رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

يحيى الفخراني .. عاشق الفن الذي يجيد إمتاع جمهوره

كل فنان يجب أن ينافس نفسه ولا يهتم بمنافسة غيره

بقلم : محمد حبوشة

على الممثل أن يخلق في كل دور يلعبه حياة إنسانية كاملة بروح ينبغي أن تظهر كل النواحي الجسمانية والفعلية والعاطفية وهى تحيا حالة من التقارب مع روح المؤلف ولكي يتحقق هذا الهدف الجميل فإن عليه الغوص في النص لتحليله وتفكيكه ودراسته وسبر أغواره القصية على ألا يتحول الممثل إلى ناقل للنص حسب، بل عليه أن يكون مساهما مع المؤلف والمخرج في خلق الشخصية بأسلوب فني إبداعي وديناميكي، ومن أجل تحقيق هذا عليه أيضا أن يتدرب كل يوم على استنباط أغوار الشخصية والوصول إلى ما لم يتم الوصول إليه سابقا فضلا عن عمله الدائم على خلق التكامل الفني للعرض المسرحي والسينمائي والتليفزيوني عن طريق إدامة علاقته بالمؤلف والمخرج وبقية العناصر الفنية الأخرى.

باختصار شديد على الممثل أن يكون مبدعا، وأن يتحلى بصفات المبدع التي هي الضمانة الأكيدة لعدم تعنته وتناحره، وهنا (أحسب أن من صفات المبدع الذي يسعى حقا إلى التكامل هو أن يكون هذا المبدع: عادلا، منصفا، محباً للإبداع وللمبدع الآخر)، وهذه الصفات وغيرها تنطبق على ضيفنا في باب (بروفايل) لهذا الأسبوع الفنان المبدع الكبير (يحيى الفخراني)، الذي يعنى جيدا بفن تقمص الشخصية المطلوب تمثيلها على خشبة (المسرح) أو شاشتي (السينما والتلفزيون) بعد لبس جلدها والظهور في صفاتها بقدر المستطاع وتبعا لما رسمته من معالم الشخصية،  وعلى الرغم من أن أداءه يبدو مقيدا بأصل أو بنص مكتوب، فإن يتوافر فيه الإحساس وقوة التركيز للأفكار وقوة التذكر للحركة الجسمانية، حيث يعيش في الدور ويتسلل تحت جلد الشخصية، وعادة ما تكون تكون له المقدرة على إيجاد العلاقات الذهنية و منطقية الإحساس و القدرة على التحليل النفسي، فإذا لم يكن هناك معين في داخله ليخرج منه هذه الأشياء عند قيامه بأحد الأدوار فهو ليس ممثلا.

لا أجامل أحداً على حساب فني حتى ولو كان ابني

يمتاز بعقل سليم وجسم نشيط

من ملاحظتي لأداء الفنان القدير (يحيى الفخراني) أحس أنه يتغير تغييرا كاملا في الشكل الخارجي لهيئته و يتقمص الشخصية التي يمثلها، وهو في هذا يمتاز بعقل سليم وجسم نشيط، ففي هذا العقل والجسم تكمن القوة الديناميكية لتكوين الشخصية التي يؤديها على نحو محتلف ومغاير تماما لما اعتدنا عليه في التمثيل المصري، فهو يحاول الوصول إلى أكبر درجة من الإتقان ، و على هذا الأساس يمكن تحديد قوة الممثل أو ضعفه أو ما يسمونه بالموهبة الفنية .

