رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب : ضمير المجتمع بين قاتلين !

بقلم : محمد شمروخ

التلاعب بمشاعر الجمهور واللعب على إثارة العواطف لتبرير الجرائم، بل والدفاع عن مرتكبيها يعكس مدى الفساد الذي لحق بالضمير الاجتماعي العام والذي يعرف بالضمير الجمعي، وهو الذي يحفظ توازن المجتمع من السقوط ما دام ضميرا سليما، بينما إذا أصابه الخلل في القبول والرفض صار معينا على الفساد، فيصبح الحق باطلا والباطل حقا.

لقد وصلت الأمور بالبعض أنه عند استنكار التعاطف مع مجرم أصبح يقابل باستنكار مضاد من هذا البعض الذين تراهن الآن ينعقون بما لا يسمعون، وهم يدركون جيدا أن التعاطف مع قاتل قتلا عمدا تحت أى ظرف بمثابة ترسيخ لتقبل هذه الجريمة وتزيين ارتكابها.

لكن الحماقة أعيت من يداويها!

شهدنا مظاهر هذا الفساد والإفساد  الذي أصاب الضمير الجماعى، مرتين خلال فترة وجيزة لا تتعدى الأسابيع، الأول كان في بعض ردود فعل قضية نجل وزيرة الهجرة والثانى جاء إثر حكم الإعدام على قاتل الطالبة نيرة.

والحادثان بكل ما تحويه أحداثهما من بشاعة، إلا أنهما وجدا أنصارا لمرتكبيهما يشكل أو بآخر، على الفضائيات أو السوشيال ميديا، حيث جاء الأول من مدخل ممجوج وسخيف ولا يقبله عقل ولا طبع سليم، وهو الربط ما بين (الأمومة) والجريمة باعتبار أن أم القاتل تستحق الدعم والمساندة!!

يتعاطفون مع أم قاتل بدعوى الإنسانية

ولكن أى من الداعمين والمساندين ومن بينهم كبار مسئولين (دوليين ومحليين) وإعلاميين ورموز مجتمع لم يبينوا لنا ما هى كيفية المساندة والدعم، ووجدنا من ينشرون صورهم مع السيدة الوزيرة على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى مع السيدة الوزيرة فإذا بالضمير الجمعى يصاب بالخرس، بل وربما أجهش بالبكاء من هول ما تواجهه الأم.

هذا مع أن التهمة الموجهة هى القتل العمد لاثنين من أصدقاء المتهم، وجاء هذا المشهد المغرق في الهزل عندما قامت صفوف في مؤتمر يحضره وزراء مصريين وأجانب تصادف انعقاده عقب الإعلان عن الجريمة ليستمر التصفيق الحار طويلا للسيدة الوزيرة دعما لها!

ومرة أخرى لم يبين أحد من هؤلاء الكبار، كيفية هذا الدعم!

ثم وجدنا فئات من البشر معظمهم من الطبقة الغنية، يعلنون هذا الدعم دون التطرق لأية تفاصيل عن الجريمة.

ربما أعطى هذا التعاطف شبه الرسمي على السوشيال ميديا إلى تكرار نماذج (حبيشة، وولعة) لو كانت الجريمة وقعت هنا!

وقالوا نحن ندعم أما صدمها ما حدث لابنها!

لكنكم بدعمكم هذا تتجاهلون بشاعة الجريمة ودلالاتها التى كشفت عنها التحقيقات، وثم أنه كان يمكن أن يكون هذا الدعم مادام الأمر متعلقا بعاطفة (الأمومة) بمكالمة شخصية مع السيدة الوزيرة دون هذا الفرض اللامباشر على الناس لخلق رأى عام (داعم) للأم!

ما لكم كيف تحكمون؟!

توقف الأمر إذن على انفعال من البعض من أجل أم مصرية تعرض ابنها المصري في الغربة لظروف جعلته قاتلا؟!

لا.. لم يتوقف.

ولا أدرى ما هو هذ المدعو بـ (الرأى العام) القابل للتضليل واللعب على عواطفه بشكل يقلب الحق باطلا والباطل حقا

هل كان الرأى العام فوق القانون؟!

فوق الضمير الإنسانى؟!

