رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نادية لطفي .. النجمة الذهبية الحلوة التى حولت نساء الأدباء إلى واقع!

* مست  شغاف القلب منذ أن طلت علينا باسم (نادية لطفي) منذ خمس وستين عاما

* المخرجين في السنوات الأولي وضعوها في أدوار البنت التي تسكن  البيوت الفخمة في أحياء الأغنياء

 * من تعاون معها كان يعاود التعاون مجددا مثل (محمود ذوالفقار، يوسف شاهين، حسين كمال، حسام الدين مصطفى)

* عملت مع الكثير من الأجيال المختلفة في الإخراج

* حين يرحل الفنان تصبح أعماله بمثابة خريطة للتعرف عليه

* كانت تتعامل مع الدور الذي تجسده بحب وفهم، وعندما تجد دور لا يضيف إليها تقرر الانزواء بعيدا عن أضواء الكاميرات

محمود قاسم

بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم

حبيبتي نادية!.. سوف تكتشف أن كلهن حبيباتك، كل من شاهدناهن على الشاشة ومسسن شغاف القلب بدرجة أو بأخري، وهذه هي (بولا محمد شفيق) تمس القلوب منذ أن طلت علينا باسم نادية لطفي منذ خمس وستين عاما وبالتحديد عام 1958 في دور الصحفية في فيلم (سلطان) إخراج نيازي مصطفى، وجه يشبه أغلب الوجوه البالغة الجمال التي تطل علينا في الأفلام الأمريكية لا تصلح أن تكون بنت بلد تسكن في الحارات الشعبية، نادية هذه هى الفتاة الصغيرة بطلة رواية (لاأنام) التي كتبها إحسان عبد القدوس، لذا فإن المخرجين في السنوات الأولي وضعوها في أدوار البنت التي تسكن  البيوت الفخمة في أحياء الاغنياء، ومنهم المخرج صلاح أبو سيف  الذي قدمها في دور شهيرة في (لاتطفئ الشمش).

نادية لطفي بدأت قوية في السينما كفتاة ارستقراطية

نادية لطفي.. بداية قوية

 لفتت الممثلة الجديدة نادية لطفي الأنظار اليها بفيلمها الأول (سلطان) أمام فريد شوقي، ورشدي اباظة، وكلاهما عمل معها كثيرا في أفلام لاحقة، وفي الأفلام التالية كانت موجودة كبطلة مطلقة مع كل من يوسف شاهين في (حب الي الأبد)، ومع أبو سيف في (لاتطفئ الشمس)، ومع كمال الشيخ  في (حبي الوحيد)، إنه ميلاد نجمة سوف تكون الأبرز طوال عقد الستينيات مع زميلتها سعاد حسني التي التقت معها في أكثر من فيلم منها (السبع بنات) لعاطف سالم، و (من غير ميعاد) لأحمد ضياء الدين، ثم (للرجال فقط) لمحمود ذو الفقار، هل هناك بداية بمثل هذه القوة، حتي سعاد حسني فانها لم تعمل مع هذه الأسماء الا فيما بعد.

نادية لطفي في حب إلى الأبد

نادية لطفي.. حب إلى الأبد

الدليل علي قوة بدايات نادية لطفي دورها في فيلم (حب الي الأبد) إخراج يوسف شاهين الذي ظل يعتبره واحدا من أفلامه المهمة، وبالفعل فإن الأبطال الثلاثة للفيلم كانوا في أحسن حالاتهم، خاصة (محمود المليجي، وأحمد رمزي)، فهناك رجل مرموق يستعد لخوض انتخابات برلمانية  لكن ارتباط أخيه الصغير بامرأة متهمة في جريمة قتل يؤرق الأخ كثيرا لأن الأمر سوف يؤثر علي مسيرته الانتخابية.

إقرأ أيضا : وداعا “نادية لطفي” .. صاحبة الروح التواقة للحرية

وقد بدت الممثلة نادية لطفي هنا بالغة الجمال والجاذبية شأن الكثير من جميلات السينما ذوات الأصول الأجنبية أمثال (مريم فخر الدين، وليلي فوزي) ما يجعل الأخ العاشق يتمسك بموقفه في التمسك بالفتاة التي في محنة.

نادية لطفي مع عبدالحليم في الخطايا

نادية لطفي.. لا تطفئ الشمس

هذا الجمال هو أيضا الإطار الذي رأينا عليه نادية لطفي تظهر فيه في فيلم (لاتطفئ  الشمس)، فهى (شهيرة) التي لانراها فقط خارج النادي الراقي، أو وسط مجموعة من الأصحاب، هى معجبة بالشاب (أحمد) ابن الأسرة الراقية، الباحث عن نفسه، ورغم أنها من بنات النادي فهى تختلف تماما عمن حولها من الشباب، هى  تمثل اتزانا ملحوظا،  تبدو بملامحها الغربية  ذات رشاقة وشعر أصفر، وتحاول إنقاذ الشاب الذي تحبه من لهو الاصحاب، وتنجح في ذلك.