يبدو لي أن الثقافة مهمة بالنسبة للممثل المبدع (يحيى الفخراني) فبحسب معرفتي به فإنه يقوم بجمع الكتب التي تبحث في شئون المسرح وفن الممثل ويهتم بقراءة الشعر وزيارة المسارح والمتاحف (طبعا الهادفة و ليست الهابطة!)، ومن ثم فيكون ملما بأغلب المشاعر والأحاسيس، فالممثل لايستطيع أن يؤدي الدور بإحساساته الشخصية وحده، لكن لابد أن يقترن هذا بقوة التخيل والإعداد واللذين يساعدان الممثل على أن يصب كل أفكاره في دوره بعد أن يتلقى التوجيهات من المخرج، وهكذا هو الممثل الموهوب الذي يدرك الحياة حق الإدراك و يضعها في خدمة الدور عن طريق الشعور و الإحساس، والتعمق في كل لحظة من اللحظات في تأدية الشخصية بملامحها و حركاتها و حواراتها و إيماءاتها و نظراتها .

عبدالرحيم كمال دائما يقدم لي نصوصا تلقى إعجابي

يعيش في الشخصية التي يمثلها

الفنان القدير (يحيى الفخراني) هو واحد من الممثلين الذين يدركون جيد أن تمثيل الإحساسات أو الإنفعالات تتولد من تلقاء نفسها عن الطريق الذي يحدث الحدث و لا يحتاج إلى تصنعها و التكلف بتمثيلها ، إنطلاقا من قاعدة أن (كلما أحب الممثل دوره و أخلص له ظهرت الشخصية و هدفها الأساسي بنقل أفكار المؤلف وأحاسيسه للمشاهد)، ولابد أن يتوفر فيه خاصية الإلهام: فيجب على الممثل أن يعيش في الشخصية التي يمثلها، فالشخصية الشريرة تختلف عن الشخصية الطيبة، لكن الشخصية الكوميدية المضحكة عنده لا تختلف الشخصية عن الشخصيات الدرامية الأخرى من حيث أبعادها وصفاتها إلا بشكل نسبي إذ أن لها بعدا عضويا وجسمانيا معينا وقد يكون فيه تشويه يثير الضحك (غروتسك) ولها بعدا اجتماعيا ينتمي إلى طبقة اجتماعية معينة.

وكذلك ولا يختلف ممثل الأدوار المضحكة (الكوميدية) عن ممثل الأدوار الأخرى سواء في المسرح أم في السينما أم في التلفزيون – بحسب رؤية (الفخراني) كمبدع غير تقليدي – سوى ما تتطلبه الشخصية الكوميدية من متغيرات في التعبير الجسماني والصوتي، وهنا تؤدّي المبالغة والاصطناع والتشويهات دورها أحيانا في أداء الممثل الكوميدي بقصد إثارة الضحك، ومثلما يمتلك الممثل الكوميدي مرونة جسمانية وصوتية كافية، فلابد للممثل التراجيدي أو الدرامي أن يمتلك مثل هذه المرونة أيضا، وقد يتطلب من الممثل الكوميدي أن يكون أكثر مرونة لأن المتغيرات التي عليه أن يمر بها خلال مواقف متغيرة كثيرة وسريعة.

والممثل الكوميدي (يحيى الفخراني) يقدم جهدا استثنائي في أدائه الأدوار الكوميدية حسبما يرى  فرويد: (إن الممثل الذي يقدم لنا عرضا مسرحيا هزليا مقارنة مع أنفسنا أنه يقدم جهدا كبيرا من خلال وظائف الجسم، وأن هذا الجهد يجعلنا متمتعين ومسرورين وهذا هو التفوق الذي يشعر به الممثل الكوميدي، ولا بد من الكشف عن ظروف الشخصية وأحوال معيشتها في لحظات تجسيدها، وهو ما يفعله الفخراني على المسرح (كما في الملك لير، ليلة من ألف ليلة ولية) على سبيل المثال، وكذلك في السينما (الصرخة، عودة مواطن) نموذجا، وفي الدراما التليفزيونية (الخواجة عبد القادر، دهشة، ونوس، يتربي في عزو، نجيب زاهي زركش).

