رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال هلال .. أول قائد مصرى للموسيقى العالمية “1”

* تنبأت بالنجومية لنجاة الصغيرة عندما استمعت إليها وهى طفلة عند “علي الكسار”

* عزفت مع كل مطربين مصر باستثناء كوكب الشرق أم كلثوم

* ظهرت ككمبارس صامت فى فيلم ” بنت باريز” لمحمد فوزي

* اتهموني بحرق القاهرة، وسجنوني 6 أشهر!

كمال هلال شابا في مقتبل العمر

بقلم : أحمد السماحي

يعيش بيينا الآن فنان كبير حياته الفنية والشخصية تصلح أن تروى فى فيلم أو مسلسل درامي مثير الأحداث، لما فيها من أحداث مشوقة وغريبة جدا، حكاها لي بأدق تفاصيلها فى حوار شامل معه نشرته فى جريدتنا الغراء “الأهرام” منذ سنوات، ونظرا لظروفه الصحية الحالية نتذكر هذا العملاق على المستوى الإنساني والفني من خلال باب “مظاليم الفن” على مدى أسبوعين، لعل أحد من المسئولين عن الثقافة يتذكره، ويقوم بتكريمه أو السؤال عنه، خاصة أنه حفر فى الصخر حتى يصبح “كمال هلال” الملحن والعازف، وقائد الأوركسترا، وأول قائد مصرى للموسيقى العالمية في مصر، والذى كان له السبق فى تطوير الموسيقى والأغنية المصرية ووصولها للعالمية.

قصة  حياته وحبه وعشقه للموسيقى قدوة ومثل أعلى لمن يريد التعلم، هبوب الرياح والأعاصير والأمطار التى قابلته فى حياته لم تثنيه عن تكملة مشواره الفني، أتاحت له ظروف انطلاقته معاصرة أساطين الموسيقى والغناء، وتحقيق النجاح عندما كان الناجحون عمالقة، ورغم نجاحه الباهر فى الخارج، ورفع اسم بلده عاليا، فوجئ بأن هذا النجاح فى مصر يخذله بعد أن تحول إلى إدانة ضده، وتهمه تطارده، وحروب خفية تشن على مشاعره وأعصابه، ويلون مشاعره كإنسان بالعزلة، ويكسر حلمه كفنان بإحساس اسمه القهر والغدر.

صور الماضي التى استعادها فى ذاكرته أثناء حواري معه أثارت شجونه، وتمالك نفسه من البكاء أكثر من مرة، تذكر كيف كافح فى صغره دون مسانده من أحد ولا وساطة ولا رفيق، ولا عائلة، وتذكر سنوات يتمه فى الملجأ، عندما تركه أهله ولم يسألوا عنه، وتذكر لحظات النجاح والتفوق فى الموسيقى، وعزفه مع كل مطربين مصر، وسفره للخارج، وحصوله على الدكتوراه فى قيادة الأوركسترا، والحروب التى يشنها ضده حتى الآن أعداء النجاح أبرزهم تلميذه المايسترو “أحمد الصعيدي”، وقبله “صالح عبدون”، فإليكم تفاصيل حياة عملاق مصر المنسي المظلوم “كمال هلال”:

نشأت في بيت متواضع لأسرة فقيرة جدا

البداية

قصة حياته دراما خطيرة تصلح للسينما، فطفولته لم تكن سعيدة بالمرة، وأيام السعادة فيها لا يذكرها، حيث نشأ فى حى “القلعة” هذا الحي العريق في بيت متواضع لأسرة فقيرة جدا، مات عائلها الوحيد فاضطر أشقائه الكبار للعمل فى مهن بسيطة، حتى يستطيعوا مواصلة الحياة، فعمل شقيقه الأكبر حمادة “نقاش” وهى نفس مهنة والده، اإشتغل أخوه أحمد كترزي.

التنقل بين مهن بسيطة

بعد سنوات قليلة من مولده وكان آخر العنقود، عمل فى أكثر من مهنة حيث اصطحبه شقيقه “أحمد” معه للعمل كترزي، وبالفعل اشتغل معه وهو الذى أطلق عليه إسم “كمال”، فكان طول الوقت يناديه “روح يا واد يا كمال، تعال يا واد يا كمال” رغم أن  اسمه الحقيقي “عبدالرحمن”، ورغم صغر سنه أحب اسمه الجديد الذى أطلقه عليه أخوه “أحمد”، ووجد فيه موسيقى تناسب وتتناغم مع اسم “هلال”.

