رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“حنين للضي”.. قصائد مليئة بالحياة لـ “صبري فواز”

على مدى تاريخ الفن المصري جمع عدد من النجوم بين حرفية الفن وموهبة الأدب فكتب بعضهم الشعر أو القصة، بعضهم أجاد وبعضهم كان ضيفا خفيفا على الأدب، وفي كل أسبوع سنتوقف مع واحد من هؤلاء النجوم لنلقي الضوء على مشواره الفني، وموهبته الفنية والأدبية.

عالم صبري فواز الشعري مليئ بالبكارة والبراءة والحياة

كتب : أحمد السماحي

هذا الأسبوع موعدنا فى باب “نجوم لكن شعراء” مع الفنان “صبري فواز” الذي يعيش شخصياته حتى الأعماق، لذلك تجده بسهولة يمكنه أن يعبر عنها، وأن يرى بعينيها، ويحس إحساسها، ويجعلها تطوف فى أماكن مألوفة لديها، وأن تقابل شخصيات لابد لها فى حتمية فنية أن تلقاهم، وأن تعيش صراعاتهم معهم، يمتلك وهجا فنيا خاص به، يستطيع بهذا الوهج أن يبث الحياة في الشخصيات التى يجسدها.

يزهو بموهبته كما يزهو الطاوس بألوانه، وهذا من حقه فأعماله الفنية الأخيرة أثبتت نضجه وإحساسه المتدفق حتى لو كان بعضها يغلب عليه الميلودراما البالية، التى لا تصدق، لكنه عرف كيف يضعها في مكانها الصحيح.

اليوم لن نتوقف عند أعماله الفنية المتنوعة، ولكن سنتوقف عند عالمه الشعري المليئ بالبكارة والبراءة والحياة، عالم ملون بالفراشات والطيور والألوان والأشجار، والبيوت، والأطفال، والنهر، من خلال ديوانه الشعري الأول “حنين للضي” الذي  عبر بواسطته عن نظرته للعالم الذي يحيا فيه، مجتمعه وشخوصه وسياسته العامة، والخاصة، وآماله وطموحه وقلقه الداخلي وخوفه وتردده.

فى “حنين للضي” ألقى ضوءه الكاشف على مجموعة من الأفكار والخواطر وكشف عنهم قناعهم المعتاد ليلبسهم قناعه هو،

وسبح “فواز” من خلال قصائد الديوان كما تسبح السمكة فى الماء، ورسم أجوائه المختلفة، وعبر عن عواطفه المتابينة، والتى تصل أحيانا إلى درجة التناقض، وقدم لوحات نابضة بالحياة أعرفها أنا وأنت وهى وهو، لوحات تعبر عن ذوقه الجمالي وعن إحساسه الصادق.

أثبتت نضجه الفني وإحساسه المتدفق

ما استوقفني في الديوان حسه اللوني، وحسن استخدامه الشعري للألوان التى تظهر بوضوح في بعض القصائد المليئة بالحركة والحياة، ليست مجرد أبيات صماء خالية من الشعور والروح، ربما هذا يرجع إلى عمله كممثل، فاستطاع أن يلبس الكلمات أثواب مزركشة بألوان قوس قزح، تعبر عن الثراء والتنوع وحب الحياة، وجعلها تنطلق مرددة صوته.

كما استوقفني أيضا قدرته على أن يكون رساما بالكلمة، وعبر بصدق عن البيئة الريفية في بعض القصائد والجمل البسيطة التى كنا نرددها في القرى وقت “حجب القمر” مثلا.

سنتوقف اليوم عند بعض القصائد التى ينطبق عليها ما ذكرناه من خلال ديوانه “حنين للضي” الصادر عن دار ميريت للنشر، وحقق نجاحا كبيرا جعل الدار تعيد طبعته مرة ثانية.

……………………………………………………………………………………………………………………..

فيقول في جزء من قصيدته “حنين للضي” :

