رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

باسم ياخور .. العربجي صاحب الأداء المبهر

بقلم : محمد حبوشة

يتأسس فعل التواصل الحي بين الممثل باسم ياخور والمتلقي على وفق اشتغال طاقة الممثل الأدائية المكونة من قدراته الجسدية والصوتية وكينونته الذاتية المتمثلة بقنوات التعبير الحسية، إن تلك القدرات عند النجم باسم ياخور تتميز ببث العلامات المركبة في قناة مشتركة، تعمل كمرسل فاعل لتحقيق غاية العرض التواصلية في إيصال الرسالة الفكرية والجمالية، وقد انطوى أداء هذا الممثل  في تشكيل قدراته الإرسالية على نمطين أدائيين مهمين: احدهما أكد على الحرفة الخارجية للممثل والعناية بتطويرها، والمرتبطة بالرعاية للنواحي الإلقائية والحركات والإيماءات التي تمثلها المدرسة التقديمية في التمثيل، وآخر اهتم بالحرفة الداخلية من أفكار وإحساسات وانفعالات، وتمثلها الرسالة التشخيصية/ الإيهامية في التمثيل.

إقرأ أيضا : قيس الرضواني: هدف (ليلة السقوط) وصل للشباب، وانتظروا الجزء الثاني

ومن أهم بنيات عمل الممثل باسم ياخور هو الإحساس والإيمان والصدق وتهيئة الوسائل الإجرائية والأدائية من جسد وصوت، من خلال التمارين العقلية والحسية والذاكرة والانتباه والتخيل والإحساس، وعقلنته وصولا إلى بنية جدلية قادرة على تفسير الدور من قبل الممثل وتجسيد الشخصية بالشكل الفني المؤثر بتوازن سلوكي جسدي ونفسي يضيفان زخما وقوة إلى التعبير الأدائي والجمالي، منطلقا من إتيان أفعاله العقلية والنفسية بشكل مستقر ومتوازن، ومن خلال مهمة الممثل الأدائية يتم ملء الفجوات الإشارية النصية إلى حالات درامية تشخيصية تتمظهر من خلال اتحاد مستويات الأداء الصوتية والجسدية وقنوات التعبير الحسية على وفق غنى المخيلة الجمالية للممثل، وهو ما ظهر جليا في دور (عبدو) في مسلسل العربجي في رمضان 2023.

إن التعبير الانفعالي لدى الممثل باسم ياخور، هو اللغة غير الشعورية التي تحدث للإنسان

باسم ياخور والتعبير الانفعالي

إن التعبير الانفعالي لدى الممثل باسم ياخور، هو اللغة غير الشعورية التي تحدث للإنسان، وخاصة عندما نراه يستعمل جسده للتعبير عن مشاعره، وما يجيش في نفسه، وهذه اللغة اللاشعورية تعبر عن الجوانب الأكثر حقيقية من ذواتنا من مشاعرنا وانفعالنا وحاجاتنا واتجاهنا، وهذه اللغة الأكثر صعوبة بكتابتها لكنها الأكثر أهمية في العلاقات الشخصية المتبادلة بيننا، ولكنك تستطيع أن تميز ما بين الحركات الجسدية كلغة لا شعورية وبين الحركة التي تنتج من العادة أو التقليد عند باسم ياخور، فهذه الحركة وما يماثلها هى حركة شعورية ناتجة عن البعد الاجتماعي كعرف سائد بين الناس، ومثل هذه الحركات تبدو كثيرة في المجتمعات الانسانية سواء أكانت إيجابية تعبر عن قيمة خلقية مهذبة وعلاقات محترمة بين الناس، وتبين عن الرضى والقبول، أو تعبر عن قيمة سلبية غير مهذبة تبين عن الغضب والرفض، إن الممثل باسم ياخور في التعبيرية يجسد هذه الشخصية أو تلك، وتطالبه بأن يكون مترجما لحالات الروح، والممثل التعبيري لكي يحقق ذلك يجب أن يكون أداؤه فيزيقيا بالدرجة الأولى.

