رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

علي عبد الرحمن يكتب: (بين الإخبارية والوثائقية)!

بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن

ظل أهل الإعلام ومختصيه سنوات طوال بين محاولات إطلاق قناة إخبارية مصريه تسد القصور الإخباري المصري أمام قنوات الأخبار الإقليمية والدولية، وأيضا كخدمة تلائم قيمة مصر وقامتها وسبقها في صناعة الإعلام، وتعددت المحاولات بين إطلاق قناة (النيل للأخبار) ومحاولات إصلاح مسارها، وكذا محاولات تطوير أخبار التليفزيون الرسمي ومركز أخبار مصر، مرورا بتطوير النشرات والخدمات الإخباريه في قنواتنا ومحطاتنا.

ولما لم نصل لما نرجو إخباريا تدخل القطاع شبه الرسمي وأطلق قناته الإخبارية Extra news ويبدو أنها أيضا لم تحقق ما نتطلع إليه، ثم ظهرت محاولات لخدمات إخباريه علي قنوات مصر مثل (القاهرة والناس) وغيرها، وكل ذلك لم يكن علي مايرام رغم سبقنا في عالم البث والإنتاج والتوزيع والتدريب وكافة أوجه العمل الإعلامي بما فيها صناعة الأخبار.

والغريب أنه رغم أننا السابقون في هذا المجال أكاديميا وتطبيقيا إلا أننا لم نلحق بركب الأخبار رغم أننا من مراكز صناعتها، وأخيرا أطلقت  الشركه المتحدة للخدمات الإعلاميه قناتها الإخبارية (القاهرة) وسبقها ترويج وتسويق وأخبار كثيرة عن القناة وما ستقدمه، وظهرت القناة ويبدو أنها لم تجمع شتات المصريين من أمام قنوات الأخبار مثل (الجزيرة والعربيه والحدث وسكاي نيوز العربية)، والقنوات الدولية العابرة مثل الحرة الأمريكيه والـBBC  الإنجليزية وفرانس 24 والـDW  الألمانيه، وRT  أو روسيا اليوم وCCTV  الصينية، رغم أن الفرص متاحة للقناة بأن أهل مصر يتمنون خدمة اخباريه مهنية مصرية تشفي غليلهم.

ولأن المحتوي الإخباري المهني قائم علي الموضوعية التي تتحكم في ترتيب بث الأخبار، وكذا المواد الأرشيفية الداعمة للأخبار وخلفياتها، وكذا البرامج الإخباريه التي تحلل الأخبار وتشرح خلفيات حدوثها، إضافة للفقرات والأفلام الوثائقية التي هى عصب الخدمات الإخباريه المهنية، ولست أدري اي من هذه العناصر شابه قصورا في قناتنا الإخبارية جعلها لم تصبح قناة أهل مصر الإخبارية الأولي، ولم تصبح القناة مصدرا سباقا تأخذ عنه وسائل الإعلام، ونحن ننتظر أن تمر شهور بداية التجربة الإخبارية حتي نقرر هل هى حلمنا الذي أصبح واقعا، أم هى محاولة تضاف إلى مثيلاتها السابقات؟

ماذا قدمت قناة القاهرة الإخبارية بعد أشهر من إطلاقها؟

وقبل أن تكتمل ملامح التجربة الإخبارية أطلت علينا نفس الشركة بإعلانات إطلاق (قناة مصر الوثائقية)، وهذه فكرة قديمة تم فيها بذل جهود كبيرة من أبناء الوطن الغيورين على ريادته في مجال إعداد الدراسات الإدارية والفنية والمالية، بل وتم حصر الأفلام الوثائقية المتاحة في الأماكن ذات الصله بالفيلم الوثائقي، وتم عقد لقاءات متخصصة مع أهل الفيلم الوثائقي إنتاجا وإخراجا وأرشيفا حتي أن لوجو هذه القناة بثته شاشات القنوات المتخصصة كإحدي قنواتها (الوثائقيه الجديدة)، وذلك في فترة تولي المهندس أسامه الشيخ رئاسة الاتحاد والسيدة هاله حشيش رئيسة قطاع المتخصصة.

