رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(جوليا بطرس) .. (أيقونة) الغناء الثوري النابض بالحرية

بقلم: محمد حبوشة

الغناء الثوري والموسيقى هما أسهل وأسرع طريقة للفهم والتغيير بصورة مباشرة، وهناك عديد من الفنانين والفنانات الثوار يواجهون مضايقات، وعلى رأسهم المطربة اللبنانية الكبيرة (جوليا بطرس)، لأنهم يحركون مشاعر وأحاسيس وأفكار الآخرين بكلماتهم وأغنياتهم.

وفي كل الثورات  اللبنانية والفلسطينية كانت (جوليا بطرس) الأغنية الأنشودة الثورية، بل هى العنصر الأكثر حضورا والشكل الأول جماهيريا فيما يمكن تسميته (فن الثورة)، حيث أن الحراك الاحتجاجي يبدأ المطالب أيضا بألحان وغناء.

وعلى أية حال، يمكن القول أن الأغنية الأنشودة التي التزمتها (جوليا بطرس) هى الشكل الأول للحالة الثورية نظرا لما تتميز به من خصوصية فنية وقدرة على جذب الإنتباه إلى الإحتجاجات، كونها تتضمن رسائل بسيطة ومختصرة تتناسب والذوق الشعبى للمجتمعات.

 ولذا فإن الأغنية عند (جوليا بطرس) تتمتع بقدرة كبيرة على الانتشار والتأثير في عواطف ومشاعر وفهم المتلقى، وقد استخدمت (جوليا بطرس) الأغنية الثورية لتحقيق الكثير من الأهداف منها:

استقطاب الجماهير الى صف الثورة، وإيصال رسائل سياسية، تعزيز تحقيق الحرية، انطلاقا من قاعدة أن الفن الغنائي شكلا من أشكال الحرية، فهو طريقة للتعبير عن الذات وتحقيق الحرية، فهو عمل يتميز بالإيمان بالذات.

وهو مرآة لانعكاسات الروح ورغباتها ففن كل مجتمع يتميز عن غيره بالتعبير عن أوضاع البلد السياسية والاقتصادية والإجتماعية بسمات معينة، فبعض الفنانين لا يغنون من أجل المال، وإنما لهدف التغيير للأفضل.

(جوليا بطرس).. الفن الغنائي الثوري هو طريقها الآخر للتعبير عن الآراء بصورة قوية

(جوليا بطرس) والغنائي الثوري

ومنهم بالطبع (جوليا بطرس) فالفن الغنائي الثوري هو طريقها الآخر للتعبير عن الآراء بصورة قوية من غير الحاجة إلى استخدام القوة.

وفضلا عن هذا وذاك فإن أغانى (جوليا بطرس) تلعب دورا في نشر قيم التسامح والأخلاق لتعزيز الإنسانية، لأنها شكل من أشكال التعبير الإنساني.

ووسيلتها المثلى لإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي وتحسين الشخصية وحتى التغيير الإجتماعي، فهو يؤثر فى الحياة بطريقة أو بأخرى في تحريك نبض الجماهير.

 ومن هنا نتساءل: هل يمكن أن تكون الأغنية الثورية وسيلة للتعبير عن النفس القومية وتجسيدا للمشاركة الجماهيرية، وما هى الأسس التي يتم على أساسها اعتبار بعض الأغاني ثورية وأخرى لا؟

تؤمن (جوليا بطرس) أن الأغنية منتوج ثقافي ويجب قراءتها تحت مظلة سياسية وتاريخية أيضا، وهى تعتمد هنا على تعريف (فرانتز فانون) للثقافة المقاومة في طرحها للأغنية الثورية أو المقاومة.

وخاصة منها الأناشيد القومية والاشتراكية خلال المرحلة الناصرية المعادية للاستعمار والمتجهة نحو تكوين وعي مقاوم رافض لقوى الإمبريالية والرأسمالية والمنحازة تجاه الفلاح والعامل والتلميذ والفقير.

إقرأ أيضا : حريق المسجد الأقصى يلهب أغاني (فلسطين) بحناجر الكبار والشباب ! (3)

الأناشيد في تلك المرحلة عززت روح المقاومة ضد الصهيونية واعتمدت على تكوين هوية المواطن العربي في المرحلة بعد الاستعمار.