ولأن الممثل حامل للمعرفة الإنسانية التراكمية، وهي ليست مجزأة، بل هذه المعرفة تتكون من عناصر كثيرة تمثل الطريقة والمنهج الذي يمثل السلوك الإنساني، من خلال التجارب والمعارف المكتسبة ذاتيا ومن الآخرين، وإذا ما صح القول بأن (الجسد حامل للمعرفة) كما يبين ذلك (كاموAlbert Camus) يتأكد لدينا أهمية الممثل (يحيى الفخراني) الحامل لهذه المعرفة من خلال مكونات ثلاث، وهى الذكاء/ العقل، والمعرفة الخارجية من خلال التدريب والتعليم، والمعرفة الداخلية التي ترسل للمتلقي، بل إنها عملية الفهم للحياة وما تدور حوله المسرحية أو الفيلم أو المسلسل من فكر ورؤى وحوار، إن جسد الإنسان وهو يحمل هذه الجزئيات الثلاث، والتي تشكل الكلية المعرفية للإنسان، هى ما تشكل البعد التصوري لدى المشاهد، وعليه يمكن اعتبار كل ما يدور على خشبة المسرح أو شاشتي السينما والتليفزيون هو نتيجة تفاعل مشترك تركز في جسد الممثل، يدركه المشاهد من خلال طريقة التعامل معه، وكيفية تعاطي المعرفة معه أيضا، وكيفية بث المعرفة من خلال جسد الممثل، والذي يبدو من خلال التمثيل، ليكون الصورة المرئية للآخر.

لدى قناعة أن الفنون عموما كل له قمته

ممثل يحمل كثير من الذكاء

وعليه فإن الحركات الجسدية المتنوعة التي يقوم (يحيى الفخراني) في تجسيده للشخصيات هى عبارة عن إيقاعات لغوية حركية تنوب عن الكثير من الكلام، فالإشارة من العين قد تعطي دلالات مختلفة، إن هذه العلامات تندرج ضمن السياق، سواء أكان يعبر عن حالة مودة أو حالة من التشنج والرفض لما يحدث من قبل الطرف الآخر، وكذلك إيماءة الرأس عند (الفخراني) تعطي تعبيرات لغوية حركية تعبر عن الرفض والقبول والتردد، وهذا ينطبق على الفم بحركاته المختفلة، وينطبق أيضا على الحاجب، ولا ننسى الأطراف والتي قد تكون معبرة بصورة أكثر وضوحا، وربما يلعب بذلك حجمها الذي يختلف عن الأعضاء الأخرى مثل العين والفم والرأس أيضا.

يحيى الفخراني، ممثل يحمل كثير من الذكاء وذا صوت مدرب جيدا وتلقائيا في الحركة متمكن من حرفيته الخارجية، أما فيما يخص بناء المشاعر الحية من الداخل والتي تحرك أدوات التعبير عنده فربما قد لا يوليها من الاهتمام بقدر ما استحقته الحرفية الخارجية منه، إذ يؤكد في كل مرة مع اختلاف الشخصيات التي يجسدها على أهمية التناول الظاهري في التشديد على استخدامات الجسد والصوت والإيماءة والنبرة والمحافظة على التقاليد والأساليب الحرفية، إن الدافع الذي يكمن وراء ذلك لدى (الفخراني) هو تحقيق (وحدة الأداء) انطلاقا من تقليد (النموذج المثالي) الذي يصل إليه الممثل بعد ما يكونه في خياله كشكل خارجي كامل من خلال  التمارين والذاكرة، وهو مايؤكد موهبته التمثيلية التي لا تكمن في الإحساس فحسب، بل في ترجمة العلامات الخارجية للاحساس ترجمة أمينة دقيقة، تماما كما يؤكد (ديدرو) في قوله: (إن الممثل ليس مرادفا للشخصية، إنه يؤدي دورها ويحسن أداؤه بحيث تظنون أنه الشخصية ذاتها .. الإيهام من أجلكم أنتم، أما هو فيعلم تماما أنه و الشخصية اثنان لا واحد).

