رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حكايتى مع ديزنى (12).. الفصل الثانى

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

كنت أعرف أن هناك مرحلة طويلة من الانتظار حتى يصل رأي السادة المشرفين فى ديزنى، فدوبلاج الفيلم لا يعتبر مقبولا  إلا بموافقتهم، و التعاقد مع سمير حبيب ينص على أن يعيد تسجيل أى أجزاء لا تروق لهم، حتى لو أدى الأمر لإعادة تسجيل أحد الشخصيات بالكامل، أو أحد الفصول أيضا، لذا كان الجميع فى انتظار إجابة شركة ديزنى على التسجيل، و كما هى العادة تأخر الرد حتى نسيت  الموضوع برمته فى ظل انشغالى بأعمال أخرى .

وذات يوم طلب سمير حبيب حضورى للاستوديو، وهناك كانت مفاجأة فى رد الشركة الذى أرسلته بالبريد الالكترونى: إنها لم توافق على الدوبلاج فحسب ولم تصدر أى ملحوظة تستلزم الإعادة، بل كتبت خطاب شكر لكل العاملين فى الفيلم  بإعتباره واحدا من أفضل النسخ فى اثنين وعشرين لغة يتم بها دوبلاج أفلامهم – إن لم يكن أفضلها – وأرسلت خطاب شكر منفصل للأستاذ عبد الرحمن أبو زهرة، وقررت إقامة عرض خاص للفيلم فى أحد دور العرض الكبرى .

كنت سعيدا بنجاحى فى نوع جديد من العمل الفنى بعيداً عن المسرح – برغم أن الإخراج هو الإخراج فى نهاية الأمر – و لكن المسرح تبقى له متعته الخاصة لأن المخرج فيه هو صاحب الرؤية الكلية صوتاً و صورة، أما الدوبلاج فأنا أعمل تبعاً لرؤية شخص آخر هو من صمم الصور و أنطقها، و لكن ما أسعدنى بشكل خاص هو دخولى مجال لم أكن أملك فيه أية خبرة، و لكن بالإصرار و التمسك بالإجادة إستطعت تحقيق النجاح .

أما السعادة الأكبر فكانت بسبب قرار شركة ديزنى بأن يتم عمل دوبلاج كل أفلامها بالقاهرة، و لابد أن قراراً كهذا يُسعد أى فنان مصرى ، لا لأغراض شخصية، فلم أكن أسعى أو أتخيل أن أستمر فى إخراج الدوبلاج، بل اعتبرت أن مهمتى انتهت بعد الأسد الملك، حتى أننى لم أهتم بحضور العرض الخاص، وكأننى دعيت إلى مباراة فى لعبة لست متخصصا بها، ولكننى نزلت إلى الملعب ولعبت بقدر استطاعتى وعندما أراد الله لى الفوز، حمدت الله وعدت إلى ملعبى ولعبتى الأساسية.

وعندما تم عرض الفيلم فى دور السينما العربية بعضهم قدمه بلغته الأصلية والبعض الآخر قدم النسخة الناطقة بالعربية، وسرعان ما أصابت نجاحا كبيرا جعل بعض دور العرض تتخلى عن النسخة الأجنبية وتعلن بفخر عن النسخة العربية التى تسابق على رؤيتها الجميع .

نجاح الفيلم هذا جعلنى مرتبط به لفترة طويلة، فشركة ديزنى طلبت تصوير فيلم تسجيلى عن صناع النسخة العربية، فجلست مع سمير حبيب ورتبنا كيف يتم التصوير، ثم قمت بإخراج الفيلم – الذى لم أر نسخته حتى الآن –  ثم طالبت ديزنى  بتسجيل أحد الألعاب بصوت رافيكى، فعدنا إلى الاستوديو مع مؤمن البرديسى مرة أخرى – و للأسف ايضا لم أحصل على نسخة من تلك اللعبة – ثم بعدها بفترة عادت شركة ديزنى لتطلب تعديل بعض الألفاظ فى الفيلم لتتمكن من إذاعته فى قنوات تليفزيونية بعد أن أغرقت السوق العربية بشرائط الفيديو.. والغريب اننى لم أحصل على نسخة أصلية إلا بعدها بشهور  فقد أرسلوا نسخة واحدة لسمير حبيب !!

وسرعان ما استثمرت شركة ديزنى النجاح وظهرت فى الأسواق العربية دمى لجميع شخصيات الفيلم، كما صدر ألبوم للموسيقى التصويرية، وملابس عليها صور الشخصيات ،  أدوات كتابية و كراسات (وكافة شيئ يستعمله الأطفال).