لقد جعلت (جوليا بطرس) الأغنية الثورية في هذه الحالة غائبة عن السياق الثقافي العام، وبالرغم من تسميتها (أغنية بديلة) إلا أنها تحبذ مصطلح (الأغنية المنشقة).

فهي الأغنية المنشقة عن لغة الدولة والنخبة السياسية الحاكمة ومن أهدافها الأساسية التحريض، أغاني الشيخ إمام مثلا تقوم بذلك عبر السخرية.

هكذا إذا تختلف الأغنية الثورية لدى (جوليا بطرس) في شكلها ومضمونها وحتى معايير جماليتها استجابة للسياق التاريخي والثقافي والسياسي التي تنتج عنه.

ومن ثم فإن (جوليا بطرس) جعلت الأغاني الثورية المعاصرة تعتمد على مظهر المؤدي في ثقافة تصنيع النجومية، والفيديو كليب هو الوسيلة لتحقيق ذلك.

أما ما يعكسه هذا (الفيديو كليب) فهو نمط حياة غير مألوف لدى الأغلبية الساحقة للشعب العربي الذي يعيش تحت خط الفقر، بل يمثل أسلوب حياة النخبة الحاكمة، حليفة الاستعمار والرجل الأبيض.

مثلما قال الطيب صالح في روايته (موسم الهجرة إلى الشمال): حتى وإن ترك المستعمر الأرض، فقد ترك عليها بقاياه التي تحفظ له مصالحه في البلاد.

إن كانت الأغنية وطنية لا تعني لـ (جوليا بطرس) أنها ثورية فحسب

(جوليا بطرس) و مفهوم الأغنية الوطنية

إن كانت الأغنية وطنية لا تعني لـ (جوليا بطرس) أنها ثورية فحسب، هذه الأغاني الوطنية عادة ما تأخذ شكلا شوفينيا وانعزاليا، هذه الأغاني لا تشبه أغاني الشيخ إمام ومارسيل خليفة وفيروز وجوليا بطرس وآخرين.

الفقراء أكثر الناس ميلا إلى الطرب والرقص والغناء إلى حد الانفلات والعربدة.. إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، طبعا (جوليا بطرس) خلقت حالة خاصة في الغناء الثوري للبسطاء من أبناء الأرض العربية.

ولو تأملنا في مجمل الأغاني التي تصدح بها حناجر الطلائع اليسارية وعى رأسهم (جوليا بطرس) ، لوجدناها كلها نابعة من قصة حب وديعة وبسيطة كالفلاحين وعمال البناء والمشردين في فلسطين المحتلة.

إقرأ أيضا : معركة (طوفان الأقصى) تكشف المستور في الساحة الغنائية!

لذا يمكن أن تكون الموسيقى عند (جوليا بطرس) شكلا من أشكال الاحتجاج، لكنها أيضا تمثل سردا لتاريخ السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم، ضد الاحتلال والإبادة الجماعية لهم.

حتى إذا تم استبعادهم من كتب التاريخ، تظل موسيقى وأغاني (جوليا بطرس) تحكي قصصهم للعالم، وتؤكد وجودهم الإنساني وتاريخهم الثقافي.

عرفت (جوليا بطرس) منذ نعومة أظفارها أن الأغنية الوطنية تعد مكونا أصيلا وموروثا ثقافيا حاضرا مع كل الأحداث التي مر بها العالم العربي وخاصى لبنان وفلسطين.

وآمنت أن الأغانى الوطنية هي الأغاني التي تعبر عن حب الوطن وغالبا ما تكون قصيرة وقليلة الأبيات وقد تحتوي على موسيقى وقد لا تحتوي.

وينتصب الغناء الثوري والوطني (الفلسطيني) لدى (جوليا بطرس) على كم هائل من الاحداث والوقائع المحزنة والمفرحة والمبكية والموجعة والتاريخية والجغرافية والانسانية والصور الطبيعية والحض على كل القيم النضالية والثورية.

وتقف سدا منيعا في وجه أصحاب الخرافة القادمين من زمن الغول والأساطير الذين يحاولون طمس تاريخ الشعب الفلسطيني، ليس هذا وحسب بل وسرقة كل الأدلة التاريخية التي تدل على الحق الفلسطيني وتؤكد هويته وتجذره عبر التاريخ.

