كتب: أحمد السماحي
أمس مرت علينا الذكرى الـ 57 لـ (نكسة يونيو1967)، وأيضا الذكرى 49 لإعادة الملاحة إلى قناة السويس عام 1975 بعد إغلاقها منذ يونيه 1967.
ويوم 5 يونيو من عام 1967 شهدت منطقة الشرق الأوسط حرباً استغرقت ستة أيام بين إسرائيل ومصر وسوريا والأردن والعراق، وقد تركت تلك الحرب بصماتها على الشرق الأوسط حتى يومنا الراهن.
قبل بدء الحرب، ازدادت الهجمات التي شنتها الجماعات الفلسطينية المسلحة انطلاقاً من سوريا ولبنان والأردن ضد إسرائيل مما أدى إلى ردود انتقامية إسرائيلية.
وفي نوفمبر من عام 1966 خلفت غارة إسرائيلية على قرية (السموع) في الضفة الغربية 18 قتيلا و 54 جريحا.
وخلال معركة جوية مع سوريا في أبريل من عام 1967 أسقط سلاح الجو الإسرائيلي 6 طائرات مقاتلة سورية من طراز ميج.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير المخابرات السوفيتية في مايو إلى أن إسرائيل كانت تخطط لحملة ضد سوريا، وعلى الرغم من عدم دقة المعلومات، فقد زاد التوتر بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا والعراق.
ويوم 22 مايو 1967 أغلق الرئيس (جمال عبد الناصر) خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية، وبذلك فرض حصاراً فعليا على مدينة إيلات الساحلية في جنوب إسرائيل.
وفي 30 مايو وصل العاهل الأردني الملك حسين إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع مصر، ووضع القوات الأردنية تحت القيادة المصرية، وبعد ذلك بوقت قصير انضم العراق أيضا إلى التحالف.
الأغنية المصرية تواكب الأحداث
لم تكن الأغنية المصرية بعيدة عن ما يحدث، وواكبت آخر تطورات المعركة، وتحول مبنى الإذاعة والتليفزيون إلى ساحة للغناء الوطني، الكل نزل إلى الساحة للنضال والدفاع عن بلده بصوته الذي يعتبر سلاحه في أرض المعركة.
وتم طرح مجموعة كبيرة جدا من الأغنيات والمارشات العسكرية الوطنية، من كل نجوم الأغنية المصرية، ولم يتخلف عن الغناء إلا المطربة (وردة) لظروف اعتزالها، وزوجها، والمطربة (صباح) التى كانت بعيده عن مصر، وتعيش في لبنان.
وأيضا المطرب والملحن (فريد الأطرش) الذي كان نقل إقامته في هذه الفترة إلى لبنان، والموسيقار (محمد عبد الوهاب) الذي كان يصطاف وقتها في لبنان.
وكلا من (فريد، وعبد الوهاب) أرسل عملين سجلا في بيروت بعد أسابيع من بداية المعركة.
الغرور والتهديد والوعيد
من يسترجع أغنيات حرب 5 يونيو عام 1967 خاصة الأغنيات التى أذيعت قبل الأيام الستة من حرب يونيو، يجد أن كثير من أغنيات (النكسة) غلب عليه روح الاستعلاء والغرور، وأن المعركة محسومة لصالح العرب.
واتسمت الغالبية العظمي من أغاني المعركة – كما يذكر الباحث والكاتب الصحفي محمد دياب – بالدموية والتهديد والوعيد بإلقاء الإسرائيليين في البحر، وتدمير إسرائيل وتل أبيب تحديدا.
ووصف المعركة بأنها محسومة لا محالة لنصرنا والحط من شأن وقدرة العدو.
نماذج من أغنيات الغرور
لهذا لاتستغرب عزيزي القارئ عندما تجد عبدالحليم حافظ يغني من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان كمال الطويل (ابنك يقولك يا بطل هاتلي نهار/ ابنك يقولك يا بطل هاتلى انتصار).
وكأن الانتصار سهل، وبسيط، والبطل أو الأب سيذهب إلى (السوبر ماركت يجيبه لإبنه) بكل سهولة.
