رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

بديعة صادق .. صوت شجي خذله عبدالوهاب وأنصفته أم كلثوم

* كاد الذئب أن يلتهما بعد ساعات من ولادتها في خيمة في أثناء تجوال والديها

* السيد البدوي يطبطب عليها ويشفيها من جروحها بعد أن عجز الأطباء طويلا

* سبقت فيروز ولبلبلة في الغناء والتقليد وهى طفلة عرفت بإجادة الرقص والغناء

* ابتعادها عن المسرح أصابها بالحمى فأعادها الطبيب مرة إليه مرة أخرى

* عملت في أكاديمية بديعة مصابني فكونت فرقتها التي ذاع صيتها فينا بعد

* أسمهان رفضت أن تغني معها في فيلم “يوم سعيد” فظهرت بصورتها فقط

* تزوجت “عبدالغني النجدي” بسبب خفة دمه حيث كان الوحيد القادر على إضحاكها

* “الدندورمة” خلدت صوتها، ومسعود الحطاب توج مشوارها في غناء الأوبريتات

كتب : أحمد السماحي

يرى المطرب (كامل الخلعي) فى كتابه (الموسيقى الشرقية): (أن المغني القدير من كان له حسن الصوت والتصرف والقدرة على نطق فخيم الألفاظ واستقامة الإعراب، والمغني أيضا هو من كان صوته شجيا، وصورته مقبولة وكلامه سالما من (اللثغ) والرنة والتشدق، وهو من يعرف قدرات التحكم فى صوته، ويقدم طاقته الصوتية في شيئ من التدرج والتركيز الذهني)، وكانه كان يقصد بهذا المطربة (بديعة صادق).

فصوت المطربة (بديعة صادق) التى ملأت حياتنا شدوا جميلا وعذبا فى نهاية الثلاثينات والأربعيات والخمسينات، ينطبق عليه كلام (الخلعي) فضلا على قدرة كبيرة في التلوين والتمثيل بصوتها، اكتسبتها من خلال معاشرتها وهى طفلة لنجوم التمثيل الكبار، الذين نشأت في وسطهم، وعلى مدى مشوارها قدمت جميع الألوان الغنائية من الأدوار والطقاطيق والقصائد والأوبريتات، والأغنيات الوطنية والعاطفية، وأجادت في كل ما قدمته.

تحملت مسئولية عائلتها بعد وفاة والدتها

الميلاد في السيرك

لم يكن فى مقدور (بديعة صادق) أن تعرف فنون الغوص فى أعماق بحار الغناء العربي دون صقل أو تدريب يساهم فى إبراز مواهبها وتقوية قدراتها، ولقد وجدت هذا المناخ الملائم للنمو في البيئة الفنية التى نشأت وترعرعت فيها، لهذا تذوقت جماليات النغم بسرعة.

ولدت  (بديعة صادق) ـ كما ذكرت ابنتها بديعة ــ يوم 22 أغسطس1923، فى المنيا، ولكثرة ترحالهم كانت (بديعة صادق) غير مقيدة بشهادة ميلاد (ساقطة قيد)، و لكن تم تقديرعمرها فيما بعد ليقدر ميلادها بأنه في أغسطس عام 1923 وهو تاريخ غير دقيق، بدليل أنها كانت من أوائل المطربات اللائي تعاقدن مع شركة (ماركوني) عند إنشائها الإذاعة المصرية عام 1934.

فلو كانت (بديعة صادق) من مواليد 1923 فمعني هذا أنها تعاقدت مع الإذاعة فى سن 11 عام، وهذا صعب أو مستحيل أن يحدث، وقد ذكر المؤرخ الفني الراحل (حسن إمام عمر) إنها من مواليد 1915 وهو الأقرب إلى المنطق والعقل، لأنها بهذا تكون تعاقدت وعمرها 21 عام مع الإذاعة، خاصة أنها قدمت عام 1937 أغنية في فيلم (وراء الستار)، إخراج كمال سليم، بطولة (رجاء عبده، عبدالغني السيد).

