رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: خطايا مهرجان الدراما

بقلم: محمود حسونة

استضاف مهرجان (العالم علمين) الناجح، مهرجان الدراما المصرية والذي أقيم 24 أغسطس الماضي، توقعه الجمهور مهرجاناً يليق بمدينة العلمين المبهرة والتي خطفت الأضواء من مدن عربية وعالمية، ويضيف إليها، وتوقعه مهرجاناً يليق بالاحتفال بمرور 60 عاماً على صناعة الدراما في مصر ويستعيد ذكريات نجوم نشروا الفن المصري عربياً وأمتعوا عشاقه في كل مكان، وانتظرنا أن يرسخ ما شاهدناه خلال دورته الماضية من حيادية في الجوائز وتقدير لنجوم الصف الثاني، ولكن فوجئنا به مخيباً لآمالنا.

لم يكن على مستوى المدينة التي استضافته، بل نقل العشوائية إليها، فقد كان الحفل خالٍ من التنظيم رغم أن كل من صعد على المسرح أثنى على حسن التنظيم، وكأنه كان مفروضاً على كل فنان وعلى كل مذيعة وعلى كل ناقل للحدث الثناء على التنظيم وتقديم كل ألوان الشكر للمنظمين، ولكن الصورة التي تابعها الناس على الشاشة كانت تكشف ما فيه من فوضى تنظيمية. المدعوون منشغلون بالحديث مع بعضهم أكثر من انشغالهم بمتابعة ما يقال وما يدور على خشبة المسرح، وهو ما أزعج الفنان يحيى الفخراني  خلال القاء كلمته القصيرة جداً ليطالبهم بالانصات مهدداً بالتوقف عن الكلام. تخيلوا أن الفوضى أغضبت الفخراني الرئيس الشرفي للمهرجان ونجمه المحوري والذي يتصدر اسمه الدعوة الموجهة لكل الحاضرين فما بالكم بما حدث في الفقرات التالية؟ هرج ومرج، أشخاص يجلسون وأناس تذهب وتجيء، أحاديث ثنائية وثلاثية وما تيسر، ضجيج أزعج ليس المتواجدين على المسرح فقط ولكن أيضاً المتابعين على التليفزيون، ليحس البعض أنه لا يشاهد مهرجاناً فنياً يجمع كوكبة من المبدعين بل سوقاً من أسواق القرى والأحياء الشعبية انتقل لأجمل مدن المتوسط، والفرق بينه وبين الأسواق الشعبية أن الموجودين فيه لامعين بأغلى الثياب والمجوهرات التي يرتادونها، وكنا نتمنى أن نراهم لامعين التزاماً وانضباطاً حرصاً على شكل مهرجانهم، حتى يكونوا قدوة للفئات الاجتماعية الأخرى لكنها للأسف كانت مجرد أمنية !!

لم يتمكن الفخراني من إلقاء كلمته في البداية نتيجة عشوائي مهرجان الدراما

عشوائية مهرجان الدراما

العشوائية، لم تقتصر على الشكل فقط في مهرجان الدراما، ولكنها امتدت أيضاً إلى الإعداد، قرارات اتخذت خلال انعقاد الحفل ولم يكن مخططاً لها، أولها كلمة أشرف سالمان رئيس مجلس إدارة (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية)، والذي أعلن في بدايتها أنه لم يكن ينوي الكلام، ويبدو أن حافزه للكلام كان عدم ترحيب أي من مقدمي الحفل والمتحدثين خلاله بوزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، وتركيز كلمات الترحيب والإطراء على الرئيس الشرفي يحيى الفخراني ونقيب المهن التمثيلية أشرف زكي وعلى (المتحدة للخدمات الإعلامية)، وهو ما وضع رئيس مجلس إدارة الشركة الراعية في حرج أمام ضيفه، ولم يجد أمامه من مخرج سوى إلقاء كلمة للترحيب بنفسه بالوزير الضيف.

