رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: علاقة مشروعة .. خيانة (حلال) !

بقلم: محمود حسونة

الخيانة، ملمح أساسي من ملامح النفس البشرية، كما في مسلسل علاقة مشروعة، تبرز وتتوارى حسب طبيعة الشخصية والعوامل المؤثرة في تكوينها، ومنها البيئة، وعلاقات الوالدين، والمحيطين، وأسلوب التربية، وقد يكون تأثير المستوى التعليمي والاقتصادي والاجتماعي بريء منها، لا تستوطن مجتمعاً دون الآخر، ولا تتوغل في طبقة دون غيرها، تتواجد في كل المجتمعات، وفي كل الطبقات، ولكنها تطل دون استحياء في بعض المجتمعات، يجاهرون بها دون خجل معتبرين أنها لا تمثل نقيصة ولا تسد باباً في وجه من يرتكبونها، وتختفي قهراً وقسراً في مجتمعات أخرى، يرتكبونها سراً وتصبح مصدر تهديد لأصحابها، ولعل ما يتحكم في ذلك هي قيم وأخلاق وموروث هذا المجتمع أو ذاك.

إقرأ أيضا : عتاب مر بين (ياسر جلال، وداليا مصطفى) في (علاقة مشروعة)

مثلما لا ترتبط الخيانة كما في مسلسل علاقة مشروعة بمكان، فإنها أيضاً لا ترتبط بزمان، قديمة قدم الوجود الإنساني وأبدية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لها أشكال مختلفة، منها خيانة المواطن لوطنه، وخيانة الموظف لمؤسسته، وخيانة الحرفي لحرفته، خيانة الصديق وخيانة الشقيق وخيانة الزميل، والأعلى صوتاً وصخباً هي خيانة الزوج لزوجته أو العكس، والتي استهوى تناولها الأدباء والمفكرون والمبدعون في أعمالهم، وتناولها الفن بأشكال عرضية وبأشكال جوهرية في الأعمال الدرامية والسينمائية والمسرحية، باعتبارها الأكثر جاذبية للجمهور المستهدف والأكثر إثارة للجدل، وربما الأكثر يسراً في الكتابة باعتبار أنه ليس لها قانون يحكمها، وعند الكتابة أو التمثيل تخضع لرؤية المبدع وشطحاته، التي قد يقبلها أو يرفضها الناس، ولكنهم من المؤكد سيتابعونها قراءةً أو مشاهدةً، وسيتجادلون بشأن مدى منطقيتها من عدمه.

الخيانة.. جريمة مكتملة الأركان في علاقة مشروة

علاقة مشروعة من الخيانة

تابعنا أشكالاً كثيرة من الخيانة عبر الدراما، ولا يكاد يخلو موسم درامي من أعمال تتناولها سواء بشكل ثانوي أو جوهري، وخلال موسم دراما رمضان المنتهي اتخذ مسلسل علاقة مشروعة من الخيانة موضوعه الأساسي، تناولها بشكل جوهري وكانت هي القضية التي تتمحور حولها الأحداث وتدور في فلكها الشخصيات.

مسلسل علاقة مشروعة كتبته سماح الحريري محاولة أن تشرعن فيه الخيانة من خلال الزواج السري، لتكون العلاقة مشروعة بغطاءٍ ديني رغم أن الدين لم يمنح حق التعدد إلا بشروط، وهي شروط لم تتوافر في هذه العلاقة حيث أن البطل الخائن هو رجل وقور ناجح في عمله ورب لأسرة مرتاحة مادياً ولديه زوجة تعشقه وتلبي كل متطلباته وولد وبنت يعتبرانه المثال النموذجي للرجل وللأب، بجانب أن أهم شروط الزواج هو الإعلان بينما هذا الزواج ليس معلناً سوى لسائق البطل وصديقة الزوجة السرية فقط، ولذا فإن هذه العلاقة من وجهة نظر المجتمع هي غير مشروعة وغير مبررة، وهي تفسير غير صحيح لحق التعدد.

إقرأ أيضا : ياسر جلال أنقذ “الفتوة” من السقوط !

مما لاشك فيه أن السيناريست سماح الحريري أرادت أن تقدم رؤية مختلفة للخيانة، من خلال مسلسل علاقة مشروعة مؤكدة أنها أحياناً ما تكون غير مبررة، وأنها مجرد رضوخ لضعف إنساني، ولكنها رؤية لا يتقبلها الناس خصوصاً أن رجل الأعمال عمرو والذي يجسده الفنان ياسر جلال ليس ضعيف الشخصية يمكن أن تتلاعب بمشاعره امرأة مزورة متطلبة منحدرة المستوى الاجتماعي والتعليمي وهي بثينة التي جسدتها مي عمر، وتدفعه لارتكاب حماقة مع طليقة أمجد صديق العمر ورفيق رحلة النجاح وشريك البيزنس وجسده مراد مكرم، ومع زوجة تقدسه وهي علياء التي لا تسبب له أي ازعاج وتمنحه كامل الثقة فيما يقول وما يفعل وما يقرر وتجسدها داليا مصطفى.

فشل ياسر جلال في تمرير الخيانة في علاقة مشروعة

سيناريو علاقة مشروعة

الغريب في علاقة مشروعة الذي أخرجه خالد مرعي، أن الزوج خان، وتلون، وظل طوال الحلقات مخادع لكل من حوله، واكتفى السيناريو بأن يوحي لنا بأن الخيانة نتاج الضعف الإنساني، ولو تقبلنا ما لا يقبل، فلن نتقبل أن يكون خداعه للأقربين إليه مبرر أيضاً، وأن يكون مجرد خوف من المواجهة سواء مع الزوجة أو مع صديق العمر!

كان طبيعياً أن تفرز هذه الخيانة، انصراف الأب عن ابنه وابنته، وسلوك كل منهما طريق الضياع، ولكن أن يكون هذا الأب الضائع هو الذي ينتشل كل منهما من المستنقع الذي سقط فيه في الحلقات الأخيرة فهو ما لا يتوافق مع المنطق ولا يتقبله العقل. 

وإذا كان علاقة مشروعة يمثل بالنسبة لسماح الحريري إضافة إلى رصيدها خصوصاً بعد أن فتح لها بوابة جنة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تتحكم في الدراما والإعلام في مصر، فإنه يمثل كبوة في مسيرة النجم ياسر جلال الذي طار إلى العلا من خلال أعماله في السنوات الماضية وتوج ذلك بالتحليق عالياً العام الماضي من خلال تقمصه البليغ لشخصية الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع وخلال السنة السوداء لحكم الاخوان في مسلسل (الاختيار 3)، وجاء هذا العام ليهبط من الأعالي إلى ما تحت الأرض من خلال هذا المسلسل، الذي لم يكن مبرراً لا في انتاجه ولا مقنعاً في أحداثه، بشخصياته المشوهة وضعفه الدرامي وتسلسل أحداثه المتجاوز للمعقول.

إذا كان لكل جواد كبوة فإن علاقة مشروعة هو كبوة ياسر جلال الذي نتمناه أن يخرج منها ولا يعيد تكرار مثل هذا الاختيار الخاطئ، حتى لو اضطر للغياب عن الشاشة بعض الوقت.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.