رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

شكوكو يشكو من غلاء المعيشة ويدعو على التجار قائلا: (ما بقاش في الناس دم تمصوه)

كتب : أحمد السماحي

بعد قرار تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر 2016، والشعب المصري يعاني من ارتفاع الأسعار، التى زادت بشكل مخيف مؤخرا، خاصة مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير  2022، التى نتجت عنها موجه تضخم عالمي ضربت الأسواق، وحدثت اضطرابات في سلاسل التوريد العالمي، خاصة للحبوب، ما سلط الضوء عالميا على أهمية الأمن الغذائي للبلدان، وجعل كثير من الأسر يعاني بقوة، ويدعو الله في صبحه ومساه أن تمر الأشهر المقبلة بسلام دون أي زيادة جديدة تطرأ على الأسعار الحالية المرتفعة من الأصل، لأنه لم يعد يحتمل مزيدا من الأعباء المالية التي أثقلت كاهله.

في الماضي كانت الأغنية المصرية تواكب كل الأزمات التى تمر بالمجتمع المصري، وكان لدينا شعراء على درجة كبيرة من الوعي والثقافة للتعبير عن المشكلات التى تحيط بمجتمعهم، لهذا عندما إرتفعت الأسعار في عشرينات القرن الماضي، تبارى كبار شعراء مصر للتعبير عن هذه الأزمة، أشهر هؤلاء الشاعر العظيم (بديع خيري)، وشاعر الشعب (محمود بيرم التونسي)، والفنان الذى لم تسلط عليه الأضواء التى يستحقها (أمين صدقي).

شكوكو يشكو من غلاء المعيشة ويدعو على التجار قائلا: (ما بقاش في الناس دم تمصوه)
أحد رواد فن المونولوج الفنان الكبير (محمود شكوكو)

 كل هؤلاء كتبوا أشعارا رائعة تعبر عن الأزمة وعجز الحكومة على حلها، وساعد على انتشار هذه الأشعار تبني عددا كبيرا من ملحني هذا العصر لها، من هؤلاء الشيخ (سلامه حجازي)، والشيخ (سيد درويش)، وسيد مصطفى، وزكريا أحمد، وغيرهم، وقد نشرنا العام الماضي حلقتين عن أغنيات إرتفاع الأسعار.

وظلت الأغنية في عصرها الذهبي سلاح قوي ومهم، تسلط الضوء على كل أزماتنا الإجتماعية، وفي منتصف الأربعينات قدم أحد رواد فن المونولوج الفنان الكبير (محمود شكوكو) مونولوجا  نقديا رائعا عن ارتفاع الأسعار، من كلمات الشاعر المبدع المظلوم حسين طنطاوي، وألحان سيد مصطفى، وقد نشرت كلمات هذا المنولوج مجلة (الراديو المصري) في شهر نوفمبر عام 1946، وتقول كلماته التى تعبر عن حالنا الآن، وكأن الزمن لم يمر!:

آه من الأسعار عند التجار تولع نار

ولدي يا ولدي آه من الأسعار

الحرب خلاص وبقالها كتير والغلا هواه

مسكين يا فقير ح تموت من همك والتفكير

آه من الأسعار، آآآآه، آآآه ، آآه

اللحمة لسه بنص ريال، وأنا ما يقضيني تلات ترطال

والجيب أنظف م الصيني العال

آه آه من الأسعار، آآه آآه

ورغيف العيش بالقاه بالزور

 ولا ينفع إلا لمسح الزور

والدستة ما بتكفيني فطور

آآآه من الأسعار، آآآه من الأسعار، آآآآه

طب والبمية والملوخية

ليه رخره كمان تغلى عليه

ولا رايحة ايطاليا ولا تركيا

آآآآه من الأسعار، آآآه من الأسعار ، آآآآه

وآهين من الفاكهة وأسعارها

راح أطق وأموت مكوي بنارها

واهو ذنبي في رقبة تجارها

’آآآآه من الأسعار، آآآه من الأسعار، آآآآآه

وده كله يهون جنب القماشات

وأنا عندي يا بوي صبيان وبنات

ومراتي ما بتبطل طلبات

آآآآآآه من الأسعار، آآآآآه من الأسعار، آآآآآآآآآه

لايموها شوية يا خلق يا هوه

وكفاية المال اللي خزنتوه

ما بقاش في الناس دم تمصوه

آآآآآآآه من الأسعار، آآآآه من الأسعار، آآآآآه

كانوا الألمان أرحم منكم

 نار قنابلهم ولا أتمانكم

راحت الهدنة بينا وبينكم

 منكم لله يا تجار

آآآآه من الأسعار، آآآه من الأسعار، آآآه

شكوكو يشكو من غلاء المعيشة ويدعو على التجار قائلا: (ما بقاش في الناس دم تمصوه)
انتصر للفقراء والبسطاء بالمونولوج

الجميل أن الملك (فاروق) ملك مصر والسودان لم يعترض هو ولا أحد من حكومته على ما جاء في هذا المونولوج الرائع ولا غيره من الأعمال الغنائية التى كانت تتناول ظاهرة ارتفاع الأسعار والتى كانت تذاع عبر الإذاعة المصرية، والتى للأسف الشديد اختفت من حياتنا ولا تذاع ولا أحد يدري أين إختفت هذه الأعمال الغنائية المتميزة للغاية؟! ولا من سرقها!، وعجبي!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.