رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الزهور الفاتنة .. لا تكون إلا للقلوب الطاهرة

بقلم : سامي فريد

ربما كانت مؤلفة القصة السينمائية (ملكة فهمي سرور) تقصد أن تظهر التناقض الكبير بين المظهر.. والجوهر. فالزهور الفاتنة التي تطلبها رتيبة الراقصة (تحية كاريوكا) الفاسدة المنفلتة كان هدفها منها إخفاء فسادها وجحودها لأهلها وإهمالها لأمها المريضة على فراش الموات (عزيزة حلمي) التي لا تجد من يرعاها سوى ابنتها الصغرى كريمة (فاتن حمامة) التي تعمل ممرضة بإحدى المستشفيات للإنفاق على الأسرة وكل ذلك في تفان وإنكار ذات في حين تبحث الكبرى رتيبة عن اللهو والمال والانطلاق في الجو الذي تصورت أنه الحياة ونعيمها.

ويضم الفيلم مجموعة من نجوم السينما نذكر منهم محمود المليجي (شكري بك) الصديق الصدوق لصالح بك رفقي صاحب مصانع الغزل والنسيج (حسين رياض) ثم ولده باهر المهندس بالمصانع (شكري سرحان).

وتنتدب المستشفى أكفأ الممرضات فيها لرعاية المريض شكري بك بكل الاخلاص حتى يتم شفاؤه. وتنتقل رتيبة من فرقة عوالم افراح إلى أخرى حتى تستقر في كبارية سعد (فريد شوقي) الذي تعمل معه في اغواء الزئابن للعب القمار وسرقتهم ويكون من زبائنها شكري بك الذي يخسر كل ثروته فيطلبه صديقه صالح بك للعمل معه مشرفا على مصانع النسيج. وتهجره رتيبة بعد إفلاسه لتلتقي ومعها سعد بصالح بك في الطريق الصحراوي بعد تعطل سيارتهما.. ويعرفان منه أنه مليونير صاحب مصانع فيبدأ سعد في إغوائه لحضور حفل الافتتاح الجديد للكباريه لمشاهدة رقص رتيبة التي يتفقان على أنها كريمة أسرة ثرية وهى مثقفة، لكن حب الفن يجري في دمها.

وتسعى هى بكل إغرائها للإيقاع بصالح حتى يقع أسيرا لغوايتها فيطلبها للزواج.. ويوافق سعد ويرسم لها خطة الاستيلاء على كل أمواله حتى تكتشب المربية العجوز التركية في سراي صالح بك (ثريا فخري) صورة في إحدى الجرائد للراقصة رتيبة فتنقل الخبر مذعورة من تلك الراقصة التي دخلت السراي وتسيء معاملة الجميع.. ورغم أن أخلاقياتها تصر على أن تفتح عيونها كل صباح إلا على الزهور من حولها في كل مكان كانت كما تعيش في سراي والدها!

ويزيد وعورة مؤامرة رتبية وسعد الذي ترسل له الشيكات التي يدفعها لها صالح بك الذي اقتنعته أنها ترسلها صدقة لبعض الأسر الفقيرة كما تعودت منذ زمن وهي في الحقيقة تبعث بها إلى سعد.

ويكلمها صالح بك في أمر أن تترك الرقص لتكون سيدة القصر.. لكن سعد يجد الحل وهو أن تصارح صالح بك أن عقدها مع الكبارية مازال أمامه عامان لينتهي وأنها لا تستطيع فسخ العقد بسبب الشرط الجزائي وهو غرامة 5 آلاف جنيه.

وتسمع المربية العجوز بالمصادفة إحدى المكالمات المتأخرة ليلا بين رتبية وسعد فتنقل الخبر إلى باهر (شكري سرحان) الذي يعرف منها أن رتيبة كانت في المكالمة قد أخبرت عشيقها سعد بأنها حامل حتى تضع طفلة تدعي أنها ابنة صالح بك بعد 7 شهور. ويقرر باهر تسجيل المكالمات المتكررة بين رتبية وسعد بعدما رأي من حب والده للراقصة رتيبة. ويسمع الأب المكالمات فيطرد رتيبة من قصره بل ويحرمها من طفلتها التي لا يعرف ان كانت ابنة.

وتعود رتيبة إلى بيتها القديم فتفاجأ بسفر أمها وسفر شقيقتها كريمة التي تمت ترقيتها في عملها بالمستشفى إلى رئيسة ممرضات، لكنها الآن في حملة لمقاومة مرض الملاريا في الصعيد. وبعد إحدى رقصاتها في الكباريه تسقط رتيبة تكاد تموت ويصارحهم الطبيب بأنها تعجلت في العودة إلى الرقص في فترة (النفاس) وانها ستصاب بالشلل! وخلال مرضها يتسلل سعد إلى غرفتها ويفتح دولابها ليسرق كل المجوهرات التي كانت قد حصلت عليها من صالح بك، وتفاجأ رتيبة بأن إيجار الشقة كما أخبرتها صاحبة المكان بأنها وليس سعد هى التي ستدفعه، وتعود رتيبة إلى جيران زمان الشيخ شحاته (عبدالعزيز أحمد) وزوجته التي لم تتوقف عن خدمة الأم (عزيزة حلمي) خلال مرضها (فردوس محمد) وتخبرهم رتيبة بأنها تريد رؤية ابنتها فقط.

وتقترح الجارة حرم الشيخ شحاته أن يصطحب رتيبة معهما في رحلة الحج وهناك تتوب رتيبة إلى خالقها بعد الدرس القاسي الذي عاشته.. وتعود كريمة من حملة الملاريا في الصعيد فتعرف كل ما حدث وتسافر إلى سراي صالح بك حيث تلتقي ولده المهندس باهر لكن شكري بك مريضها السابق يمدح له أخلاقها ورعايتها له ولأسرتها تيتي أو رتيبة. ويبدأ باهر في حماية كريمة وينمو الحب بينهما ويقنع والده بأنها غير شقيقتها بالمرة بل فيطلبها للزواج حتى يقتنع الأب بعد أن يرى تعلق ابنه بها وشهادة شكري لها.

ويقوم الشيخ شحاتة بمحاولة لأن ترى رتيبة ابنتها فيراها صالح بك في قصره لكن صالح بك يرفض ذلك بالمرة حتى يفاجئه الشيخ شحاته بأنها كانت مع أسرته في الحج وأنها تابت إلى الله وأنها الآن في المستشفى ويحمل صالح بك طفلتها إليها في المستشفى لتضمها في مشهد أخير ثم تموت.

وتعود الزهور إلى من يستحقها.. إلى القلوب الطيبة وليست القلوب الخائنة الفاسدة.

والفيلم من إنتاج عام 1952، لكن بعد شهر تحديد من قيام ثورة يوليو .. وهو من إخراج وسيناريو جمال مدكور وحوار الإذاعي القديم أحمد شكري، أما الموسيقى التصويرية فكانت للموسيقار محمد حسن الشجاعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.