ولست أدري هل اكملت الشركة المتحدة هذه الجهود التي تم بذلها سابقا لإطلاق وثائقية مصر أم بدات من جديد؟، ومهما كانت الإجابة فإننا في انتظار إطلاق هذه النافذة الوثائقية لأن مصر كانت سباقة في صناعة الفيلم الوثائقي منذ بدايات دخول السينما والتليفزيون مصر، ولمصر رواد في صناعة الفيلم الوثائقي مثل (التلمساني والغزولي والغنيمي وسامي عطالله) وآخرون كثر هم رواد في هذه الصناعة، بل ولدينا أرشيفا ضخما في مكتبات تليفزيون مصر وكذا المركز القومي للسينما وأيضا في الأرشيف السمعي البصري الذي أعلنت عنه مدينة الإنتاج.

الجزيرة الوثائقية

إذن الحلم المصري بوثائقية مهنية كان من زمان وقد اقترب من الإطلاق ثم توقف بدون سبب واضح كقنوات الشباب والطفل والأسرة والتنمية والمواهب والتكنولوجيا وغيرهم كثير، وأمام السبق المصري برواده وأفلامه والمتاح لدينا فإن هذه القناه الوليدة إضافة لإنتاجها الجديد يمكن أن تكون قناة وثائقية تنافسية أمام (الجزيره الوثائقية، وأبو ظبي ناشيونال جيوجرافيك) وتبدو تنهويهات إطلاق القناة أنها قناة ذات إنتاج جيد ينافس، وأرجو أن تبث القناة أرشيفنا الوثائقي، وكذا البرامج والفقرات الوثائقية، وأن تخصص جزءا لرواد الفيلم الوثائقي وتعلمه وتدريسه وأهم افلامه الراقيه، إضافة إلي ما انتجته وستنتجه القناة، عندها سترسي القناة ثقافة مشاهدة الوثائقيات،وتقدم محتوى جيدا، وتدعم تاريخنا وظواهر حياتنا وستصقل الشخصيه المصرية، وترسخ لتاريخها وروافد قوتها الناعمة التي ننتظر أن تنتصر لها قناتنا الوثائقيه الجديدة.

وأرجو أن لاينظر القائمون على إطلاق القناة لتجارب الأخبار عندنا، بل لديهم فرصا سانحه للنجاح لتلهف أهل مصر على خدمة مصرية إعلامية تنافسية، وخاصة في مجال الخدمات الوثائقيه ذات المستوي الراقي في التصوير والتعليق وجمال الصوت والصورة والموسيقي والمؤثرات، وكثير من أهل مصر يتابعون القنوات الوثائقية الإقليمية والدولية لجمال الصورة وعذوبة الصوت وسحر الموسيقي والمؤثرات وجودة المحتوى لأنه تثقيفي وتعريفي ومفيد بالمعلومة والصورة، وهذا من أهم وظائف الإعلام وهى التعليم والتثقيف.

وأتمني لهذه القناة نجاحا ومنافسة وريادة لأننا روادا في هذا المجال ولدينا أرشيفا ضخما ولدينا أحداثا وأماكن وأشخاص وإنجازات تحتاج سيلا من الإنتاج الوثائقي، ولدينا أملا طال انتظاره في رؤية محتوي إعلامي مصري جيد ومهني وتنافسي يحتل جزءا من مساحات البث الواسعة لدينا أمام الخدمات الإعلاميه الجيدة والمهنية والمتنوعة التي تذاع من حولنا، ونحن ننفق أضعافهم ولدينا الكوادر الرائدة، ونحن نستحق ونستطيع أن توافر لدى أهل الميديا صناع المحتوي التنافسي الجيد.

أبو ظبي ناشيونال جيوجرافيك

وأخيرا همسة في أذن أهل الميديا في مصر: هل يستمر اطلاق القنوات الجديدة لتشمل قناة للدين الصحيح وأخري للطفل وثالثة للشباب ورابعة للتقنيات وخامسة للتنمية؟، وهمسة أخرى: هل إطلاق القنوات الجديدة أهم من اصلاح المحتوي القائم المتشابه النمطي الذي أفقدنا ريادتنا ومشاهدينا؟، أم أهم من ضغط سيل القنوات المترهل؟، أم أهم من حسن توجيه النفقات الإعلاميه إلى محتوى يعيد لمصر ريادتها ولشعبها رضاه ولإعلامها تفوقه.. مجرد همسات في الأذن، وحمي الله مصر وأصلح إعلامها وتحيا دوما مصر..اللهم آمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.