رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أسامة كامل يكتب: حدث في قرية (المواسير)!

بقلم الإعلامي: أسامة كامل

هذا هو الاسم الرسمي لأحدى قري مركز (إيتاي البارو)  ذو السمعة التاريخية وهو نفس بلد البطل الشعبي (أدهم الشرقاوي)، وتلك القصة التي نحكيها لم ترد ضمن أحداث مسلسل (أدهم الشرقاوي)، الذي كتبه محمد الغيطي، وأخرجه السوري (باسل الخطيب) وقام ببطولة النجم (محمد رجب) عام 2009،  والقصة التي تشبه اعترافات الشيخ حسني في (الكيت كات) تقول: يجتمع أهالي القرية في المسجد لأداء الصلوات الخمسة طوال اليوم، وفي الجمعة من كل أسبوع يصلون جماعة بعد الخطبة العصماء من مولانا شيخ الجامع، فخطبته تحض علي الفضيلة والتقوي ومكارم الأخلاق، ويسرد الرجل معجزات السماء والأرض، ولا يحرمهم من خياله الخصب، ويحرض الأهالي علي الزكاة والصدقة والتبرع للمسجد، ويمر أمام المصلين أكثر من صندوق، ولا يجد مانعا من ذكر بعض أسماء كبار ووجهاء القرية الذي يضعون أيديهم في جيوبهم مغلقة مخفية، فلا تدري يمينه ما أنفقت شماله، وينبه مولانا إلي دروس حفظ القرآن الكريم وبمبالغ زهيدة.

والدراما هنا تكمن في الإعلان عن زفاف (علي البدري) علي بنت الحاج (مسعد عتمان)، ومساهمة أهل القرية (وكله سلف ودين)، وسيكون ذلك يوم الخميس في دوار الحاج شلبي، (وفيه ظفر يا ولاد.. وسيادة النائب عيسي الحلوجي هايحضر وطلبات الناس عندي بعد صلاة العصر وبحبحوا شوية الفتة واللحمة علشان خدم المسجد وبقية الحاجات على البيت عندي علشان توزعها الحاجة (أم سعد).. هههههه.. أومال ايه.. وفيه كذا بنت في تانية ابتدائي مش عايزين يتحجبوا ودول بقي على جهنم حدف، والحاج بيومي هايبيع الحجاب في المحل الجديد بالتكلفة بس، وفرصة عظيمة والراجل اللي مش هايلبس مراته النقاب وبناته الحجاب يبقى مش راجل والقرآن.

إمام مسجد يقوم بترهيب الناس

أما التراجيديا فتبدوا واضحة وهو ما غاب عن (الغيطي) في سيناريو المسلسل حين قام الخطيب بتخويف الناس قائلا: وربنا قال كده.. يالا على محلات الحاج بيومي هههههههه.. و أنا رايح أشرب عنده القرفة بعد العشاء ربنا يبارك فيك يا حاج، وأي حاجة مع الست بتاعتك ابعتها عندي علي البيت القديم.. أنا هناك بعد صلاة العصر، وأنا أدبها وأعلمها الأدب… ومراتك عاملة ايه (يا واد يا خولي) دلوقتي، خليها تيجي أنا لسه مخلصتش كلامي معها وتيجي بالنقاب أومال ايه الستر حلو يا ولاد،  و(الحاج بلبل) بتاع التموين أنا ها أبعت لك البطاقات، وتدي كل واحد حقه، وها أبعت (سعد) ابني علشان يستلم ويوزع علي الأهالي من السنتر.

وزيادة في الإثارة الدرامية يستطرد الشيخ خطيب المسجد قائلا: الحق حلو يا ولاد بلاش قلة قيمة أومال ايه…. والراجل (أبو يوسف) اللي مش راضي يجوز بنته لخضير أبو خضير ابن العمدة، بحجة أن عندها 13 سنة؛ هو انت ما تعرفش الرسول عليه الصلاة والسلام كان عنده كام سنة والسيدة عائشة كان عندها كام سنة، انت ها تحرم الحلال بتاع ربنا.. ويرد الجميع في جهم مصحوب بنصمصة الشفاه: استغفر الله العظيم، وبعدين ايه يعني انه متجوز 2 و عنده 5 عيال.. هو الشرع كده وبلاش الفرجة على المسلسلات و أفلام (ليلي علوي) اللي عملة زي الملبن بعين الجمل كده وهى نزلة البحر وبتعوم علي ضهرها ولابسة مايوه أسود قطعتين (استغفر الله العظيم)!

