رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فى ذكرى رحيله الـ 46 تعرف على أول أغنية لـ (حليم) وحقائق تكشف لأول مرة

صورة من البدايات لحليم

كتب : أحمد السماحي

نحيي اليوم الذكرى الـ 46 لرحيل مطربنا الكبير عبدالحليم حافظ  أيقونة الرومانسية، الذى غني للحب أجمل خفقات القلب، وأنشد للمجد والحرية أغلى معانى الوطنية، مشى على أشواك الألم، وتجرع مرارة المرض العضال، وما بين الحب والحرية كان مشواره ممزوجا بالألم والأمل فى ترابط عضوى يندر تكراره.

46 عاما منذ أن هجر طائر (العندليب) شجرة الغناء ورحل، وكل يوم يمر على رحيله يؤكد حضوره، فهو النغم الخالد، وصوت القلب العربي فى أروع دقاته، وأصدق من حمل حلو النغم.

في العام الماضي صدر كتابي عن العندليب الأسمر تحت عنوان (حليم.. سيرة وأغنيات مجهولة)، وقد كشفت فيه بالوثائق حقائق كثيرة مجهولة في حياة (حليم) الفنية، حيث حاول مطربنا الكبير التعتيم على فترة بداياته الفنية، التى كانت محصورة فى أغنيات وصور غنائية للإذاعة المصرية، وإذاعة ( الشرق الأدنى)، وإذاعة ( صوت أمريكا)، وإذاعة (سوريا)، حتى ساد اعتقاد لدى الجمهور العريض بأن (صافيني مرة) هى أولى أغنياته مع أنها قدمت عام 1953، وسبقتها عشرات من الأغنيات الأخرى.

حيث بدأ العندليب الغناء عام 1951، وكانت (صافيني مرة) في الأصل لمطربة  مغمورة اسمها (زينب عبده) قدمتها عام 1945 مع أعمال أخرى مثل (ظالم، بتقوللي بكره، يامواعدني بكره) وغيرها تغنيها فى ملهى (البوسفور) فى ميدان باب الحديد – رمسيس حاليا – الذى كان يعمل فيه الموسيقار محمد الموجي ملحن الأغنيات.

كان سببا في تغيب الحقائق الخاصة ببداية مشواره

وقد تجرأ عبد الحليم في لحظة صدق في برنامج (منتهى الصراحة) مع  الإذاعي وجدي الحكيم بالاعتراف بالأمر، لكنه نسي ذكر اسم المطربة التي لحنت لها هذه الأعمال وغنتها بصوتها عندما ربطت بينها وبين الموسيقار محمد الموجي علاقة عاطفية، حيث أحب الموجي هذه المطربة، ولحن لها الكثير من الأغنيات التى انتشرت بعد ذلك على أصوات كثير من المطربيين، منهم (العندليب الأسمر، ومديحة عبدالحليم، وسعاد مكاوي) وغيرهم، كما أكد لي المعلومة المايسترو الراحل (كمال هلال) الذى شهد بدايات عبدالحليم حافظ، وعزف كثير من أغنيات عبدالحليم الأولى، مع المطربة (زينب عبده).

حاولت فى كتابي (حليم.. سيرة وأغنيات مجهولة) التدقيق والبحث فى مرحلة بدايات عبدالحليم حافظ غير واضحة المعالم، وكانت المهمة صعبة جدا، وخصوصا عند الحديث عن أول أغنية سجلها للإذاعة، وأول أغنية حققت الانتشار الجماهيري، ومما ساعد في هذه الضبابية تصريحات عبدالحليم نفسه، وأحاديث الشعراء والملحنين الذين تعاملوا معه، فالكل كان يريد إثبات أن بداية عبدالحليم كانت من خلاله!، فإذا كان عبدالحليم يقول إن أول أغنية سجلها للإذاعة هى قصيدة (لقاء) كلمات صلاح عبدالصبور، ولحن كمال الطويل وهذا طبعا غير صحيح!

 فالملحنين والنقاد والصحافيين كان لهم رأي خاص بهم عن أول أغنية ترنم بها العندليب، فمنهم من قال إنها أغنية (يا سلام) من كلمات المخرج حسن الإمام، ولحن عبدالحميد توفيق زكي، ومنهم من قال إنها أغنية (صافيني مرة) كلمات سمير محبوب ولحن محمد الموجي، ومنهم من قال إنها أغنية (يا تبر سايل) كلمات سمير محبوب ولحن الموجي أيضًا .

