رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(عمرو محمود ياسين).. نضج التجربة في التأليف والسيناريو

بقلم: محمد حبوشة

أرى أن كاتب السيناريو (عمرو محمود ياسين) أصبح محترفا في صناعة بناء درامي متقن يعتمد حوارات مكثفة مقتصدة على ألسنة شخصيات محددة بدورها بدقة على عدة مستويات: سيكولوجيا وأخلاقيا واجتماعيا وسلوكيا.

وذلك عن طريق تقطيع القصة إلى مقاطع ومشاهد ولقطات حركية مع إبراز أمكنة الأحداث وأزمنتها وتبيان مناظرها ومنظور الكاميرا والديكور والإكسسوارات والإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية.

لذا يبدو لي السيناريو عند (عمرو محمود ياسين) عبارة عن شريط سردي ووصفي يهدف إلى تقديم الأحداث والشخصيات والفضاء الزمكاني مع تقديم كل المعلومات الضرورية إلى المشاهد عبر مكونات الحبكة السردية.

وفي هذا يراعي السيناريست (عمرو محمود ياسين) في بناء قصته ثلاثة عوامل رئيسية، وهى: التوازن، والتوقيت، والاقتصاد.

ويعني ذلك أن قصة السيناريو في خيال (عمرو محمود ياسين) لابد أن تكون متوازنة في عناصرها متناسقة في محطاتها السردية التي تستند إليها الحبكة القصصية.

كما يحرص (عمرو محمود ياسين) على التوازن، وذلك بمراعاة عدد المشاهد في علاقتها بمدة المسلسل، وتحقيق الانسجام بين البداية والعقدة والنهاية، وضبط الوقت بشكل متوازن بين المشاهد في تسلسل حلقات المسلسل الذي يؤلفه.

ألفريدو
ماتيجي نشوف
عيشها بفرحة

ثلاثية (عمرو محمود ياسين)

وربما لمسنا جانبا من هذا في أعمال (عمرو محمود ياسين) الأخيرة (55 مشكلة حب) من خلال ثلاثيته الناجحة (ألفريدو، ماتيجي نشوف، عيشها بحب)، والتي عزف فيها على أوتار المشاعر الإنسانية بعذوبة ورقي، وطرق أبوابا غير معهودة دراميا.

ومن خلال متابعتي لكتابات (عمرو محمود ياسين) يبدو لي أنه يؤمن بفكر (أوزويل بليكستون) الذي يقول يقصد بالتوازن: (القصة المتكاملة التي تترك المتفرجين قانعين بأن كل عنصر من عناصر القصة قد نال نصيبه من الأهمية، والتوازن والتوقيت يتداخلان).

ولكن من الممكن أن تجد توقيتا جيدا في قصة ما دون أن تجد فيها توازنا جيدا وهو ما تم ترجمته بوضوح في القصة الأخيرة من ثلاثية (55 مشكلة حب)، والتي جاءت تحت عنوان (عيشها بفرحة)، لذا تفاعل معها الجمهور بشكل أكبر من الحكايتين الأولى والثانية.

إقرأ أيضا : (ألفريدو).. عندما يكون الفن ممتعا وصاحب رسالة

وفي الحكاية الثالثة أيضا يبدو أيضا فهم (عمرو محمود ياسين) جيدا لطبيعة القصة، بحيث قسم المشاهد كلها بشكل متوازن، وأعطى الأهمية الكبرى للصراع مع الإكثار من المشاهد بالمقارنة مع البداية والنهاية.

وهذا التقسيم  أضفى على المسلسل نوعا من التوازن على مستوى التقبل والقراءة، كما أن الاتساق والانسجام ووضوح المقروئية بالإضافة إلى المتعة والفائدة من العناصر التي تساهم في توفير التوازن الهرموني والتركيبي للمسلسل.

الأمر المؤكد أن (عمرو محمود ياسين) من خلال أعماله السابقة واللاحقة أنه يستحضر أثناء كتابة السيناريو جميع التقنيات والآليات التي تستعمل في تحضير وصناعة المسلسل بحيث دائما ما تنجح تجاربه.

لذا لابد وأنه يعمد أن يكتب السيناريو في شكل لقطات مختصرة واضحة هادفة محددة، ثم تدمج في شكل مشاهد ومقاطع بقصد الحصول على المسلسل بحلقاته كله متكاملا على مستوى الشكل والمضمون.

يجيد (عمرو محمود ياسين) التعامل مع سلم اللقطات

(عمرو محمود ياسين) وسلم اللقطات

ومؤكد أيضا أن (عمرو محمود ياسين) على علم تام بسلم اللقطات الذي يتنوع إلى الأنواع التالية:

* اللقطة العامة: تلتقط فيها لقطة عامة وكلية لمجال ما سواء أكان ديكورا أم فضاء أم منظرا عاما، ويمكن أن نشاهد فيه مجموعة من الأشخاص، أي إن اللقطة العامة هي التي تنقل لنا الجو العام والفضاء الكلي الذي ستجري فيه الأحداث.

