رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

سميحة أيوب ومحسن سرحان .. حب وزواج ضد رغبة الأهل! (1)

* فيلم (الحب) جمع بينهما لأول مرة، وكل الفنانات والبنات المشاركات فيه كن يتوددن إلى محسن سرحان

* محسن سرحان شبه سميحة أيوب بأمينة رزق، فلقنته درس في الأدب والأخلاق!

* محسن سرحان يعلن على الملأ في الاستديو حبه لسميحة أيوب

* سميحة أيوب قالت لشقيقتها: قولي لأمي وخالي أن لم يزوجوني لمحسن فسوف أهرب وأتزوجه!، فليوافقوا درأ للفضيحة

كتب: أحمد السماحي

كالفراشة عندما تتجه إلى النور فيلسعها وهج النار، فتدور حول نفسها ثم تعود فيفتنها النور ويجذبها إليه لتستعذب النار، وتحترق كالفراشات التى لا تسلو النور ولا النار أبدا، كانت الفتاة الصغيرة سميحة أيوب تقارب نجم نجوم  سينما الأربعينات محسن سرحان في خشية، عندما عملت معه في فيلم (الحب) كانت قد فتنت به، وكانت صغيرة في السادسة عشر من عمرها في رأسها أحلام العذارى، وفي قلبها دفء الأمل، وفي نفسها شوق ليال طويلة إلى فارس فارع الطول، وسيم، مهذب، يكون فارس أحلامها، وكالفراشة احترقت أجنحتها عندما فتنها النور، وملأ عليها الحب كل كيانها وعقلها، ألقت مفسها في محيطه ورقت إليه، وملء عينيها لهفة وشوق وحب، لكن حدثت أشياء كثيرة جعلت هذا الحب يحترق ويموت سريعا.

ماذا جرى؟! تعالوا بنا أعزائي القراء لنعود إلى نهاية الأربعينات لنعرف تفاصيل قصة غرام سميحة أيوب ومحسن سرحان، كما رواتها سيدة المسرح للكاتبة الصحفية سكينة السادات في مجلة (الكواكب) عام 1957، بعد طلاقها، وكما كتبتها في مذكراتها التى نشرتها لها مجلة (نصف الدنيا) مع بداية الألفية الجديدة.

صورة نادرة خاصة بشهريار النجوم لأول أعمال الفنانة سميحة أيوب عندما تعرفت بمحسن سرحان

الحب بين سميحة ومحسن

كانت سميحة أيوب في السادسة عشر متفتحة البراعم عن جمال رائع، وكانت رغم سنها الصغير مخطوبة لـ (محمود المردنلي) مدير الإنتاج السينمائي، وفي هذه الفترة اشتركت في تمثيل أول فيلم في حياتها وكان بعنوان (الحب) الذي تولى بطولته محسن سرحان، والفنانة التونسية حسيبة رشدي، ورأها نجم الشاشة الفضية أول مرة في هذه الأيام ودق قلبه بسرعة، وكانت سميحة أيوب تعاني في هذه الفترة من اختلاف الطباع والعادات والتقاليد مع خطيبها محمود المردنلي، وهذا الاختلاف نشب معه خلاف كبير أدى إلى الانفصال، ومع بداية تصوير الفيلم لاحظت سميحة أن كل الفنانات والبنات المشاركات في الفيلم يتوددن إلى محسن سرحان، ويجتمعن حوله، وهو كان يجلس معهن ويعطيهن أكثر من وقته، على أن سميحة أيوب كانت لا تشارك الفتيات اهتمامهن ببطل الفيلم.

سميحة أيوب تلقن محسن سرحان درسا في الكرامة واسترجال المرأة

سميحة أيوب تلقنه درسا في الكرامة

هذا البعد جعل محسن سرحان يقترب منها، ونترك سيدة المسرح العربي سميحة أيوب لتحكي بنفسها قصة تعارفها وحبها وزواجها من محسن سرحان، حيث تقول: (يظهر أنني كنت أستفز في محسن سرحان عدم مبالاتي بوجوده كرجل بيننا ولا كفنان، وكان يحاول مشاكستي واستفزازي، وفي أحد الأيام قال: (الظاهر إن إحنا مش هنجوز لبعض لأنك في الفيلم طالعة أختي)، ولم أعلق بكلمة فكان هذا يستفزه، ومرة أخرى قال لي: (أنتي هتبقي زي أمينة رزق مسترجلة، ومفكيش أنوثة!)، فرددت عليه وقلت: (إذ كنت تعتبر أن الأدب والخجل والحفاظ على الكرامة من علامات عدم الأنوثة فمرحبا بها، وأريد أن أخبرك يا أستاذ أن كل البنات أو الستات لسن طبعة واحدة، فهناك المستهترة، والوقحة، واللامبالية على سمعتها كإمرأة أو أنثى، وهناك أيضا التى تعتز بنفسها وكرامتها وشخصيتها، فإذا كان تصنيفك للكرامة بأنها استرجال وليست بها من الأنوثة فمرحب بها!).

