رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: (قلمين في معرض الكتاب)!

بقلم: محمد شمروخ

قضيتان ذاتا أهمية كبيرة أثارتا اهتمامى في (معرض القاهرة الدولي للكتاب) لهذه السنة، كل منهما بمثابة قلم (ولكن قلم بمعنى صفعة) تمنيت أن يوقظ الألم المتولد منهما ضمائر قد غطت في نوم عميق!

القلم الأول جاء إثر إثارة القضية الأولى التى لم تأخذ حقها في المناقشة وفي ردود الفعل الجماهيرية أو الرسمية بعد التنويه عنها في بعض المواقع الإلكترونية الصحفية – وبالذات ما ركزت عليه – بوابة الأهرام الإلكترونية – ولكن سرعان ما خفتت أصداء رنين القلم، برغم خطورة ما أثير خلال اللقاء الفكرى المفتوح للناقد والكاتب الكبير الدكتور محمد عبد المطلب ضمن فعاليات المعرض.

وتفصيل القضية – حسبما نقلته (منة الأبيض) المحررة الثقافية لبوابة الأهرام – الحديث عن المجاملة فى مناقشة الرسائل الأكاديمية من ماجستير ودكتوراه، ضمن ما تحدث به الدكتور عبد المطلب وأثار الحديث لغطا على صفحات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، لكن للأسف انتهى بالنهاية المتوقعة بغلق باب المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال حيث قيل إنه كلام مجتزأ ومنزوع عن السياق!

ومع ذلك لم ألاحظ أى رد فعل ذى قيمة للتصدى لمناقشة هذا الموضوع الخطير خلال برامج الإعلام العادى، فيما يبدو تاركاً الهم كله على عاتق صفحات التواصل الاجتماعي لاسيما فيسبوك.

هناك مخالفات علمية أكاديمية صارخة

وما أحزننى بحق، ليس حقيقة هذا الذي قيل أو عدمها، أو حتى أنه منزوع أو غير منزوع.

………….

مع الأخذ في الاعتبار أن كلمة منزوع أصبحت كلمة لا تسمن ولا تغني من جوع!

………….

لكن الذي أحزننى هو انسحاب الإعلام التقليدى – رسمي وشبه رسمي – من الساحة وتجاهله العمدى لمثل هذه القضية التى ما كان لها أن تبقى رهن ثرثرة فيسبوك أو تويتر.. أو حتى طرحها على استحياء في هذا البرنامج أو ذاك.. ولو كان قد حدث أى تعليق تلفزيوني فإنه لم تقع عليه عينى ولا سمعت به أذنى!

بيد أن الكل يعرفون أن ما ورد على لسان الدكتور محمد عبد المطلب، هو أمر حقيقي، يدرك ذلك الجميع وفي القلب منهم العاملون في المجال الأكاديمي بتخصصاته المتعددة، فالمجاملات في مناقشة رسائل الدكتوراه والماجستير أمر مشهور منذ القدم والأهواء الشخصية لها باع كبير في هذا الأمر ولعل أشهر القضايا كانت إثارة الغبار على الدكتور نصر حامد أبو زيد – رحمة الله عليه، فقد كان القريبون من المشهد يعرفون أن قضية أبو زيد نفسها كانت في مبتداها منتهاها عبارة عن مواقف شخصية تلبست بالرداء العلمى المبجل، وتسللت إلى داخل المدرج تحت سواد الروب الجامعى الموقر.

ليت الأمر يقتصر على العلوم الفكرية والأدبية والاجتماعية، بل في الأمور العلمية والكليات العملية ذات الاتجاه التجريبي والمعملى البحت، ولو فتح الباب لعرض المجاملات لسمعنا ورأينا العجب العجاب.

وكنت أتمنى أن يستمسك الدكتور عبد المطلب بكل ما يحمله من علم ومواقف تتسم بالشجاعة والشرف بما تردد حتى ولو كان حقيقة انتزع كن سياقه في الندوة، فلقد كانت فرصة أن يعيد بما نقرر خلال الندوة من حقيقة إلى السياق العام بمواجهة أكبر ما يهدد سمعة الحياة الأكاديمية وما تشوهت به الحياة الجامعية في أعلى درجاتها وأكثر مراتبها رقيا.

لكن – ويالحسرة ما بعد لكن – آثر العالم الجليل السلامة ولم يكمل ما أثاره بجمل عارضة، ربما حفاظاً على ما بقى من قيمة وربما لكى لا يؤخذ المجتهد بجريمة المختلس والأصيل بجريرة الدخيل.