من دون المشاكل والإحباط لن تعرف الحلم لن تشعر بالسعادة

يملك السطوة الحقيقية في التمثيل

ولقد لمست جانبا تطبيقيا من مقولة (ديدرو) في أداء (يحيى الفخراني) لثلاث شخصيات مختلفة لا يربطها أي رابط فيما بينها وذلك في مسلسلات (الخواجة عبد القادر، ونوس، شيخ العرب همام)، ورغم أن أداءه يعدا فارقا في مسلسلين وهما (الخواجة عبد القادر، شيخ العرب همام)، إلا أنه يحسب له الأداء العذب والاحترافية في تقمص الشخصيتين، ويعتقد المعلم (ستانسلافسكي) أن هذا النوع  من الأداء هو ما يصح تسميته بـ (الحلو أو الجميل)، ولكنه بلا عمق إنه يؤثر بشكل مباشر فهو يملك السطوة الحقيقية المعهودة في فن التمثيل أي أن الشكل فيه يكون أكثر جاذبية من موضوعه أو محتواه، إنه يؤثر على العيوب ويخلبها وعلى الآذان ويدغدغها، وفي نفس الوقت يمس الروح، وباختصار فأنه يرضيك ويملؤك، حتي ولو كان يفتقر لقصة جيدة ينبغي أن يتسلح بها الممثل.

كان الفخراني في (الخواجة عبد القادر) أكثر تألقا جمالا وإبداعا منقطع النظير من خلال شخصية (عبد القادر) التي لعبها في المسلسل الأيقونة في الصوفية ليشير بأدائه الخرافي إلى أنه تكمن أهمية الممثل في مقدرته على فهم الشخصية والدور الذي يلعبه، إن امتلاك الممثل لطاقة خلاقة قادرة على تفهم الدور، هو ما يجعل الممثل متمكنا من أدائه، وقادرا على التفاعل مع الجمهور، فالأداء الإبداعي هو الأهم لدى الممثل، وهذا الأداء يتكون من جزئيات عديدة تتمثل في الأمور الفنية التي تتوافر عند ممثل آخر وكذلك المخرج، والتقنية التي تعني بصناعة الصورة بقدرة عالية، من خلال اندماجها بأداء الممثل وتوصيل أفكاره للمتلقي، ولهذا يشترط في الممثل أن تكون لديه الملكة للتمثيل، وليست العملية تبدو عادية من دون اعتماد على ذهنية قادرة على القيام بالعمل على أكمل وجه.

على منصات التكريم

عمل أشهر الكوميدينات الراحلين

الفخراني قدم لنا رحلة متعة للمشاهد بالمنحنى التدريجي الذي بدأ به رحلته الفنية التي استهلها بتقديم الأدوار الكوميدية ومن قلب واحد من أصعب الفنون (المسرح) بداية من المسرح الجامعي مرورا بالعمل مع الراحل كرم مطاوع، والذي لعب فيها دور رجل عجوز بديلا للفنان محمود المليجي، ونال إعجاب الجمهور حينها ليكرر التجربة ثانية مع المخرج المخضرم ويقدمان معا مسرحية (حب وفركشة) بطولة صلاح السعدني، والتي كانت بداية التعارف الحقيقية بينه وبين الجمهور ليعمل بعدها مع أشهر الكوميدينات الراحلين مثل عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس، ومن ذلك المنحنى التصاعدي يبدأ الفخراني رحلة الإبداع الحقيقية في (التقمص) وهى المرحلة الثانية في مشواره، والتقمص لدى الفخراني يعني إدارة الشخصية للحد الذي يجعله مصدقا وقريبا ممن يشاهده، وهنا تأتي مهمة الاحترافية التي كلما زاد تقمص الفنان فيها لدوره شعر المشاهد أنه على طبيعته وفطرته.