 ذئب كاد يفترسها

تحكي السيدة (بديعة صادق) قصة مولدها، فتقول كما جاء على موقع (سماعي): ولدت في المنيا في استراحة سيرك فى (ملوي) بالتحديد، حيث كان والداي ووالداتي يتجولان في رحلة عمل مع صديق لهما اسمه (توفيق) صاحب سيرك توفيق (كان في مصر سيرك بغدادي و الحلو و توفيق و غيره)، وكانت مناسبة الترحال مولد ولى شهير في مدينة ملوي.

فى هذه الرحلة شعرت أمي (فهيمة إبراهيم) بألآم الولادة، وبالمصادفة كانت معها جدتي، فاحضروا لها (الداية) من نفس البلد، وبعد مولدي بدقائق ذهب أبى لإحضار بعض المشروبات الغازية والعصائر لزملائه، لكن حدث شيئ كاد أن يفتك بحياتي.

حيث أن (الدايه) لم تتخلص من (الخلاص) وبقايا عمليه الولادة، ومن تعب الولادة نامت أمي، فتسلل ذئب إلى (الحوش) الذي كنا نقيم فيه الخيام  يبحث عن رائحة الدم و(الخلاص) فحملني من “الكافولة”بين فكيه محاولا الهرب بي.

هنا تنبهت جدتي فصرخت: (الحقونا الديب خد البنت)، في هذه اللحظات حضر أبى فسمع صراخ (جدتي) و رأى الذئب من بعيد حاملا شيئا أبيضا بين فكيه فما كان منه إلا أن ضرب بزجاجه مياه غازيه على صخره في الصحراء بقوه فكسرت وأصدرت صوتا كطلق النار(قويا بحكم الصدى في الصحراء) فأصاب الذئب بالارتباك فرماني من فمه وفرهاربا.

 بنت السيد البدوي

وتضيف (بديعة صادق) عندما كنت رضيعه ثقبوا أذني كما يفعلون لكل المواليد الإناث وقتها، ولكن هذه العمليه تسببت لي بحمى وظهور بقع ودمامل في جميع جسمي الصغير، وذهبت أمي وجدتي إلى جميع الدكاترة بحثا عن علاج، لأني كنت أتألم كثيرا من تلك البثور الحمراء المنتشرة في جسمي وأبكى باستمرار، إذا ما حاول أحد لمسي.

وفي أحد الأيام اقترحت إحدى الصديقات على جدتي أن تأخذني إلى مقام (السيد البدوي) قائلة: (ما تزوريها السيد البدوي وانتى خسرانه إيه، روحتي لكل الدكاترة يمكن ربنا يجعل على أيده الشفا)، وفعلا أخذتني جدتي وأمي وذهبتا بي لزيارة (السيد البدوي) في طنطا.

وبعد الزيارة كانت تبحث عن الصندوق لتضع فيه نقودا فوجدت شيخا كبيرا بعمه خضراء وذقن بيضاء يبيع أساور زجاج ملونه قال لها: (ما تدينى البنت دي ألبسها اسورتين)، قالت له الجدة: (ازاى دي جسمها مش حيستحمل أساور البنت معطوبة من الدمامل).

 ولم تكمل كلامها حتى سحبني الشيخ منها بقوة فحبست الجدة أنفاسها خوفا من سماع صراخي، ولكن لدهشتها لم أبكى وبسرعة ألبسني الشيخ أسوره حمراء في يد، وأخرى خضراء في اليد الأخرى، وطبطب على ظهري قائلا: (ياله خفى بقى) وأعادني إلى جدتي، التى أخذتني والتفتت لتخرج النقود و تعطيها للشيخ ثمنا للأساور فلم تجده.

