رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“كلام مرسل” يؤكد موهبة خالد الصاوي الشعرية

على مدى تاريخ الفن المصري جمع عدد من النجوم بين حرفية الفن وموهبة الأدب فكتب بعضهم الشعر أو القصة، بعضهم أجاد وبعضهم كان ضيفا خفيفا على الأدب، وفي كل أسبوع سنتوقف مع واحد من هؤلاء النجوم لنلقي الضوء على مشواره الفني، وموهبته الفنية والأدبية.

شارد يفكر في قصيدة

كتب : أحمد السماحي

هذا الأسبوع موعدنا فى باب ” نجوم لكن شعراء” مع الفنان الأديب والشاعر “خالد الصاوي” الذي قدم للمكتبة الثقافية عدة إصدرات متنوعة ما بين القصة القصيرة والمسرحية والشعر، فقدم  مجموعة من الدواوين الشعرية التى يتفاوت مستواها ما بين الجيد والجيد جدا هى “بعث الخيول، كلام مرسل، أجراس، نبى بلا أتباع”، إضافة إلى مجموعة من النصوص المسرحية هى: “حفلة للمجانين، أوبريت الدرافيل، الدبلة، اللعب فى الدماغ”، كما نشر مجموعة قصصية بعنوان “يوميات خلود” كتب مقدمتها الدكتور يوسف أدريس.

اليوم سنتوقف عند ديوانه ” كلام مرسل” على أن نقدم باقي أعماله خلال الفترات القادمة، وأعتقد أن “الصاوي” شخص ذكي جدا، فبحكم علمه أن الفن في الفترة الأخيرة تراجع عن دور التنبؤ بالمستقبل لأنه لم يعد فى إمكانه أن يتحكم في الحياة التى تتغير باستمرار بتغير النظرة العلمية، وبحكم سيطرة رأس مال يحمل رأس تافه خاوية من الإبداع، لهذا لجأ إلى الكتابة سواء الشعرية أو الأدبية ليحلم من خلالها كما يريد، ويرسم صور، وبيوت، وقصص، تتنبأ بالمستقبل وبالأحلام الوردية، فالواقع أن الفنان عندما يختار الشعر مثلا فإنه يلجأ إليه تلبية لنداء الفن فى أعماقه، فبعض النفوس التى يستيقظ فيها شيطان الفن تحاول أن تجد له مخرجا وثيابا والشعر أقرب تلك الأثواب تناولا للشباب.

محاولة للاسترخاء

يؤمن “الصاوي” أن الشعر لابد أن يكون وجداني، وهو ما يمثل الشخصية، وهو صوت الشاعر، فلابد ألا يتأثر بالقراءات والجلسات مع الناس والمواقف المؤثرة، فالشاعر لابد أن يكون له وجهة نظر فى الحياة، وفى الناس، وفى الأفكار، لأن الشاعر أو الأديب ليس متفرجا فقط، لكنه متفرج وصانع لمجتمعه فى وقت واحد.

والصاوي حينما يكتب  شعرا فأنت لست أمام كاتب ولا شاعر ولا فنان أنت أمام شخص طرف في الأمر، أنت أمام صاحب المشكلة، أنت أمام شخص يتعذب، إذا كان الشعر عذابا، أنت أمام عاشق إذا كان الشعر عشقا، وأمام ثائر إذا كان الشعر ثورة، وأمام حالم إذا كان الشعر حلما، أمام البساطة، أمام الجمال، يذكرك بأن الجمال موجود فى الكلمات، لديه البساطة فى التعبير عن العواطف شعرا، بساطة لا تعرف الصخب، ولا التعقيد ولا الفلسفة، ولا النفاق ولا التقعر ولا الفساد ولا الابتذال، ولا اللف والدوران، ولا التكرار، يجوز هذا راجع إلى أنه متأثر بالشاعر العملاق ” بديع خيري”.

ومن خلال تصفحي لديوانه “كلام مرسل” الذي يتضمن “41” قصيدة وجدت إن الإحساس صادق في قلب الشاعر، والمعنى واضح فى عقله، والكلمة عالية على لسانه، لهذا تجده في القصائد يحب، يحترق، يخاف، يخشى، ينتظر، يصفو، يتعذب، لكنه  عذاب من نوع جديد، عذاب صادق، بسيط طبيعي، عذاب اللهفة والشوق والأمل، وليس عذاب اللوعة والفراق والهجر والصد والحرمان والشقاء.

