كتب : محمد حبوشة
ولادتك مع موهبة القدرة على عرض المشاعر وتقمص الأدوار، إلى جانب دراسة التمثيل والتدريب والممارسة، يزيد فرصك بأن تصبح ممثلًا بارعًا ورائدًا في هذا المجال، وبالطبع هنالك مقاييس تمييز التمثيل الجيد من الرديء، في مقال نشر للمخرج المسرحي (ماركوس)، يقول إن لديه عدة معايير لتقييم أداء الممثل، إلا أنه ليس من الضروري أن يتبنى الجميع نفس المعايير، فالتمثيل على حد تعبيره مسألة تخضع للذوق الشخصي، كما هو حال أي نوع آخر من الفنون.
ومن أبرز مميزات الممثل الجيد القدرة على مفاجأة الجمهور، فيعتقد الكثيرون أن الممثل البارع من يلعب دوره بشكل طبيعي ودون اصطناع واضح، لكن الحقيقة، وفقا للمخرج والمشرف الفني ماركوس، أن أداء الدور بعيدا عن الاصطناع أمر مفروغ منه، ولكن التميز يكمن باستطاعة الممثل على مفاجأة الجمهور بردود فعله وعدم قدرة المشاهد على التنبؤ بما سيقوم به، على سبيل المثال، يمكنك تخيل ردة فعل الإنسان لدى فقدانه لشخص عزيز، هنالك عدد كبير من الانفعالات الإنسانية التي يمكن أن يتقمصها الممثل في هذه اللحظة، ولكن مهمة الممثل الجيد فهم هذا الطيف الواسع من الانفعالات وإدراك عمق كل منها وعلاقتها بالشخصية التي يؤديها، ومن ثم اختيار الأداء الأنسب، عدا ذلك يتحول الممثل إلى شخصية مملة تكرر انفعالاتها بشكل مبتذل.
في كعكة رمضن 2022 وما بعده من مواسم أخري لاحظنا أن هناك أدورا دفعت بعض الممثلين إلى تزييف ردود فعلهم واختلاق مشاعرهم غير الحقيقية وتقديمها للجمهور، مما وضع حاجزا بين الشخصية التي يؤديها والمشاهد، عوضا عن التأثير به وسحبه إلى عالم القصة التي هى بالأساس تعاني ضعفا شديدا، لكنهم لا يفتقدون إلى الثقة بالنفس إلى حد الغرور الذي يصور لهم أنهم برعوا في الأداء، مع أن هناك قاعدة ذهبية تؤكد أن الممثل أو الممثلة يحتاج إلى الوقت والممارسة بالوقوف على المسرح أو أمام الكاميرا، حتى يصلوا إلى مرحلة الراحة بالوجود أمام مجموعة كبيرة من الناس، أما في حالة ضعف الثقة بالنفس عند الوقوف أمام الكاميرا، فإن الممثل يدفع إلى ما يمكن تسميته (حماية أنفسهم) من الانكشاف العاطفي.
المهم أن لدينا عدد لابأس به من الممثلين تنوعوا في تقديم الشخصيات التي جسدوها سواء على مستوى الدراما التلفزيوينة، فجاء أداؤهم على نحو جيد للغاية في مسلسلات شهد لها النقاد والجمهور بالتوفق والبراعة ومنهم أكثر من واحد تفوق في عمل واحد أو عدة أعمال دفعة واحدة، حاول الفنان الجيد دائما تغيير جلده واكتشاف زوايا خفية في موهبته الكامنة بداخله، إذ يدرك أن الثبات على نمط واحد من الأعمال الفنية، ربما يفقده جمهوره، وربما يؤثر في حجم شعبيته، وأذكر منهم:
ياسر جلال:
جذب النجم ياسر جلال، بظهوره اللافت للنظر في مسلسل (الاختيار 3) حيث جسد شخصية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال معركته الشرسة ضد مخطط جماعة الإخوان الإرهابية، توحد ياسر جلال مع شخصية الرئيس بشكل رائع، على مستوى الحركة وطبقة الصوت، الأمر الذي ضاعف من حجم نجومية ياسر جلال ودفع عددا كبيرا من النقاد للإشادة به، وبرع معه كل من (كريم عبد العزيز وأحمد عز وصبري فواز وخالد الصاوي وأحمد بدير) في أدوار اتسمت بالجدية والعذوبة.
