رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

في ذكرى رحيلها الخامسة .. نكشف علاقة (شادية بـ نزار قباني)، وسر إهدائه منزله في سوريا لها !

جعلت من الغناء الوطني عشقا له مذاقا مختلفا

كتب : أحمد السماحي

اليوم نحيي الذكرى الخامسة لرحيل حبيبة مصر شادية، تلك الأسطورة التى يزيدها الرحيل حضورا، تاريخ فني طويل حافل، ملئ بالخير كله والحب كله، أحبت كل الناس وبادلها الناس حبا بحب، وأحبت وطنها فغنت من أجله أجمل أناشيده، وجعلت من الغناء الوطني عشقا له مذاقا مختلفا، وأصبح الوطن في غنائها هوالمحبوب الذي تعشقه بكل جوارحها وأحاسيسها.

لم تكن شادية في فنها مدفوعة من أحد، بل لم تكن تمثل أو تغني إلا ما تؤمن به لهذا كان كل فيلم من أفلامها وكل أغنية من أغنياتها مؤثرة في جمهورها، سواء استمع إليها أو شاهدها.

لم تكن تمثل أو تغني إلا ما تؤمن به

اليوم وفي الذكرى الخامسة لرحيل دلوعة الشاشة شادية نكشف عن علاقة تعاونها التى لم تكتمل مع الشاعر السوري الكبير (نزار قباني)، وسر إهدائه منزله في سوريا لها.

بدأت الحكاية بعد نكسة عام 1967 حيث أعجبت شادية بقصيدة (القدس) التى يقول مطلعها:

بكيت حتى انتهت الدموع

صليت حتي ذابت الشموع

ركعت حتي ملني الركوع

 سألت عن محمد فيك وعن يسوع

يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء

يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء

نزار قباني وافق على فتح بيته للتصوير فورا عندما لم أن الفيلم لشادية

واستهوت (شادية) معاني القصيدة، وأبكاها يومها وكما يقول الشاعرالكبير(مجدي نجيب) الشطر الذى يقول فيه نزار: (من يحمل الألعاب للأولاد فى ليلة الميلاد)، بكت شادية مثلما يبكى الأطفال الذين فقدوا وافتقدوا الحلم وفقدوا ذاكرة الألوان، فهي معجونة بحب الأطفال وعالية الإحساس بمفهوم الوطن، يومها سلمت (شادية) القصيدة للموسيقار الكبير رياض السنباطي وطلبت منه تلحينها.

وفى زيارة خاطفة للشاعر (نزار قباني) للقاهرة لتسليم الزعيم (جمال عبدالناصر) رسالة يوضح فيها موقفه من قصيدة (هوامش على دفتر النكسة) كما نصحة صديقه الكاتب الصحفي (رجاء النقاش)، قابل نزار الموسيقار رياض السنباطي والشاعر مجدي نجيب وجلسوا الثلاثة في حديقة (جروبي)، واتفق (السنباطي ونزار) على كل التفاصيل، وكان الجديد في الموضوع أن (الأخوين رحباني) سيقومان بتوزيع الأغنية.

ولكن المطرب (عبدالحليم حافظ) أراد غناء القصيدة وأثار ضجة يومها معلنا أنه صاحب الحق فيها لأن نزار كان قد أعطاه الوعد بغنائها ومحمد الموجي انتهى من تلحينها بالفعل، والحقيقة أن شادية احترمت رغبة العندليب وأخبرت السنباطي أن يحتفظ بلحن القصيدة، ويبحث مع نزار عن قصيدة أخرى تغنيها، وعندما علم (عبدالحليم) بهذا وحبا في شادية التي كان يعتبرها (وش السعد) عليه، ومثل أخته فلم يفرج عن القصيدة، ونفس الأمر فعلته شادية وحبست القصيدة في درج مكتبها ولم تخرجها لأنها لاتقل (جدعنة) ولاشهامة عن عبدالحليم حافظ، ولم تخرج القصيدة بصوت (شادية ولا عبدالحليم) لكنها خرجت بعد سنوات طويلة بصوت (لطيفة) وألحان كاظم الساهر.