 وبعد فترة انتقل إلى وظائف أخرى حيث عمل “كموجي”، ثم كحداد، وفى كل هذه المهن كان يتميز بالشقاوة الشديدة، وعندما كان يسأل عن ملامح والده كانت أمه تقول له إنظر لشقيقك الأكبر “حمادة” فهو صورة طبق الأصل من والدك، وأثناء ذلك التحق بالمدرسة الإبتدائية بجوار جامع “ابن طولون”، ونظرا لشقاوته كان يهرب من المدرسة مع مجموعة من زملائه ويجلسوا فى حديقة “ابن طولون”.

حروب خفية تشن على مشاعري وأعصابي

ملجأ شبين الكوم

فى أحد المرات ذهب هو ووالداته لزيارة شقيقته “عزيزة” المتزوجة والتى تعيش فى “شبين الكوم” مع زوجها وأولادها الخمسة، ومرت أيام الأجازة بسعادة وهناء وسرور، وفى أحد الأيام وأثناء لعبه فى الشارع، وجد فرقة موسيقية من الشباب تعزف موسيقى جميلة جدا، وتجوب شوارع المدينة، فأعجبه عزفها جدا، ومشي هو وبعض الأولاد ورائها، ينتقلوا من شارع إلى حارة، إلى أن دخل مكان كبير له سور عالي وأغلق البواب الباب وراء الفرقة.

 ورجع وحكى لشقيقته وزوجها بانبهار شديد ما رأي وما سمع، وعندما سأل عن والداته؟ قالوا له: إنها رجعت مصر! وأصيب كطفل بحالة من الذعر، والبكاء الشديد، وبعد مرور أكثر من يوم هدأ، وفى أحد الأيام أصطجبه زوج شقيقته لنفس المكان الذى دخلت فيه الفرقة الموسيقية، واكتشفت فيما بعد أن هذا المكان هو ملجأ للأيتام، حيث أودعه زوج شقيقته في هذا الملجأ بالاتفاق مع والدته وشقيقته، حيث كان يعمل بمرتب بسيط كحارس لاستراحة المستشارين، ولديه خمس أطفال، ومكث فى هذا الملجأ حوالي ست سنوات، لم يزره خلالها أحد من أهله.!

ماما هداية

في الملجأ زرع ربنا في طريقه سيدة إيطالية كانت ينبوع حنان وعطف وأم لكل أطفال الملجأ اسمها “ماما هداية”، هذه السيدة عوضته عن افتقاده لحنان أمه، كما تعلم أشياء كثيرة فى الملجأ أو المدرسة الداخلية كما يحب أن يطلق عليها منها القراءة والكتابة، وأهمها الموسيقى التى أكرمه الله بحبها حتى يسهل له طريقه، وحب الموسيقى أودعه الله سبحانه وتعالي بداخله منذ كان طفلا صغيرا  فى حي القلعة، فيتذكر إنه فى سن ست أو سبع سنوات كان يدخل سينما “رمسيس” فى العتبة، بقرش صاغ، وكذلك سينما “أولمبيا”، وكان أهم ما يلفت انتباهه وسمعه الموسيقى الموجودة فى الأفلام الأجنبية، ولا يعرف لماذا؟ وعندما شاهد أفلام الموسيقار “محمد عبدالوهاب”، وكذلك أفلام “أم كلثوم”، أصابته حالة من المتعة الشديدة بسبب الموسيقى والأغنيات.

صناعة الأحذية والحقائب

وكان فى الملجأ أستاذ للموسيقى اسمه “متولي عبدالرحمن” كان له مقطوعات موسيقية تذاع فى الإذاعة المصرية منها مقطوعة بعنوان “سميحة”، هو الذى علمه العزف على بعض الآلآت الموسيقية، وكان يجب أن يتعلم مهنة أخرى بجوار القراءة والكتابة وعزفه على بعض الآلآت الموسيقية حتى تنفعه ويستند إليها عندما يخرج من الملجأ، فتعلم صناعة الأحذية والحقائب الجلدية.

عانيت كثيرا كي أوفر لقمة عيشي وممارسة الموسيقى عشقي

الخروج من الملجأ

كان يوم خروجه من الملجأ يوما صعبا جدا، فإلى أين سيذهب؟!، وأثناء خروجه وجد مدرس رياضيات اسمه “عبدالعزيز فهمي” يقف على الباب، فسأله وهو خائف ومتردد: (يا أستاذ أنا بحب الموسيقى جدا ونفسي أكون موسيقي كويس أعمل أيه؟!)، فقال له : (أي مكان تستقر فيه اسال الناس الموجودين فيه، مافيش مكان هنا لتعلم الموسيقى)، وكانت هذه النصيحة هى الباب السحري الذى دخل منه عالم الموسيقى.

