رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

توثيق جرائم الإخوان المأساوية في أعمال درامية !

يشهرون أسلحتهم في وجه شعبهم بدعوى الجهاد المقدس

كتب : محمد حبوشة

يعتبر شهر نوفمبر من كل عام بأيامه ولياليه هو الشهر الأسود بامتياز في سجل جرائم جماعة الإخوان الإرهابية التي ارتكبتها على مدار تاريخها منذ النشأة وحتى الآن، ففي هذا الشهر لابد أن نتذكر ذكرى مذبحة (مسجد الروضة) بالعريش الأبرز في عملياتهم الإرهابية، و(قتل الأقباط) نهار الجمعة الأكثر دموية.. وتصفية (السيد فايز) يوم المولد النبوى من قبل التنظيم وهو ما يمثل علامات بارزة فى إرهاب أحفاد حسن البنا.

ومن هنا كان ينبغي أن ننتج أفلاما تسجيلية توثق لتلك الجرائم البشعة كي تذاع في ذكرى أيام وقوعها، أو استعرض تلك الجرائم من خلال برامج تليفزيونية عبر (التوك شوز) الغارقة في العبث، حتى نكشف ونذكر الناس أن لجماعة الإخوان باع طويل فى ارتكاب الجرائم خلال شهور نوفمبر على مدار تاريخها الأسود والبغيض، أليس حريا بنا أن نرصد من خلال تلك الأفلام أو البرامج التوثيقية جرائم جماعة الإخوان خلال نوفمبر منذ تأسيس الجماعة على يد حسن البنا، كي نخلق مواسم سنوية تؤكد للمواطن لماذا نكره الإخوان من ناحية، ومن ناحية أخرى نقوم بإلهاء قنواتهم في الرد على تلك البرامج بدلا من التسلط على الدولة ليل نهار لتصدير الإحباط للمواطن باختلاق الأكاذيب والشائعات التي تنال من حجم الإنجازات التي تقوم بها الدولة في ظل ظروف عالمية عصيبة.

وعلى طريق إنتاج دراما المآسي والأحزان الإخوانية على سبيل المثال، لماذا لا تتصدى (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) لمهمة توثيق جرائم الإخوان من خلال أفلام تسجيلية موازية لأفلامها الرائعة عن حجم الإنجاز المصري غير المسبوق في كافة مجالات الحياة التي تنعكس بصورة مباشر على المواطن البسيط، وذلك في إطار التوعية والتثقيف بأسلوب درامي يكون له التأثير القوي على المشاهد اعتمادا على سرد الأسرار المخفية وكشف حقيقتهم أمام المجتمع الدولي، من خلال تفنيد جرائمهم، ومنها ماحدث في 27 من نوفمبر 1947، حين اجتمعت الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين وقررت فصل (أحمد السكرى) الذى تردت أنباء كثيرة أنه هو المؤسس الحقيقى للإخوان، ويعد فصل السكرى أو انشقاق فى تاريخ الجماعة، وزعم وقتها حسن البنا أن أحمد السكرى خالف المتفق عليه داخل الإخوان، لكن حقيقة الأمر أن هناك خلافا وقع بين البنا والسكرى بسبب محاولة مرشد الإخوان حسن البنا التستر على الجرائم الجنسية لعبد الحكيم عابدين زوج شقيقته، ومن هذا التاريخ سرق البنا الجماعة وحولها لجماعة عميلة للإنجليز.

ولما لايتم تناول تلك الفصول من التراجيديا الإنسانية التي تختلط بلون العنف والرعب الذي يستقطب خيال شبابنا اليوم في المشاهدة عبر المنصات الرقمية، من خلال قصة مستوحاة  من حالة العنف والرعب التي حدثت فى 19 نوفمبر 1954 في قصة اغتيال (السيد فايز)، خاصة أن هذه العملية تعد من أشد أمثلة الغدر فى تاريخ الجماعة، ما يوفر لنا حبكة درامية ووجبة دسمة من الإثارة والتشويق، كما أنها أيضا دليل عملى على أن الجماعة عبارة عن شبكة مافيا ليس لديها أدنى مانع من استخدام أسلوب الاغتيالات والتصفيات الجسدية لحسم خلافاتها الداخلية.

