رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: عمرو دياب في بيروت.. ليلة المتعة والجدل!

بقلم: محمود حسونة

يستكثرون على الشعب اللبناني يوم أو أيام من الفرح، يستغربون حبه للفن وتقديره للإبداع وسعيه وراء البهجة واستمتاعه بالنادر من فرص الإمتاع، وينتقدون اقتطاعه من ميزانيته سواء المحدودة أو الفائضة ثمن تذكرة لحضور حفل يحييه نجم محبوب ومحب مثل عمرو دياب، أملاً في ساعتين من البهجة والرقص يناهض بهما اليأس الذي زرعه الطائفيون والمنتفعون في الجبل والساحل والسهل، وكأنهم يريدون تغيير جوهره من شعب عاشق للحياة إلى شعب غارق في البؤس والإحباط، غير مدركين أنه الشعب الذي يتحدى السلاح ويقهر الاستبداد الطائفي ويتكيف مع الفراغ ولا يدفن رأسه في الرمال مهما كانت الخيبات والاحباطات.

الحفل الذي أحياه النجم عمرو دياب، على الواجهة البحرية لمدينة بيروت المنكوبة، ليس أول حفل في لبنان بعد أن توالت عليه النكبات، ولن يكون الأخير، ولكنه حفل لا يشبه غيره من الحفلات، أحياه مطرب أحبه اللبنانيون ولكن الظروف غيّبته عنهم 12 عاماً، وأحب لبنان وعشق الإقامة والسياحة والتملك فيه، ولكنه قطع حبل التواصل مع جمهوره هناك مضطراً.

إقرأ أيضا : عمرو دياب .. عندما تكسرت حجارة الهضبة على رأسه في بيروت !

جاء هذا الحفل ليوصل المقطوع ويعيد النجم عمرو دياب إلى جمهوره، في وقت يشتاق كلاهما للآخر، فرغم جماهيرية عمرو دياب المتجاوزة للمساحة العربية، ورغم أن لبنان غني بمطربيه ونجومه وصانع للفرح ومصدّر للإبداع وجاذب لمطربين ونجوم كبار من العرب وغير العرب، إلا أن اللقاء بين اللبنانيين وعمرو دياب كان لقاء حبيبين يفتقد كل منهما الآخر، الإقبال على الحفل فاق التوقعات، والإعداد له كان ضخماً، يليق بالضيف والمضيف.

صخب كبير أحدثه حفل عمرو دياب في بيروت

صخب حفل عمرو دياب

كل ما يتعلق بلبنان يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، وجاء حفل عمرو دياب ليضيف جدلاً إلى جدل؛ بدأ الجدل منذ الإعلان عن الحفل، وتحول صخب قبل الحفل بأيام بسبب التعهد الذي أرسله المنظمون إلى الصحفيين المدعوين إلى الحفل، وهو تعهد وإقرار بعدم التصوير نهائياً أي مقطع أو أجزاء فيديو طيلة مدة هذا الحفل، وأن يكون التصوير الفوتوغرافي بكاميرات دقيقة، والالتزام بتقديم صورة إيجابية وعدم الإساءة للحفل أو عمرو دياب أو الجهة المنظمة له وحقهم في حذف أي ما يخالف ذلك من على مواقع التواصل الاجتماعي.

البعض يرى أن هذا حق للمنظمين ولعمرو دياب دياب، والبعض يراه انتهاك لحرية الصحافة وتجاوز في حق الكلمة وقهر لأصحاب الأقلام الحرة، وهو تعهد لم يكن له أي داع وقد جاء تلويثاً لسمعة الحفل ونجمه وتلويث لسمعة الصحفيين الذين وقعوا عليه، به ومن دونه لا يستطيع أحد في لبنان كتابة رأي في حفل أو انتقاد أداء مطرب، وفي زمن التكنولوجيا والهواتف المزودة بكاميرات عالية التقنية لا يستطيع أحد منع التصوير الفوتوغرافي أو تصوير الفيديو، وإذا استطاعت الشركة المنظمة مراقبة الصحفيين الحاصلين على دعوات مجانية.

فلن نستطيع مراقبة أكثر من 18 ألف شخص حضروا الحفل وكل منهم يحمل محمولاً أو أكثر، وكثيرون أضاؤوا هواتفهم لحظة إطلال عمرو دياب وكثيرون صوروا الحفل ونشروا مقاطع منه على مواقع التواصل الاجتماعي، وللأسف لم ترد الشركة المنظمة على هذا الجدل سوى في الوقت الضائع لتوضح أن التعهد كان مقصوداً به الصحافيين الذين يتواجدون في الكواليس.

استفز عمرو دياب الصحفيين بتعهده المرفوض

تعهد عمرو دياب المرفوض

قبل التعهد اللامقبول، كان الجدل حول رفض عمرو دياب عقد مؤتمر صحفي، وهو حق له لا ينبغي محاسبته عليه، ناهيك عن الجدل حول أجره والذي قيل أنه بلغ 750 ألف دولار، وهو حق له أيضاً، بل قيل أنه ذهب إلى بيروت التي تعاني اقتصادياً ليعود بمليون وخمسين ألف دولار، منهم 750 ألفاً أجره في الحفل و300 ألف دولار عن إحيائه حفل زفاف ابن أحد رجال الأعمال في نفس الليلة.

الجدل لم يقتصر على الأجر، ولكنه امتد إلى الوقت الذي غنى خلاله حيث عبر البعض عن غضبه لأنه لم يكمل الساعتين غناءً، وأنهى الحفل عند الثانية عشرة منتصف الليل، وهو انتقاد ممن كانوا يريدون أن تمتد السهرة مع مطربهم المفضل قدر الإمكان.

إحداهن كتبت في صحيفتها أن عمرو دياب، كان يغني بسرعة وكأنه كان متعجلاً لإنهاء الحفل، وكأن المغني يمكنه التعجل ويتجاوز صوته ألحان الأغنيات، مما يؤكد أن البعض عندما يجد فوضى جدلية يسعى لحجز مكان له فيها سواء بالمنطق أو اللامنطق.

إقرأ أيضا : عمرو دياب يبدأ مرحلة التجريب الغنائي على جناح (ابن زيدون)!

سهام الجدل لم يتم تصويبها إلى عمرو دياب فقط، ولكنها استهدفت أيضاً الجمهور اللبناني الذي اشترى التذاكر وهو يعيش في بلد يعاني نكبات اقتصادية متتالية وانهيارات سياسية تهدد كيان الدولة وتلقي بظلال قاتمة على الحياة الاجتماعية.

نعم لبنان يعاني، ونعم الدولة منهارة، ولكن ذلك لا ينفي أن الشعب اللبناني شعب (عييش) يحب الحياة ويصنع الفرح ويلاحق البهجة ولا يستسلم لليأس، شعب يدير أمره بنفسه ولا ينتظر من الدولة سوى أن (تحل عنه)، شعب مقاسه أكبر كثيراً من مقاس حكومته ورئيسه، وبرلمانه وزعماء طوائفه.

ولذا كان الاقبال على الحفل كبيراً، دبر 18 ألف لبناني أسعار التذاكر بالدولار، بينهم من هو (ع قد حاله) ومن هو ميسور الحال، وبينهم المقيم في لبنان والمغترب الزائر.

حرض عمرو دياب اللبانيين على ارتداء اللون الأبيض

عمرو دياب واللون الأبيض

أكثر ما أزعج المجادلين أن هذا الحفل ارتدى فيه الجميع اللون الأبيض استجابة لطلب عمرو دياب، ليتوحد اللبنانيون شكلاً بعد أن فرقت بينهم الألوان السياسية ورفعوا أعلاماً متباينة الألوان، كما أنهم جاؤوا من الشمال والجنوب والوسط والجبل والسهل والساحل ليغنوا سوياً ويرقصوا، ويؤكدوا أنهم ليسوا شعباً طائفياً ولكن ساستهم هم الذين فرضوا عليهم الطائفية السياسية والدينية.

آخر محطات الحفل كانت بشأن المخلفات، زجاجات مياه وعصائر وعلب طعام، وهو الأمر المعتاد عقب كل حفل في ساحة مفتوحة، ولكن الباحثين عن السفسطة استغلوه من باب الانتقاد لا أكثر ولا أقل رغم تنظيف المكان صبيحة الحفل.

ستظل عيونهم مسلطة على لبنان، وسيظل الشعب اللبناني عاشقاً للحياة صانعاً البهجة متحد للقهر السياسي والإعلامي، وسيظل عمرو دياب مثيراً للجدل ومستمتعاً به، ولو توقف حوله الجدل سيصنعه بقصص غرامية وتغيير في اللوك حتى يحتفظ بمكانه في قلب دائرة الضوء.

ويكفي ما نالته ساعة اليد التي كان يرتديها من أقاويل حيث حددوا أنها‏ ماركة رولكس المعروفة بـ (كوزموجراف دايتونا) – عين النمر، ومصنوعة من الذهب عيار 18، ومُرصعة بـ 36 قطعة ماس، ويبلغ سعرها 500.126 ألف دولار ما يعادل 15،409،585 جنيه مصري وهو سعر فيلا صغيرة!

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.