حب سميحة ايوب ومحسن سرحان على صفحات الجرائد والمجلات

مرض سميحة أيوب سبب حبها

غضبت سميحة أيوب من محسن سرحان وتجنبت أن أجلس في المكان الذي يجلس فيه إلا ساعة العمل أو البروفة، وأثناء ذلك كنت أسمع عنه حكايات ومغامرات كثيرة جدا، وبعد أيام أخذ هو يسعى إلي وينتقي ألفاظه التى يتحدث بها معي، وأصبح مهذبا، وفي هذه الأثناء مرضت والدكتور منعني من العمل، وطلب من الراحة لمدة أسبوع، وكان مرضي في معدتي، وكنت لا أتناول إلا السوائل، وجاء فريق العمل لزيارتي على دفعات، وكنت ممتنة لهم، وجاء البطل محسن سرحان ملهوفا ملتاعا فقلت لنفسي: (ماهذا! والله إنه ممثل عظيم، أنا لم أتعامل معه بشكل حميم حتى يصاب بمثل هذه اللهفة)، ولكن في نفس الوقت أحسست بسعادة تسري في كياني بأنني مهمة بالنسبة له.

محسن سرحان في فيلم( المتشردة) الذي جمعه بزوجته سميحة أيوب

محسن سرحان يعطيني الدواء

وتضيف سميحة أيوب: جاء وقت أخذ الدواء وكان من الضروري أكون قد أكلت أي شيئ قبل الدواء، وكان محرما علي أن أدخل أي شيئ في معدتي إلا سوائل، فكانوا يحضرون العنب وأمضغه وارمى التفل من فمي، وكنت خجلانة أن أفعل هذا أمامه، ولكن حل موعد الدواء، وهو لا يريد أن يذهب، فقدمت والدتي العنب، أخذت منه، وحاولت أن أرمي من فمي تفل العنب في سبت بجانبي.

وإذا بالمفاجأة الكبرى أصر إصرارا محموما على أن يأخذ التفل من فمي بيديه ويلقيها في السبت، ومن هنا بدأنا رحلة حب جارف وأعلنها صراحة في الاستديو: (أنا بحب سميحة أيوب!)، وبدأ إحساسي كأنثى ينضج مبكرا، وأحببته بجنون وفاتحني في الزواج فقلت له : أذهب إلى المنزل وأطلبني وأنا واثقة أنهم سوف يكونوا سعداء.

تواصل سميحة أيوب قصة غرامها بالفنان محسن سرحان فتقول: في هذه الفترة كنت أحكي لصديقتي فاتن حمامه بكل التطورات العاطفية، وهى أيضا كانت تحكي لي عن حبها للمخرج عزالدين ذوالفقار، وأنها تشعر تماما بما أحس به من جهة محسن سرحان، وأننا يجب أن نتزوج حتى لو رفض الأهل ولا أحسبهم سيرفضون!

سميحة أيوب وعمر الحريري في الإذاعة قبل أن يتقدم لها محسن سرحان

محسن يتقدم لسميحة أيوب

تستكمل سميحة أيوب حكاية غرامها فتقول: جاء محسن سرحان إلى منزلنا وطلبني من أمي وخالي!، لأن أبي (رمى طوبتي) من يوم أن التحقت بمعهد الفنون المسرحية لدرجة أنه حرمني من حقي في بيع (وقف أيوب) وفرق نصيبي على إخوتي، طبعا لم أهتم هو حر في ماله وورثه، وكان رد والدتي وخالي بالرفض قالا: (دي بنت صغيرة، لسه عندها 16 سنة كيف تدير منزل) فرد محسن : (لكن هيئتها تنم على إنها عندها تسعة عشر عاما يعني باينة عروسة، أما من ناحية إدارة المنزل فهناك من يقوم بذلك، حقيقي هي عندها 16 عاما لكت تتمتع بعقل إمرأة في الأربعين).

كلما قارعهم محسن الحجة بالحجة كلما ازدادوا رفضا لأن من وجهة نظرهم أن الفارق في السن كبير، وهو رجل أرمل ولديه ولد وبنت، كان هذا لا يهمني لأن هذا شيئ إنساني، وأصررت على الزواج، فما كان منهم إلا حرماني من الدراسة في معهد الفنون المسرحية، ومكوثي في المنزل، ومعاملة في غاية المهانة تصل إلى الضرب المبرح كلما أعلنت أنني لن أتنازل عن هذا الزواج!

