رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الطريق إلى 30 (4).. الأسرة أم الثورة ؟!

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

على صفحته بالفيس بوك كتب  الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب إنه فى منزله حتى إشعار آخر، اعتراضًا على تصريحات الدكتور علاء عبد العزيز، التى قال فيها بعد ساعات من توليه المنصب أنه سوف يتم تغيير اسم (مكتبة الأسرة) إلى (مكتبة الثورة المصرية).

و فى بوستات متتالية على موقع التواصل الشهير قال مجاهد أيضًا : (بالأسلوب ده الشغل مش نافع وأنا الشغل هوه اللى يلزمنى أما الوظيفة ما تلزمنيش .  فيه مؤسسات وأسلوب إدارة ، الناس بتدرس الأول وبتقول أفكر أو أبحث تغيير . وبعدين هو قال (يقصد الوزير) سوف يرشد الإنفاق ، هو ما يعرفش إن غلاف كل كتب مكتبة الأسرة علامة مائية لاسم المشروع وإن تغيير الاسم الآن يؤدى إلى تغيير أغلفة جميع السلاسل ، وهذه تكلفة ضخمة بلا داعى .

(يا ترى هو شاف الكتب دى وقرأ كلمة عم إبراهيم أصلان عن عم توفيق الحكيم فى مقدمة كل الكتب التى تتحدث عن التاريخ الحقيقى للمشروع وسبب تسميته ؟)، مضيفًا: (ده مش أسلوب شغل ولا إدارة والهيئة مؤسسة مستقلة بمجلس إدارة ، وسياسة الوزراء وأفكارهم تعرض على رؤساء مجالس الإدارات فى المكاتب للتشاور من أجل الأصلح .. إنما القرار الإعلامى ده مين اللى حينفذه ؟! وهل ستمتثل له اللجنة العليا؟!) .. ( يقصد اللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة ).

كان الدكتور مجاهد فى إشارته لكلمة ( عم ابراهيم اصلان ) عن ( عم توفيق الحكيم ) يقصد بها المقدمة التى تأتى فى أولى صفحات كل إصدارات مكتبة الأسرة بعد 25 يناير تحت عنوان ( توطئة )، يقول فيها أصلان الذى رأس اللجنة العليا للمكتبة حتى وفاته : ( مشروع القراءة للجميع أى حلم توفير مكتبة لكل أسرة سمعنا به أول مرة من رائدنا الكبير الراحل توفيق الحكيم . و كان قد عبر عن ذلك فى حوار أجراه معه الكاتب الصحفى منير عامر فى مجلة صباح الخير مطلع ستينات القرن الماضى ، أى قبل خمسين عاما من الآن ، كان الحكيم اذا هو صاحب الحلم و ليس بوسع احد آخر ان يدعى غير ذلك).

و فى تصريح لـ”اليوم السابع” أكمل مجاهد هجومه على الوزير قائلا أنه لا يصح على الإطلاق أن يعرف رئيس هيئة الكتاب ما سيحدث داخل الهيئة من خلال الإعلام ، من قبل أن يجتمع الوزير مع قيادات قطاعات الوزارة أولاً ويناقشهم فى هذه القرارات ، وأبدى مجاهد اندهاشه من تصريحات الوزير لافتًا إلى أنه توجد لجنة عليا لمشروع مكتبة الأسرة (أقل اسم فيها أكبر من أى حد ولازم يتعرف رأيها) ، مضيفًا  (وبعدين اللى يقول على كتب مكتبة الأسرة الآن أنها غير ثورية يبقى عمره ما شافها).