لكن يكفي أن تحدث الدكتور في العلن بما يتردد في الخفاء وصرح في القاعات المفتوحة بما يتهامس به الناس وراء الأبواب المغلقة.

أزيدك يا دكتور وأجرى على الله وأنت وأنا وهم وهن نعلم الكثير بأنه ليست القضية قضية مجاملات فقط.

فالمجاملة أمر يحتمل حدوثه ولو على مضض إذ تكون المجاملة مكملة لمجهود قد بذل، لكن الأمر في حقيقته يتجاوز المجاملات!

معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجديد
ة 2023

هناك مخالفات علمية أكاديمية صارخة تخرج من حيز الإهمال والجهل والكسل للباحث موضوع المجاملة لتدخل حيز أكثر خجلاً من المجاملة، بل قد يتعدى الخجل الأخلاقي إلى الجريمة الجنائية!.

جميعنا لدينا من الوقائع ما يندى له الجبين.. أنا وأنت وأنتم وأنتن وهو وهى وهم وهن، وكل الضمائر المتكلمة والمخاطبة والغائبة، المنفصلة والمتصلة، البارزة والمستترة.

فالكل يعلم أن هناك متخصصين في الرسائل العلمية والأبحاث الأكاديمية، لكنهم ليسوا في أروقة الجامعات والمعاهد، بل في مكتبات ومطابع ومكاتب معينة في مناطق معينة منها على سبيل المثال لا الحصر، بين السرايات وباب اللوق والعباسية، وأماكن أخرى أقل شهرة، لا يرتبطون بالحياة الأكاديمية إلا بما يتيح لهم توزيع الرسائل العلمية السابق حصول آخرين بموجبها على درجات عليا، منها المطلوب تقديمه للمشرفين على الرسائل الأكاديمية، باللغة العربية أو أى من اللغات الأجنبية، ويمكن تقديمها مترجمة، لكن بطرق غير مشروعة.

هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟!. لا والله، فهناك ما هو أكثر خزيا وعارا.. وكفى هذا حتى لا نقع تحت طائلة القانون، ولننتقل إلى القضية الثانية وهى أقل أهمية ولكن أكثر طرافة حتى لا يصبح الحديث مكتمل الكآبة ثقيل المشاحنة، وهى أن كثيرا من السادة المؤلفين من شتى المجالات، قد حولوا أنفسهم فى أجنحة وصالات وقاعات المعرض إلى موديلات إعلانات لمؤلفاتهم هم شخصيا.

وليت الأمر كدعاية لصالحهم ولكن يعملون عملهم هذا لحساب أصحاب دور النشر التى تعطفت وتكرمت وتنازلت ونشرت لهم كتبهم ولو كان على حساب المؤلفين أنفسهم ومن أموالهم الخاصة، فأصبح كثير من هؤلاء المؤلفين المساكين يقفون في الصالات يستقبلون أصدقاءهم وأصدقاء أصدقائهم وما يستجد من أصدقاء حضروا للمجاملة لشراء نسخ من كتبهم التى يعلنون عليها من خلال حساباتهم الشخصية على مواقع فيسبوك أو تويتر أو انستجرام.

………….

(الشكك ممنوع والزعل مرفوع ولا داعي للإحراج).

………….

الشكك ممنوع والزعل مرفوع ولا داعي للإحراج

وما يحز في نفسي ليس مجرد الدعاية وإن كانت مبالغا فيها ولا تنسي وقار عالم الكتابة ولا كبرياء الإبداع لكن في النهاية يبقى في صالحة ولكن الحقيقة على غير ذلك، إذ أن غالبية المؤلفين لا يحصلون على حقوقهم من ناشريهم وهو أمر مشهور في عالم الكتابة والتأليف والنشر، بل لا يستعيد المؤلف ما دفعه تحت بند المساهمة في تكاليف الطبع ولا ينتظر حصوله عليه، مكتفيا بما حققه من ظفر أدبى بخروج اسمه مطبوعا على غلاف كتاب!

(وربنا بتصعب علينا نفسنا).

ولا أدرى متى يخرج من بين المؤلفين او النقاد  مثل الدكتور عبد المطلب ممتطيا صهوة حصان سبارتاكوس ليثير هذه القضية ولو بكلام منتزع من السياق.

فليسامحنى أصدقائي في من المؤلفين والناشرين، فما حدث بمثابة قلم (أى صفعة) ولو على سبيل المزاح والأخوة، ولكنه قلم موجع لو تحسسنا موضع الألم الذي نتجاهله من أجل تحقيق حلم النشر بالعرض على رفوف المعرض!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.