مع أعز أصدقائه الراحل خالد صالح
محمولا على الأعناق في 25 يناير

وإليكم نماذج من بعض القصائد التى لفتت نظري، فى الإفتتاحية يقول :

بالخط الأخضر بفتتح كراسي

ورق الشجر زاده وزوادي

وارسم عيونك ترتفع راسي

كما نخلة وارفة ف حضنك النادي.

غلاف ديوان “كلام مرسل”

……………………………………………….

وفي قصيدة ” عايز أعيش” يقول في جزء منها:

عايز أعيش ما يحدنيش شيئ أو بشر

عايز أكون أحيا بجنون وأسيب أثر

عايز أنا مليون سنة سعي وسفر

عايز فضا، عايز بحور، عايز شجر

عايز طيور، عايز أحب بدون ما أخاف

وفي قصيدة ثالثة بعنوان ” فضا” :

كسروا نايات المغني، كسروا سلاح المحارب

غلاف ديوان “نبي بلا أتباع”

كسروا فؤاد المحب، لا أنا قادر أخرج واغني

ولا قادر اضرب واحارب، ولا قادر أحلم واحب.

……………………………………………

وفي قصيدة جميلة مليئة بخفة الدم بعنوان ” البنت دي أنا حبيتها” يقول فيها:

البنت دي أنا حبيتها، لله كده استحليتها

غلاف ديوان أجراس

وعينيها إيه يخرب بيتها، كاشفاني

فشر السي آي إيه!

لا حقول دليلة ولا عبلة

صحيتني على ضربة نبلة

بعتالي كيوبيد بنت الإيه

يديني على قد النية

أتاريه معاها وعليا

يرشقتني سهم ابن الحية

ويسيبها سارحة في الملكوت

وغيرها واخد طلقة موت”

……………………………………………….

وفي قصيدة آخرى مليئة بالوجد والصوفية بعنوان “مدد يا حسين” يقول :

يا سيدي يا حسين، بنزف أنا في كربلاء

ما بين جيشين اثنين، وملوك عرب أعداء

ماسك سلاحي لكين، صابني الكلأ والماء

قول للشفيع الزين، ان الجميع شهداء

حتى البلح فى نخيلة، كافح جيوش الأعادي

ولا شيئ بيشفس غليله طول ما في جريده الحدادي

هو السلاح وصليله لحن الكفاح فى البوادي.

……………………………………………….

وفي قصيدة ” ولدي” التى تشبه الرباعيات يقول فيها

ولدي راح اجني عليك وأنا اللي مجني عليه

من جاني مجنى عليه ولده أنا وأبوه

كان برضه لما جنى مجني على اللي جابوه

وإزاي تقول أن أنا جاني ومجني عليه؟؟؟

……………………………………………….

أما في قصيدة “ابتهال” فهو يطرق معاني ومفردات جديدة يقول فيها:

يا رب يا ملك الرحمة، إديني من صبرك نفحة

الظلم قادر فى العالم، والرحمة م العالم شاحة

إديني عود أخضر نابت، وزمزمية وفول نابت

واطلقني فى أرضك صابر، وعلى المرار أفضل ثابت

إديني قوة تدفيني، وتحط لي في قلبي الفرحة

واصفح ياربي عن ذنبي

لو كان لي ذنب ف غير نفسي…

……………………………………………….

ومن القصائد التى توقفت عندها جديدة لمعالجتها موضوع الحب بشكل جديد ومختلف قصيدة بعنوان “البنت قالت للولد”:

البنت قالت للولد، الحلم مش بيت من رمال

الحلم بحر وللأبد، وقارب فى ارتحال

البنت قالت للولد، الحب مش هو الحنين

الحب عصفور إتولد، لما التقت عصافير حنون

البنت بصت للولد، كان الولد شارد شريد

وأما التفت كانت اختفت، واما نداها

اتبسمت فوق فى السما، واما سعى يوصل لها

همست وكانت فى الوريد

نايمة بتحلم بالولد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.