الإرهاب ليس له بيت أو بلد أو وطن

وكما قلت هناك عناصر تتوفر في القصة من نوع التراجيديا السوداء، حيث تبدأ ملابسات هذه الواقعة بحالة التوتر الناشئة بين (حسن الهضيبى) المرشد الجديد للجماعة بعد اغتيال مؤسسها حسن البنا، وعبد الرحمن السندى رئيس التنظيم الخاص، وأسباب التوتر كانت متعددة، من بينها عدم رضا الهضيبى على علاقة السندى بثورة يوليو 1952 ورجالها من ناحية، وعدم رضا السندى عن وجود الهضيبى على رأس الجماعة من ناحية أخرى.

وفى ضوء هذه الملابسات، يمكن التركيز دراميا على قرار الهضيبى بعزل عبد الرحمن السندى من رئاسة النظام الخاص، وكانت نيته هى تعيين المهندس (السيد فايز) بدلا منه، وهنا فى كتابه الشهير ذى الأجزاء الثلاثة  (الإخوان المسلمين أحداث صنعت تاريخ)، رواية موثقة  يرويها محمود عبد الحليم عضو الهيئة التأسيسية للإخوان والراوى الأول لتاريخها وسيرتها، والذي أبحر طويلا في قصة اغتيال (السيد فايز)، حيث يقول: (إجراء المرشد العام بتنحية رئيس النظام عن رئاسة النظام ليست إلا إجراء عادى كان يجب أن يقابل من أخ بايع على السمع والطاعة بالتسليم والرضا وتوجيه جهوده لميدان آخر من ميادين الدعوة الفسيحة)، وهنا يمكن أن تحتوى الحبكة تلك الملابسات بأسلوب درامي جاذب ليس هدفه التجني، بل يهدف إلى كشف خبايا النفوس الشيطانية لهذا التنظيم الإرهابي البغيض.

ولعل عبد الحليم يكشف لنا في قصة (فايز) ملابسات أخرى تصلح للمعالجة دراميا حيث يضيف: (لكن الذى حدث كان عكس هذا تماما، اعتبر هذا الأخ – السندى – هذا الإجراء اعتداء عليه وسلبا لسلطان يرى أنه حق أبدى له، وإذا كان قد ناوأ المرشد العام من قبل فى خفاء، فإنه أصبح الآن فى حل من إعلان الحرب عليه مستحيلا فى سبيل ذلك كل وسيلة تحتاج له (أتدرى أيها القارئ ماذا فعل؟).

يقول عبد الحليم في روايته التراجيديا التي ترصد الضغائن والمؤمرات التي كان يتحلى بها أعضاء التنظيم بامتياز: (كان يعلم أن المهندس السيد فايز وهو من كبار المسؤولين فى النظام الخاص من أشد الناقمين على تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت أمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام فى القاهرة على الأقل من سلطته، وأنه قطع فى ذلك شوط بعيد باتصاله بأعضاء النظام فى القاهرة وإقناعهم بذلك)، إذن كانت تلك هى الخطوة الأولى فى إعلان الحرب – وكذلك سولت له نفسه – أن يتخلص من السيد فايز، فكيف تخلص منه؟.

ويتابع: (إنه تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله، انتهز فرصة حلول المولد النبوى الشريف وأرسل إليه فى منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ السيد فايز فى ذلك الوقت موجودا بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقًا له وجرحت باقى الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة)، ورغم أن الجماعة حاولت وقتها الترويج لأكذوبة أن ثورة يوليو هى المسؤولة عن هذا الحدث فى إطار الحرب غير المعلنة آنذاك بينها وبين الجماعة – قبل 1954 – فإن رواية مؤرخ الجماعة الرسمى فضحت هذا التدليس، حيث قال بوضوح: (وقد ثبت ثبوتا قطعيا أن هذه الجريمة الآثمة الغادرة كانت بتدبير من هذا الرئيس – أى عبد الرحمن السندى – وقد قامت مجموعة من كبار المسؤولين فى هذا النظام تتقصى الأمور فى شأن هذه الجريمة، وأخذوا فى تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتى صدر منه اعتراف ضمنى).. بالله عليكم أليست تلك القصة هى قمة التراجيديا التي نبحث عنها في سجل الرعب الذي يمكن أن يزلزل خيال شبابنا الباحث عن دراما الجريمة؟!.