* اللقطة المتوسطة: تصور الشخصيات بشكل كلي داخل ديكور معين.

* اللقطة القريبة: تلتقط صورة الشخصية أو الشيء بشكل مقرب حيث يحدد الوجه أو الذراع أو اليد بطريقة مقربة واضحة.

* اللقطة الكبرى: تلغي هذه اللقطة المساحة والبعد وتلتقط شيئا مكبرا واحدا.

*  اللقطة الكبيرة جدا: تلتقط الأشياء وأجزاء من الشخصية بشكل مفصل كبير بطريقة الزوم  Zoom فتكبر العينان أو يكبر الفم مثلا.

من أبرز مميزات المؤلف كاتب السيناريو (عمرو محمود ياسين) أنه يعرف حركات الكاميرا

(عمرو محمود ياسين) وحركات الكاميرا

ومن أبرز مميزات المؤلف كاتب السيناريو (عمرو محمود ياسين) أنه يعرف حركات الكاميرا لذا يعرف طرائق التشخيص والتمثيل وزوايا النظر، ولك أن تتأمل هذا في مشاهد (ماتيجي نشوف) التي تختلف عن (ألفريدو، وعيشها بحب).

ومن ثم، فالكاميرا قد تكون ثابتة المدار (الحركة البانورامية السريعة) أو دائرية أو متحركة أو مرتفعة ككاميرا الزرافة التي تتخذ اتجاهات متنوعة أثناء التقاط صور السهرة والحفلات الغنائية، كما ظهر ذلك في حركات الكاميرا المختلفة في تصوير الفيلم داخل حكاية (عيشها بفرحة).

ومن خلال الحكايات الثلاثة التي عرضت لـ (عمرو محمود ياسين) لابد أن يلفت نظرك فهمه الجيد للإضاءة، لأن الإضاءة تقوم بدور هام في تشكيل مشاهد المسلسل.

فهو يدرك متى تكون إضاءة خافتة توحي بالهدوء والصمت والمواقف الرومانسية أم هى إضاءة ساطعة قوية توحي بالعجب أو الخوف.

إقرأ أيضا : (عيشها بفرحة).. عندما تكون للدراما رسالة راقية

و(عمرو محمود ياسين) الذي ترك التمثيل وأصبح كاتبا متميزا في السيناريو، يدرك الجانب الصوتي الذي يتمثل في الضجة والموسيقى والصمت والصوت، ويعرف من وظائف الضجة حسب (صلاح أبو سيف):

الربط، فالمشاهد يمكن أن تقطع في لقطات مختلفة ولكن الصوت يربط بينهما، فبينما نستطيع أن ننقل عيوننا بين أشياء مختلفة فإن آذاننا تسمع نفس الصوت، وإذا كانت عدسة التصوير تقوم بدور التقطيع فإن الميكروفون يقوم بدور الربط.

مثلا: في (ألفريدو) يمكن أن يصور عشر لقطات لإلهام شاهين وكل لقطة تصور شيئا مختلفا لحركاتها وسكناتها، ولكن صوتها يستمر، كما أن الحوار وسيلة ممتازة من وسائل الربط، وبغض النظر عن الممثلين الذين يظهرون فإن الحوار لا ينقطع.

ينتمي (عمرو محمود ياسين) لأسرة فنية عريقة

(عمرو محمود ياسين) من أسرة فنية

ولد (عمرو محمود ياسين) في القاهرة، وهو ينتمي إلى أسرة فنية كبيرة فوالده هو الفنان الكبير العملاق محمود ياسين ووالدته هى الفنانة المعتزلة شهيرة وشقيقته الفنانة الشابة رانيا محمود ياسين زوجة الفنان محمد رياض.

تخرج عمرو من كلية إدارة الأعمال بجامعة 6 أكتوبر، ومتزوج من الإعلامية (آيات أباظة) بعد تخرجه من الجامعة مباشرة وله منها طفلين.

ظهر (عمرو محمود ياسين) لأول مرة في مسلسل (ميراث الغضب) في عام 1981 وقدم فيه دور الطفل (مدحت)، وكان عمره في ذلك الوقت 3 سنوات فقط، وابتعد عن الشاشة حتى ظهر عام 2003 من خلال مسلسل (ثورة الحريم)، وفي نفس العام قدم بطولة مسرحية (الجميلة والأندال).

شارك (عمرو محمود ياسين) عام 2005 في مسلسل (سلالة عابد المنشاوي)، وقدم دور (فؤاد عبادي المنشاوي)، وفي نفس العام شارك مع والده النجم محمود ياسين في مسلسل (التوبة).

في عام 2006 تألق (عمرو) في دور (شريف عرفان أبو هشيمة) في مسلسل (سوق الخضار) مع النجمة فيفي عبده، وفي عام 2007 ظهر كضيف شرف في مسلسل (أولاد عزام) مع المخرج علي عبدالخالق والنجوم (سمير صبري، هشام عبد الحميد، محمد رياض، نرمين الفقي، طارق لطفي، عزة بهاء، وسوسن بدر).