مارست (جوليا بطرس) الغناء الثوري بدوره النضالي الوطني والانساني

(جوليا بطرس) والنضال الوطني

من هنا جاء الدور الأساسي والمهم للغناء الثوري والوطني، حيث مارست (جوليا بطرس) الغناء الثوري بدوره النضالي الوطني والانساني الذي جبلت عليه في مسيرة الشعب الفلسطيني خاصة والانساني عامة بكل وفاء وجدارة واتقان.

فقد ظل غناء (جوليا بطرس) فعلا حيويا محرضا على النضال والثورة في الروح الفلسطينية والإنسانية، وبقي غنائها الثوري حالة استثنائية تنزرع في الوجدان الفلسطيني.

وكل هذا يأتي ضمن اصرار الشعب الفلسطيني على حقه في الحياة وقدرته على استجلاب الفرح للقلوب واستمطار الأمل بمزيدا من الأمل فغناء (جوليا بطرس) ضمن هذا السياق فعل إنساني.

يحمل في ثناياه قدرة الانسان على صياغة المعنى لوجوده، وعلى قدرته على تجميل معنى الحياة، والارتقاء بمعانيها، وإثبات قدرته الروحية، ودرء الانكسار في أعماقه.

ولدت الفنانة الثورية المعروفة (جوليا بطرس) في العاصمة اللبنانية بيروت، لعائلة مسيحية من الروم الأورثوذوكس.

تعود أصول والدة المطربة جوليا بطرس إلى دولة فلسطين وهى ممن عانوا من التهجير من وطنهم فانتقلت إلى لبنان وعاشت وتزوجت هناك من والد جوليا

ترعرعت (جوليا بطرس) في كنف عائلتها المكونة من أبويها وشقيقها زياد وشقيقتها صوفي، وتلقت تعليمها في مدرسة راهبات الوردية، وهناك أبانت عن موهبتها الموسيقية مبكرا، فانضمت إلى جوقة المدرسة لتصبح مغنية فيها.

نشأت (جوليا بطرس) بين أم ذاقت مرارة التهجير من وطنها إثر النكبة

(جوليا بطرس) ذاقت مرارة التهجير

نشأت (جوليا بطرس) بين أم ذاقت مرارة التهجير من وطنها إثر النكبة، وأب ينتمي للحزب السوري القومي الاجتماعي، مما أسهم في تشكيل الوعي السياسي والحس الثوري لديها.

فجاءت أغنياتها تنادي بالعدل وتهتف للإنسانية حاملة على عاتقها الحث على الثورة والمقاومة، والدعوة لعدم الانهزام أمام هموم الوطن المنكوب، كما لعبت على وتر الشوق للوحدة العربية، والحاجة للشعور بالانتماء ولو بين أحضان قصيدة.

بدأت المطربة اللبنانية (جوليا بطرس) مسيرتها الفنية منذ أن كانت طفلة في المدرسة حيث برزت موهبتها وصوتها الجميل المميز، اكتشفها معلم الموسيقى بالمدرسة وهو الأستاذ (فؤاد فاضل) والذي جعلها المطربة الرئيسية للفرقة.

تأثرت كثيراً بصوت المطربة (فيروز)، وكانت تغني أغانيها دائما، فقد كانت قدوتها في مسيرتها الفنية، وهى طفلة في الثانية عشر من عمرها تعرفت على إلياس رحباني وقدمت معه أول أغنية لها وكانت بالفرنسية بعنوان (A maman).

إقرأ أيضا : في عملية (طوفان الأقصى).. سفراء الأغنية العربية يساندون غزة بأصواتهم

لما كانت موهبة (جوليا بطرس) الغنائية بادية منذ طفولتها، كان من الطبيعي أن تدخل الوسط الفني مبكرا، فأطلقت عام 1982 أول ألبوم غنائي لها بعنوان (C’est La Vie) وكان هذا الألبوم من تأليف الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني وتلحينه.

كان لبنان والوطن العربي عموما يمران بأوضاعٍ سياسية وعسكرية خطيرة في تلك الفترة، يأتي في مقدمتها الغزو الإسرائيلي للبنان.

