رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب : فضائية مصر الجديدة وغلطة الأستاذ حمام !

بقلم : محمد شمروخ

لا أريد أن أكتب عن مسلسل (الضاحك الباكي) لامادحا ولا قادحا ولا عاذرا، لا لسبب إلا لأننى لم أكمل مشاهدة حلقة واحدة من الحلقات التى تم عرضها!.

ولكن بصراحة، لم أترك مشاهدة المسلسل بسبب ما يقال عن مدى الكآبة التى أصابت أحداثه بها الناس، فمع ملاحظتى زيادة نسبة الكآبة إلا أن المسلسل أصابنى بالغم، لا بسبب السيناريو ولا الحوار، ولا الأحداث الدرامية، ولا حتى طريقة الممثلين وهم يؤدون أدوارهم (من غير نفس) مع أن منهم نجوما كبارا، لكن الكآبة أصابتنى من جراء الإضاءة بالمسلسل، مما جعلنى أشك في أن التلفزيون بتاعنا يحتاج لتزويد الإضاءة!

بيد أنى اكتشفت أخيرا، أن الإظلام في المسلسل كان عمديا، على اعتبار أن الصورة المظلمة تعطى إيحاءً بأن الأحداث وقعت زمان!

عموما لا أستطيع الحكم على المسلسل كمشاهد من خلال الإضاءة وحدها مهما بلغت درجة قتامتها وأهميتها، لذلك قررت أن أوفر نظرى وأنقطع عامدا متعمدا عن متابعته، لأنها مش ناقصة ضلمة ولا العملية مستحملة غم من أساسها.

على أى حال انتهيت بألا أكتب عن المسلسل الذي لم أشاهد فيه إلا القليل من المشاهد المتقطعة، مقررا في الوقت نفسه أن أكتب عن قناة لم أشاهدها، بل سمعت فقط عن انطلاقها وحالت ظروفى دون مصادفتها في أثناء تقليبى القنوات.

الإضاءة أحبطتني فقررت ألا أستمر في المشاهدة

فقد سمعت والعهدة على الرواة، أن (مصر) قررت إطلاق قناة فضائية إخبارية جديدة.

ولن أسأل لماذا لأن هذا أمر لا يخصنى، لكن تعجبت لأن هناك عدد كبير من القنوات تابعة (لمصر) تبعية مباشرة أو غير مباشرة، فما الجديد الذي يمكن تقديمه من القناة الجديدة؟!

لكن على أى حال أتمنى التوفيق لطاقم القناة الجديدة، لاسيما وأن من بينهم أصدقاء محترفين لي أثق في قدراتهم ومهنيتهم، لكن مازالت الأسئلة تقلقنى!

– هناك قنوات رسمية تعمل بمنتهى المهنية ومع ذلك فنصيبها من المشاهدة قريب من الصفر، ولم تشفع لها مهنيتها في اجتذاب المشاهد، لأن البيه المشاهد الذي يجلس أمام التفزيون لا يطلب هو نفسه مهنيين  ولا المهنية في دماغة أساسا!

فالمهنية التى تعنى باختصار (التثبت من صدق الأخبار وجدية وسلامة طرح الموضوعات، مع مناقشة وعرض قضايا واقعية بأسلوب قائم على الموضوعية)، أنعى إليك أنها قد انتهت منذ أمد بعيد، ليس في القنوات المصرية ولا العربية ولا العالمية!.

فلا يجب أن نضحك على أنفسنا بادعاء كاذب بأن المشاهد يطلب الحقيقة.

أشفق على العاملين في القناة اإخبارية الجديدة

لا يا صديقي.. المشاهد يطلب الإثارة.. يطلب التفاهة.. يطلب الرغى.. يطلب أى شيء إياك سكلانس، لكن المهنية؟!.. (قلنالك البقية في حياتك).

– لا تظلم المشاهد، فلولا دفع القائمين على الإعلام بقنواته المختلفة، بعقل المشاهد ناحية الإثارة لما فوجئنا به هكذا.

– هههههه.. أضحكتنى يا فتى.. لكن أحدثك جادا ودعنى أقرر لك بأن مواقع التواصل الاجتماعى على الشبكة العنكبوتية قد كشفت عن حقيقة ما أدعيه، بأن المشاهد نفسه قد فسد ذوقه، ولا يهم كثيرا إن كان أفسد من جانب ما، فالواقع الآن أنه تخلى عن المنطق وراح يبحث عن الإثارة في كل ما هو مثير، فإن لم يجد بحث عما هو أتفه، فإن لم يجد ذهب إلى الاستثارة وهى درجة تزاحم الإثارة والتفاهة، فقد امتلأت شاشات العالم الافتراضي بفيديوهات الاستثارة بالبحث عن الأكاذيب بشكل مكشوف، حيث أيقن كثير من مذيعي العالم الافتراضى أنهم مطلوبون بإلحاح حت صار فيديوهات كثير منهم تنافس بقوة شاشات الفضائيات حتى أجبرتها على التراجع أمامها، بل والاعتراف بمقدميها وأحيانا الاستعانة بهم!

فمع احترامي لتاريخ وحاضر الإعلامي المهنى.. عذرا سيدى أنت كمشاهد محترم لست المقصود ولا المطلوب!

فالمهنية في أبسط تعريفاتها يلفظها الإعلام، منذ أن ارتبطت صناعته بالحرص على الانتشار لأنها تحولت من (رسالة) يديرها المختصصون من أجل الجماهير، إلى (صفقة) يعقدها السماسرة مع الممولين لجذب المستهلكين، فمعنى الانتشار عندهم هو زيادة المكاسب المالية المالية من الإعلانات.