ولم ينس (نزار قباني) موقف شادية النبيل من قصيدته (القدس) وحبها لكلماتها واستعدادها لإنتاجها على نفقتها الخاصة عندما اعتذر المسئولوين في الإذاعة المصرية عن إنتاجها حتى لا يغضبوا عبدالحليم حافظ الذى كان ينوي غنائها أيضا، لهذا وعندما جاءته الفرصة لرد الجميل لها لم يتأخر.

مشهد لشادية ومحمود قابيل في فيلم (وادي الذكريات)

والحكاية تعود إلى نهاية السبعينات، وبالتحديد عام 1977 ، حيث كانت دلوعة السينما تستعد لبطولة فيلم (وادي الذكريات) قصة ميشيل صوايا، سيناريو وحوار يوسف السباعي، إخراج بركات، بطولة (النجم الصاعد محمود قابيل، وحياة قنديل، ومحمود عبدالعزيز، وعماد حمدي، وليلى فوزي)، وبدأت شادية تصوير بعض المشاهد فى الفيلم لكن توقف التصوير فترة طويلة نظرا لموت منتج الفيلم رمسيس نجيب، وفي هذا الوقت عرض المنتج (مخلص شافعي) على شادية تحويل مسلسلها الإذاعي الناجح (الشك يا حبيبي) إلى فيلم سينمائي من إخراج بركات فوافقت، وبدأت تصوير (الشك يا حبيبي) وانتهت منه، وبعد مرور عام أو أكثر فجأة تحمس أولاد رمسيس نجيب (مراد وأمير وأنور) لاستكمال تصوير فيلم (وادي الذكريات).

وبالفعل بدأ المخرج بركات جلسات عمل مع شادية وفريق العمل، وكان الفيلم يتطلب التصوير في سوريا في مكان هادئ أقرب إلى الريف، وبالفعل سافر المنتج مراد رمسيس وأبطال العمل (شادية ومحمود قابيل، وحياة قنديل، ومحمود عبدالعزيز) إلى سوريا، وبعد بحث طويل عثر مراد على بيت رائع أقرب إلى الفيلا يصلح للمهمة، وعندما سأل عن صاحبه وكيفية تأجيره علم من الرجل الذى يقيم في البيت ويعمل كحارس أن المنزل للشاعر الكبير (نزار قباني)، وهو لا يؤجر منزله للعاملين فى السينما!، وتوقف التصوير مجددا.

منزل نزار قباني الذي تم فيه تصوير فيلم (وادي الذكريات)

وبعد أيام من التوقف واستعداد أبطال العمل  للعودة إلى مصر، والبحث عن مكان آخر حتى يعثر المنتج على منزل يصلح للتمثيل، جاء حارس منزل نزار قباني مسرعا إلى المنتج مراد رمسيس، وقال له: (أن الشاعر الكبير كان يتصل به بالمصادفة من لندن أمس ليطمئن على المنزل، فعرض عليه  العرض المادي المغري الذى تلقاه نظير تأجير منزله، فرفض رفضا باتا لكنه تراجع عن قراره على الفور ووافق عندما علم أن الفيلم بطولة (شادية)، وليس هذا فقط ولكنه طلب منه أن يفتح منزله لها بدون أي مقابل مادي، وطلب منه أيضا أن يبلغها سلامه، ويعتذر لعدم وجوده في سوريا واستقبالها وأسرة الفيلم).

وسعد الجميع بهذه الموافقة وبدأوا بالفعل التصوير في منزل نزار قباني!

جدير بالذكر أن شادية في هذا الوقت أعجبت بقصيدة رائعة مليئة بالرومانسية لنزار قباني بعنوان (تعود شعري الطويل عليك)، وطلبت من بليغ حمدي تلحينها، لكنها تراجعت عندما علمت أن نجاة الصغيرة اشترتها وطلبت من الموسيقار محمد الموجي تلحينها، الطريف أن مصير هذه القصيدة لاقى مصير قصيدة (القدس) فلم تخرج بصوت شادية ولا نجاة! يقول مطلعها:

تعود شعري الطويل عليك

تعودت أرخيه كل مساء

سنابل قمح على راحتيك

تعودت أتركه يا حبيبي

كنجمة صيف على كتفيك

فكيف تمل صداقة شعري

وشعري ترعرع بين يديك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.