وطبعا تأثرت (جوليا بطرس) بذلك تأثرا كبيرا، فقررت اتباع خط غنائي يعبر عن تطلعات الشعوب ويكون ناطقًا بلسانها، فأطلقت أغنيتها الشهيرة (غابت شمس الحق) التي لاقت صدى كبيرًا بين أوساط الجمهور.

(غابت شمس الحق) كانت هذه الأغنية أول ما غنته (جوليا بطرس) باللغة العربية

أول ما غنته (جوليا بطرس) باللغة العربية

كانت هذه الأغنية أول ما غنته (جوليا بطرس) باللغة العربية، وهى من تلحين شقيقها (زياد بطرس)، وساهمت أغنية (غابت شمس الحق) في انتشار شعبيتها في مختلف بلدان الوطن العربي، ورسخت سمعتها بصفتها مطربة ملتزمة بقضايا وطنها.

أسهم الغناء باللغة العربية في بزوغ نجم (جوليا بطرس) بين سماء الوطن العربي، في حين تسبب محتوى الأغنية الوطني في جعل الجميع ينظرون لها لا باعتبارها مطربة فحسب، بل بوصفها فنانة صاحبة رسالة وقضية أيضا.

غنت (جوليا بطرس) أغنية (وين الملايين) عام 1987، والتي تعد انطلاقتها الأولى، وهى أغنية وطنية تحكي معاناة الفلسطينيين مع القوات الإسرائيلية. 

كتبها الشاعر الليبي (علي الكيلاني)، ولحنها الملحن الليبي (عمر الجعفري) على مقام حجاز كرد، وذلك في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ديسمبر 1987، وزعت الأغنية إلى خمسة مقاطع.

مقطع منفرد لكل مغنية، وأدى هذه الأغنية عدد من الفنانين، ومنهن:  (جوليا بطرس (من لبنان في الكوبليه الأول) وسوسن الحمامي (من تونس في الكوبليه الثاني) وأمل عرفة (من سوريا في الكوبليه الثالث والأخير.

إن أغنية (وين الملايين) التي ظهرت أول مرة عام 1987 ظلت متوهجة بجمالها وثوريتها وبهائها الرافض للظلم والاحتلال والخنوع حتى هذه اللحظة، وهى لعمري واحدة من فضائل معمر القذافي رغم مساوئه العديدة.

بعدها أطلقت جوليا بطرس عام 1987 ألبوما غنائيا ثانيا بعنوان (وين مسافر)، تضمن عددا من الأغاني الرومانسية والوطنية.

عاشت (جوليا بطرس) في عقد التسعينيات من القرن الماضي فترة ازدهار على الصعيد الغنائي

(جوليا بطرس) في عقد التسعينيات

عاشت (جوليا بطرس) في عقد التسعينيات من القرن الماضي فترة ازدهار على الصعيد الغنائي، إذ أطلقت خلاله عدد من الألبومات الغنائية التي لاقت نجاحا كبيرا لدى الجمهور.

كان ألبومها الأول في عقد التسعينيات هو (حكاية عتب)، الذي صدر عام 1991، وبعده بثلاث سنوات، وتحديدا عام 1994، أصدرت ألبوم (يا قصص)، الذي حظيت أغانيه بإعجاب الجمهور، وحقق نسبة مبيعات جيدة.

وفي عام 1996، أطلقت جوليا ألبوما جديدا حمل عنوان (القرار)، أتبعته بألبوم آخر اسمه (شي غريب) عام 1998.

شهد مطلع القرن الحادي والعشرين احتفال لبنان بتحرير منطقة الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، وطبعا كانت (جوليا بطرس) في طليعة الفنانين الذي باركوا هذا النصر واحتفوا به، فأقامت حفلا غنائيا في منطقة الجنوب.

طرحت (جوليا بطرس) ألبوما جديدا بعنوان (بصراحة) عام 2001، ثم انتظرت 3 سنوات قبل أن تصدر ألبوما جديدا اسمه (لا بأحلامك)، تميز هذا الألبوم بأغانيه العاطفية الجميلة، وحقق نسبة مبيعات كبيرة.