ولد الفنان (يحيى الفخراني) بمدينة (ميت غمر) بمحافظة الدقهلية بدلتا مصر وهو الطبيب الحاصل على الإجازة في الطب والجراحة سنة 1971 من كلية الطب بجامعة عين شمس في القاهرة، لكنه اختار التمثيل عوضا عن الجراحة، وكان عضوا بارزا في فريق التمثيل بالكلية، وحصل على جائزة أحسن ممثل على مستوى الجامعات المصرية، وبعد تخرّجه مارس مهنة الطب لفترة قصيرة، وكان ينوي التخصّص في الأمراض النفسية والعصبية، وكان حينذاك يُمارس الفن كهواية فقط، ولكنه وقع في دائرة احتراف الأعمال الفنية سواء السينمائية منها أو التلفزيونية أو المسرحية عن طيب خاطر وباختيار واع.

للحب قصة أخيرة
خرج ولم يعد
حب في الثلاجة

ترك العمل بالطب من أجل الفن

بدأ يحيى الفخراني مسيرته المهنية في عام 1972، فبعد أن ترك العمل بالطب توجه الممثل المصري الكبير إلى المسرح ليبدأ رحلته من هناك، شارك في العديد من المسرحيات من بينها: (حب وفركشة) في عام 1974، بكالوريوس في حكم الشعب – 1978، حضرات السادة العيال – 1988، جوازة طلياني –  1998، مسرحية ليلة من ألف ليلة” في عام 2015، والملك لير، ويا ما في الجراب يا حاوي بعد ذلك.

كانت بداية (الفخراني) في التلفزيون عندما شارك في مسلسل (أيام المرح) مع الممثل القدير عبد المنعم مدبولي في عام 1972، وفي السنوات التالية شارك في العديد من المسلسلات منها: (الرجل والدخان، هروب، الجريمة)، كما كانت بدايته في السينما عام 1977 في فيلم (آه يا ليل يا زمن) مع كبار الشاشة رشدي أباظة وسمير غانم، وفي عام 1979 لمع نجمه وأصبح معروفا للجماهير من خلال مشاركته في المسلسل الاجتماعي (أبنائي الأعزاء شكرًا)، حيث لعب دور الابن الكبير رأفت، وفي نفس العام شارك في مسلسلين آخرين هما (طيور بلا أجنحة، سفينة العجائب).

في عام 1981 لعب (يحيى الفخراني) دور عبد الحميد إلى جانب الممثلة فردوس عبد الحميد في المسلسل الدرامي (صيام صيام)، وفي العام التالي شارك في ثلاثة أفلامٍ هى (رحلة الشقاء والحب، دعوى خاصة جدا) وفي الثاني  لعب دور (إبراهيم) مع الممثل العظيم فريد شوقي، ثم لعب دور البطولة في فيلم (الغيرة القاتلة) بشخصية مخلص، وفي حقبة الثمانينات قدم (الفخراني) الكثير من الأعمال السينمائية التي نالت إعجاب الجماهير، مثل (للحب قصة أخيرة، إعدام ميت، خرج ولم يعد، والكيف) وحصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان قرطاج الدولي عن فيلم (خرج ولم يعد) الذي عرض في عام 1984، حيث لعب دور البطولة مع (ليلى علوي وفريد شوقي) كما حصل على جائزة المركز الكاثوليكي عن فيلم (عودة مواطن) في عام 1986.

بين عامي 1987 – 1992 شارك في أجزاء المسلسل الدرامي المصري المشهور (ليالي الحلمية)، وقد لعب دور الشخص الأرستقراطي (سليم باشا البدري) وكان دوره رئيسيا في الأجزاء الأربعة الأولى وأصبح ضيف شرف في الجزء الخامس، وفي التسعينيات لعب دور البطولة في العديد من المسلسلات التلفزيونية أهمها: (أوبرا عايدة، ألف ليلة وليلة، نصف ربيع الآخر، وشخصية عبد المتعال محجوب في مسلسل (لا) ومسلسل (زيزينيا) بجزأيه الأول والثاني، كما حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة لعام 1993.