لماذا نزعت ألقاب الزعيم عادل إمام في مهرجان الدراما؟

الزعيم ومهرجان الدراما

أما الصدمة الكبرى في مهرجان الدراما، فكانت تدارك الفنان يحيى الفخراني أنه من العيب غياب زعيم وكبير الأسرة الفنية في مصر عادل إمام عن التكريم بمناسبة مرور 60 سنة دراما، ليجبر نفسه على ذكر عادل إمام في نهاية فقرة التكريم بشكل عابر ويوجه انتقاداً لتلقيب إمام بـ (الزعيم) و(الأستاذ)، وهو انتقاد أزعج المتابعين وعشاق (إمام) الذي لم يطلق على نفسه ألقاباً، ولكن الجمهور والنقاد ومعهم القطاع الأكبر من الفنانين هم الذين لقبوه بما يستحق، وعادل امام اسم لم تضف له الألقاب ولن يضيف له التكريم وهو الذي رفض الكثير من التكريمات في مهرجانات كبرى، كما لن ينتقص منه التجاهل وهو الذي تَوّجه الناس على عرش الفن والنجومية بعد أن استحوذ على المشاعر والوجدان.

ولعل اللقب الذي لم يتطرق له الدكتور الفخراني في ذكره العابر والذي لا يليق بفنان أضحك (طوب الأرض) وتحدى الإرهاب وأبكى كل صاحب إحساس، هو أن عادل إمام (نجم النجوم) وليس نجم الجمهور فقط!، ولم يتذكر مهرجان الدراما الفنان الراحل منذ أشهر مصطفى درويش إلا بعد أن تذكره صديقه عصام السقا، وأهدى إلى روحه الجائزة التي حصل عليها، لتتدارك مقدمة الحفل جاسمين طه زكي وتعلن أن الفنان الراحل كان الثاني بعد عصام في جائزة الجمهور دور ثان بعد السقا، وتكشف بشكل مفاجئ عن تكريمه.   

إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب: ريهام عبد الغفور .. مهرجان القاهرة للدراما ظلم موهبتها عمدا !

مهرجان الدراما احتفى ب، (60 سنة دراما) على طريقته، حيث أطل الفنان سيد رجب ليقول كلمة عن تأثير الدراما المصرية على امتداد الوطن العربي ويتم عرض ألبوم صور لفنانين ومخرجين ومؤلفين على مدى تاريخها، ليأتي الألبوم أيضاً عشوائياً، بلا ترتيب زمني ولا ترتيب شهرة، ولا ترتيب مهني، وكانت الطامة عندما صعدت الفنانة سوسن بدر لتكريم الرواد الذين تم اختيارهم بشكل عشوائي بلا أسس واضحة أيضاً، ولم يتم السماح لهم بإلقاء كلمة مثل المكرمين من نجوم اليوم، (باستثناء تشكرات الجميلة لبنى عبدالعزيز) من دون وعي من منظمي المهرجان بأن الناس تشتاق لسماع هؤلاء الكبار الذين تم عزلهم واستبعادهم من خريطة الابداع ومن خريطة الكلام عن سبق إصرار وترصد.

قدم سيد رجب فيلما عن الرواد بطريقة لا تليق بهم

مهرجان الدراما وتقدير الرواد

ومع التسليم بقيمة الكبيرة سوسن بدر، فقد كان الأفضل أن يقوم نجوم اليوم بتكريم الرواد ليقولوا لمن سبقوهم (شكراً، ولخلق حالة من التواصل بين الأجيال، بدلاً من عزل جيل أمتعنا وستظل أعماله تمتع أجيالاً، وكنا نتمنى أن يتم الاحتفاء بما يتجاوز الذكر العابر بأول مسلسل مصري وهو (هارب من الأيام)، والمأخوذ عن رواية بنفس الاسم لثروت أباظة وسيناريو وحوار فيصل ندا وإخراج نور الدمرداش وبطولة عبدالله غيث وحسين رياض وتوفيق الدقن  ومديحة سالم وسعيد صالح وكمال ياسين ومديحة سالم ومحمود الحديني.