أمير كرارة:
استرد الفنان (أمير كرارة) عرش نجوميته بعد انتكاسة (نسل الأغراب)، عندما غاص عبر مسلسل (العائدون) باستفاضة فى توصيف (الإرهاب)، وكيف وضع المواطن العربى والمسلم فى خانة الدفاع عن النفس دائما، مشيرا إلى أن المتطرف دائما يتولى أمره ما يسمى بـ (المسئول الشرعي) والإرهابى يحارب بالوكالة ويموت بالوكالة دون مقابل، مؤكدا أن الإرهاب له صناع و(سماسرة)، ومن هنا جاءت كل تلك الأحداث المشحونة بالمعلومات والحقائق والوثائق التى حظى بها مسلسل (العائدون)، وتتضح لنا الغاية والأهداف الخفية جراء تلك المؤامرة الكبرى على مصر من خلال لعبه دور رجل المخابرات، فضلا عن كشف اللثام عن هذا العالم الخفى المليء بالغموض والأسرار، وربط خيوط المؤامرة، ويبدو لافتا أيضا تناول (العائدون) للجانب الاجتماعى فى حياة رجل المخابرات الذى يعيش حياة عادية مثله مثل كل مواطن يحيا على تراب هذا الوطن المقدس.
نيللي كريم:
في مسلسلها (فاتن أمل حربي) تمكنت (نيللي كريم) من لمس المشاعر الإنسانية، كونه يناقش قضية خطيرة تمس المجتمع المصري كله، فهو يناقش قانون الأحوال الشخصية، طارحا تساؤلا هاما: (ماذا يكون مصير الأبناء حينما تتفسخ الأسرة؟)، ونجحت في تجسيد الدور باحترافية، والإخراج قدم القصة بشكل واقعي كذلك هناك اختيار موفق لمواقع التصوير الحواري والبيوت كانت مهمة لإقناع المشاهدين، ولعلها كونت ثنائي رائعا مع الفنان (شريف سلامة) في استعراض قدرات الممثل في لعب الأدوار الاجتماعية الجادة، وشاركتهم النجمة (هالة صدقي) في عزف جميل على ذات المشاعر.
خالد النبوي:
نجح خالد النبوي في التخلص من مشكلة الافتعال الزائد وقدم دور (بليغ أبو الهنا) بتلقائيته في التمثيل بشكل متميز، وربما جاء نجاحه بفضل أن استطاع السيناريست (محمد سليمان عبد الملك) أن يقترب من روح السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، ونجح في تحويل مسلسل إذاعي لعكاشة من 15 حلقة لدراما تعتبر هى الأقرب لعالم عكاشة بعكس الجزء الأخير من (ليالي الحلمية) الذي ابتعد عن هذه الروح، ونجح في تناول القضايا التي طالما ناقشها عكاشة وهي: الهوية والتماسك الأسري، والطمع، والغربة، وقد أظهر (النبوي) تفوقا آخرا في الأداء الرومانسي في مسلسل (النزوة) الذي اتسم بالعذوبة والشجن المحبب.
طارق لطفي:
برع طارق لطفي في تجسيد دور الشيطان (خلدون) في مسلسل (جزيرة غمام) ولعب على الذكاء الحاد والشر المطلق، وبالتأكيد جاء نجاحه في لعب هذا الدور المركب من خلال تجربة لافتة فاستطاع المؤلف (عبد الرحيم كمال) أن يقدم إسقاطات من الماضي على الحاضر ويناقش قضايا تمس المجتمع بذكاء، ومنها رجال الدين والسلطة، وأعتبر شخصيا أن العمل يجسد مباراة تمثيلية رائعة بين أحمد أمين وطارق لطفي ورياض الخولي وفتحي عبد الوهاب ومي عز الدين ووفاء عامر).