ويؤكد المطرب (محرم فؤاد) أن الصهيونية (وقعتهم سودة) وأن العرب سيقضون عليهم، طالما تجرأوا عليهم، وذلك من خلال أغنية (العودة) من ألحانه، وكلمات الشاعر مرسي جميل عزيز والتى يقول فيها:
العودة العودة، على دي العودة، ياصهيونية وقعتكوا سودة
على دي العودة راجعين منازل ليها في قلوبنا أكرم منازل
راجعين نخلص على الصهيونية ونقول لغيرهم هل من منازل
ويغني المطرب (محمد رشدي) للزعيم جمال عبدالناصر الذي كان يحلو للبعض بتشبيه بالقائد (صلاح الدين الأيوبي)، ويوعد الشعب المصري بأن الرئيس جمال عبدالناصر (أبو خالد) سيغزو (تل أبيب) ويأتي للنصر لمصر قائلا:
يابو خالد ياحبيب بكرا هتدخل تل أبيت
تفرح يافا وتقول حيفا نصر من الله وفتح قريب
وتغني المجموعة وتتوعد إسرائيل من خلال نشيد مدته دقيقة بعنوان (في البحر هندفنكم) كلمات عبد الوهاب محمد، وألحان محمود الشريف، تقول كلماته:
في البحر هندفنكم في البحر
ده اليوم اللي احنا بنتمناه وبنستناه
وميعادنا قريب في تل أبيب
في البحر هندفنكم بمشيئة الله
كما تغني المجموعة أيضا نشيد مليئ بالتهديد والوعيد والتدمير بعنوان (طير ياصاروخ) كلمات كمال منصور وألحان محمود مندور، تقول كلماته:
طير ياصاروخ في العالي طير، دمر تل أبيب تدمير
انت القاهر، وانت الظافر واحنا الأبطال المغاوير
ياللي بترعب الاستعمار خلي حياته جحيم وسعير
وتغنى المجموعة شعار آخر من كلمات فاروق شوشة، وألحان عبد الحميد توفيق زكي يقول:
هد حصون الظالم هد، وافنيهم ماتسيب ولا حد
إضرب فيهم في المليان مايهمك صهيوني جبان
هد حصون الظالم هد
وتؤكد المطربة (شريفة فاضل) أن فلسطين ستعود للعرب لا محالة، وأن العرب سيطهروا أرضها من الصهاينة المأجورين الخونة، وذلك في أغنية (يوم فلسطين) كلمات سيد بدر، ولحن منير مراد، والتي تقول بعض كلماتها:
اليوم يومك يافلسطين واقفين على بابك بالملايين
وحياة أرواح دير ياسين ومؤامرة ستة وخمسين
لنطهر أرضك يافلسطين
هذه بعض الأغنيات القليلة التى قدمت قبل حرب الستة أيام، وقبل أن يصطدم الجميع بالهزيمة والنكسة، التى أعلنها الرئيس جمال عبدالناصر بنفسه يوم 9 يونيو عام 1967.
أم كلثوم .. إنا فدائيون
واكبت ابنة مصر البارة (أم كلثوم) حرب يونيو بكل جوارحها، ومشاعرها، وقدمت أكثر من نشيد وطني، في البداية قدمت (راجعين بقوة السلاح) كلمات صلاح جاهين، وألحان رياض السنباطي.
وفي الثامن من يونيو تغني نشيد (إنا فدائيون) كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان بليغ حمدي، وفيه تعلن المقاطعة، فلا بترول ولا قناة قائلة:
سقط النقاب عن الوجوه الغادرة
وحقيقة الشيطان بانت سافرة
فلنضربن بكل كف قادرة
ولنرمين بكل روح هادرة انا فدائيون
نفنى ولا نهون إنا لمنتصرون
لا لا تفاهم في القتال اليوم لا بترول بعد ولا قنال
تسعون مليونا زحفنا للقتال.
محمد عبدالوهاب.. حي على الفلاح
نظرا لوجود الموسيقار (محمد عبدالوهاب) بعيدا عن مصر، فقد أرسل بصوته شريط لأغنية بصوته وألحانه، وكلمات الأخوين رحباني بعنوان (حي على الفلاح) الذي يقول مطلعها:
طول ما أملي معايا معايا، وفى إيديا سلاح
هافضل أجاهد، وأمشي، وأمشي من كفاح لكفاح
و طول ما إيديا فى إيدك أقوم، وأهتف و أقول
حي حي على الفلاح…
شادية.. يا عزيز عيني
بنت مصر (شادية) كانت حاضرة بقوة طوال أيام حرب يونيو، في البداية غنت أغنية متفائلة بعنوان (عدينا يا معداوي) كلمات عبد الوهاب محمد، والحان بليغ حمدي.