الموسيقار كمال الطويل أحد الشهود على بدايات حليم

ومما أسهم في تغييب الحقيقة أن عبدالحليم نفسه – كما قال لي أحد مصادر الكتاب من الإذاعيين – منع إذاعة أغاني بداياته الأولى من الإذاعة عندما بدأت شهرته تدوي في العالم العربي، ونجح في إيقافها بالفعل بحكم نفوذه وعلاقاته مع القيادات الإذاعية – آنذاك – ﻷنها لم تكن من اختياره، بل كانت من مختارات اﻹذاعة أي أن المؤلفين والملحنين الشبان كانوا يعرضون أعمالهم على اﻹذاعة، ويختار هؤلاء الملحنيين زملائهم وأصدقائهم المطربيين ليتغنوا بها، ويمكن أن يتغنى بكلمات ولحن أغنية واحدة أكثر من مطرب، فالأغنية ملك الملحن يعطيها لمن يشاء طالما تذاع فى الركن الخاص به، حيث كانت الأركان الغنائية والموسيقية موجودة بقوة فى هذه الفترة.

ذكريات

بعد طول بحث توصلت إلى أن قصيدة (ذكريات) كلمات الشاعر محمود جبر، وألحان عبدالحميد توفيق زكي – مكتشف حليم الحقيقي – هى أول قصيدة تغنى بها العندليب، حيث أذيعت يوم الأثنين 5/ 3/ 1951، 27 جمادى الأولى، الساعة السادسة مساءا، من خلال برنامج (ركن الأغاني الخفيفة).

مع شادية في (لحن الوفاء)

وتعتبر هذه القصيدة أول أغنية لعبدالحليم حافظ فى الإذاعة المصرية، وكان إسمه وكما جاء من واقع سجلات مجلة الإذاعة (عبدالحليم شبانة)، وشاعر الأغنية هو (محمود جبر) الذى أطلق عليه شاعر آل البيت، وشاعر الشبان المسلمين، وكتب مجموعة من القصائد التى تغنى بها عدد قليل من المطربين منها (النيل) ألحان صلاح الدين محمود، وغناء شافيه أحمد، ولنفس المطربة والملحن أغنية (ألفين صلاة وسلام)، كما كتب أكثر من أغنية للمطرب عبدالعزيز محمود.

 وقصيدة (ذكريات) سبق وتغنى بها المطرب كارم محمود يوم الاثنين 19 فبراير 1951، وفى نفس اليوم غنى كارم ونادية فهمى  ديو (أنت حبي) الذى غناه عبدالحليم بعد ذلك أيضا.

حليم في واحد من أفلامه الأولى لحن الوفاء

وبعد انقطاع التعاون بين عبدالحليم ومكتشفه الأول عبدالحميد توفيق ذكي، قام بغناء هذه القصيدة المطرب عباس البليدي يوم الخميس 8 أكتوبر عام 1953، الموافق 29 محرم، كما تكرر إذاعتها كثيرا بعد ذلك منها يوم السبت 4 سبتمبر عام 1954 الموافق 6 محرم، الساعة الثانية عشر إلا ربع.

تقول كلمات قصيدة (ذكريات):

عاودتني فى الغروب الذكريات

فمضت بي نحو ما ولى وفات

فتصورت حبيبي وتذكرت لهيبي

ليس فى حبي لعينيك رياء

لا ولا عنك يا روحي غناء

كل شيئ فى الحياة يرتجي منك مناه

فصليني، تسعديني

كل شيئ فيك سحر وجمال

هاج شجوى فجرى لحني وسال

إن يكن عذبا جنييا 

فهو من روحك يحيا

وإن يكن حبا راضييا

فهو قد وافى خليا

طاب أمسي بعد يأسي

فأذكريني تسعديني

المفارقة أن أول أغنية تغنى بها (حليم) كانت هذه القصيدة، وآخر أغنية تغنى بها على المسرح قصيدة (قارئة الفنجان)، وقصيدة (حبيبتي من تكون) التى رحل دون أن يغنيها على المسرح، ولكن قام بغنائها في الاستديو، والمفارقة الغريبة الأخرى أن غناء أول قصيدة له كان في 5 مارس، وهو نفس الشهر الذي رحل فيه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.

صور نادرة لعبد الحليم على آلة الأبوا
أول خبر ينشر عن حليم فى مجلة الكواكب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.