ويبدو لي أن باسم ياخور يعتمد منهج (ستانسلافسكي) الذي كانت لديه طريقة لتعليم الخيال، أو تحفيز الخيال لدى الممثل حيث (يعتقد أنه يجب على الممثلين أن يصدقوا باحتمالية الأحداث في حياتهم الخاصة، قبل أن يتمكنوا من تصديق الأحداث على خشبة المسرح أو الشاشة، وقد كان يعرف الطريقة الأولى للتعبير عن الحياة الانفعالية الصادقة للشخصية تكون من خلال الملاحظة والخيال واستخدام الحواس وأن يستدعي الممثل ويجتذب الانتباه إلى كل شيء يواجهه ليكتشف جوهره الحي وهذه الطريقة معروفة باسم الذاكرة المؤثرة أو الانفعالية، وهى عملية يختار بها الممثل الانفعالات من خبرات حية مشابهة لتلك الشخصية ويستغل مطابقة أو ازدواج الأحاسيس الانفعالية داخل الدور.

الاستدعاء الانفعالي لدى باسم ياخور يؤدي إلى الإلهام

باسم ياخور والاستدعاء الانفعالي

إن التذكر أو الاستدعاء الانفعالي لدى باسم ياخور يؤدي إلى الإلهام الذي يستخدم بواسطته الممثل أفضل ما بداخله ويحمله إلى فوق خشبة المسرح والشاشتين الصغيرة والكبيرة، هذا هو الممثل الذي ينقل معرفته إلى المتلقي من خلال الصورة الجسدية وما تتضمنه من فكر وانفعال، وهذا الفكر والانفعال ينتج الحركة التمثيلية التي يبرزها جسد الممثل، فالممثل هو المختبر الذي يدور عليه العمل الفني واء كان مسرحا أو ينما أو تلفزيون، ولا بد أن تكون هناك عناصر مساعده له لتفجير حركة الإبداع الخيالي، وقد أشار ستانسلافسكي إلى كلمة (لو) فهي تبعث الحركة في الخيال الساكن، بينما تبني ظروف المسرحية الأساس لكلمة لو نفسها، وهما معا بالاشتراك والاتصال يساعدان في خلق عنصر الاشارة الداخلية، وخذ مثالا على ذلك من أدائه المبهر في عمله الرمضاني (العربجي).

إقرأ أيضا : طارق لطفي.. (الدباح) السائر على درب أشواك الأداء الصعب!

إن الانفعال الذي يحدثه الممثل باسم ياخور على خشبة يستدعي انفعالا لدى المتلقي، ويبدو المتلقي أيضا متأثرا بهذا الانفعال جسديا من خلال جسد الممثل، كما أن حضورية الممثل باسم ياخور بجسده هو لحظة الترهين التي يدور فيها العمل الفني، من خلال هذه اللحظة لن نجد المتلقي إلا متفاعلا مع ما يراه أمامه وهو الممثل، وإذا ما اعتبرنا أن الممثل له لغة خاصة من خلال حضورية الجسد، فإننا لن نغفل وجود المؤثرات الأخرى على أنها منجزات درامية، وربما ينطبق عليها أن تملك لغة أخرى مساعدة للممثل، ويتلقى هذه المنجزات المختلفة كالمخرج والسينوغرافي والديكور والإضاءة والموسيقى المتلقي، وهو الذي سيقوم بعملية التأويل لما يشاهده.

باسم ياخور أحب التمثيل من الصغر
باسم ياخور في (ظل المحارب)
باسم ياخور في (ليلة السقوط)
باسم ياخور في (العربجي)

باسم ياخور وحب التمثيل

ولد باسم ياخور في مدينة اللاذقية، وهو ابن الكاتب الصحفي الشهير إبراهيم ياخور، أحب باسم التمثيل منذ صغره ولذلك التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وفور تخرجه شارك باسم ياخور في مسلسلي (موزاييك، عيلة خمس نجوم – عام 1994، يوم بيوم، وحنظلة أبو ريحانة – عام 1995، مدير بالصدفة، والقيد – 1996، يوميات جميل وهناء، هوى بحري، عيلة 7 نجوم، عيلة 6 نجوم، البحث عن هوية – 1997، مذكرات عائلة، محاولات، عيلة 8 نجوم، النصابون، الطويبي –  1998، دنيا، بطل من هذا الزمان – 1999، ليل المسافرين،، فرصة عمر، أنت عمري – 2000، نجوم بين الغيوم، سحر الشرق،أيام اللولو ج2، ألو جميل ألو هناء – 2001، الفصول الأربعة ج2 – 2002.