ليالي الحلمية
نصف ربيع الآخر
شيخ العرب همام

أدوار بارزة بالمسلسلات الدرامية

لعب (يحى الفخراني) دور البطولة في عدة أفلام مثل (إعدام القاضي، حب في الثلاجة، الحقيقة اسمها سالم)، وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استمر (يحيى الفخراني) بتقديم الأدوار المميزة والرئيسية في المسلسلات الدرامية والاجتماعية التي كان من أبرزها (سكة الهلالي، جحا المصري، يتربى في عزو، شرف فتح الباب، الليل وآخره، المرسى والبحار، عباس الأبيض في اليوم الأسود) الذي حصل على جائزة أفضل ممثل عن أداءه شخصية (رحيم المنشاوي) فيه، وفي عام 2010 لعب بطولة مسلسل (شيخ العرب همام) إلى جانب النجمتين صابرين وريهام عبد الغفور، وفي عام 2012 أخذ دور البطولة المطلقة لشخصية عجوزٍ سكير لديه نزعة انتحارية في المسلسل المصري (الخواجة عبد القادر)، وفي عام 2018 قدم المسلسل الدرامي الكوميدي (بالحجم العائلي) الذي يعتبر العمل الرابع الذي يتعاون فيه الفخراني مع الفنانة القديرة ميرفت أمين.

قدم (يحيى الفخراني) عدة مسلسلات إذاعية ومنها: (هيام وفارس الأحلام) عام 1986، الحوت والكتكوت – 1998، أحلام شهرزاد – 2015، ولديه عدة تجاربٍ في الأداء الصوتي للأفلام الكرتونية وغيرها، ففي عام 2006 أدى صوت الراوي في فيلم (عمارة يعقوبيان)، وفي عام 2012 أدى صوت البحار في المسلسل الكرتوني (قصص الإنسان في القرآن) وفي عام 2015 أدى صوت القاضي صفي الدين في مسلسل (قصص الآيات في القرآن)، كما شارك في فوازير المناسبات مع الفنانتين صابرين وهالة فؤاد.

زيزينيا
دهشة
الخواجة عبد القادر

يتربع فيها الآن على القمة

اختار النجم المخضرم أن يكون المشاهد هو مشروعه، وأن يلتحم معه لأجل فنه فقط لا من أجل شكله واهتمامه بمظهره، لذلك كان الفخراني على مدار حياته في أغلبها ممتلئ الجسم وغير مهندم الشعر حتى يجعل تركيز ووعي المشاهد مع الشخصية التي يقدمها وليس مع (كاركتر) وشكل من الممكن أن يتلاشى من ذهنه بمرور الزمن، ومن هنا فالرحلة الفنية للفخراني والتي يتربع فيها الآن على القمة يمكن تلخيصها في أمرين، الأول وهو ثقافته التي تبدو في طريقة تفكيره ليس فقط لاختيار الشخصية بل طريقة تقديمه لها، بالإضافة إلى نجاحه في خلق حالة أداء خاصة تمزج بين دوافع الشخصية الداخلية ممزوجة بحركات جسدية تتغير من حالة إلى أخرى بين الحزن والفرح.

وليس هذا فقط بل إن (الفخراني) منذ ظهوره وحتى اللحظة الآنية ظل منشغلا بمشروعه الفني والإبداعي لا يهمه الظهور الإعلامي كثيرا، ولم يخرج للتعبير عن رأيه في أزمات مجتمعية معينة لكونه يرى أن أبلغ ما يعبر به ويتحدث به لجمهوره هو فنه الذي يعيش من أجله ويتنفس به، لذا سيبقى يحيى الفخراني حالة فنية استثنائية لايمكن الحديث عنها في تلك السطور، لكن المؤكد أن وجوده في الفن المصري يمثل علامة الجودة بوجود فنان أصيل استخدم طاقته وموهبته وتأملها لتكون منهل الإبداع والخبرة لأجيال خرجت وأخرى قادمة.