وعندما لاحظت الشركة نجاح شخصيتى “تيمون و بومبا” صنعت لهما مسلسل من بطولتهما فى 85 حلقة، وتمت دبلجته من إخراج مساعدتى سابقا المخرجة العزيزة عزة شعبان وتمت إذاعته على قناة ديزنى التى أنشأتها – بعد نجاح الفيلم بثلاث سنوات و بالتحديد فى عام 1997 – و جعلتها باشتراك خاص كقناة تابعة لمجموعة شوتايم، ووضعت عليها مسلسلات وأفلاما مدبلجة .

وفى نفس الوقت تقريبا أصدرت الجزء الثانى من الفيلم ولم يعرض سينمائيا ، بل صدر فقط (Home video) وقمت بعمل الدوبلاج له، وبعدها بسنوات أصدرت جزءاً ثالثاً بعد أن كنت قد تركت موضوع الدوبلاج بشكل نهائى .

وأعتقد أن المليار الذى كسبته شركة ديزنى فى بداية ظهور الفيلم تضاعف على مر السنين، فهكذا الشركات الكبرى تستثمر النجاح ولا تتركه حتى آخر قطرة فيه، ولكن هل توقف الاستثمار عند ثلاث أفلام ومسلسل وألعاب وملابس وخلافه؟

بالطبع لا، ففى عام 2003 صدرت نسخة جديدة من فيلم “الأسد الملك” على CD بنفس الدوبلاج مع تغيير فى أغنية المقدمة التى  كانت من أضعف الأجزاء فى الفيلم السابق لأن المغنية التى قامت بغناء المقدمة كانت لديها لكنة اجنبية لا تتسق مع بقية الفيلم المغرق فى العامية المصرية، وظلت النسخة المدبلجة للأسد الملك يتم تداولها عبر السنين، برغم إذاعتها تليفزيونياً وكثيراً ما فوجئت برد فعل يدهشنى عندما يعرف شخص بالصدفة أننى مخرجها ومدى إحتفاء أشخاص من أجيال مختلفة بها و تعبيرهم عن مدى سعادتهم  وأنها صنعت لهم طفولة مبهجة .

طوال ذلك الوقت كانت شركة ديزنى تنفذ أعمالها فى الشرق الأوسط عن طريق شراكة عقدتها مع رجل الأعمال “أحمد جاوة” فى شركة تسمى “شركة ديزني جاوة الشرق الأوسط ” وتعتبر هذه الشركة هى الفرع العربى لديزنى الذى يشرف على مبيعات وتسويق منتجات “ديزني” بما فيها البرمجيات، والوسائط المتعددة التفاعلية ، وألعاب الأطفال ، والأثاث المنزلي، ومنتجات العناية الشخصية، والإلكترونيات الاستهلاكية، ومقاطع الفيديو باللغتين الإنجليزية والعربية.

و في عام 2005  أنهت ديزنى الشراكة مع أحمد جاوة لتتولى إدارة جديدة أمور الفرع العربي للشركة مع تغيير تسميته إلى “والت ديزني الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، ولكن فى عام 2013 وقعت شركة والت ديزنى اتفاقية أخرى مع قناة الجزيرة للأطفال – التى ظهرت بداية من عام 2005 لتقديم أعمال للأطفال باللغة العربية الفصحى – لبيع حقوق عرض مسلسلات و أفلام ديزنى للجزيرة لعرضها على قناتها المسماة (تليفزيون ج)، ولكن مع إعادة دبلجتها للغة العربية الفصحى و بدأت بفيلم “رابونزل” ثم تلتها بقية الأفلام ومن بينها الأسد الملك، وتم إيقاف التعامل مع جميع الاستوديوهات المصرية فى عمل الدوبلاج لأعمال ديزنى – إلا النذر اليسير – و انتقل الى عاصمتين عربيتين إحداهما يتم تسجيل الحوار بها و فى الثانية يتم تسجيل الغناء.

ولكن سرعان ما تصاعدت أصوات إحتجاج قوية تطالب بعودة أفلام ديزنى باللهجة المصرية والغريب أن هذه الحملة بدأت بأصوات عربية وليست مصرية ، ومضت الاحتجاجات فى التصاعد حتى وصلت شركة ديزنى .

خلال تلك السنوات كنت قد هجرت الدوبلاج الى غير رجعة و فقدت اهتمامى به – و لذلك قصة أخرى – ولكن بالعودة الى الأسد الملك فوجئت بأن سمير حبيب يستدعينى لفيلم جديد، ويطالبنى بالبدء فوراً ، خاصة وأن شركة ديزنى سوف ترسل أهم شخص لديها – هو المسئول عن الدوبلاج فى كل اللغات –  ليحضر التسجيل فى القاهرة، وإنه طلب ذلك بنفسه لأنه يود التعرف علىَّ.

و من هنا بدأ الفصل الثانى مع ديزنى

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.