في عام 2006، أطلقت جوليا ألبوم (تعودنا عليك) وفي أواسط ذلك العام، خاض لبنان حرب تموز مع إسرائيل مما تسبب في معاناته من خسائر مادية فادحة ودمار كبير لحق بالبنى التحتية لعدد من المناطق.

فعزمت جوليا على المساهمة في إعادة إعمار لبنان، لذا أطلقت ألبوم (أحبائي)، وأحيت مجموعة من الحفلات الغنائية في عدة بلدان عربية.

إقرأ أيضا : (طوفان الأقصى) يتجسد في ألبوم (يا قدس يا حبيبتي) تحية لشعب (فلسطين)

كان ريع تلك الحفلات عائدًا إلى عائلات الشهداء الذين سقطوا خلال الحرب، وبعد مرور عام على إطلاق هذا المشروع، أعلنت جوليا أنها قد جمعت نحو 3 ملايين دولار أمريكي.

بعد توقف دام قرابة 5 سنوات، أعلنت جوليا بطرس عن طرح ألبوم غنائي جديد بعنوان (على ما يبدو) عام 2011، وفي العام التالي أطلقت ألبوما آخر اسمه (يوما ما).

أما آخر ألبومين غنائيين لها كانا (حكاية وطن) عام 2014، و(أنا مين) عام 2016، وتلقت جوليا بطرس خلال مسيرتها الفنية عدة جوائز تقديرية منحها إياها لبنان وعدد من البلدان العربية الأخرى نظير أعمالها الفنية الوطنية.

حصلت في عام 2000 على وسام الأرز في لبنان من رئيس الجمهورية لمساهمتها الفعالة في المقاومة من خلال فنها وصوتها.

شكلت أغاني (جوليا بطرس) حالة وجدانيى خاصة تبعث على الأمل وتشجع على المقاومة

(جوليا بطرس) حالة وجدانية

وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للمطربة الثورية (جوليا بطرس)، التي شكلت أغانيها حالة وجدانيى خاصة تبعث على الأمل وتشجع على المقاومة، ويد تشد على أيدي اليائسين والبائسين وتشحذ هممهم.

وشعلة تنقلها إلى قلوب المظلومين والمقهورين لينهضوا من تحت الأنقاض، وأغان على مدار سنوات كانت حاضرة في قلب كل عربي، لتلقب صاحبة الصوت الجهور والحنجرة الذهبية لدى قطاع كبير من جمهورها العربي بـ (مغنية الثورة).

منذ مطلع مشوارها الفني استطاعت (جوليا بطرس) أن تضرم جمر الأحاسيس العميق في نفوس محبيها، من أيام (غابت شمس الحق) ولقاءاتها بجمهورها تفيض حرارة وإحساسا.

لقاءات إبنة الأرض بأهل أرضها، بأناس جعلت صوتها منذ البداية شريكا لهم، يسرح في حقول تبغهم والقمح، يتلون بأوجاعهم ومعاناتهم، كما بصمودهم ومقاومتهم وانتصارهم.

تلك هى نقطة البداية وفيها الكثير من جوهر الموضوع، فهذه المطربة الممتلكة جمال الصوت وبهاء الإطلالة، والمنصرفة الى فن متأن راقٍ، حملت صوتها رسالة واضحة لا لبس فيها.

وهى صاحبة (يا ثوارالأرض، ثوروا عالطغيان، ثوروا عالحرمان خلي الغضب يدمر، ريح الثورة تهدم، تهدم الأصنام يا ثوار الارض…)، هكذا يصدح صوت (جوليا بطرس) في ساحات وشوارع وأزقة الثورات في لبنان والعالم العربي.

تحولت (جوليا بطرس) مع الوقت إلى أيقونة، الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال أدائها على المسرح، في السنوات السابقة، كانت أخف وأقرب إلى الناس من خلال تفاعلها، حركة جسدها، تعابير وجهها وحتى أزيائها.

أغنياتها شابة كانت، تحاكي إحباطات الفلسطينيين في الغرام والهجرة والترك والفقد والقلّة، وأغانيها عن المقاومة والصمود والشعب الذي لا يقهر، كانت تملأ الفراغات لدى جيل يدرس تلك المفردات في الكتب، ويواجه عدوه افتراضيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.