إقرأ أيضا : الشاعر” محمود درويش” يركع تحت قدمي”نادية لطفي”

في تلك الفترة رأينا نادية لطفي في دور الزوجة العاقلة أيضا في فيلم (عودي يا أمي) إخراج عبد الرحمن الشريف تمثيل شكري سرحان الذي عملت معه كثيرا، إنها الزوجة التي تعرف أن حماتها علي علاقة بشاب تتردد عليه، ويتم اتهامها أنها أصابت الشاب الذي راح في غيببوبة، وتعترف أمام المحكمة بالعلاقة دفاعا عن حماتها، يطردها زوجها من البيت، وفيما بعد توافق علي العودة إلى البيت من أجل رعاية ابنتها التي لا تعرفها، لكنها دخلت في أزمة نفسية ويجب أن تتربي في ظروف أحسن حتي تتكشف الحقيقة.

نادية لطفي كانت نقطة تحول في مسيرة مخرجيها

نادية لطفي.. نقطة تحول لمخرجيها

عملت نادية لطفي مع أفضل المخرجين في سنواتها الأولي لتجسد دور الفتاة الارستقراطية، وكانت في بعض هذه الأفلام هي نقطة التحول لمخرجيها مثل دور (ماجي) في في فيلم (النظارة السوداء)، ومن الملاحظ أن سعد عرفة قد عمل معها مرارا، حتي لنكاد أن نقول أنه احتكرها، كل ذلك قبل أن تقوم بدور بنت الليل  (ريري) في (السمان والخريف)، فكان هذا الدور بمثابة الخروج من أدوارها التقليدية لتعمل في أدوار مشابهة خاصة في أفلام مأخوذة عن روايات مصرية.

نادية لطفي في فيلم النظارة السوداء

نادية لطفي والنظارة السوداء

عالم نادية لطفي السينمائي بالغ الاتساع قدمت من خلاله عدة نساء برزن في مسيرة هذه النجمة الذهبية، هن نساء سينمائيات من عالم حسام الدين مصطفي الذي كان دوما في أحسن حالاته كمخرج معها الدور الأول في (النظارة السوداء) قصة إحسان عبد القدوس، حيث لعبت دور (ماجي) ابنة نوادي الطبقة الراقية، إمرأة بلا جذور تقضي أغلب أوقاتها بين أحضان الرجال ولانعرف من أين تأتي بكل هذه الأموال التي تصرفها على الرجال، تضع علي عينيها نظارة سودء ليل نهار لإخفاء مشاعرها الجامدة حتي إذ دخل المهندس حياتها أعادها لتكون صفحة بيضاء تماما، يعلمها كيف تتعاطف مع قضايا العمال وغيرها من أمور الحياة، والغريب أنه في الوقت الذي يتحول المهندس عن القضايا التي يؤمن بها فانها تناصر العامل الذي أصيب وفصل من المؤسسة.

نادية لطفي مع شفيق جلال في بديعة مصابني

نادية لطفي.. والسمان والخريف

لقد مرت شخصة (ماجي) بمرحلة تحول أشبه بتلك التي عاشتها نادية لطفي مع (ريري)، وريري هى واحدة من مئات بنات الليل في الستينيات تطرق الباب ليلا علي شقق العزاب، وقد صارت في (السمان والخريف) عشيقة لعيسي الدباغ الهارب من ظروفه الاجتماعية إلى الأسكندرية، وتتغير ملامح وجهها بعد أن استراحت إليه، وتبلغه أنها حامل منه، فيطردها بقسوة، وتتزوج من العجوز صاحب المقهي، الذي ينسب مولوده الي اسمه، ولابد أن  يعود عيسي، بعد سنوات ويكتشف أن العاهرة صارت صاحبة المقهي، وترفض بقوة الرجوع إلى عشيقها الأسبق عندما يطلب ذلك!

إقرأ أيضا : تعرف على الثلاثية المقدسة لـ “نادية لطفي”

تحول ماجي في (النظارة السوداء)، وريري في (السمان والخريف) هو التحول إلى الأفضل، أما (شهرت) في (قاع المدينة) قصة يوسف أدريس، فإن التحول الذي أصاب (شهرت) هو للأسوأ أي إلى أسفل، فالمرأة  فقيرة كثيرة الأبناء متزوجة من رجل عاطل عليل وتوافق أن تعمل في منزل القاضي الأعزب الذي يغويها بالقوة علي إرضائه جنسيا ويحولها إلى عشيقة، يريدها أن تطلبه لنفسه وليس للأموال التي يمنحها لها، إلا أنها ترفض فيطردها ويكتشف فيما بعد أنها صارت فتاة ليل بحثا عن النقود.

نادية لطفي.. شهرت في قاع المدينة

نادية لطفي والإخوة الأعداء

أما المرأة الرابعة مع المخرج نفسه فهي الغانية الثرية في (الإخوة الأعداء) المأخوذ عن (دوستوفيسكي)، هى امرأة مقتدرة ماليا تدير صالة للقمار وتنتقل بين رواد  مائدة القمار ثم بين القرماني وابنه توفيق الذي تخلص له وتقف إلى جواره عند اتهامه بقتل ابيه، ويمكن المقارنة بقوة بين الممثلة الألمانية (ماريا شل) التي أدت دورالغجرية في الفيلم الأمريكي وبين أداء نادية لطفي لصالح المرأتين معا.