– وفيها إيه؟!

– أهو سؤالك ده هو الذي يكمن فيه السر.. فالمرجعيات تغيرت والمبادئ تبدلت ولم تعد في حاجة إلى متخصص أو مثقف أو مفكر، فأى (عيل تافه مدعى علم) يمكن أن يخرج يقلب الدنيا بحديث أكثر تفاهة يجذب ويجلب الملايين من الفلوس والبشر!

سي إن إن

لكن هناك أيضا بالموازاة مع مكاسب المال (التى ليست بالضرورة عيب أو حرام)، لكن كل العيب وكل الحرام كان بالعمل على تطبيق أجندات خاصة، سياسية واجتماعية وأخلاقية!

وهذه تغذى تلك، ولم تفلت من الأجندات حتى أعتى القنوات العالمية من التى تبهر المشاهد بتاعك ويتخذها مثالا ولا تقول لى (سي إن إن) ولا (بي بي سى) ولا (العفاريت الزرق)، لأن العفاريت الزرق هم من بيدهم قواعد اللعبة التى يديرونها ويغيرون قواعدها حسب رؤاهم واتجاهات مصالحهم القريبة والبعيدة.

ستقول لى إن المهنية متوفرة فيما (السي إن إن والبي بي سي)، رغم هروبك من حقيقة أنها تعمل تحت إشراف تلك العفاريت، لكن أصارحك بأنك يا صديقي الغالى تخلط ما بين المهنية والاحتراف!

نعم هناك فوارق دقيقة بين الاثنين، فإن كان كل مهنى محترف محترم فلا يعنى هذا أن كل محترف مهنى محترم!

سأقرأ أفكارك: (أنت الآن تزيد من ابتسامتك الصفراء ثم نتظر إلى موبايلك السامسونج.. ههههههه.. نعم هناك (سامسونج ونوكيا وهاواوى) وزى ما تحب من موبايلات، لكنها لا غنى عنها عن المحترف الحقيقي هو الذي لابد وأن يجيد التعامل مع (سامسونج) دون أن يقرأ السطر الأخير في الرسالة!.

أما المهنى الحقيقي فهو الذي يصحح ما ورد من خطأ في الرسالة دون أن يفقد مصداقيته ويحافظ في الوقت نفسه على توالى الرسائل السامسونجية!

بي بي سي

فالمهنية محكومة بمنظومة قيمية وأخلاقية مرتبطة بطبيعة المهنة تلك وصدق بدون هذه المنظومة ستتلاشى المهنة نفسها، فاستبعادك المنظومة الأخلاقية مع هذه الابتسامة الهازئة على شفتيك، حسرة أو سخرية، خاصة في الإعلام قد سبقك إليه العفاريت الزرق وحولوا المهنة إلى احتراف حتى لو أدى الاحتراف إلى فسادها، المهم أن تطبق الأجندة وتجرى أنهار المال في جيوب القائمين على استثمارات الإعلام.

ولا يتسرب الظن الساذج إليك بأن المال المقصود هنا، هو حصيلة الإعلانات.. أنت إذن كائن شديد السذاجة، فالصفقات التى تدور فيما وارء الكواليس تأتى بأضعاف أموال الإعلانات، لا أقصد صفقات لفاسدين في الإعلام حتى لا تزيد انفراجة شفتيك بالابتسامة الهازئة، لا يا صديقي إنها صفقات اقتسام ثروات الشعوب والإمعان في طحن عظام اقتصاديات الدول الفقيرة، فلابد من إعلام محترف يهيء الأجواء لتنفيذ خطط مص دمائها، كما حدث في أزمات الخليج العربي من حروب طاحنة، انتهت بما تراه الآن.

واسأل نفسك: هل كان يمكن قبل غزو الكويت، أن تتصور ما حدث؟!.. إعلام يهيئك لتقبل غزو العراق بعدها، ثم جذبك جذبا لتأييد الخراب العربي الذي أطلق عليه إعلامك المفضل (الربيع العربي).

إنه إعلام أرعب العالم مع حصار كورونا، فجعلك تمكث في بيتك تموت في جلدك طوال شتاء2020 ولبعض صيفها القائظ، كما دفعك – ولو كنت عالما في الطب – لأن تصدق بأن هناك وباء عالمي يجتاح كل بقعة في كوكب الأرض على اختلاف المناخات ما بين الجنوب والشمال والشرق والغرب، إعلام جعل كوكب الأرض يشهد لأول مرة في تاريخه منذ ظهور الإنسان، بل ومنذ الحقب الجيولوجيا الأولى، حظر تجول كاملا مكملا!

إعلام جعلك تتقبل شراء كيلو الخيار بثلاث أضعاف ثمنه، بسبب حرب في أوكرانيا، تلك التى لا تصدر لنا الخيار!

هذه اللعبة التى أشفقت على طاقم قناة مصر الإخبارية منها، فلله دركم يا أعزائي القائمين أو والعاملين بتلك القناة!

إن مهمتكم عسيرة وتحدياتكم غاية من الصعوبة وسط أجواء من (العبث العالمي المدروس)، ولكن النجاح الحقيقي شرطه أن تضعوا أعينكم في وسط رأسكم وتنتبهوا جيدا حتى لا تسقطوا في غلطة الريحانى الشهيرة، فلا يكون بختكم مثل الأستاذ حمام (عشان بختى أنا.. بتاع الكلب يلبس باشا، والباشا يلبس لى جناينى)!

كل هذا وتريدنى أن أكمل مسلسل الريحانى متجاهلا الإضاءة القاتمة؟!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.