على الفور اتصل كثيرون من المهتمين بالشأن الثقافى بالدكتور مجاهد يحثونه على عدم التقدم باستقالته ، و كانت وجهة نظرهم ألا يتم إخلاء الأماكن للوزير الجديد كى يملأها بالمتعاطفين مع الإخوان ، بل على القيادات الموجودة البقاء فى مناصبها لمقاومة الغزو الإخوانى . و بناء على هذا ذهب الدكتور مجاهد إلى مكتبه يوم الخميس ليحضر الاجتماع الدورى للجنة العليا لمكتبة الأسرة الذى قررت فيه – وبإجماع الآراء – التحفظ على تصريحات الدكتور علاء عبد العزيز، وزير الثقافة، الخاصة بتغيير مسمى مشروع مكتبة الأسرة إلى (مكتبة الثورة المصرية)، والإبقاء على مسمى المشروع وطبيعته بوصفه مشروعا قوميا لنشر المعرفة والإبداع الإنسانى الرفيع، والاحتفاظ بالغلاف المميز الذى عرفت به السلسلة بعد الثورة.  وأشارت اللجنة فى بيان أصدرته عقب اجتماعها أن كل جهودها تتركز فى دعم المعرفة والإبداع ، وتؤكد اعتراضها على أى تدخل يفرض عليها رؤى بعينها لا تسهم فى إغناء الثقافة العربية ونشرها.

أما بوابة ( الحرية و العدالة ) لسان حال الإخوان ، فقد نشرت جزءا من بيان اللجنة و اعتبرت أن عدم تغيير اسم المشروع يروج لأعمال حرم الرئيس المخلوع ( سوزان مبارك ) و قالت عن اللجنة نفسها أنها تتكون من مجموعة من الكتاب والمفكرين والمؤرخين المقربين من وزير الثقافة السابق الدكتور عماد أبو غازى و التى تشكلت في عهده ، و قالت أن البيان الصادر عن مكتب الوزير أشار إلى أن هذه الخطوة تتماشى مع مطالب الثورة من تحرير الثقافة المصرية من هيمنة النظام السابق ورجاله عليها ، وإتاحة الفرص لضخ دماء جديدة وسياسات جديدة في قطاع النشر بوزارة الثقافة..( و هنا تتضح المغالطة فى إطلاق تعبير النظام السابق على كل من يريد الإخوان اغتياله معنويا ، فالدكتور عماد أبو غازى كان وزيرا للثقافة فى وزارة عصام شرف الذى رفعه الإخوان على الأكتاف فى ميدان التحرير و بالتالى فإطلاق كلمة النظام السابق لا تنطبق عليه !! و قد استقال دكتور عماد احتجاجا على أحداث محمد محمود الأولى  ، فعن أى نظام سابق يتحدثون؟ )

و أضافت البوابة أن الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب قد اعترض في عدد من الصحف على تصريحات الوزير وهدد بتقديم استقالته ، لكنه تراجع عن تصريحاته وتوجه الى مكتبه بالهيئة أمس بعد ضغوط من أصدقائه حيث ستنتهى فترة رئاسته للهيئة بعد 10 أيام . و ادعت  بوابة الحرية و العدالة أن الدكتور صابر عرب وزير الثقافة السابق قد أبدى رغبته في التجديد للدكتور لمجاهد، في ظل العلاقة الحميمة بينهما ( !! ) ، ولتنامى نفوذ مجاهد في الهيئة عقب قيامه بتثبيت معظم العاملين المؤقتين !!.

و برغم تعمد الوزير أن تكون أولى زياراته للهيئة العامة لقصور الثقافة للإيحاء باهتمامه بمبدعى الأقاليم و تغذية الانقسام بينهم و بين مبدعى العاصمة ، و اللعب كعادة الإخوان على أى تناقضات داخل المجتمع ، فقد جاء الرد حاسما من حركة ( نحن هنا ) الأدبية ، و هى حركة تشكلت فى مايو 2011 من الأدباء الشبان فى منطقة القناة برئاسة الأديب والكاتب قاسم مسعد عليوة و تهدف الى دعم استقلالية الأدباء عند تعاملهم مع المؤسسات الثقافية العامة والخاصة ، ورعاية الأدباء صحياً واجتماعيا ، و سرعان ما انتشرت الحركة فى الأقاليم لتصبح أداة ضغط على السلطة السياسية لوضع استراتيجية ثقافية سليمة .

