رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فريق (ريفو) يحفز (ركين سعد) على عمل فيلم يحمل تاريخهم

بوستر مسلسل (ريفو)

كتب : محمد حبوشة 

رغم عدم وجود توقعات كبيرة بنجاحه، لفت مسلسل (ريفو) على منصة Watch It أنظار الجمهور له وأصبح أحد الأعمال التي تشغل حيزا من النقاشات والحديث على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديدا بعد انتشار الأغنيات التي قدمها أمير عيد – أحد أبطال العمل – ضمن أحداث المسلسل، وعلى الرغم من أن العمل يتسم بلمحة غنائية بسبب الجزء الثاني من الأحداث، وأيضا وجود أمير بأغانيه، إلا أن الجانب النفسي والأزمات النفسية حضرا بقوة من خلال شخصيتين، الأولى (مروان) الذي لعب دوره (صدقي صخر)، و(مريم / ركين سعد)، وذلك لمرورهما بأزمات شديدة، كانت المصحة النفسية، أحد مواقع التصوير المهمة في المسلسل، حيث ضمت الكثير من المشاهد المؤثرة في سياق الأحداث.

كما أنها المكان الذي يعبر عن شخصية (مروان)، وقد دخل إليها بعد محاولته الانتحار 4 مرات، لذلك قررت الأخت الكبرى له (سلوى محمد علي) ، التي تعمل طبيبة نفسية، أن تضعه تحت الملاحظة في المصحة، والمكان جزء من الصورة السينمائية التي تحمل مجموعة من الدلالات من خلال لغتها، ولغة الصورة هى تشكيل تفاصيل لها معنى من خلال الأدوات/ العناصر المرتبطة بصناعة العمل، واللغة تعتمد على عناصر متعددة يجب أن تتضافر لكي يكون لها معنى، وهى الوسيلة التي يستخدمها صانع العمل لتوصيل فكرته/ المضمون إلى المتلقي/ المتفرج، وفق ما ورد في كتاب (قواعد اللغة السينمائية) دانييل أريخون، والمكان (ديكور وملابس وإكسسوار) جزء من هذه اللغة.

أمير عيد .. كان مقنعا بأدائه وأغانيه

وتحديد تعبيرية المكان ضمن سياق الأحداث يمكن من تحديد نوعية ودلالة العمل نفسه، وإذا أسقطنا هذا الجزء على فكرة وجود المصحة النفسية كموقع مهم يعبر عن شخصية (مروان)، الذي أصيب بإحباط شديد بعد فقدان شادي – زعيم الفرقة – وأصبح كل أعضاء الفرقة في مكان مختلف، وكان تأثير فشل الفرقة على (مروان) أنه أصبح وحيدا، وقد حرص المؤلف (محمد ناير) على كشف تفاصيل شخصية (مروان) ليضع مبررا لتحول الشخصية من الحماس  إلى الإحباط مع فقدان الفرقة، خاصة أن الجميع استمروا في حياتهم، فهو ابن يعاني من سيطرة الأب وحاول أن يكسر سلطته، وانضم للفرقة، وشعر أنه وجد ذاته معهم، وتخلص من وحدته، ومع فقدانها هاجمته الوحدة مرة أخرى، وكانت المصحة كنموذج تعبيري واضح عن شخصيته، ديكوراتها وألوانها الباهتة.

(الأغنية هى آلة الزمن اللي كلنا بندور عليها) .. جملة ترددت على لسان حسن (محسن محيي الدين) أحد شخصيات العمل المهمة ليعبر بها عن مزيج من (النوستولجيا) والأغاني وما يستدعيه من مشاعر الراحة التي قد عايشناها في الماضي أو نتمني أن نعيشها، فتيمة (النوستولجيا) هى تيمة محببة نجحت الكثير من الأعمال في تقديمها وربطنا بها بقوة فتلك العاطفة المثالية هى عاطفة مرغوبة دوما لدينا؛  قد تثار من أبسط الأشياء أغنية أو مكان ما أو مزاج نرغبه أحيانا باختيارنا؛ وذلك حتي نتفاعل مع حياتنا بشكل مغاير كلما واجهنا مشاعر الخوف أوالحزن فنعود لماضينا رغبة منا في تكوين علاقة عميقة مع واقعنا من جديد، لذلك أصبح الحنين صورة للأمل، والذي كان ينظر إليه  في الماضي باعتباره اضطرابا نفسيا أما حاليا فهو أحد الطرق التي يتعامل بها الناس مع حالات العقلية السلبية والتهديدات النفسية.

محسن محيي الدين .. كتان إضافة جيدة للعمل

تعد الأغاني في المسلسل عنصر أساسي للربط بين مشاعر الفريق واختيارها هنا ليست لخصوصية تلك الفترة أو مزاج موسيقى خاص بهم، ولكنها اختزلت علاقتهم بأنفسهم والتأكيد على الفكرة الضاغطة على حياتهم، فاغنية (أنا النجم) التي تكررت خلال الحلقات جاءت معبرة عن الشك وعدم الانتماء التي يعانيها (مروان) كذلك مابين الطموح الكبير والوصول كان يغنيها (شادي)، ففي مراحلهم الزمنية المختلفة كانت كلماتها رابطة بين ماضيهم وواقعهم، حيث حدثت عدة تحولات في حياتهم وكأن هاجس عدم الوصول والفشل قد تحقق فأكثرهم نجاحا على المستوى المهني (مدحت أباظة / حسن أبوالروس) عازف الجيتار والذي كان يعمل مع حسام حسني تحول إلى صورة نمطية يسير وفق العزلة والفقر والتشدد؛ فلا يجد المال الكافي لمساعدة والده المريض أو آخر (ماجد جورج) يختار الهجرة للخارج.

طرق مختلفة تنتهي بهم وتفرق صداقتهم يقف خلفها موت شادي؛ صدمة تجعلهم تحت شعور الذنب والضغط وتنتهي بغموض غير مبرر ربما تمهيدا لجزء ثان للمسلسل، ويحاول العمل أن يذكرنا بفيلم (أيس كريم في جليم) حيث الشاب الذي يتخلى  عن أي شئ في سبيل موهبته وأحلامه، فيقول حسام حسني الذي يشارك في المسلسل بشخصيته الحقيقية أن المسلسل يحاكي الفيلم ويؤرخ لمسيرته في التسعينات كمكتشف للمطربين والفرق الموسيقية، ويمكن أن نقول أن الأغاني هنا جاءت خاصة بفريق (كاريوكي) باسلوبه الغنائي لذلك فالعودة إليها باعتبارها منفصلةعن أجواء المسلسل التسعينية فالتوق للوجود في تلك الفترة مختفي هنا.

يقدم مسلسل (ريفو) الأجواء التسعينية في الشكل الخارجي للشخصيات والملابس وبعض الكلمات المستخدمة تفاصيل مثلا كاستخدام شرائط الفيديو وشراء شرائط  الكاسيت من البقالة، لكنه لم يقترب من الحياه في فترة التسعينات أي أنه لم يقدم (النوستولجيا) كقيمة في حد ذاتها ولكنها إطار للأحداث فلا يخلق جمالية لتلك الفترة او تعبيرا عن الجيل الذي عاشها،  فهو لا يثير الحماس إذا ما قورن بأعمال كانت أكثر ثراء من حيث تقديمها لتلك الفترات، لكننا نعيش معه الصداقة وقصص الحب غير المكتملة والأحلام في فترات التخبط والارتباك في اطار مشوق وأغاني مميزة.

