رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

قلب أحمد خالد صالح يتعلق بأسماء جلال في (أنصاف مجانين)

كتب : محمد حبوشة

يبدو التشويق واضحا جدا في مسلسل (أنصاف مجانين) منذ بداية الحلقة الأولى وحتى الحلقة الثانية عشرة، والتي عرضت على منصة ،(VIU) فليس هنالك أي نوع من الاصطناع بحسب السيناريو الذي أشرفت على ورشة كتابته المبدعة (مريم ناعوم)، عن رواية للكاتبة السعودية (شيما الشريف)، ولعلي قد لاحظت من سياق الأحداث أن (ناعوم) قد تعمدت إظهار عنصر المفاجأة في كل حلقة لتثير حفيظة المشاهد نحو الترقب والإثارة والتشويق في طريق محسوب من جانبها للوصول إلى ذروة درامية معينة تلفت الانتباه لعين المشاهد، وعلى الرغم من أن هذا العنصر يعد مشكلة أغلب نصوص الدراما التليفزيونية الحالية، فقد توج نجاحه في هذا المسلسل الأداء السلسل لكل من (أحمد خالد صالح، وأسماء جلال، رامي الطمباري) وباقي فريق العمل الذين أجادوا في أدوارهم على نحو أكثر مصداقية وخاصة الفنانة الشابة (ديانا هشام) التي أتقنت دور جميلة بلكنة صعيدية مضبوطة إلى حد كبير، فضلا عن جهد المخرج عمري رشدي حامد والموسيقى التصويرية الرائعة لخالد الكمار.

ربما الحدث كان يسير بطيئًا في بداية حلقات المسلسل، خاصة في حلقاته الأولى، وهو قد يكون أمرًا معتادًا بالنسبة لمسلسلات الجريمة والتشويق، التي عادة ما تعاني حلقاتها الأولى من هذه المشكلة ريثما يتم تقديم الشخصيات بشكل واضح للمشاهد، لتأخذ أدوارها في صناعة الحدث وتغييره في سياق نوعية المسلسلات المُفضلة للجمهور، لكونها أساسًا تعتمد على إثارة جانب هام من العواطف ولأن قصصها غالبا ما تكون مختلفة تماما عن النوعية التي يتم تقديمها في بقية المسلسلات، ما يمنحها القدرة على سحب البساط من تحت أقدام أنماط غاية في الأهمية من المسلسلات الكوميديا والحركة على سبيل المثال.

قدر الإثارة المتوفر في مسلسل (أنصاف مجانين) يؤكد أن مسلسلات المنصات الرقمية الجديدة تعرف كيف تخاطب شريحة من الشباب الطامح نحو مزيد من الحرية والانطلاق بالخيال إلى ماهو أبعد من الواقعية المزعومة في الدراما التقليدية الحالية جراء ما تقدمه المسلسلات المعروضة على المحطات الفضائية، وبغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا فلابد لنا من الاعتراف بأن تلك المنصات قد نجحت على مستوى التكنيك والأداء في صناعة مسلسلات لافتة للنظر، فضلا عن جرأتها في الدفع بممثلين لا ينتمون للصف الأول من النجوم، لكنهم في الواقع يملكون قدرة أدائية تستطيع المنافسة في سباق الدراما التليفزيونية المحموم حاليا، وهو ما يؤكد على أن نوعية مسلسلات المنصات الرقمية تحمل قدر من الإثارة التي تناسب جمهور الشباب الذي يقبل على مشاهدة المسلسلات الأجنبية وتلك شريحة كبيرة لا يمكن أن يغفلها صناع الدراما التقليديين في أفكارهم.

ثمة وجود خلطة درامية جديدة لمستها مؤخرا في عدة مسلسلات من إنتاج المنصات الجديدة مثل (لاحكم عليه، في كل أسبوع يوم جمعة، شديد الخطورة، عندما يكتمل القمر، دانتيل، DNA، أنا)، وغيرها من مسلسلات استطاعت أن تلبي متطلبات قوية للجماهير من نوعيات وأشكال درامية ظهرت منذ وقت طويل جدا على مستوى الإثارة، لكنها لم تستطيع مخاطبة الأجيال الجديدة في نمط المشاهدة التي تتطلب خيالا يفوق الواقع بمراحل، إذ أن الإثارة وفكرة تقديمها داخل المسلسلات لا تطلب أي جهد ضخم وخرافي في الإنتاج، يكفي فقط أن تمتلك للقصة الجيدة والممثلين المتميزين والمخرج القادر على تنفيذ القصة وتوجيه الممثلين، كل هذا يضعنا في النهاية أمام خلطة مُحبذة بشدة للجمهور.

ظني أن مسلسل (أنصاف مجانين) يعد من تلك الأعمال الشيقة والمثيرة والمأخوذة عن رواية أدبية استطاعت (مريم ناعوم) أن تصنع بحرفية خيوط أحداث المسلسل التي تدور حول شاب يعاني من مرض يسمي (الشيزوفرينيا) وهو انفصام الشخصية، ويحتاج إلى عملية زراعة قلب، وبعد العملية وجد أن صوت المتبرع صوت المتبرع له وطلب منه مساعدته في العثور على كتاب مهم، وهو هذا الكتاب حرر حياته حتى يستريح إلى الأبد، وجاء ذلك على جناح ما يسمى باستنساخ الأرواح دون التأكيد إلى حقيقة الاستنساخ من عدمه من الناحية الدينية أوالشرعية، وقد أكد (رامي الطمباري) في أدائه الهادي والواثق خاصة الأداء الصوتي صدق الحالة الشعورية كما جاءت في النص الروائي، حيث جسد الروح بطريقة محببة دون تشنج أم انفعال.