كما شارك باسم ياخور في مسلسلات: (أهل الغرام ج1 – 2006، فجر آخر، جريمة بلا نهاية، النقمة المزدوجة – 2007، وصمة عار، وجه العدالة، هيك تجوزنا، أسأل روحك – 2008، هيك صار معنا، منمنات اجتماعية، قاع المدينة، صبايا ج1، شتاء ساخن، حرب الجواسيس – 2009، بنات العيلة، المفتاح – 2012، في قلب اللهب” عام 2013،  المرافعة – 2014، علاقات خاصة – 2015، مدرسة الحب، الندم – 2016.

إقرأ أيضا : (ليلة السقوط) يحارب الفكر الإرهابي، وينتصر لتعليمات الرئيس السيسي بأهمية دور الفن

سجل باسم ياخور حضورا مميزا في العديد من المسلسلات الاجتماعية، ولاقت أدواره في تلك المسلسلات ترحيبا من الجمهور، ومنها ما هو إنتاج سوري ومصري وعربي مشترك، فقد اشترك في المسلسل السياسي المصري (ظل المحارب) عام 2008 مع المخرج نادر جلال، و(زُهرة وأزواجها الخمسة) عام 2010، وتميز أداؤه في المسلسلات الاجتماعية، إلا أن نقطة التحول البارزة في مسيرته في هذا النوع من الأعمال كان مع المسلسل السوري (الولادة من الخاصرة)، مع المخرجة رشا شربتجي عام 2012، حيث قام بدور (أبو نبال)، وهو الدور الذي تألق فيه ياخور وأثبت نجاحا منقطع النظير في أداء مثل هذه الأدوار.

كما شارك باسم ياخور أيضا في عدد من الأعمال منها: (ساعات الجمر) عام 2012، ومسلسلات (في قلب اللهب، حدود شقيقة – عام 2013، وتميزت المسلسلات الاجتماعية التي شارك بها باسم ياخور بعد ذلك بالنجاح الكبير، حيث تابع دوره (أبو نبال) في مسلسل (منبر الموتى) للمخرج سيف الدين سبيعي عام 2013 ومسلسل (الإخوة) عام 2014، كما تميز في مسلسل (العراب) بجزأيه عامي 2015 و2016 مع المخرج حاتم علي، وفي 2016 شارك في مسلسل (الندم) مع المخرج الليث حجو، واستمر على وتيرته الناجحة عام 2017 بمسلسل (مذكرات عشيقة سابقة) لهشام شربتجي، و(شوق) لرشا شربتجي، وفي 2018 شارك في مسلسلي (سايكو، والواق الواق)، وفي 2019 مثل في مسلسلي (ببساطة، والحرملك) أما في عامي 2020 و2021 شارك في مسلسلي (ببساطة ج2، والحرملك ج2، وعلى صفيح ساخن، المنصة ج2 و3)، وله 3 مشاركات في عام 2023، في مسلسلات (ليلة السقوط، العربجي، خريف عمر).

باسم ياخور .. ضيعة ضايعة
باسم ياخور .. عيلة سبع نجوم
باسم ياخور في أهل الغرام

باسم ياخور والكوميديا

ارتبطت صورة باسم ياخور بأدواره الكوميدية، حيث كانت بداياته مع مسلسل (عيلة 6 و7 نجوم) كما قلنا سابقا، وبعدها لعب العديد من الأدوار الكوميدية الناجحة، ومنها مسلسل (أيام الولدنة) مع الفنان دريد لحام عام 2005 وكان المسلسل من إخراج مأمون البني، ولعل دوره الكوميدي التلفزيوني الأبرز كان في مسلسل (ضيعة ضايعة) عامي 2008 – 2010 مع المخرج الليث حجو، ثم تميز في مسلسل (الخربة) عام 2011 مع الليث حجو، وكان باسم ياخور أحد مبتكري سلسلة (بقعة ضوء) من عام 2000 وحتى عام 2008، وهى سلسلة كوميدية ناقدة لاقت نجاحا كبيرا في سوريا، واشترك باسم ياخور كممثل في معظم أجزائها، وتوالى على إخراج هذه السلسلة العديد من المخرجين منهم الليث حجو وسامر البرقاوي.