وفي إشار استنكار وترهيب يقول الشيخ: الولية (أم شلبي)؛ الفراخ بتاعتك مش بدارة وده غش وحرام وفين البيض البلدي والجبن القريش والفطير المشلتت، مع إني موصي على (شلبي) في النقطة حرامي الفراخ هههههههه، والعيال بتوع الثانوية؛ المجاميع في سنتر (عكاشة) وكل واحد يجيب فلوس الدرس حرام عليكم إبني (طاهر) بيتعب معاكم جامد، ولا ادعي عليكم ربنا يوقف حالكم، مش كفاية بنقفل اللجان ونبعت لكم الكتب تنقلوه منها ويا ريتكم نافعين.

قصة تراجيديا لم ترد في مسلسل (أدهم الشرقاوي)

و في إطار تسخين الأجواء الدرامية بطريقة غير مباشرة يقول الشيخ: الأسطي (الجيار النجار)؛ عيب عليك ومش ها أقول أكتر من كده بلاش فضايح، والواد (سامح) العريس الجديد هو والبت (سميحة بنت الدهبي).. ههههه.. ابقي روح الصيدلية عند الدكتور (شفيق وهبة) ربنا يستره زي ما سترنا كلنا يا ولاد هههههههه!، والراجل (معاطي النمس) عيب عليك توزع البرشام والبانجو على العيال في القهاوي، وضابط المباحث سألني عليك ونفيت كل الإشاعات دي، حشيش وقلنا مفيش مانع، أفيون وقلنا لكبار السن والمرضي، لكن توصل لكده لا مش ممكن، وبعدين تحط حنة على الغبارة، ده اسمه غش، وما يرضيش ربنا وقلنا مليون مرة أفيون أفغاني مش بلدي (جاك خابط في نفوخك زي ما فضحتنا يوم الخميس ههههههههه) .

وفي أثناء ذلك يهرع أحد الصبية إلي المسجد: (بنزين على الترعة يا ولاد، الماسورة ضربت إلحق يا جدع) ، ويبحث الناس عن مولانا وكبار وجهاء القرية والستات والعيال والتكتك والميكروباص وعربيات مجلس المدينة للنظافة، وكل أهالي القرية تقريبا وسط حراسة من أمناء الشرطة وعساكر النقطة وبعض الخفر الذين حملوا حلل وتانكات والست بتاعته، ومعها طشت و(أم زينب) شايلة زجاجات البيبسي، وعم (إبراهيم) جايب الزير اللي قدام الجامع، و كل المؤمنين المصلين والستات المحجبات والمنقبات يسرعن من أجل ان يكون لهم نايب من كميات البنزين المهدرة في الترعة، وبعضهم لا يعرف ماذا سيفعل بهذا الصيد الثمين وحاجة ببلاش وبتاعة الحكومة تبقي حلال.

هذه ليست قصة (قرية المواسير)، ولا وردت في مسلسل (أدهم الشرقاوي) ولكنها حالة تعبر عن مأساة انتهت بعقب سيجارة من أحد المؤمنين الصالحين لتقضي على بعض المصلين الصادقين وبعض الطاهرات المحجبات المنقبات.. وتلك جريمة رمزية متكررة تمثل حالة من التراجيدية الإنسانية التي تحدث يوميا في قرى مصر، وللأسف نشارك فيها جميعا دون أي وعي، وظني أن أغلب الناس لا يعلمون، ولذا أرشحها لعمل مسلسل يعكس حالات العبث التي تحدث في ريفنا والتي يمارسها رجال الدين دون أن ينتبه لها صناع الدراما!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.