اللقاء مع “قنديل وعلي فراج”

 بعد عودته لوالداته فى حي القلعة وكان يوما دراميا صعبا، سأل بعد أن هدأت نفسه عن مكان لتعلم الموسيقى، فدلوه على معهد “إبراهيم شفيق”، وهو معهد خاص غير رسمي وبالفعل التحق به، وقابل هناك المطرب “محمد قنديل”، والموسيقار “على فراج”، وعازف العود الشهير “محمد جمعه”، وتوطد بينه وبينهم أواصر الصداقة، وتعلم فى المعهد قراءة وكتابة النوتة الموسيقية.

يقود الأوركسترا على أحد المسارح العالمية

العمل في محل آلات موسيقية

 فى هذه الفترة قابلته مشكلة كبيرة جدا وهى عدم وجود آلة موسيقية خاصة به يعزف عليها، وظروف أمه وأشقائه المادية لا تسمح أن يطلب منهم فلوس لشراء آلة موسيقية، وأثناء تجواله فى ميدان الأوبرا عثر على محل إيطالي لبيع الآلآت الموسيقية، ودخل وتحدث مع صاحب المحل وطلب منه أن يشتغل فى المحل، وكان الله كريما معه فوافق الرجل.

وبالفعل التحق بالعمل فى المحل، وكانت سعادته لا توصف، فكان يحتضن الآلآت ويقبلها من شدة حبه للموسيقى، وبعد عمله لشهور، توفر معه المبلغ المطلوب لشراء آلة “التشيللو” فأشتراها وترك العمل، وكان يومها أسعد شاب فى مصر، فكان يجمع شباب القلعة ويجلس بعد صلاة العشاء وغلق جامع “الرفاعي”، ويعزف لهم ما يطلبونه من أغنيات شهيرة.

العمل مع الكسار

بعد أن امتلك آلة “التشيلو” كانت أي تكوينات فنية تبدأ كان يذهب للعمل معهم، وفى أحد الأيام ذهب من تلقاء نفسه للعمل فى مسرح “علي الكسار” فى روض الفرج، وكان “الكسار” يومها فى أوج نجوميته، وقابل المسئول عن فرقته الموسيقية وطلب منه أن يعمل معه، فقال له : أنا موافق بس بشرط أن أستمع إلى عزفك، ولو عجبني ستعمل معنا، ومن حسن حظك أن غدا ستنضم إلينا مطربة جديدة، وستعزف معاها، وفى اليوم التالي إنتظر المطربة الجديدة، ففوجئ بطفلة صغيرة يصطحبها شقيقها الأكبر، هذه الطفلة كانت “نجاة الصغيرة”، وكانت بصحبة شقيقها الملحن والعازف “عز الدين حسني”، وكانت تربطه بـ”نجاة” علاقة جميلة جدا، فوالدها كان بمثابة أب له، فشقته كانت فوق محل الآلآت الموسيقية الذى عمل فيه لفترة، وكان يحبه ويعطف عليه كثيرا.

ويومها أعجبه جدا قدرة “نجاة” رغم صغر سنها على غناء أغنيات كوكب الشرق “أم كلثوم” بكل مهارة وتمكن، ويومها توقع لها النجومية الكبيرة، وفى كل يوم كانت تغني وهو يعزف معها، وقابل عند “على الكسار” أيضا الموسيقار الكبير “حسن أبوزيد” الذى قدم الكثير من الصور الغنائية والمقطوعات الموسيقية للإذاعة المصرية، وكان يعزف بين فصول المسرحيات على البيانو، وتوطدت العلاقة بينهما، وطلب منه أن يصاحبه على العزف على آلة التشيللو، أثناء عزفه.

وبحكم عمله مع “علي الكسار” قابله كثيرا، وكان رجلا طيبا، لكن لم تجمعه به أي مواقف، فهو كان نجما كبيرا له مكانته الخاصة، و”كمال هلال” مجرد شاب هاوي يتلمس طريقه، ويعزف مع “نجاة حسني” بين فصول مسرحياته، وثانيا كان عمله واحتكاكه مع قائد فرقته الموسيقية فقط.

القهر والغدر إحساس يطاردني في نهاية العمر

معهد الموسيقى المسرحية

أثناء دراسة “كمال هلال” فى معهد شفيق، وعزفه مع كثير من الفرق الموسيقية المنتشرة فى مصر وقتها، نصحه البعض بالذهاب لمعهد الموسيقى المسرحية، وفى هذه الفترة لم يكن معه شهادات لكن المعهد كان يقبل الطلاب دون القيد بمسألة الشهادات، وبالفعل التحق بالمعهد وتخصص فى العزف على آلة “التشيللو”، وكان معظم الأساتذة الذين يدرسون لهم من الإيطاليين والأجانب، وكان المعهد تابع لوزارة التربية والتعليم، قبل افتتاح أكاديمية الفنون، وقد أنشأه الدكتور “محمود أحمد الحفنى” والد الدكتورة “رتيبة الحفنى”، وهو آخر معهد عالٍ فى مصر قام بتكوين أول أوركسترا سيمفونى مصرى من الطلبة المصريين، وكان القائد لهذا الأوركسترا الإيطالى مسيو “برونتى”.