سألت عنه في كل من يمر فحضر حارس جامع الشيخ (البدوي)، وسألها عن قصتها فسردتها عليه فقال لها: (ضعي النقود في الصندوق يا ست يا بركه ده كان سيدك السيد البدوي)، فوضعت جدتي النقود في صندوق (السيد البدوي) وعادت إلى الفندق تقول لأمي: (يله جهزي المرهم و القطن خلينا نغير للبنت).

وكانت دهشتها كبيرة عندما نزعت الكافولة وبدأت برفع القطن فكانت كل الدمامل و البثور معلقه في القطن وجسدي نظيف وناعم كالمرمر، لهذا أطلقوا عليّ إنني بنت السيد البدوي!.

 محمد صادق الأورفللي

كان (محمد صادق الأورفللي) والد (بديعة صادق) من عائله تعود إلى (الأورفللى باشا* نائب حاكم سلطان مصر العثمانلى، وكان مدللا يحب الحرية، وعاشقا للفن، ورفض الزواج من ابنة عمه التي كان يعتبرها أختا له، لهذا تبرأت منه عائلته.

وكان يجب عليه أن يتحمل مسئوليه قراره اختيار الفن كمنهج حياه على أن يكون ابن الباشا المدلل، فاشتغل عدة مهن فنية حتى استقر به الحال مدير مسرح (فوزي منيب)، و مدير الفرقه و من رواد ومؤسسي المسرح في مصر، وفى الكويت أيضا لأنه سافر مع (زكى طليمات) في مهمة تأسيس معهد التمثيل وتأسيس المسرح الكويتي، وقابل السيدة (فهيمة إبراهيم) وتزوجها.

بديعة صادق في شبابها

بداية بديعة

احترفت (بديعة صادق) الفن وهى طفلة صغيرة عمرها أربع سنوات، ولهذا الاحتراف قصة طريفة نترك (بديعة) ابنة الراحلة تحكيها بنفسها: كانت والدتي في الرابعة من عمرها وكان والداها (محمد صادق) سريع الغضب وغالبا ما يكون رد فعله هو ترك البيت ومن فيه والشرود في كل مكان تاركا البيت والأولاد و كل شيء.

غيابه عن البيت دفع الفنانة (مارى منيب) وجدتي أن يفكروا سويا في طريقه لإعادته إلى بيته وأولاده وإصلاحه على زوجته، وفكرت (مارى منيب ) فى فكرة سرعان ما نفذتها حيث قالت للجميع: (ما تطلعوا بديعة على المسرح هو حيسمع إن بنته طلعت على المسرح حيتحرك ويرجع علشان يعاتب نقوم نفتح معاه الكلام  ونصلح بينكم و يرجع بيته و يا دار ما دخلك شر).

 وفعلا فصلت جدتي بدله رقص للطفلة (بديعة صادق)، وكانت البدلة كلها من طرحه (مارى منيب)، وكانت البدله من الشيفون الأسود المزين بالترتر اللامع، ووضعت الماكياج، وفعلا نفذت فكرة (مارى منيب(، وطلعت (بديعة صادق) في مسرحيات (فوزي منيب) تمثل مع الأطفال (فؤاد وظافر منيب) دور أولاد الفرعون.

حيث يلبسون فرعوني و يهرعون على فرعون ليقولوا (بابا بابا)، وبين الوصلات كانت تطلع (بديعة صادق) على المسرح لتغنى وترقص فنجحت نجاحا غير عادى، لم يري أحد طفلة ترقص وتغنى وتقلد الفنانين والفنانات بخفه الظل هذه “قبل ظهور فيروزونيللى ولبلبه”.

سبقت فيروز ولبلبلة

 كانت (بديعة صادق) أول طفلة استعراضية في مصر، لدرجه أن البعض كان يتحسسها ليرى إن كانت طفله فعلا أم دمية عروسة يحركها أحدهم من أعلى بالخيوط، وكانت لقصرها تجبر الجمهور على الوقوف ليراها بوضوح على خشبه المسرح.

وكان يلقى عليها الشوكلاتة والبونبون والجنيهات الذهب، ولكن كل هذا لم يكن يجذب انتباهها، بل أكثر ما كان يلفت انتباهها أن يضع أحدهم عروسة أو أرنبا أبيضا صغيرا، أو فأراً أبيضا أو كلبا صغيراً على المسرح هديه لها، كانت هي تركض لتلتقط هذا الأرنب بينما يأتي من بعدها من يلتقط القطع الذهبية أو الشوكلاته والملبس.

قضية تهز الرأي العام المصري

وتواصل (بديعة) ابنة (بديعة صادق) حكاية والدتها فتقول: استمر الوضع بضعه أشهر إلى أن رفع أحدهم قضيه على جدتي السيدة (فهيمة إبراهيم) يتهمها بأنها تشغل قاصر وتدفع طفلة إلى الرذيلة وتثير الغرائز!، و كانت اتهامات كثيرة وباطله وتقشعر لها الأبدان، طبعا كانت والدتي طفله لا تفهم سوى أنها تؤدى دورها وتذهب للعب مع أولاد (فوزي منيب).

وكانت تقضى أياما جميله فرحه بتصفيق الجماهير وفرحة بالناس والمعجبين بها، من ضمن المعجبين الذي لم يستطع إلا أن يكون طرفاً في هذه القضية كان محامي من أكبر محاميي مصر وقتها الأستاذ (أحمد رشدي) تبنى القضية التي تحولت إلى قضية رأى عام وترافع عن والداتي وأمها و في الجلسات ظهر جدي (محمد صادق) مدافعا عن زوجته وابنته.

كسبت (بديعة صادق) وأمها القضية وسط فرحة جمهورها ورجع الأب الشارد إلى بيته وزوجته وأولاده، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، وانتصرت فكرة (مارى منيب)  لتعود (بديعة صادق) إلى البيت طفلة عادية وتنسى موضوع المسرح، وحرمت من اللعب اليومي وتصفيق الجماهير.

فبدأت عوارض الحمى تظهرعليها وبدأت تمرض ولازمت الفراش، وبعرضها على الكثير من الدكاترة قالوا أنها حالة نفسية ولن تشفى إلا إذا عادت إلى ما كانت تحبه، لابد أن تعود للمسرح وإلا ستموت، فأجبروا على إعادتها للأضواء وللمسرح.

تذوقت جماليات النغم بسرعة

في أكاديمية بديعة مصابني

لله حكمة دائما في كل شيء (قبل ما يبلى بيدبر)، و كما يقال يقطع من هنا و يوصل من هنا، حب (بديعة صادق) للمسرح في هذا السن كان تأهيلا وتأهبا لها لكى تكون هي من يصرف على إخوتها، بل هى مصدرالدخل الوحيد للعائلة.

ففي هذا الوقت ماتت والدتها بحمى النفاس وهى تلد ابنها الأخير (أحمد) وكانت (بديعة صادق) في السابعة من عمرها، وكان موت أمها فاجعة كبيرة للجميع، خاصة للزوج “محمد صادق”، وفاجعة أكبر بل مصيبة لجدتها التي لم يكن لديها في الدنيا غير ابنتها تحبها حب غير عادى وضحت من أجلها بكل شيء.

فى هذه الفترة هرب “محمد صادق” من جديد تاركاً البيت والأولاد وحماته، وشرد تاركاً المسئولية على الابنة الكبرى “بديعة” تحمل مسئولية الإنفاق على أشقائها “كمال، كوكب، أحمد”، ولكنه كان يعود الظهور من جديد بين فتره وأخرى في حياتهم ثم يعاود الاختفاء، واستمر ذلك حتى التحقت ” بديعة صادق” بكازينو “بديعة مصابني” في مراهقتها والتحق معها أخوها “كمال صادق” كمنولوجيست بالفرقة و استمرت فيها لسنوات.

كان كازينو “بديعة مصابني” بمثابة أكاديمية للفن في الشرق الأوسط، كان مكانه فندق “شيراتون القاهرة” الآن، وكان مكاناً جميلا راقيا بؤرة للفن الأصيل، ومدرسة تخرج منها كبار الرواد مثل “تحية كاريوكا، إبراهيم حمودة، فريد الأطرش، أسمهان، ساميه جمال، محمد عبدالمطلب، محمود الشريف، إسماعيل ياسين، شكوكو”، وغيرهم، وكان كوبري “قصر النيل” يسمى بكوبري “بديعة” .

تحكى “بديعة صادق” قائلة : كانت فترات العرض “ماتينيه، وسواريه”، وكانت البنات والراقصات الاستعراضيات من مصر واليونان يحضرن مع أمهاتهن، وكان الصف الأول في المسرح دائما للأمهات، وكانت “مارى منيب” تطلق عليه “صف الأمهات”، حيث كل أم جالسه تنتظر ابنتها لتنهى نمرتها وتعود بها إلى البيت.

التحقت بمدرسة “بديعة مصابني”، وكان ملازما لي أبي مديرالفرقة و شقيقي “كمال صادق” الذي قدم مونولوجات بشخصيه ابتدعها له والدي “محمد صادق” شخصيه “الولد أبو جلابية مخططة وطرطور”، وكان “شكوكو” يقدم مونولوجات بالبدلة و”البرنيطة”، ولكن والدي “محمد صادق” طلب منه نزع البدله والبرنيطة وارتداء الجلابية المخططة والطرطور بدلا من “كمال صادق”، ونجحت شخصيه “شكوكو” الجديدة لدرجه إنهم كانوا يصنعون زجاجات مياه غازيه على شكل “شكوكو” والغطا على شكل “طرطور شكوكو”، ومن كان يبيعها يصيح بجملته الشهيرة “فرقع شكوكو” لأنك عندما تفتح زجاجه المياه الغازية كانت تفرقع.

عبد الغني النجدي

الزواج من عبدالغني النجدي

بعد فترة من العمل في (كازينو بديعة) تركته وانضمت لفرق متجولة مثل فرقة (علي الكسار) وفرقة (حسين المليجي) التى حلت وأصبحت مع الوقت (فرقه بديعة صادق) بإدارة محمد صادق، وكان من بين أعضائها (حسين المليجي وزوجته، وشكوكو)، وغيرهم من نجوم هذه الفترة،

أثناء ذلك تعرفت علي الفنان (عبد الغني النجدي)حيث كان يعمل بالفرقة ويكتب مونولوجات لأعضائها مثل (شكوكو، إسماعيل ياسين ثريا حلمي)، وكان (النجدي) يتمتع بخفه ظل غيرعاديه، ولم يكن يضحكها أحد مثله وعرض عليها الزواج فوافقت، وسافرت معه ومع فرقتها إلى عدة دول عربية مثل فلسطين والسودان.

مع بداية الأربعينيات قرر المسرح القومي تقديم مسرحية خالد الذكر سيد درويش (العشرة الطيبة) على خشبته، فوقع الاختيار عليها لتقوم بدور (نزهة)أمام عبد الغني السيد وشهرزاد.

أسمهان ترفض وجود بديعة

من المعلومات المغلوطة على شبكة الإنترنت والخاصة بالفنانة (بديعة صادق) قصة غنائها لأغنية (محلاها عيشة الفلاح)، فتصحح أبنتها (بديعة) هذه القصة قائلة : كانت الأغنية في الأساس لأمي ولحنها عبد الوهاب للفيلم، وقامت والدتي بتصويرها (صوت وصورة).

لكن المطربة (أسمهان) رفضت أن يكون يوجد صوت نسائي آخر معاها في الفيلم، وقالت أنا غنيت (مجنون ليلى) ولابد أن أغنى (محلاها عيشه الفلاح)، واحتار (عبد الوهاب) بين الاثنين وخانته فراسته في هذا الوقت، فوافق على طلب (أسمهان) حتى يرضيها، وحذف الأغنية بصوت والداتي وجعلها تظهر فقط تغنى بطريقة (البلاي باك) على صوت (أسمهان)، بحجة أن والدتي شكلها (فوتوجنيك) أكتر من (أسمهان).

وفى الوقت الذي خذل الموسيقار محمد عبدالوهاب والدتي، كانت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم تتحدث عنها بكل حب عندما يسألها أحد عن أحب المطربات إلى قلبها فكانت تذكر اسم (بديعة صادق، فتحية أحمد، سعاد محمد)، لهذا ارتدت (بديعة صادق) الملابس السوداء شهورا عندما سمعت بخبر رحيل  (كوكب الشرق).

مع زوجها أحمد على

الزواج من أحمد علي

انجبت  (بديعة صادق) من (النجدي) إبنها (خالد)، لكن كان إسراف (النجدي) في شرب الخمر، وراء طلاقها، حيث لم تتحمل العيشة معه فأصرت على الطلاق وفعلا حصلت عليه بعد عناء، وفى هذه الفترة تعرفت على موسيقي شاب كان يعمل في فرقتها اسمه (أحمد على).

كان ملحن و موزع و عازف كمان و عمل لها أكثر من لحن كللوا بالنجاح، مثل (شايف نفسك مين، وبعد كل ده) وغيرها، كما لحن لغيرها، كان صديقا لوالداها (محمد صادق) ولطليقها (النجدي) أيضا، وبعد طلاقها تقرب منها ليرفه عنها ويخرجها من حزنها، وأعجبت بأخلاقه وتزوجا فى بداية الخمسينات، وأنجبت منه أولادها الخمسة (أحمد 1954 ، و طاهر 1955 ، وبديعة 1956، و ناصر 1957 ، وإسماعيل1960).

الهجرة إلى الكويت

كانت دولة (الكويت) في الخمسينات صحراء قاحلة وبلد تشرف على النهوض في عصر الراحل رحمة الله عليه الشيخ (عبد الله الجابر الصباح)، و كان اسم ولى العهد أيضا (الشيخ عبد الله)، حضر ولى عهد الكويت الشيخ (عبد الله) إلى مصر فى أواخر الخمسينات وأقيمت حفله غنائية في قصره بالقاهرة، أحيتها (بديعة صادق).و

كان معها الفرقة الموسيقية منهم أحمد على (زوجها) طلب الشيخ (عبد الله) أن تحضر هذه الفرقة إلى الكويت لأنهم بصدد إنشاء اذاعه الكويت، و تطوير المجال الإعلامي والموسيقى والفن في الكويت، وبالفعل سافر (أحمد علي) عام 1961 هو ومجموعة من الموسقيين المصريين إلى الكويت واستقروا هناك.

خلدت أدوار محمد عثمان

قبل أن تسافر الفنانة (بديعة صادق) إلى الكويت مع أولادها الخمسة في1962 لتلحق بزوجها الذي سبقهم بسنه إلى الكويت، قابلها الموسيقار الشهير (إبراهيم شفيق) صاحب (معهد شفيق للموسيقى)، وطلب منها أن تغنى الأدوار الغنائية مثل (قدك المياس، والعفو يا سيد الملاح، وفي مجلس الأنس) وغيرها، خلال أسبوع حفظت الأدوار وغنتها للمعهد لتحفظ كمواد دراسية للطلبة، كما أنها صورت من قبل التلفزيون.

تعاونت بديعة صادق، مع عدد كبير من الملحنيين الذين استطاعوا أن يبرزوا جمال صوتها من هؤلاء (عزت الجاهلي، على فراج، خليل المصري، سيد مصطفى، محمد الشاطبي، عبدالرؤوف عيسى، عبد العظيم محمد، عبد الحليم نويره، رياض البندك، محمد صادق).

