رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

طلاق مدحت عاصم من زوجته كان سببا في ولادة أغنية (دخلت مرة في جنينة)

كتب : أحمد السماحي

من الروائع التى قدمتها صاحبة الحنجرة الذهبية أسمهان أغنية (دخلت مرة في جنينة) كلمات الشاعر عبدالعزيز سلام، وألحان الموسيقار مدحت عاصم مدير القسم الموسيقى فى الإذاعة المصرية في حقبتي الثلاثينات والأربعينات، وحققت هذه الأغنية نجاحا كاسحا، واستطاعت أن ترفع أسهم أسمهان بقوة، ونفذت اسطوانات الأغنية من السوق بسرعة غير معهودة، مما جعل الكاتب الكبير (عباس محمود العقاد) يتعب في البحث عن اسطوانة هذه الأغنية – كما كتب لاحقا – التى أشاد بها الجميع وقت طرحها عام (1939) والتى يقول مطلعها:

دخلت مرة في جنينه أشم ريحة الزهور

وأهنى نفسى الحزينة، واسمع نشيد الطيور

بصيت لقيت ع الغصون، بلبل وياه وليفته

واقف معاها بسكون، أنا فرحت لما شفته

فارد جناحه عليها، وبيراعيها بحنان

وهو من حبه فيها غنى لها لحن الأمان..

الموسيقار مدحت عاصم يدندن الأغنية على البيانو عام 1939

هذه الأنشودة العاطفية العذبة التى لم تتكرر كثيرا في تاريخنا الغنائي ورائها قصة حزينة للغاية، كتبها شاعر الأغنية (عبدالعزيز سلام) في مجلة الكواكب في منتصف الأربعينات تحت عنوان (قصة أغنية)، حيث يقول: ذهبت في نهاية عام 1939 إلى دار الإذاعة المصرية لأقابل الموسيقار مدحت عاصم مدير القسم الموسيقى، الذي كان ومازال من أقرب أصدقائي إلى.. لا يخفي عني ولا أخفي عنه شيئا، فتحت باب المكتب ودخلت وإذا أفاجأ بالصديق الكبير منخرطا في البكاء كالطفل، فأسرعت أغلق الباب ورائي، وأجلس إلى جانبه أتحرى السبب، وقد اشتد تأثري لحاله، فحكى لي أنه كانت له زوجة يحبها كل الحب، وكانت تبادله حبه وإخلاصه، لكن والد الزوجة ظل يتدخل في شؤونهما يريد أن يفرق بينهما لغرض في نفسه، حتى حدث الطلاق في اليوم الذي رأيته يبكي.

وأحببت أن أبعد صديقي عن هذا الجو الحزين، وأسري عنه بعد أن أفرغ أشجانه بين يدي، فاقترحت عليه أن يقوم معي إلى أحد استديوهات الإذاعة لنتسلى بالعزف على البيانو بعض الوقت، وبالفعل استجاب لطلبي بعد تردد وأخذ يعزف على البيانو في الاستديو، فإذا به يسرح بعيدا وينسى وجودي ويعزف لحن حزين ينساب من بين أصابعه كأنه يروي قصته الدامية.

غنت أسمهان (دخلت مرة في جنينة) لأن وراءها قصة مأساوية

ووجدت نفسي أخرج مفكرتي وقلمي وأفرغ معاني اللحن في كلمات رقيقة واكتملت كلمات الأغنية في أقل من ربع ساعة فوضعتها على حامل النوتة في البيانو أمام صديقي (مدحت عاصم) فلم يكد يقرأها حتى أغرورقت عيناه بالدموع ثانية، ولكنه مع هذا جرى الحماس في يديه فمضى يُعيد اللحن ويراجعه حتى ينقحه.

بعدها وعلى الفور اتصل بصديقته المطربة (أسمهان) وطلب منها الحضور إلى الاستديو، وبعد ساعتين وصلت أسمهان واستمعت إلى الأغنية وأعجبت جدا بفكرتها، ولم تغادر الاستوديو في ذلك اليوم إلا بعد أن غنت الأغنية غناء أولي على أن تعيد الغناء في اليوم التالي، وهذا ما حدث.

وطرحت الأغنية وكانت تذاع في اليوم الواحد عدة مرات بناء على طلب المستمعين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.