باسم يخور .. خالد بن الوليد

أدوار باسم ياخورالتاريخية

قد يصعب التصديق بأن ممثلًا ذا طابعٍ كوميدي مثل باسم ياخور هو ممثل ناجح أيضًا في الأدوار التاريخية، إلاّ أنه هو هذا الممثل، فقد لاقت مشاركاته التاريخية نجاحًا كبيرًا ومن أبرز مشاركاته التاريخية هى مسلسل (الناصر صلاح الدين الأيوبي) عام 2001 مع المخرج حاتم علي، ومع نفس المخرج في (صقر قريش) عام 2002، و(ربيع قرطبة) عام 2003 ، إلا أن المفاجأة كانت حين لعب دور القائد الإسلامي (خالد بن الوليد) في المسلسل الذي حمل الاسم ذاته عام 2006، وكان المسلسل من إخراج محمد عزيزية، فحقق نجاحًا مبهرا، وشارك بعدها في (قمر بني هاشم) عام 2008 مع المخرج محمد شيخ نجيب، والمسلسل التاريخي البدوي (فنجان الدم) عام 2009 مع الليث حجو، و(رايات الحق) عام 2010 لمحمود دوايمه.

باسم ياخو .. برنامج (أكلناها)

تجربة باسم ياخور الإخراجية

قام الفنان باسم ياخور بإخراج مسلسل (هومي هون) عام 2004، وهو تجربته الإخراجية الوحيدة، وحل ضيفًا على العديد من حلقات، كما كانت له مشركات إعلامية أخرى، ففي عام 2001، قدم برنامج (ليلة أنس) مع (ريما مكتبي) على شاشة تلفزيون المستقبل، وفي 2011 قام بتقديم برنامج (أمير الشعراء) على محطة أبو ظبي الفضائية، وأكد النقاد أن وجوده أضفى حيوية وروحا جديدة على البرنامج، كما أشادوا بفصاحته ومهارته في التقديم، وفي 2010 قام بتقديم برنامج (مساكم باسم) على التلفزيون العربي السوري، وقد لاقى البرنامج نجاحا كبيرا في نسب المشاهدة والمشاركة، وذلك للطريقة العفوية والمرحة التي أدار بها باسم ياخور الحوارات واللقاءات، كما شارك في برنامج ديو المشاهير (الموسم الرابع) على شاشة إم تي في اللبنانية لدعم إحدى الجمعيات الخيرية لكنه خرج في البرايم السادس لحصوله على أدنى نسبة تصويت ولابد لي أن أذكر تجربته التاجحة في برنامج (أكلناها).

باسم ياخور .. شارك في عدة تجارب مسرحية

باسم ياخور والمسرح

 شارك باسم ياخور في عدد من المسرحيات المختلفة، وهو مخرج مسرحية (الرجل المتفجر) عام 2000، وفي 2007 شارك في بطولة أول فيلم سينمائي مصري له بعنوان (خليج نعمة) من تأليف أحمد البيه وإخراج مجدي الهواري، وقد لقي باسم ياخور في الفيلم ترحيبا كبيرا من الجمهور المصري، كما أجمع النقاد أن موهبته الفريدة وحضوره الطاغي ساهما إلى حد كبير في نجاح الفيلم.

حصل باسم ياخور على جوائز عديدة في مشواره

جوائز باسم ياخور

حاز النجم باسم ياخور على ذهبية مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون كأفضل ممثل دور أول عن مسلسله (أيام الولدنة) عام 2008، كما حصل على ذهبية مهرجان الفنك الذهبي الجزائرية كأفضل ممثل دور أول عن مسلسل (عندما تتمرد الأخلاق) عام 2009.

وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للنجم العربي باسم ياخور، الذي ذاع صيته عربيًا بعدما أبدع في أداء جميع الألوان التمثيلية فكان ملهما في التراجيديا، مقنعا في الأدوار الاجتماعية، وأكثر من مبدع في الكوميديا، وهو نجم بكل مقاييس النجومية التي يفرضها العصر، حيث استطاع أن يبني اسما مهما في الدراما السورية، عاش في شوارع دمشق، وتحت ياسمينها، ولد حلمه بأن يكون ممثلا، وتنقل باسم بين عشرات الشخصيات، التاريخي منها والمعاصر، ولمع بشكل خاص في أدوار الشر والقسوة، والأدوار المركبة التي تحتاج ممثلا موهوبا وقادرا على منح الشخصية  من أعصابه وحساسيته الكثير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.