطويلة التي انطلق فيها (أبو السعود الإبياري) وإسماعيل ياسين بعدد هائل من الأعمال عابرة الزمن سيأتى تفصيلها في مقال قادم.

تابعت الفنانة (عزيزة أمير) كتابات (أبو السعود الإبياري) بإعجاب، دعته الى جلسة عمل:

(عندى لك فكرة يا أبو السعود أفندى .. شوف هتكتبهالى ازاى).

روت له (عزيزة أمير) فكرة (طاقية الإخفاء)

(أبو السعود الإبياري) و(طاقية الإخفاء)

روت له (عزيزة أمير) فكرة (طاقية الإخفاء)، وماذا يمكن أن تفعل مثل هذه الطاقية بصاحبها الطيب وبالمحيطين به؟.. بماذا سيفيده تحركه مختفيا بين أصدقائه وجيرانه؟، وماهى المخاطر التي سيتعرض لها نتيجة استخدامه هذه الطاقية.

ليكمل لها (أبو السعود الإبياري) مضيفا وماذا سيحدث أيضا إذا انتقلت من هذا الشخص الطيب إلى شخص شرير؟، بل وإلى زعيم عصابة من اللصوص؟

(اديك فهمتى يا أبو السعود أفندى .. تعرف تكتب قصة الفيلم دا؟).

ينجح فيلم (طاقية الإخفاء) نجاحا ساحقا، أدى فيه بشارة واكيم دور (المعلم عباس السمكرى)، الحالم دوما بالثراء ليعثر ذات يوم على طاقية الإخفاء فيستغلها بأحداث كوميدية شيقة في سداد ديونه، ومراقبة أحوال وأسرار كل من حوله.

ليكتشف وهو يتحرك بين الآخرين دون أن يراه أيا منهم خداع من كانوا يظهرون له الحب، وجدعنة من كان يفهم مواقفهم السابقة على غير حقيقتها.

إقرأ أيضا : محمد عبد الواحد يكتب: إضحك كركر مع (أبو السعود الإبياري).. (الست بديعة).. (2)

لكن الطاقية تقع بين أيدى حفنة من اللصوص فيسيئون استخدامها.. شارك بطولة الفيلم (تحية كاريوكا و محمد الكحلاوى و فردوس محمد و آمال زايد).

يعترف دائما (أبو السعود الإبياري) بفضل فيلم (طاقية الإخفاء) عليه، فقد تزوج بحصيلته من فتاة أحلامه.

وكان الفيلم بمثابة المفتاح الذهبى الذى توالت له  فتح أبواب السينما واحدا إثر آخر، ولنخطو في المقال القادم مع (أبو السعود الإبياري) إلى ما وراء هذه الأبواب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.