زي العيال صبحية العيد الصغير

متبعترين زي الندى ومعلقين الفرحة

فى الباللين، وما يقصدوش رشا الغنا فى الجو

ولا دبروش للضحكة، كل اللي واخدهم

حنين للضي

زي العيال دي أنا كنت عيل

مبتدي بالنور، كاشف ضباب الزحمة

والمرايات، ومظبط العالم على قدي

ومبحبحه حبه عشان يساعيهم

ريحة تراب الفرن ملايالي مخاشيشي

فملكت حقي في لحظة التخليق

وما بنكسرش لأني مش ممسوك

وما بتمسكش لأني مش محدود

واسع يا حوش المدرسة يا وسط دارنا

مطلوقة مهر الخضرا قدامي

مالها لجام غير النسيم والعين

ماسك مدار الشمس بصباعي الصغير

لافف خيوط البدر على التاني

طبقتش ايدي؟ لسه مفرودة

لسه الغنا عارف يناغشني

قادر آلم الليل في سيلتي

وأقزقه حبه ورا حبه

وولاد حارتنا مسهارين الليل

ومفتحين جفني ع الآخر

ما نقدرش نصبر ع القمر مخنوق

صوت الصفايح تاخر العتمة

وصرخنا جاب بنت النبي فاطمة

لعبت معانا لحد ما شبعنا

وأمي ابتدت تتهجى فى عيوني

أن البكا مش ضعف ده استغفار

وأن المسافة اللي ما بيني وبينهم الدهشة

وإني ابتديت بالحلم من البيضة

مبقولش عارفة بس حسه بشيء

يمكن ما تفهموش لدلوقتي

والشمس حامية بس ما بتقتلش

والنخل عالي بس طوبة تجيب

محفظتش الخطبة عشان وحشة

درس الحساب بايخ عشان

بيحسب حسبته بالظبط

والشيخ مخوفني من الآخره

ما بقتش أروح الجامع إلا

عشان أشوف الغيط من المدنه

واضحك ع اللي بغلته سفه

بنت أختي قرعه والنطر بيرخ.

والسقف بينقع عفشنا يكمش

والبرد حاسس بينا ومقدر

مش زي برد القاهرة الماسخ

حسسني أني غريب وأقعدت أدور ….

استطاع أن يلبس الكلمات أثواب مزركشة بألوان قوس قزح

……………………………………………………………………………………………………………………..

ويستحضر ذكرياته وأولاده ووالده وكل من يحبهم فيقول:

في عز حزني، في عز تكتيفي

قعدت أدور جوا تلافيفي

فلقتني لسه قادر أني أحب

بحب زهر الليمون يوم النسيم الصبح

وبحب صوت الشيخ محمد رفعت المغرب

وبحب ضحكة صبا، وملعنة مروان

وبحب جاد الرب لما يزعل

وبحب تكشيرة صلاح الراوي

وبحب أحمد نجم فى الحالتين

وأحب مزيكة بليغ حمدي

وكلام فؤاد حداد

وشكل ماجد الكدواني لما بياكل

وصبري في التفسير

وبحب صوت السرير

وبحب صوت الآدان

وبحب أبويا لما يهتف ماجنا أحدف

يبقى أنا عايش وزي الفل.

……………………………………………………………………………………………………………………..

ويعبر عن نفسه أحسن تعبير وهو يقول :

مش فارس ولا وارث

أنا فنان ومش أكتر

أنا فلاح بقلب أخضر وسهرايه

على عودي زهور الدنيا تتفتح بغنوايه

ألم الناس أغنيلهم فتكبرغنوتي معايا

واطمن أهلي وأصحابي وأكتم خوفي جوايا

وأعيش بالناس، وأعيش للناس

وأعيش عالم وأعيش رقاص

وأعيش طوبة في رصيف شارع

أعيش فتله في حصير جامع

أعيش ثاير منش خانع

وشايل قلبي برايه

عبر بصدق عن البيئة الريفية في بعض القصائد

……………………………………………………………………………………………………………………..

وفي قصيدة آخرى يقول :

ملّست بيدي ع الجدار

طلت عينيها ع الطريق

من بين صوابعي

 صاحبي اللي جارهم فرح

وعملّي شاي وركبت

 قطر (دسوق) لاقيتها طالّة

 م الشباك وبتفرقع لبانة

 وعريسها وسط الكوشة

 متـدندش وأنا ع البلاج في إسكندرية

بابنى في تمثال الطهارة.

ويضيف:

فتحت باب الشقة في القاهرة

 أول ما خطت عتبتي

الموج عِلِي فى إسكندرية

لحد زوري ملّحه فبحشرجة

 غنيت دا قبر مين ده اللي

 الحبيب داسه؟؟.

عبر عن عواطفه المتابينة بصدق الكلمات

……………………………………………………………………………………………………………………..

الفنان صبري فواز كتب فى صفحته على موقع الـ”فيس بوك”: كنت أكتب الشعر لنفسي، وسميته شعرا حين قرأ أصدقائي ما كتبت سموه شعرا، بعدها قرأه الشيخ “إمام”، وقال لي: “ده أنت ريقك حلو أوي يا صبري”، وبعدها بأعوام شجعني أحد الأصدقاء وطلب أن أجمع قصائدي في ديوان، وأخبرته بأنني “مشخصاتي”، لكنه أصر على فكرة إصدار الديوان، ووافقت”.

ولـ”صبري فواز” نقول أن ما كتبته من حكي عنك وعن ذكرياتك وأحبابك، شيئ جميل ومسني ومس غيري، فاستمر وكمل المشوار، ولا تجعل التمثيل يأخذك من عالم السحر طالما بحرك مليئ بالجواهر والأصداف التى تخفي في جوفها اللألى، وشاعرية أي شاعر ليست بكثرة القصائد، فإن بعض كبار الشعراء ذاعت شهرتهم بسبب قصيدة وحيدة أعجب بها الناس لجودتها وحسن تماسكها، ولكن بمدى تأثيرها في الناس وأنت آثرت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.