الاحتفال بـ 60 سنة دراما، لاتكفيه فقرة في حفل مهرجان الدراما، وألبوم صور عشوائي وفيلم هزيل وأغنية وإعطاء شهادات لا دروع لبضعة مبدعين وحرمانهم من حق الكلام والتعبير والتواصل مع الجمهور، ولكن يكون باحتفالية ضخمة مدروسة تليق بهذا الإنجاز العظيم.

أما عن التكريمات والجوائز في مهرجان الدراما فحدث ولا حرج، ورغم التسليم بأن مسلسل (تحت الوصاية) يستحق جميع الجوائز التي نالها وأولها جائزة أحسن ممثلة للفنانة منى زكي، إلا أن صعود منى على المسرح 3 مرات وهي منزعجة من الرطوبة وتأثيرها على ماكياجها كان من الأمور المثيرة للاستغراب والتساؤل، ولذا كان ينبغي الاكتفاء بجائزة أحسن ممثلة وتأجيل التكريم لدورة قادمة، ونفس الأمر ينطبق على المبدع ماجد الكدواني، الذي نال تكريماً وجائزة أحسن ممثل عن دوره المدهش في (موضوع عائلي)، أما الجوائز التي تقاسمها أكثر من ممثل أو ممثلة فقد كانت الأضحوكة، فالجائزة المعدنية واحدة ولا ندري كيف سيتقاسمها هؤلاء!

نال مهرجان الدراما في دورته الأولى احترام الجميع، وذهبت الجوائز لمن يستحقها، أما هذا العام فقد تبدلت ملامحه، وتم استحداث جائزة الجمهور لاسترضاء من يريدون إرضاءه ولم ينل عمله رضا لجنة التحكيم، وكان العمل الوحيد المطلوب إرضاءه بكل جوائز الجمهور باستثناء أحسن ممثلة هو (جعفر العمدة) وبطله محمد رمضان الذي تجاوز البروتوكول كعادته ونظم استلام جائزة أفضل عمل على هواه وليس على هوى مقدمة الحفل ومنظميه، ليدعو جميع أبطال مسلسله الموجودين إلى المسرح والاحتفاء والتصوير، وهو الشرف الذي لم ينله مسلسل (تحت الوصاية) كأفضل مسلسل في جوائز لجنة التحكيم.

قطاع عريض من الجمهور انتقد الجوائز عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الانتقاد مصحوباً بغضب لعدم نيل الفنانة (ريهام عبدالغفور) أي جائزة ولا أي تكريم، وهى التي قدمت خلال العام الماضي 6 مسلسلات، جسدت خلالها 6 شخصيات حفرت اسمها في الوجدان الجمعي كمبدعة متمكنة متفردة، والمسلسلات: (رشيد، الأصلي، الغرفة 207، أزمة منتصف العمر، وش وضهر، منعطف خطر)، ولكن يبدو أن إدارة المهرجان من الفنانين والمسؤولين والمحكمين لم يروا أياً من هذه الأعمال، ولم تلفتهم ريهام عبدالغفور، كما لم يلفتهم والدها الفنان أشرف عبدالغفور، ويبدو أنهم لايعرفون أنه من الرواد ومن الفنانين الذين أعطوا حياتهم للدراما، رغم توجيه الدعوة لكليهما لحضور المهرجان.

هذا قليل من كثير ينبغي أن يقال عن خطايا المهرجان الذي نتمنى أن يعود كما كان في دورته الأولى حتى يستعيد ثقة الفنانين والجمهور، وإلا فإنه سينضم لقائمة المهرجانات التي تنعقد للمجاملات وستتحول جوائزه إلى جوائز معدومة القيمة.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.