سميحة أيوب في عمل إذاعي بعد أن قررت الهروب من منزل العائلة

الهروب من منزل العائلة

في أحد الأيام قلت لشقيقتي الأكبر سنا مني تقول سميحة أيوب: (قولي لهم أن لم يزوجوني لمحسن فسوف أهرب وأتزوجه!، فليوافقوا درأ للفضيحة)، وأبلغت شقيقتي ما قلته لها فكان نصيبي يومها ضربا مبرحا مهينا، وأضمرت الفرار، وكنا نسكن في أول دور وكانوا يقفلون علي باب الغرفة بالمفتاح، وهداني تفكيري أن أقفز من أول دور حتى لو أصبت، فأنا لا أستطيع الحياة بعد الآن في مثل هذا الألم من البعاد عن الحبيب، وجمعت شجعتي وقفزت من النافذة.

والحمد الله لم يصبني مكروها وذهبت سيرا على الأقدام لمنزل محسن سرحان وكان يسكن بجواري في شبرا، وبينه وبين منزلنا محطة ترام، وقلت لبواب منزله: أطلع وبلغ الأستاذ محسن، أن سميحة أيوب تحت، وفعلا ذهب ونزل محسن ملهوفا، وسألت حالي ماهذا؟!، ماذا حدث له هو الآخر؟!، لقد فقد ما يوازي عشرة كيلو من وزنه في مدة عشرة أيام والسهر والقلق في عينيه.

أخبرته بما فعلت ورأيت نظرة فرح ممزوجة بالحيرة والخوف وقال: اهدئي سوف ارتدي ملابسي على عجل ونتصرف، وأخذني عند صديق حميم له متزوج، وسرد لهما قصتنا سويا وما نالني من عذاب، وتركني عندهم وقال لهما: هذه أمانة سوف أتركها عندكم ولن أحضر حتى يأمر الله بأمره، وأرجو أن يكون سريعا، ومكثت عندهم عشرة أيام، كانت بالنسبة لوالدتي عشر سنوات.

سميحة أيوب وعبدالله غيث في أحد عروضهما الأولى

سميحة أيوب وعذراء الربيع

وتذكر سميحة أيوب أنه كان وقتها أوبريت (عذراء الربيع) الذي قدمته في الإذاعة يذاع كثيرا، والقصة من وجهة نظر أمي كانت تنطبق علي، حيث خطف الفتاة (آذار) ملاك الحب، وأثناء ذلك بحث أهلي عني في كل مكان ولم يخطر لهم ببال بالطبع مكاني، ثم ذهب إليهم محسن سرحان مرة أخرى يطلبني فقالوا له: موافقين بس هى فين؟ وأين مكانها؟ فأخبرهم أنه يعرف مكاني، وأنه لن يدلهم على حتى يوفقوا على زواجنا.

مشهد عاطفي يجمع بين فاتن حمامه ومحسن سرحان قبل زواجه من سميحة أيوب

زواج سميحة أيوب من محسن

على مضض وافق أهلي وقال لهم محسن بشرط أن نتزوج بعد عشرة أيام فقالوا: (لن نستطيع أن نجهز البيت في هذا الوقت القصير)، فرد عليهم: أنا أريدها بشنطة ملابسها فقط.

وكانت ليلة الزفاف عنده في المنزل، وكنت أنظر في عيني أمي وأرى فيهما حزنا مستترا برغم التظاهر بالفرحة، وحضرت فاتن حمامه الفرح هى وعزالدين ذوالفقار، وقالت لي: (سوف نفعل مثلكما)، وفعلا بعد أحد عشر يوما من فرحي هربت فاتن حمامة مع عزالدين ذوالفقار لأن ظروفها مع أهلها كانت مثل ظروفي، حيث كان أهلها يرفضون زواجها أيضا.

وتنهي ميحة أيوب الجزء الأول من قصة حبها وزواجها من محسن سرحان قائلة: وليلة الفرح كانت ليلة غريبة، وكان المفروض أن محل (جروبي) هو الذي سيقوم بكل شيئ، ولكن العشاء تأخر قليلا، فما كان من محسن إلا أن ناداني إلى غرفة النوم وقال لي: (يا حبيبتي أنا ذاهب استعجل العشاء من جروبي)، وكان وقتها (جروبي) هو أكبر محل في البلد لمثل هذه المناسبات فقلت له: (طيب)، فقال لي: (سوف أغلق عليك باب الحجرة بالمفتاح حتى لا يضايقك أحد من المعازيم!) فوافقت فرحة، ولم أدرك في مثل سني وقتها ما ينتظرني من تعنت وغيرة مرضية.

……………………………..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.