وفي إطار الأكشن المشوب بالتشويق والإثارة يمكن أيضا تناول قضية (السيارة الجيب) التي وقعت أحداثها فى 15 نوفمبر 1948 في مسلسل من نوع الحركة المصحوبة بالجريمة، حيث قام عدد من أعضاء النظام الخاص بجماعة الإخوان المسلمين فى مصر بنقل أوراق خاصة بالنظام وبعض الأسلحة والمتفجرات فى سيارة جيب من إحدى الشقق بحى المحمدى إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية، إلا أنه تم الاشتباه فى السيارة التى لم تكن تحمل أرقاما وتم القبض على أعضاء التنظيم والسيارة لينكشف بذلك النظام الخاص السرى لجماعة الإخوان المسلمين، وأدى هذا الحادث إلى إعلان محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء آنذاك أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أعضائها وتأميم ممتلكاتها وفصل موظفى الدولة والطلبة المنتمين لها.

وفي إطار التصعيد الدرامي يمكن التركيز على أهم أحداث مسلسل (السيارة الجيب)، والتي تتعلق بكيف كان هذا القرار سببا جعل النظام الخاص يقوم بقتل النقراشى، وانتهت القضية فيما بعد ببراءة النظام الخاص من التهم المنسوبة إليه وإلغاء قرار النقراشى من حل الجماعة وتأميم ممتلكاتها، وعلى جناح (أكشن السقا وأمير كرارة) يمكن جعل القصة أكثر تشويقا، حيث أن هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتى كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية (السيارة الجيب) التى كان على رأس المتهمين فيها (مصطفى مشهور)، أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002).

الشهيد محمد مبروك

وفى صدد فضح جرائم الإخوان الإرهابية على جناح الدراما يمكن أن تلعب التراجيديا المأسوية التي حدثت في  18 نوفمبر 2013 دورا مهما في (مسلسل) يكشف حقدهم الأعمى تجاه العقيد محمد مبروك ضابط الأمن الوطنى، من خلال سيناريو مكتوب بعناية فائقة منذ لحظة خروجه من منزله فى مدينة نصر، حيث استهدفته جماعة الإخوان فى عملية إرهابية خسيسة، نفذها 7 أشخاص ملثمين، فتحوا النيران على الشهيد وكانوا يستقلون سيارتين ملاكى بدون لوحات معدنية، ومن على بعد 5 أمتار أمطروا جسد الشهيد برصاصات الغدر ما أدى إلى استشهاده على الفور.

ولنا في إحداث الفتنة الطائفية نماذج حية في سجل عنفهم الأسود الذي يصلح لعمل سلسلة من أجزاء درامية، نذكر منها أنه فى يوم جمعة أودى هجوم على حافلة للأقباط فى المنيا بحياة سبعة أشخاص على الأقل وأصيب 17 آخرون فى الهجوم، وقامت حركات مسلحة تابعة للإخوان بهجوم مسلح على حافلة بها أقباط كانت قادمة من محافظة سوهاج فى طريقها إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا.

الأقباط مستهدوفون دائما من الجماعة الإرهابية

أما في إطار دراما الغدر والخيانة يلزمنا فورا خاصة أن الفرصة مازالت قائمة عمل مسلسل أو فيلم تسجيلي يرصد الجريمة النكراء التي وقعت أحداثها المأساوية فى 25 نوفمبر 2017 وتحديدا أثناء صلاة الجمعة، فقد كانت مصر على موعد مع واحد من أبشع الجرائم الإرهابية على الإطلاق وهو تفجير مسجد الروضة بقرية بئر العبد بمنطقة شمال سيناء والذى راح ضحيته 305 شهداء و128 مصابا.

