رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

على عبد الرحمن يكتب عن : (الدوله الفتيه.. بين التحديات والفرص)

القوة الناعمة تحتاج إلى مشروع قومي واستراتيجي

بقلم : علي عبد الرحمن

تعتمد الدول دوما في بسط نفوذها وتمدد تأثيرها وحماية أمنها القومي علي نوعين من القوى، القوة المسلحة أو العسكرية أو الخشنة ثم القوه الناعمة والتي تتمثل في فنها وإعلامها ودعوتها وتواجدها وانتشار لهجتها وتأثيرها في محيطها.

ولقد بسطت مصر نفوذها في فترة الستينات وماتلاها من خلال انتشار الدراما والغناء المصري في منطقتنا العربية وكذلك المسرح وقدوم العرب للتعليم والسياحة والعلاج، وأيضا وصول صوت الدعاة والمبشرين إلي شعوب هذه الدول الشقيقة والصديقة، وأصبحت اللهجة المصريه مفهومة ومحبوبة ،وأصبح حب مصر واقعا لدى الكثيرين من أهالي هذه الدول.

ومع ضعف محتوي مايقدم فنيا وإعلاميا ومع تراجع صناعة الأحداث لدينا ومع استهتارنا بمحاولات سحب بساط الريادة من تحت أقدامنا، ومع تراجع انتشار اللهجة المصرية ومع تقوقع عروضنا المسرحيه خارجيا، ومع اكتفاء أهل الدعوة بتواجدهم داخل مصر.

مع كل ذاك ذهب بساط الغناء إلى الشام، وذهب بساط دولة التلاوة إلي الخليج، وبساط الانتاج الكبير إلي الشام والخليج معا، أما بساط الدراما فذهب إلى الشام وتركيا وغيرهما، وحتي بساط الدعوة تقدمه سعوديين وعجم، ويبدوا أننا غفلنا عن رصد ومتابعة المتغيرات ذات الصلة بتراجع وتحديات قوتنا الناعمه!.

ورغم كم الهيئات والمجالس  والوزارات المعنيه بتغذية روافد القوة الناعمة إلا انه لاشئ يحدث في هذا الصدد، فذهبت دولة التلاوة وذهبت دولة الدعوة وذهبت دولة الفن والميديا وذهبت دولة صناعة الأحداث الداعمة للقوة الناعمة وظهرت دراما سوريا وتركيا وبرامج بيروت ودبي ومواسم الرياض ومناطق التصوير المفتوحه في المغرب.

الفن المصري القديم كان ومازال ملهما

وبعد أن كانت القاهرة تلقب بـ (هوليود الشرق) ظهرت هوليود الخليج، وبعد ان كانت القاهرة قبلة الباحثين عن المجد والشهرة أصبحت طاردة تجاه الرياض وضواحيها، ومع تسليمي بحق كل دوله في تعظيم قوتها الناعمة وتوسيع نفوذها الإقليمي، إلا أنني أجد أن قوتنا الناعمه أصابها التراجع والجمود، ورغم أننا بلد الأزهر والبطريرك وبلد الفن والتاريخ وبلد الميديا والحشد وبلد الرواد والنجوم، إلا أنه هناك سباق محموم لسحب البساط من تحت أقدام قوة مصر الناعمة.. هذه تحديات وتهديدات تجاه قوة مصر الناعمة أثرت على انتشار لهجتها والشوق إليها وأنتجت أجيالا في دول حولنا ولائهم ليس كمن سبقوهم لمصر، أولئك الذين تعلموا فيها وتداووا فيها وعاشوا بين أهلها، وأتقنوا لهجتها.

أن ملف دولتنا الفتية وتحديات قوتها الناعمة لهو ملف قومي استراتيجي لابد أن يشارك في صياغة فرصه الخارجية، والأزهر والكنيسة والتعليم العالي والصحة، والثقافة والشركة المتحدة وخبراء القوة الناعمة أكاديميا ومجتمعيا.

مصر القوية بجيشها

لدينا فرص سانحه لاسترداد ما تجمد أو تم سحبه، فنحن دولة فتية تعيد بناء ذاتها وتصلح كل شئ تدعم مؤسساتها الدينية وتعلي قيم فنها وتهتم بجودة تعليمها، وتعظم خدماتها الطبية وتكتشف مواهبها وتقدم نفسها للمنطقة والعالم علي انها جمهورية جديدة.. نستطيع بسط نفوذ مؤسساتنا الدعوية ونستطيع تقديم دراما ومسرح وغناء عصري مؤثر، ويمكننا تقديم خدمات تعليمية متطورة، خدمات طبيه دقيقه، وصناعة أحداث تخدم كل ذلك.

فلنضع الخطه القومية ولنحدد الأدوار ولننطلق سويا تجاه استرداد مجد وعرش أم الدنيا في مجال القوة الناعمة، وليعود إتقان لهجتنا المصرية وليعود الشوق إلي مصر، وليعود الولاء لها من الأجيال القادمة ولتعود مصر قبلة وكعبة للدعوة والفنون والميديا والتعليم والطب والسياحة حتي ننعم بإيجابيات القوة الناعمة كأخت كبري ذات أثر وتأثير يرافق دخولها الجمهورية الجديدة في مصرنا الجديدة (أم الدنيا) الخالدة بفضله والمحروسة بعنايته.. حمي الله مصر وقوتها الناعمة وتحيا دوما وأبدا مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.