الظهور في فيلم محمد فوزي

فى أحد الأيام تقريبا نهاية الأربعيات تحديدا عام 1949 أو بداية عام 1950 انتهي “كمال هلال” من بروفه فى معهد الموسيقى العربية، وكان يسير فى شارع التوفيقية في وسط البلد فسمع الريجسسير الشهير “قاسم وجدي” يتحدث من مكتبه مع مجموعة من الكومبارس عن ضرورة تواجدهم غدا لتصوير مشهد “المولد” مع الموسيقار الكبير “محمد فوزي” والفنانة “تحية كاريوكا” فى فيلم ” بنت باريز” الذى سيصور فى ستديو “الأهرام”، ونظرا لحبه لمحمد فوزي، قال لنفسه لماذا لا يذهب ويراه عن قرب؟.

 وبالفعل سأل عن ستديو الأهرام، وذهب إلى هناك، وظهر فى مشهد “المولد” مع الكومبارس و”محمد فوزي” يغني “حقوله ايه، ويقولي ايه”، وأعجبته الأغنية جدا، وفى اليوم التالي ذهب لمكتب “محمد فوزي” فى “باب اللوق” وكان مكتبه فى الدور الأول علوي، فوقف تحت الشباك غني”حقوله ايه ويقولي ايه”، وبعد دقائق جن جنون “فوزي”، لأن الأغنية جديدة ولم تطرح بعد ولم يسمعها أحد، فكيف وصلت لهذا الشاب؟! فطلب من “هلال” الدخول لمكتبه، وقال له وهو ثائر: أنت حرامي! الأغنية دى بتاعتي ولسه جديدة ولم يسمعها أحد، فكيف وصلت إليك؟! فحكي له ما حدث فهدأ وتفهم الأمر وتركه يمشي.

اتهموني بحرق القاهرة

من الأحداث الهامة التى رأها “كمال هلال” يوم حريق القاهرة، وبالتحديد يوم 26 يناير 1952، فلم يكن قد تخرج بعد من معهد الموسيقى المسرحية، لكنه كان منتشرا جدا كعازف، وكان لديه بروفة الساعة الحادية عشرة صباحا فى معهد الموسيقى العربية، وعندما ذهب إلى المعهد فوجئ بأحد زملائه يسأله: ايه اللي جابك يا كمال، البلد بتتحرق! والبروفة تأجلت، فترك آلة “التشيللو” فى المعهد وذهب لرؤية الحريق، خاصة وأنه كان قريب جدا من معهد الموسيقى.

 وكل مكان يذهب إليه يجد النار تلتهمه، ففي الفترة ما بين الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا والساعة الحادية عشرة مساء التهمت النار حوالي 300 محل بينها أكبر وأشهر المحلات التجارية في مصر مثل “شيكوريل، وعمر أفندي، وصالون فيردي”، ومكاتب كثيرة لشركات كبرى، وشققا سكنية، ومحلات ومعارض كبرى للسيارات، وفنادق هامة جدا  مثل “شبرد، ومتروبوليتان وفيكتوريا”، وكثير من دور العرض فى وسط البلد مثل “ريفولي، وراديو، ومترو، وديانا، وميامي”، ومقاهى ومطاعم منها جروبي والأمريكين، كما أسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل 26 شخصا، وبلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصا.

وأثناء ذلك كان الملك يقيم مائدة غذاء لمجموعة من الضباط، فصدرت أوامره بالقبض على الفاعل بصورة سريعة، خاصة وأن البلد قبل الحادث كانت تغلي، وكثير من الصحافيين يهاجمون الملك سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وفى هذا اليوم حاول الرجوع لبيته، لكن المواصلات توقفت تماما وأثناء سيره مع مجموعة من الشباب، فجأة وجد البوليس يركبه سيارة شرطة مع مجموعة كبيرة جدا من الشباب، وذهب بهم إلى قسم شرطة باب الخلق.

 وبعد فترة رحلوهم إلى سجن القلعة، ومكث فى سجن القلعة، حوالي ستة أشهر بتهمة حرق القاهرة، تعلم فيها أشياء كثيرة وقابل ناس كثيرة من مهن مختلف، ورغم قسوة الحياة فى السجن، لكنه استفاد منها جدا، وظل فى السجن حتى قامت ثورة يوليو 1952 وصدرت أوامر بالإفراج عن المتهمين زورا وبهتانا فى حريق القاهرة!!

في الأسبوع القادم نستكمل المشوار….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.