لكن الذي يبدو لافتا للغاية أداء أحمد خالد صالح في إلمامه بحدود شخصية أنس والتفاعل معها بشكل هادئ، على مستوى الصوت والحركة والإيماءة، حتى في شططه وانفعاله لم يكن ذائدا عن الحد، بل كانت كل حركاته وسكنته محسوبة بدقة واحترافية ومعه تعزف على أوتار تلك المشاعر التي تتأرجح بين الخوف والاطمئنان الممثلة الشابة (أسماء جلال) التي أراه نجحت في التحكم في انفعالاتها والإمساك بخيوط اللعبة الدرامية بشكل احترافي، وأيضا جاء على نفس الوتيرة (ديانا هشام) التي غيرت جلدها تماما في هذا المسلسل ما كشف عن جوهر موهبتها الحقيقية،  ومن ثم ألفت نظر شركات الإنتاج والمخرجين إلى هذا الثلاثي الذي يحتاج إلى عناية ورعاية خاصة يمكن أن تفجر الطاقة التمثيلية فائقة الجودة بداخلهم.

أنا اللي مستغرباه ايه اللي خلاك تروح عند عمى؟!

في ثنايا حلقات مسلسل (أنصاف مجانين) أكثر من مشهد يعتبر (ماستر سين) لكني أتوقف أمام مشهد أجاد فيه كلا البطلين بأداء ناعم عبر انفعالات بدت في العيون وعبرت عن الحالة الرومانسية بعذوبة، ففي أثناء رحلة بحثهما عن كتاب شقيقها الدكتور محمود منصور يتعلق قلب (ريم) بقلب (أنس) وينبض بالحب لأول مرة في تلميح دون تصريح واضح من جانبها، بينما هو يرقد على السرير على أثر طلق ناري من جانب عمها المتعنت معها، وجاء الحوار على النحو التالي:

عيني أنس تصحوان على ريم واقفة أمامه
حمدلله على السلامة .. انته كويس؟

تدخل (ريم) على (أنس) قائلة له : حمدلله على السلامة .. إنته كويس.

أنس : مش عارف .. عمك .. عمك ضربني بالرصاص.

ريم : للأسف ياأنس انته حتضطر تقول انك كنت ماسك المسدس وانك أصبت نفسك برصاصة بالغلط!!.

أنس : بس مش ده اللي حصل.

للأسف ياأنس انته حتضطر تقول للبوليس انك كنت ماسك المسدس

ريم : أنا عارفه ان ده مش هوه اللي حصل .. بس انته حتقول كده علشان عمي عايز يسجنك .. لولا إن (أونكل رشاد) يعرف ناس مهمة كان زمانك طالع من هنا على الحجز يا أنس.

أنس : أنا لقيت الكتاب .. عمك حرقه قدامي.

ده ايه ده ؟
ده الكتاب

ريم تظهر نسخة الكتاب أمام أنس .. فيقول لها : ايه ده ؟ فتقول له : ده الكتاب ووجهها مصحوب بابتسامة تعبر عن فرحتها.

وتستكمل ريم قصة حصولها على الكتاب قائلة : لما سبتك في الأوتيل روحت لجميلة وضغطت عليها.

أنس : كان عندها نسخة؟

ريم : آه .. بس طلعت عيني أنا وأمها لحد ما ادتهوني .. قعدت أتكلم معاها في علاقة (محمود) بأبوها وأد ايه هما حيكونوا مبسوطين لو هى عملت كده فاستسلمت وادتهوني.

…………………….

هنا بدأت لغة العيون هنا تجري حوارا صامتا بين قلبين تعلقا بالحب رغم اضطراب الظروف والملابسات الغريبة التي اعترت رحلتهما إلى الصعيد للحصول على الكتاب الذي استولى على نسخة منه عمها وقام بحرقه في إطار الحقد على (محمود وريم) أولاد أخيه.

…………………….

ريم : أنا اللي مستغرباه ايه اللي خلاك تروح عند عمى؟!

أنس : خفت عليك .. لا يعمل فيك زي المرة اللي فاتت.

ريم : يعني انته روحت علشان تحميني؟

أنس يهز برأسه في إشارة إلى (نعم) .. ثم أردف قائلا : مستحيل أحسن ان حد ممكن يئذيكي واسكت.

…………………….

ريم تنظر إليه نظرة تعبر عن أن قلبها بدأ يخفق أمامه.

…………………….

أنس يتشجع ويصرح قائلا: أنا بحبك ياريم ثم يلامس يدها بيده، بينما هى تعبر بابتسام خجول عن مكنون مافي صدرها تجاه في إشارة غير معلنة عن أنها تبادله نفس الحب والعاطفة.

ابتسامة خجول من جانب ريم تعبر عن مكنون حبها لأنس

…………………….

يتوقف المشهد عند تلك اللحظة الرومانسية الحالمة بين طرفين لايمكن أن تكون بينهما تلك العاطفة الجياشة، خاصة أن محمود حذر أنس من قبل من هذا الإحساس بالحب تجاه شقيقته (ريم) خوفا عليها وعليه أيضا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.