وهنا تتوفر عناصر الترجيدايا الإنسانية بشكل واقعي يمكن أن يخاطب العقول التى فاق الواقع فيها الخيال كما حدث في تفاصيل تلك الدراما، فما بين ليلة وضحاها اتشحت القرية بالسواد وأعلنت رئاسة الجمهورية الحداد ثلاثة أيام ونددت الدول العربية والغربية بهذا الحادث الدموي الذي يصلح لعمل درامي يرصد حياة هؤلاء البشر الآمنين عندما هبت عليهم رياح الإرهاب الأسود لحظة صلاة الجمعة لترتكب الجماعة القميئة هذه المجزرة بدم بارد لشباب وأطفال ورجال كبار السن وهم يؤدون شعيرة مقدسة.

مسجد الروضة الذي تم تفجيرة أثناء صلاة الجمعة

وكما هو معروف فإن زوايا التصوير يمكن أن تسلط عدسات مكبرة على جغرافية المكان والزمان في قصة مسجد (روضة الشهداء) الذي يقع فى منطقة صحراوية على الطريق الدولى (العريش – قنطرة) ويتبع وزارة الأوقاف، والمسجد من الداخل يتسع لقرابة 400 مصلى، ويقع بجواره زاوية خاصة بالطرق الصوفية، واستغل الإرهابيون انشغال المصلين بتأدية صلاة الجمعة وقاموا بزرع عبوات ناسفة داخل المسجد وخارجه، وما أن أعلن الإمام انتهاء الصلاة في تلك اللحظة النوارنية في حياة هؤلاء الشهداء حتى انفجرت العبوات ثم استهدفت المجموعة المهاجمة المصلين من خلال قذائف صاروخية.

وتأكيد على الحبكة الدرامية يمكن التركيز على مشاهد بعينها، مثل عندما فر عدد منهم فى الخارج كان فى استقبالهم مجموعة أخرى باستعمال رشاشات وبنادق آلية من أعيرة مختلفة، وأسفر هذا العمل الإرهابى عن موت المئات وإصابة العشرات من بينهم الأطفال، ومثل تلك الوقائع المأساوية حتما وبالضرور تحمل قدرا هائلا من الدراما التي يمكن أن تستقطب جماهير المشاهدين التواقين لهذا اللون التراجيدي فائق المأساوية، وخاصة الشباب الذي يتكالب على منصات دراما العنف والقسوة والرعب على الطريقة الغربية.

دماء الشهداء على سجاد مسجد الروضة

وعلى جانب آخر من هذه الدرامات الإنسانية يمكن أن يكون لها هدف آخر في التأكيد على الدور

الطائرات الحربية قصفت سيارات العناصر الإرهابية فور وقوع مجزرة مسجد الروضة

الوطني في رصد كيف جاء ثأر الدولة المصرية لضحايا هذه المجزرة، عندما استهدفت غارة للقوات المصرية مكونة من طائرتين، سيارتين فى منطقة الريشة قرب قرية الروضة تقلان إرهابيين متورطين فى هذا الحادث مما أسفر عن مقتل 15 مسلحا، بالإضافة إلى أن 30 عنصرا إرهابيا آخرين لقوا مصرعهم فى حملة مداهمات بقرية (الريسان) وسط سيناء، ثأرت الدولة لشهدائها الأبرار، ورممت آثار الإرهاب الغاشم، ولكن كل شىء فى قرية بئر العبد سيظل حاملا ذكرى وتفاصيل هذا العمل الإرهابى وغاضبا منه بما يحمله من تفاصيل مأساوية.

أليس مع كل الحق في عرض وجهة نظري حول توثيق جرائم الإرهاب التي حدثت في شهر نوفمبر وغيره من شهور السنة في صورة أعمال درامية أو توثيقية تحمل في طياته قصص حية خارقة للعادة، حيث يتفوق فيها الواقع على الخيال؟ .. ظني أن مثل تلك الأعمال ستستقطب شريحة كبيرة من جمهور المنصات الرقمية الشغوفين بنوعية الرعب المعروض على شاشتها، خاصة أنه سياتي بملامح شرقية واقعية تختلف عن خيال الغرب الذي يعتمد على التكنولوجيا أكثر من اعتماده على قصص حقيقية تفوقت الجماعة الإرهابية في دمويتها ورعبها الذي يفوق الخيال.

قوات الشرطة المصرية في حالة استنفار دائم تحسبا لعملياتهم القذرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.