وبعد صدمة هزيمة يونيو ظهرت لها أكثر من أغنية ترفض الهزيمة، وترفض الاستسلام للحزن ورسم الطريق لتحقيق النصر ورد الأعتبار من هذه الأغنيات (يا طريقنا يا طريق) كلمات مجدي نجيب، ألحان منير مراد، والتى يقول مطلعها:
يا طريقنا يا طريق، يا طريق خليك صديق
نور لنا الليالي، خلي الضحكة تلالي
امسح لنا عيونا ده الحزن مش طريقنا
بهمة الرجال هنزرع الآمال لأيامنا اللي جاية
كما غنت لمجدي نجيب أيضا، وألحان محمد الموجي (يا عزيز عيني) التى يقول مطلعها:
بلدي يا بلدي يا بلدي، يا حبة عيني يا بلدي
يا بويا وأمي وولدي.
يا عزيز عيني، وعيني بتحرس بلدي.
عبدالحليم حافظ.. عدى النهار
بعد أيام من الاعتراف بالنكسة، يغني العندليب الأسمر (عبدالحليم حافظ)، رائعته الخالدة (عدى النهار) كلمات عبدالرحمن الأبنودي، ألحان بليغ حمدي، والتى عندما تذكر أو تسمع نتذكر على الفور نكسة يونيو، والتى يقول مطلعها:
عدّى النهار و المغربية جايّة، تتخفّى ورا ضهر الشجر
وعشان نتوه فى السكة، شالِت من ليالينا القمر
وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها، جانا نهار مقدرش يدفع مهرها
المجموعة.. تعيشي يا بلدي
من أجمل أغنيات (المجموعة) التى تغنت بجمال البلد وزرعها وناسها وعلمها، ورسمت البسمة على الشفايف، والأمل في الوجدان أغنية (تعيشي يا بلدي) كلمات الشاعر محمد العجمي، وألحان ملحن الغلابة إبراهيم رجب والتى يقول مطلعها :
تعيشى يا بلدى يا بلدى تعيشى
تعيشى يا بلدى وزرعك أخضر ومندى
تعيشى يا بلدى وعلمك مرفوع على يدى
تعيشى واسمك فى الكون بيلالى
تعيشى ومكنك شغال طوالى
تعيشى يا بلدى يا بلدى تعيشى
فايزة أحمد.. قاهرتي لم تغلبي
ترفض (فايزة أحمد) من خلال شاعرنا صالح جودت، وألحان موسيقارنا محمد سلطان الاعتراف بالهزيمة، وتؤكد أنها تعشق مصر، وذلك من خلال قصيدة (حبيبتي قاهرتي) التى تقول بعض كلماتها :
حبيبتى قاهرتى لن تغلبى لن تقهرى
افدى ثراك بدمى من ظل اى معتدى
وخيرما اشدو به، انى انى احب بلدى
محرم فؤاد.. مصر لم تنم
كان (محرم فؤاد) من أكثر المطربيين الذين غنوا لحرب يونيو عام 1967، وعندما تأكد من حدوث النكسة، غنى رائعته (مصر لم تنم) كلمات الشاعر فتحي سعيد، ألحان رياض السنباطي، والتى يقول فيها:
مصر لم تنم، ماخر سورها العتيد ما انهدم
ما انهار شعبها العظيم ما انهزم
ولم يزل، مزودا بأعرق القيم
متوج الأمل في الأرض
كالهرم، وفي السماء للذري وللقمم
فيروز .. زهرة المدائن
بعد شهرين من النكسة ووقوع القدس الشرقية وباقي فلسطين في يد الصهاينة، يكتب ويلحن الأخوين رحباني، وتغني (فيروز) رائعتهم الخالدة (زهرة المدائن) التى يقول مطلعها :
لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي
لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن
يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي