رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

زينب علي البحراني تكتب: (رياض نعسان آغا).. نجمٌ بين الإبداع التلفزيوني والسياسة

بقلم الكاتبة الخليجية: زينب علي البحراني

على أرض الخيال في عالم الدراما السينمائية والتلفزيونية تتحرَّك شخصيَّات الأبطال بذاك الإشعاع الذي يستحوذ على مشاعر المُشاهدين ويختطف إعجابهم، مثل الدكتور (رياض نعسان آغا).

لكن وجود هذا النوع من الأبطال الاستثنائيين على أرض الواقع المُعاش نادِر، لأن هذا النوع من النجوميَّة في الحياة الواقعيَّة لا يكون إلا بمواهب فريدة، وجهود جبَّارة، وشخصيَّات تمتاز بمقوماتٍ غير عادية.

ما يجعل المُطَّلِع على سيرة نجم البرامج التلفزيونية والتأليف الدرامي السوري الدكتور (رياض نعسان آغا) لا يملك غير النظر إلى مُنجزاته بعين الإكبار.

لأننا أمام شخصيَّة مُتعددة المواهب، غاصت في بحار الثقافة وتأليف الكُتُب الجادَّة، وسبحت في أنهار التقديم التلفزيوني، وحلَّقت في سماوات الكتابة النقدية والدراميَّة.

وفوق هذا خاضت غمار السياسة بامتياز لتنال نصيبًا عاليًا من النجوميَّة على مُختلف تلك الأصعِدة.

إقرأ أيضا : زينب علي البحراني تكتب: الماكيير محمد عشُّوب .. نجم كواليس مشاهير الفن والسياسة

ترعرع (رياض نعسان آغا) في منزلٍ يقع إلى جواره “جامع الحمصي” الشهير في مدينة إدلِب السورية، بينما تقع على بُعد ما يُقارب مائة متر إحدى دور السينما.

وعن هذا قال خلال حديثٍ تلفازي: (أن يولد الإنسان في مُنتصف القرن العشرين بين مسجدٍ ودار سينما مُفارقة تعكس التقلُّبات الكُبرى التي حدثت في حياة جيلنا.

لا أعتبر السينما النقيض للمسجد، من اللطيف أن تستمع لصوت خطيب الجُمعة وفي الوقت ذاته تستعد لمُشاهدة فيلم سينمائي.. أعتقد أن هذا تنوُّع ثقافي مُهم صاغ وجداني ورؤيتي).

يبدو أن هذا التنوع الثقافي كان سببًا في اشتعال فتيل ولع (رياض نعسان آغا) بعالم السينما في مرحلةٍ مُبكرة، ما دفعه لمحاولة كتابة مسودة سيناريو فيلم سينمائي منذ أن كان في الصف الخامس الابتدائي.

تلك المسودة التي أطلَق عليها مُسمى (خربشة) ظلَّت فكرة تختمر في عقله على مدى أعوام طويلة لتتحول فيما بعد إلى مُسلسل تلفزيوني.

(رياض نعسان آغا) وقع في غرام التلفزيون من أول نظرة

التلفزيون.. حب من أول نظرة !

في مطلع ستينيات القرن العشرين كان (رياض نعسان آغا) يتجول مع أُسرته في زيارة لـ (معرض دمشق الدولي).

هناك وقع بصره للمرَّة الأولى على جهازٍ يُطل منهُ شخصٌ مُتحدثًا، فوقف أمامهُ بانبهار، وأُعجِب بهِ أيما إعجاب، واستولى على مشاعره الفتيَّة واستحوذ عليها كُل الاستحواذ.

عندها التفت إلى عمِّه الذي يُرافقهُ قائلاً بشغف واضح: (عمي.. أنا حبيتُه هادا التلفزيون كتير، خلَص بطّلت اشتغل أستاذ مدرسه، أنا بدي أشتغل بالتلفزيون).

مرَّت الأيَّام والأعوام وهو مُنصرفٌ إلى القراءة والثقافة واستكمال تعليمه في دار المُعلمين، ثم انتقل إلى الحياة الجامعية في دمشق حيث ازدهار الحياة الثقافية لا سيما المُرتبطة بالمسرح والتلفزيون اللذان يعشقهما.

هناكَ حضَر (رياض نعسان آغا) مسرحية (حفلة سمر) لسعدالله ونوس على مسرح الحمراء، وبدأ بكتابة النقد المسرحي ونشر مقالاته النقدية على صفحات الصحافة.

ورغم أن اثنين من أساتذته نصحاه بأن يُصبح مُعيدًا في الجامعة بعد تخرُّجه بنجاح؛ إلا أن ولعه بحلم العمل في المجال التلفزيوني كان أكبر من تنازُله عنه لأي سببٍ آخر.

صدفة قادت (رياض نعسان آغا) للكتابة النقدية في الصحافة

صُدفة.. خير من ألف ميعاد !

بعد تخرُّجه من الجامعة حان وقت تأدية خدمته العسكرية الإلزامية، لم تكُن الأجواء هناك تتلاءم مع طبيعته المفتونة بالثقافة والفنون والآداب.

لذا حاول استثمار ما يمكن استثماره من وقت فراغه للكتابة النقدية في صحيفة (الثورة) ثم صحيفة (تشرين) السوريتان.

ولكثرة المقالات والدراسات المنشورة له صار اسمًا مألوفًا في الوسط الثقافي، فدعاه الكاتب (عادل أبو شنب) ليكون ضيفًا على برنامج تلفزيوني كان يُقدمه.

سُر (رياض نعسان آغا) أيُّما سرور بتلك الدعوة التي تحقق له اللقاء الأوَّل بمحبوبه التلفاز، واعتبرها الخطوة التي ربما تقود الأميال اللاحقة في تحقيق حلم العمل للتلفزيون.

إقرأ أيضا : زينب علي البحراني تكتب : عبدالسلام النابلسي وجورجيت .. زواج يُشبه مغامرات الأفلام!

ويبدو أن الحظ اختار مُحالفتهُ من حيث لم يكُن يتوقع؛ فخلال خدمته العسكرية شاء القَدَر أن تُتاح له فُرصة التواجُد في حفلٍ يحضره أفراد السلك الدبلوماسي للدولة، وهناك لمحهُ وزير الإعلام فناداه:

رياض..

سارع بطلنا نحوه مُلبيًا النداء:

نعم: سيادة الوزير.

امبارح قريت مقالك في جريدة (الثورة)، كثير عجبني.

شُكرًا سيادة الوزير.

وين بتشتغل؟

مُدرِّس، لكن الآن بخدم عسكريِّه.

بس كتير شايف ميلك نحو الصحافه!

إي والله سيادة الوزير، أنا بتمنى إني أدخل عالم الصحافة، وبالأخص التلفزيون.

بس تخلِّص العسكريِّه تعال عندي.

لم تمر ستة أشهُر إلا وأتم (رياض نعسان آغا) خدمته العسكرية الإلزامية، وانطلق نحو مكتب وزير الإعلام الذي وهبه فُرصة العمل في التلفاز، وهناك ودَّع مهنة التدريس إلى الأبد.

شيئًا فشيئًا أصبح (رياض نعسان آغا) وجهًا مألوفًا ومحبوبًا من المُشاهدين السوريين

من التلفاز إلى السياسة !

شيئًا فشيئًا أصبح وجهًا مألوفًا ومحبوبًا من المُشاهدين السوريين، وساهمت ملامحه النبيلة وثقافته الواسعة العميقة في صعود نجمه واتساع رُقعة مُشاهدة البرامج التي يُقدمها.

وهناك بدأ العمل في مجال الدراما، فكتب قصة وسيناريو وحوار أول مسلسل له بعنوان (أحلام منتصف الليل) عام 1978م، وأخرجه (فردوس أتاسي).

نجاح هذا المسلسل دفعه لكتابة سيناريو وحوار مُسلسل جديد بعنوان (الشك) – يمكن الوصول إلى حلقاته عبر يوتيوب اليوم تحت عنوان: (هى والشك)، وقدمهُ لإحدى شركات إنتاج القطاع الخاص في سورية.

لكن بعض الظروف الإنتاجية دفعت الشركة لإنجاز العمل بطاقمٍ فني مصري لتتغير لهجة الحوار إلى اللهجة المصرية بدل السورية، ويُخرجه المصري محمود مُراد.

بينما يلعب بطولته نُخبة من الفنانين لعل أبرزهم (كمال الشناوي وعبد الله غيث وعفاف شعيب وسميحة أيوب).

إقرأ أيضا : زينب علي البحراني تكتب: وردة وبليغ حمدي.. حكاية زواج الحُب بالموهبة

نجاح هذا المسلسل حمَّسهُ لكتابة مسلسلات أُخرى كان منها: (غرباء في المدينة، امرأة لا تعرف اليأس، السوار، الكنَّه، أزواج، الحل الأمثل)، إضافة إلى عدد من السهرات التمثيلية التلفزيونية و كمٍ ضخم من البرامج الثقافية.

من هنا تنامت علاقته بنجوم الفن الكبار في سورية، اتسعت أبعاد تلك العلاقة مع استلامه إدارتين في التلفزيون بدءًا من عام 1980م: (إدارة البرامج وإدارة الإنتاج الدرامي).

 على إثر نجاح مسلسل (الشك) الذي عُرِضَ عام 1981م استقبله الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد.

ومع مرور الوقت تطورت العلاقة الإنسانيَّة الوديَّة حتى طلبه الرئيس ليكون مُدير مكتبه في القصر الجمهوري عام 1996م، وبقي في هذا المنصب حتى عام 2000م.

ثم عُيِّن سفيرا للجمهورية العربية السورية في سلطنة عُمان، ثم سفيرًا في دولة الإمارات العربية المُتحدة، وأخيرًا شغل منصب وزير الثقافة في الحكومة السورية منذ عام 2006م حتى عام 2010م.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.