وفي عام 2007 شارك في مسلسل (امرأة في شق الثعبان)، وفي عام 2008 ظهر كضيف شرف في مسلسل (ناصر) مع الفنان مجدي كامل، وفي نفس العام شارك في مسلسلي (السماح، وبنت من الزمن ده).

في عام 2009 تألق (عمرو محمود ياسين) في مسلسل نساء لا تعرف الندم، ومسلسل (سكين وتفاحة)، كما شارك في نفس العام مع النجمة يسرا في مسلسل (خاص جدا)، وفي عام 2010 قدم (عمرو) ىمسلسلين هم (الصيف الماضي، وأنا القدس).

وشارك في نفس العام بدور (أدهم) في مسلسل (الصيف الماضي) مع النجوم (رانيا فريد شوقي وأحمد عزمي)، وفي عام 2011 شارك كضيف شرف في مسلسل (عيلة عجب) مع الفنان أحمد راتب.

وفي نفس العام شارك في مسلسل صفحات شبابية ( إيد واحدة + شباب الفيس بوك)، وفي عام 2012 قدم دور الصحفي (حسام) في مسلسل (ربيع الغضب)، وفي عام 2014 شارك في العرض المسرحي (مصر فوق كل المحن).

واستطاع (عمرو محمود ياسين) الحصول على شهادة تقدير من اتحاد الإذاعة والتليفزيون عن أدائه المتميز في المسلسل الناجح  (ثورة الحريم)،  والتي كانت بداية انطلاقته الفنية – وقد سلمها له السيد صفوت الشريف وزير الإعلام آنذاك.

قسمتي ونصيبك .. أربعة مواسم ناجحة

(عمرو محمود ياسين).. كتابات رائعة

قدم (عمرو محمود ياسين) مجموعة من الكتابات لأعمال رائعة، سطرت اسمه ضمن مشاهير الكتاب في الفترة الأخيرة، كانت البداية في عام 2016 حينما شارك المؤلف أيمن بهجت قمر في كتابة الجزء السادس من مسلسل (ليالي الحلمية).

وفي عام 2016 قدم (عمرومحمود ياسين) سيناريو وحوار الجزء الأول من مسلسل (نصيبي وقسمتك)، ومع النجاح الكبير الذي حققه الجزء الثاني 2017، كتب الجزء الثالث والذي تم عرضه في عام 2019، والجزء الرابع والذي تم عرضه في 2021، وقدم خلال هذه المواسم 52 فكرة مختلفة في الدراما المصرية.

وفي 2020 قدم واحد من أشهر أعماله في الكتابة وهو مسلسل (ونحب تاني ليه) من بطولة النجوم ياسمين عبد العزيز، شريف منير، وكريم فهمي، ومع النجاح الكبير الذي حققه المسلسل تعاونت ياسمين عبد العزيز مرة أخرى مع (عمرو).

كتب لها في عام 2021 مسلسل (اللي مالوش كبير) وشاركها البطولة زوجها الفنان أحمد العوضي، وحدث خلاف بين (عمرو، وياسمين) بسبب نهاية المسلسل، ووصل الخلاف لمشادات عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

وكشف (عمرو محمود ياسين) أن الطريق لم يكن ممهدا أمامه كاتبا، وأضاف: (سعيت للكتابة منذ أكثر من 20 عاما، لكني لم أجد فرصتي، وهناك مشروع قدمته لفنان كبير، وسرقت الفكرة وظهرت باسم آخر، مما جعلني أبتعد.

وفي عام 2015 قررت أن أكتب، لأنني أخذت الكتابة عن أمي وأبي الذي كتب مسلسل (رياح الشرق)، وله أعمال عديدة كتبها من دون أن ينشر اسمه عليها، وكان أبي سعيداً باتجاهي للكتابة التي كان يراها أساس نجاح العمل الفني.

وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام لـ (عمرو محمود ياسين) ممثل، وكاتب موهوب، ورث الموهبة من والده الذي يعد واحد من عمالقة الفن في مصر والعالم العربي وهو النجم محمود ياسين.

ولكن استطاع (عمرو) أن يثبت أنه فنان موهوب ليس في التمثيل فقط، ولكن في التأليف أيضا ليلحق في منطقة جديدة بعيدة عن والده، مع الاستمرار في مشاركاته الفنية كلما وجد دور مناسب له.

باختصار أصبح (عمرو محمود ياسين) صاحب مدرسة خاصة في الكتابة الدرامية، لها طابعها المميز في جرأة التناول والبعد عن كل ما هو مؤلوف، وله تلاميذ أيضا شاركوه في ثلاثية (55 حكاية حب).. فتحية تقير واحترام له.

ونحب تاني ليه
اللي مالوش كبير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.