رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نجوم “الفسيخ والبصل” 

بقلم: محمود حسونة

 “ما أشبه الليلة بالبارحة”، قالها طرفة بن العبد في العصر الجاهلي، وانتقلت عبر العصور والسنين لتصل إلينا ونستخدمها تعبيراً عن ملل تشابه الأيام والليالي في حياتنا، ولكن جاء كورونا ليؤكد انتهاء صلاحية هذه المقولة وأن الليلة أو اليوم يختلف عن البارحة بشكل كلي، وأن لكل يوم نعيشه، بل كل ساعة، ملامحها ومفاجآتها. 

البارحة كنا نصول ونجول في الشوارع والنوادي والملاهي، ونطير في الفضاء مختالين بأنفسنا، ونحلم باستيطان الكواكب الأخرى مستقبلاً، وكثيرون منا كانوا يتوهمون بلوغهم العلا، ويقول لسان حالهم “يا أرض انهدي ما عليك قدي”، أما اليوم فقد انقلب الحال والتزم سكان الكوكب البيوت، وأصبح الحلم الأكبر البقاء على قيد الحياة والهروب من موت كورونا. 

أصبحنا جميعاً نعيش حالة شك في الهواء الذي نتنفسه، ونخشى التعامل مع الآخر حتى لو كان صديقاً أو قريباً أو مقرباً باعتبار أنه يمكن أن يكون سببًا في إنهاء حياتنا.

البارحة، ورغم أن العالم كان قد بدأ يترنح من أفعال كورونا، خرج علينا بعض نجومنا يسخرون ويستهزئون مقهقهين ومتحدثين بلسان الغرور والعنجهية معلنين الترحيب بقدوم كورونا إلى مصر ليصطدم بصخرة آكلي الفسيخ والبصل، وتكون التحلية مع كورونا باللبن أو كورونا باللبن، حسب كلام إحداهن!!

من يطالع فيديوهات بعض نجومنا، للأسف، وهم يتبادلون القبلات والأحضان ويتناوبون الشرب من زجاجة واحدة ويتحدثون عن الوباء الذي قطع أوصال العالم وفرق الأحبة وأبعد أبناء الأسرة الواحدة عن بعضهم البعض، وأحرج العلماء وحيّر الساسة ووضع العالم كله داخل دائرة الرعب، يدرك أن لا حدود لجهل بعض من اعتلوا عرش النجومية، تمثيلاً وغناءً، في غفلة من الزمن. 

أسماء عديدة لنجمات ونجوم سخروا من كورونا، معروفون ولا حاجة لذكر أسماءهم، ولو بحثت عن خلفيتهم العلمية وجذورهم الثقافية، فلن تجد سوى مساحات من الظلام الفكري والخواء العقلي والدجل السلوكي، وستجد القواسم المشتركة بينهم كثيرة؛ ولو دققت محاولاً التعرف على طبيعة شخصية هؤلاء فستجدهم جميعاً من فصيل عبدة الذات الذين تضخمت الأنا عندهم، ويتوهمون أنهم أصحاب كلمة وموقف وهم لا يدركون للكلمات معان ولا للمواقف قيمة، انهم باختصار نجوم “الفسيخ والبصل”. 

الغريب أن بعض هؤلاء، وبعد أن كشر الفيروس اللعين عن أنيابه، وبعد أن اتخذت الدولة الإجراءات الاحترازية لمنع انتشاره، خرجوا مرة أخرى في فيديوهات يطالبون الناس بعدم مغادرة البيوت حفاظًا على سلامتهم. 

كلمتهم اليوم تتناقض مع كلمتهم البارحة، فأي كلمة يصدقها الناس وأي رسالة يستوعبونها؟!

إن هذه الفئة الجاهلة تسيء إلى مصر وتسيء إلى الفن المصري الذي كان دائماً عنوان رقي ووعي وثقافة هذا الشعب، وتسيء إلى نجومها الحقيقيين الذين كانوا بالأمس سفراء سلام ووئام، وهم اليوم يشاركون الدولة وأجهزتها المسؤولية في التصدي لهذا الوباء بالكلمة التي يعون معناها والرسالة الهادفة التي يدركون مدى تأثيرها في الرأي العام. 

الليلة تختلف تماما عن البارحة، ولكن ما نقوله اليوم ينبغي أن يتوافق مع ما قلناه البارحة، لكي نكون منسجمين مع أنفسنا وندرك معنى متنقله والا فإن كلامنا لن يكون سوى هراء لا قيمة له 

نجوم “الفسيخ والبصل  وفناني الجهالة والتخلف لا ينبغي وضعهم فقط تحت الحجر الكلامي، ولكن يجب فرض العزل عن الفن وأهله عليهم، حتى لا يشوهوا صورة الفن المصري ولا يشوشوا على صورة النجوم الحقيقيين.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.