كما أن نادية لطفي أدت دور العاهرة في فيلم (جريمة في الحي الهادي)، أي أن حسام الدين مصطفى نظر إليها دوما علي أنها فتاة ليل بمناظير متقاربة، ذلك عكس النظرة الأحادية التي رأيناها مع سعد عرفة في أفلامه مثل دور الممثلة في (مع الذكريات)، إنها الممثلة الشابة التي تحب المخرج دون أن يشعر بها، وتفشل أن تحذره في سلوك النجمة التي يهيم بها دون أن يري أنها متعددة العلاقات.

نادية لطفي مع عمر الشريف في (حبي الوحيد) من أفلام البدايات

نادية لطفي وحب لا أنساه

في فيلم (حب لاأنساه) فإنها تقوم بدور الفنانة الأرستقراطية التي تصدم في مصرع حبيبها الشاب، وبعد سنوات تلتقي بشقيق حبيبها وقد صار شابا، نسخة مقاربة من أخيه فيتوقد الحب القديم لكنها تحس بفارق السنوات بينهما فتتركه، وفي فيلم (اعترافات امرأة) المأخوذعن رواية لسعاد زهير فهى المرأة التي تتعامل مع الرجال بندية، وتتعرف علي رجلين تباعا  يختلفان تماما في نظرة كل منهما للمرأة.

ومن المراحل المهمة في حياة الممثلة نادية لطفي، عملها مع كل من حسن الإمام منذ البداية، فلا شك أنها حصلت علي فرصة ذهبية للعمل معه في (الخطايا) أمام عبد الحليم حافظ، وهو المخرج الذي منحها دور العالمة زنوبة في ( قصر الشوق) وهو الدور الذي كان مخصصا للمطربة مها صبري، كما أن الأمام جعلها تجسد شخصية الراقصة بديع مصابني فيما بعد.

نادية لطفي .. لويزا في الناصر صلاح الدين

نادية لطفي ولويزا

 في رأي أن المخرجين  الذين عملوا مع نادية لطفي، كانوا يعودون للتعاون معها مجددا، وأبرزهم محمود ذو الفقار، ويوسف شاهين الذي قدمها في دور (لويزا) في (الناصر صلاح الدين)، ولويزا هى الفتاة الأجنبية القادمة مع الصليبيين أثناء الحروب، وتقع في حب عيسي العوام وتقرر البقاء في الشرق بعد عودة قوات الغزاء إلى بلادهم، أما كمال الشيخ فقدمها في أدوار متباينة ابتداء بالزوجة التي تقرر عدم الإبلاغ أن زوجها كان وراء محاولات قتلها  في (حبي الوحيد)، ثم جمعها مع محمود مرسي في أجواء غامضة في (الخائئة)، وكلها كانت لفتاة أو امرأة من الطبقة الراقية المثقفة.

إقرأ أيضا : “نادية لطفي” .. حب جارف لـ “إدريس ونجيب وإحسان”

أما حسين كمال فقد جمعه مع نادية لطفي أفلام مأخوذة عن أعمال أدبية، كانت البداية في (المستحيل) الفتاة المثقفة التي تتعرف على المحامي، وهو رجل متأزم بسبب زواجه أو اختيارات أبيه له إلي أن قابلها فعثر فيها علي مبتغاه الإنساني، أما في (أبي فوق الشجرة)، فهي ابنة الليل التي تبتزعشاقها الذين يسددون عنها فواتيرحياتها، إلي أن يدخل في حياتها طالب يترك زملائه أثناء أجازة صيف فتقع في غرامه لكنها تبتز أيضا أباه فيما بعد.

كان الفيلم الثالث مع حسين كمال في (علي ورق سلوفان) قصة يوسف أدريس، وهى هنا الزوجة الرفيعة المقام، زوجها  جراح كبير منشغل عنها دوما بالعمليات التي يجريها للمرضي ما يدفعها للبحث عن ما يملأ فراغها، ولاتلبث أن ترجع عن نزوتها قبل الوقوع فيها!.

نادية لطفي كانت تتمتع بنوع من الحب والرقي في علاقاتها الإنسانية

حب وفهم نادية لطفي

حين يرحل الفنان تصبح أعماله بمثابة خريطة للتعرف عليه، وكما نري فإن نادية لطفي عملت مع الكثير من الأجيال المختلفة في الإخراج، ابتداء بـ (نيازي مصطفى، وحسن الأمام، ومحمد راضي، وحلمي حليم)، وكان هناك دوما عودة للتعامل معها، فمن الواضح أن نادية لطفي في كل هذه الأدوار كانت تتعامل مع الدور الذي تجسده بحب وفهم، فتتالق فيه، حتي اذا لم يعد هناك ما يضيف اليها تقرر الانزواء بعيدا عن أضواء الكاميرات.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.