هذه الحركة المعبرة عن معظم أدباء الاقاليم أصدرت بيانا جاء فيه : ” تابعت حركة (نحن هنا) الأدبية الجدل الدائر حول قرار اختيار الدكتور “علاء عبد العزيز” لشغل منصب وزير كما تابعت تصريحاته بعد أدائه لليمين القانونية ، وموقف جمهور المثقفين منها ، وكذا زيارته للهيئة العامة لقصور الثقافة ، هذه الزيارة التى عُرضت عليه خلالها بعض المشكلات المعرقلة لأداء الهيئة ، و وقفت أمام تصريحه بتغيير اسم مشروع (مكتبة الأسرة) إلى مكتبة (الثورة المصرية) بغير ما استشارة أو مناقشة مع المسئول الأول عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ومجلس إدارتها، واللجنة العليا لمكتبة الأسرة التى يمسها هذا التغيير مسًا مباشرًا، ورأت فى هذا التصريح مؤشرًا ـ غير مريح ـ يرهص بالكيفية التى ستدار بها وزارة تشرف على مؤسسات مسئولة عن بناء وعى وعقل الشعب المصرى، وهى كيفية تضرب عرض الحائط بمبدأ المشاركة الذى تفرضه الإدارة العلمية الرشيدة المبنية على أسس ديمقراطية سليمة.. الديمقراطية التى هى واحدة من أهم أهداف ثورة 25 يناير ” . وتابع البيان : ” إن وقوف وزير الثقافة الجديد هذا الموقف ـ بالإضافة إلى خلفيات اختياره لهذا المنصب ـ يعجل بالمصادمات الثقافية التى حذرت الحركة من وقوعها فى بيان سابق وهى مصادمات لن تمس فقط العملية الثقافية ، وإنما ستمس كذلك الهوية المصرية ذاتها “.

و كانت الحركة قد أعلنت من قبل فى يناير 2012 شروطا توافق عليها كثيرون يجب توافرها فيمن يستلم حقيبة وزارة الثقافة ، وحددتها فيما يلى :

* عدم انتمائه إلى تيار فكرى أو دينى يبغى صبغ الثقافة المصرية بصبغته.

* عدم تبنيه لمواقف معادية للتعددية الثقافية والانفتاح الثقافى.

* عدم شغله لمنصب قيادى فى الحزب الحاكم السابق ( الحزب الوطنى ) ولجنة سياساته.

* لم يسبق أن لفظته الثورة أو رفضه الثوار أو معروف عنه معاداته للأمانى الوطنية

ألا يكون مؤيداً للتطبيع مع العدو الصهيونى.

و أضافت الحركة فى بيانها الجديد أن من يتولى المنصب الآن عليه  أن يدير الشأن الثقافى المصرى بالطريق الديمقراطى وبالأساليب الإدارية الرشيدة ، وأن يتبنى ثقافة الاستنارة والتقدم، ويحافظ على المكتسبات الثقافية التى أحرزها المصريون عبر آلاف السنين ، وعليه فى سبيل ذلك أن يدحض دعاوى التخلف والتزمت والتقييد والإرهاب الفكرى .( و كل ما سبق لا ينطبق بالطبع على وزير الإخوان ) .

وأكد البيان إن إنشاء مشروع لمكتبة اسمها (مكتبة الثورة المصرية) أمر مطلوب، من شأنه أن يكمل ويدعم سلسلتى الثورة اللتين تصدران عن الهيئة العامة لقصور الثقافة (إبداع الثورة) ودار الكتب والوثائق القومية (الثورة والحرية) ، لكن ليس على حساب مكتبة الأسرة ، ولهذا فإن الحركة تتضامن مع اللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة فى رفضها لتصريح الوزير، و سوف تستمر فى متابعة وزارة الثقافة وأساليبها فى دعم حرية الفكر والإبداع ” .

و هكذا انفجر لغم مكتبة الأسرة فى وجه الوزير ، و عاداه معظم المفكرين و المثقفين سواء بالقاهرة أو الأقاليم منذ اللحظة الأولى ، و فى نفس اليوم و لكن فى أماكن أخرى – سواء داخل الوزارة أو خارجها – كانت مجموعة من المطارق تستعد لدق مسامير أخرى فى نعش بقاء الوزير على مقعده.

و لهذا حديث آخر ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.