منة شلبي:
ثلاثة أعمال هى حصيلة النجمة المتألقة منة شلبي في عام 2022، حيث قدمت فيلمين ومسلسل، فقامت بمشاركة بطولة فيلم من (أجل زيكو) مع كريم محمود عبدالعزيز، وفيلم (الجريمة) مع أحمد عز وماجد الكدواني، وكان لها حضور مميز في السباق الرمضاني من خلال مسلسل (بطلوع الروح)، حيث لاقى المسلسل نجاحا مدويا على المستوى الجماهيري والنقدي، بفضل أدائها الخرافي على مقام الدهشة الإبداعية التي أظهرتها في تحول الشخصية، واستدرار عواطف المشاهدين ضد ممارسات تنظيم داعش اللعين في العنف ضد المرأة.
هاني سلامة:
جاء النجم هاني سلامة على رأس قائمة المفاجئات هذا العام من خلال دور القاض يحيى في مسلسل (ملف سري) من خلال شخصية ثرية وسلسلة وبها تفاصيل مختلفة ظهرت بشكل مميز في المشاهد الأولى من العمل، ومن خلال الأحداث نجح (هاني) في اختطاف عين المشاهد وعقلة من خلال أداء يتسم بالهدوء تارة والانفعال تارة أخرى، لكنه حافظ على إيقاع أدائه حتي نهاية الحلقات بشكل يؤكد موهبته من ناحية ومن ناحية أخرى تراكم خبراته الكبيرة في الدراما التلفزيونية.
أحمد مكي:
بمسلسله (الكبير أوي – الجزء السادس)، استطاع (أحمد مكي) العودة إلى ملعب (الكوميديا) وهذا العام استطاع أن يتعامل بذكاء مع مسألة البطولة الجماعية، ومزج شخصيات قديمة مع أخرى جديدة، مقدما مواهب متميزة، ومن هنا يعود (مكى) مرة أخرى لمسلسله المفضل له ولجمهوره (الكبير أوى) الذى بنى جسورا من الثقة بينه وبين الجمهور الذى كان متشوقا لشخصيات هذا المسلسل الكرتونية التى تنبض بالكوميديا والبساطة فى آن واحد، فـ (الكبير) استطاع أن يخطف التريند، ويسرق قلوب المشاهدين المحبين له ولشخصياته التي يقدمها في المسلسل، وبات أمام مسئولية كبيرة، بألا يغيب على شاشة رمضان، أو عالم السينما بعد تلك العودة القوية، وبعد أن عاد اسمه يتردد في (الترند) مرة جديدة.
حنان مطاوع:
موهبة طاغية أثبتت تميزها منذ بداية مشوراها الفني، والكثير من الناس لا يعرف بأنها تنتمي لأسرة فنية بامتياز، فوالدها هو الممثل الكبير كرم مطاوع ، ووالدتها الفنانة القديرة سهير المرشدي، وشاركت حنان مطاوع في موسم رمضان 2022 بأول بطولة مطلقة لها من خلال مسلسل (وجوه)، وهو مسلسل مكون من 30 حلقة وينقسم إلى قصتين منفصلتين، كل قصة تدور في 15 حلقة، وعلى الرغم من أنه لم ينل حظا جيدا من النجاح الجماهيري؛ لكنه لاقى قبولا واسعا واستحسانا من قبل النقا بفضل أدائها الرائع لدور ينتمي إلى نوعية السيكودراما.
…………………………………………
في الحلقة القادمة نوضح كيف نجح نجوم آخرين في كعكة رمضان والمواسم الأخرى الموازية في إثبات جدارتهم.