فوق العقل؟!… فوق المنطق..؟!

لو اقتصر الأمر على عدد محدود من أصدقاء الأسرة لهان الأمر ولكن ماجت به برامج تليفزيونية كان من الواضح أن أصحاب القنوات المبثوثة منها ترتبطهم مصالح دفعتهمم لهذا (التعاطف).

حسنا يا سيدتى الإعلامية، هايل يا سيدى الإعلامي.. لكن مكان هذا التعاطف هو أى مكان آخر غير شاشتك التى تطل من خلالها على الناس عليها!

لكن لم يعد هناك إعلام مهنى حقيقي يراعى ذلك بعد أن خضع الإعلام لقواعد البورصة.

ليكن في علمك أن هذا فقط هو موقف فئات مخملية في مصر، ربطتهم أواصر القربى المالية والثقافية والاجتماعية، فرأوا أن اتهام ابن أي منهم بأى جريمة ارتكبها أم لم يرتكبها أمر يستحق العزاء والمواساة والدعم.

فماذا إذن عن الطبقات الباقية من المجتمع.

أشقى وأضل سبيلا!

كيف؟!

اتهموها بأنها ظهرت بشعرها

هذا ما حدث في تلك الدعوة الخبيثة لدعم قاتل الطالبة (نيرة) بجمع أموال وتبرعات لإنقاذه من القصاص الحق وحكم المحكمة العادل الناجز بالإعدام والذي حقق فيه المستشار بهاء الدين  المري ما صعب تحققه في قضايا أخرى.

قاتل تم الإمساك به فوق جثة ضحيته بعد أن نحرها نحر الخراف والجريمة مصورة بالفيديو في وضح النهار وجميع الشهود حاضرون.

فلما التأخير إذن؟!

لكن كما يقول المثل (الزن على الودان أقوى من السحر)، فإذا بالأمر يتحول لاتجاه عجيب بالتماس (العذر) للقاتل بمزاعم لا تبرر مجرد اعتراض طريقها

مرة أنها (بشعرها)، ومرة بأنها (موديل)!

وتجد كلاما سخيفا عن علمانية وليبرالية ولا دينية، وفجأة تظهر صفحات تحمل اسم (نيرة) وصورها تظهر فيها (بشعرها)!

….  ما هذا الهراء؟!

وتجد من يقرر لك بحنق أنه لا يجب تنفيذ حكم إعدامه!

حسنا لا تعدموه ولكن تفرغوا لحماية بناتكم عند خروجهن للطريق، فإن لم يتم التنفيذ فسيكون ذلك بمثابة تصريح بالقتل لكل شاب ارتبط عاطفيا بفتاة.

سيقولون: ماذا سيفيد المجتمع إعدامه؟!

وكأن إرساء العدل والقصاص ليس فيه من أوجه الإفادة شيء!!!، وهناك من أراد أن يوهم الناس بأن (الدية) من حكم الشرع.

يجمعون الأموال لفدية قاتل في وضح النهار!!!

لا وألف ألف لا .. هذا تدليس واضح على الشريعة الإسلامية.

لكن هناك مرتبصون بالشريعة وها هم يجدون غرضهم في التصايح بأن هذه الدعوة بأن الإسلام يتاجر بالدماء ويجعل لكل إنسان سعرًا.

ولما تصدى ذوو العلم والضمائر وكشفوا أن هذا لا يزيد عن عملية تدليس واضحة المعالم ومحاولة ماكرة للصيد في المياه العكرة، لتحقيق مكاسب مادية ودعائية، حتى وجدنا أسماء محامين تتردد وكأنه يجرى إرهاب المعترضين بهم وإحباط المجتمع بأن العدل فرصة لن تتحقق مادام لدينا من المحامين من يقدرون على تمميع الحقائق وقلب الظلم عدلا والعدل ظلما.

كم عدد هؤلاء؟

واحد.. اثنان.. ألف .. مليون

مجرد الجهر بهذا يعطى دلالة مباشرة على أن الضمير الاجتماعى يمعن في الفساد في طبقات المجتمع المصري وأن من يريد نشر الفساد فقط عليه أن يختار بعناية وسائل الدعاية التى تكمنه من نشر هذا الفساد!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.