ونوس

أشهر أقوال يحيى الفخراني:

** من دون المشاكل والإحباط لن تعرف الحلم لن تشعر بالسعادة، لن ترى الأبيض إذا لم يوجد الأسود.

** لدى قناعة أن الفنون عمومًا كل له قمته،  فلو جلست تنظر حولك ستتأخر.

** كل فنان يجب أن ينافس نفسه ولا يهتم بمنافسة غيره.

** انظر إلى الأمام واصعد حتى تصل ثمّ ستعلم إن كنت سبقتني أم لا، لأنك إذا نظرت خلفك ستتعطل.

** ثقتي بالمشاهد تدفعني لتقديم أعمالٍ ذات قيمة.

** المنتج يبحث عن المكسب وليس عن مكانة الممثل أو السينما.

** لا أجامل أحداً على حساب فني حتى ولو كان ابني فالكل يعرفني جيدا، ولو لم أكن راضيا عن شغله، فمن المحال أن أعمل معه، أو أسند إليه أعمالا ضخمة مثل مسلسلي (الخواجة عبدالقادر، ودهشة).

** عبدالرحيم كمال دائما يقدم لي نصوصا تلقى إعجابي، ويقدم لي الأفضل، وهذا ليس جديدا معي، فسبق وكررت التعاون مع عدد كبير من الكتاب، مثل: (الكاتب يوسف معاطي، والكاتب محمد جلال عبدالقوي) وغيرهما، وأنا لم أكن قاصداً التكرار، ولكن العمل والورق في النهاية هو الذي يجعلني أقرر تكرار التعاون من عدمه.

**  محدش يخاف من الموت إلا العبيط، دى الحقيقة الوحيدة اللى فى الدنيا، اللى أنا أخشاه هو إنى أبقى فى وقت من الأوقات عبء على الآخرين، إنى أبقى مريض فأبقى عبء أو اللى حواليا يزعلوا عليا لما أموت، أنا بفتكر جملة محمود المليجى لما قال (أنا نفسى أموت فى البلاتوه وفعلا مات وهو بيشتغل، وفرحتله يوم ما مات).

تكريمه في دار الأوبرا المصرية مؤخرا

وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للمبدع الكبير (يحى الفخراني) الذي أصبح اسمه (صك نجاح) على أى عمل فنى، بمجرد ظهور اسمه على التتر يضمن المشاهد أنه سيرى عملا مميزا ومختلفا، فهو يملك موهبة استثنائية فى فن اختيار الأدوار، حيث يبحث فى مناطق مغايرة داخل الواقع، وينقلنا بها إلى عالم مختلف، بمجرد عرض الحلقة الأولى تنجذب للعمل ولا يمكنك أن تتوقع ما الخطوات التالية، فهى قدرة جذب وإثارة للمشاعر وللعقول فى ذات الوقت بأداء بسيط تلقائى يتبع مدرسة السهل الممتنع، فالفخرانى يجيد إمتاع جمهوره، يغيب حين يرى أن المعروض لا يناسبه، ويعتبر إبهار جمهوره هو هدفه الأسمى، لذلك ننتظر دائما هذا المغامر الذي لا يكترث بما حوله.. لم يسابق أحدا سعيا وراء الشهرة واكتساب نجومية زائفة، حتى وإن كان سيحصد من ورائها المزيد من المكاسب، لأنه باختصار رفع شعار (الذكاء) في اختيار أعماله، وكان المواطن ذو الطبقة المتوسطة هو هدفه الأسمى فحصد جماهيرية ومحبة تزداد بتقدم العمر ومرور السنوات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.