ومن أشهر أغنياتها (يا سلام،  لا أنت ولا أنت، على كيفك، غرام الصحراء ديو مع كارم محمود، ونسخة مع عبدالمطلب، يا عيني خففي الدمع، أولاد البلد، يا سيد الكل، ليالي الغرب، ديو مع محمد عبدالمطلب، كفاية ضحك علي، أنا كان مالي، روحي حيرانة عليك، توتو يا توتو، يا حليوة يا شايلة البلاص، ما كنشي عشمي..

آه وآهين، دور يا أسطى، علي يا علي، يا واحداني، ع الجبين، يا جمال اسكندرية، مسكين بني آدم، يا واد أنت يا شقي، لولا غرامك، كان مالك ومال الحب الأسامي، يا محلى جمالك يا عروسة، وكانت أول من قدم أغاني الرسائل في الغناء، حيث غنت أغنية بعنوان (الجواب) وقبل أن تظهر أغنية (عبدالحليم حافظ) جواب.

الدندورما صورة غنائية قدمتها ببراعة

الدندورمة ومسعود الحطاب

من أجمل الصور الغنائية التى قدمتها الإذاعة المصرية الصورة الغنائية (الدوندرمة) التى كتبها محمد متولي، ولحنها عزت الجاهلي، وقام بالغناء فيها (إبراهيم حموده، بديعة صادق، وسعاد مكاوي، فضلا عن عبدالمنعم مدبولي وعمر الحريري)، وقام بإخراجها محمد محمود شعبان، والتى حققت ومازالت نجاحا كبيرا، وقد قام المخرج (حسين كمال) إلى تحويلها إلى صورة متحركة فيما بعد.

كما قدمت صورة لا تقل جمالا عن (الدندورمة) وإن كانت أقل شهرة منها وهى (مسعود الحطاب)، تأليف محمود إسماعيل جاد، ألحان عزت الجاهلى، توزيع موسيقى أبو زيد حسن، إخراج : محمد توفيق، غناء (سيد إسماعيل، سيد مصطفى، محمود شكوكو، سعاد مكاوى، بديعة صادق، سعاد رأفت، صلاح عبد الحميد، المجموعة).

تتألق في رابعة العدوية

قدمت (بديعة صادق) لإذاعة الكويت العديد من الدرر الخالدة، مثل غنائها لدور (سلو الكاعب الحسناء) لم يستطع أداؤه غيرها من الرجال أو النساء، كما ذكر ملحنه (أحمد الزنجبارى)، وكتب هذا العمل شاعر الكويت الكبير (أحمد مشارى العدوانى)، توزيع أحمد على.

كما قدمت أوبريت (عاشقة الليل)، وهو أول أوبريت غنائى إذاعى كويتى مستوحى من قصه رابعه العدويه، كتب كلمات الأغانى (فواز شعار)، ألحان (عبد الحميد السيد ويوسف المهنا)، توزيع أحمد على، الموسيقى التصويريه إبراهيم حجاج، إخراج خالد الرندي.

السينما

كان حظ (بديعة صادق) قليلا في السينما هى وشقيقتها (كوكب صادق)، لهذا لم تقدم تجارب سينمائية جديرة بالذكر، لكنها ظهرت كصوت وصورة في بعض الأفلام، وكصوت فقط فى أفلام أخرى مثل فيلم (تحت السلاح – 1940)، وغنت بصوتها فقط في فيلم (سي عمر – 1941)، وفيلم (ليلة الحظ – 1945، وفي الفيلم الخامس (ابن الشرق) غنت بصوتها وصورتها 1947.

الرحيل

بعد مشوار حافل مع الغناء الراقي الجميل – التائه فى أرشيف للأسف و أدراج الإذاعة المصرية – رحلت عن عالمنا (بديعة صادق) في مساء يوم الخميس 7 يناير 2010.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.