سارة عبد الرحمن .. أداء عذب وسلس في (ريفو)

المهم أن مسلسل (ريفو) تمكن من الدخول إلي قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة عبر منصة watch it ، بعد عرضه بأيام ، حيث احتل المسلسل المركز الثاني ضمن قائمة الأعمال الـ 10 الاعلي مشاهدة عبر المنصة، وينتمي مسلسل (ريفو) لنوعية الأعمال ذات 10 حلقات، ومع ذلك فإن (ريفو) استطاع أن يعيد الجمهور إلى أجواء التسعينيات من ملابس وتصفيف شعر وبعض الأجهزة التي كان يتم استخدمها في هذا الوقت ولم تعد موجودة مثل الكاسيت وشرائط الكاسيت، حتى أن الفنان (حسام حسني) نجم فترة التسعينيات يظهر في المسلسل ضيف شرف.

ونستطيع القول بأن سيناريو مسلسل (ريفو) هادف ومشوق وخاطف، ولم يقع المخرج (يحيى إسماعيل) في عمله الأول في أخطاء المبتدئين، ولم يقع إيقاع العمل منه، ولم يدخل المشاهد في مشكلات الزمنين المختلفين، ويحسب له اختيار طاقم العمل، فكان من السهل اختيار فريق غنائي كامل لتقديم دور فرقة (ريفو) الموسيقية، ولكنه لم يقم بذلك فكان (أمير عيد)، مطرب فريق (كايروكي) الشهير، متواجدا بتمثيله وصوته، وكان مفاجأة فلم يشعر الجمهور بأنه الدور الثالث له في مشواره، فكان متمكنا من أدواته بشكل كبير وظهرت عليه بصمات المخرج وتوجيهاته، وباقي فريق (ريفو) المكون من (صدقي صخر وتامر هاشم ومينا النجار وحسن أبوالروس) ظهر بينهم تجانس كبير للغاية، وكذلك باقي فريق العمل، فكانت ركين سعد، بالرغم من عملها في مصر في أدوار معدودة، إلا أنها تمكنت من اللهجة المصرية والدور وكانت محركا مميزا للأحداث، وكذلك الفنانة الشابة سارة عبدالرحمن.

نهاية العمل كانت منطقية إلى حد كبير لم نقسها مثل أعمال الإثارة، فمن الممكن أن يتوقع البعض جزءا من النهاية، ولكن السؤال: كيف تم تقديم النهاية؟ وهو الأهم هنا، فنهاية العمل كانت منطقية إلى حد كبير وردت على تساؤلات كثيرة خلال العمل، وأطلقت النهاية جزءا ولو صغيرا من لو أن هناك نية لجزء ثانٍ من (ريفو) حتى ولو لم يفكر طاقم العمل في تقديم جزء ثان، ومن ثم نعتبر التجربة مميزة من حيث الإنتاج والتمثيل والإيقاع، وهي تجربة تستحق منصة watch it  التقدير عليها والتشجيع لتقديم أعمال على نفس المنوال ومستويات أفضل خلال الفترة القادمة.

مسلسل (ريفو) هو في جوهره يعبر عن شيئين، الفقد والشغف، أو فقدان الشغف، حيث يلعب على وتر بارع من الانتصار للفن على حساب كل شيء، وكأنما يخبر العالم بأن ما يحدث من شر مقترن بعمل فني أو بنوع فني لا علاقة له من قريب أو بعيد بالفن ذاته، فأفراد (باند ريفو) الذين كرهوا الموسيقى بسبب الظلم الذي تعرض له زميلهم الفنان الحقيقي، خسروا حيواتهم بأكملها، خسروا أجمل ما فيها؛ الموسيقى، سر وجودهم ذاته والتي جعلتهم يظنون لهم القدرة على أن يكونوا أبطالا، كما أن تداخل مشاهد الحاضر والماضي كانت رائعة، مرت بسلاسة شديدة والسر يعود لإخراج يحيى إسماعيل المتمكن، في لحظات قليلة يستعيد فيها الأبطال لمحة من ماضيهم.

فقد ظهرت الذكريات على هيئة لمحة أو أغنية، ذكرني الأمر بلقطات (ستوب – موشن) المخرج الكندي الراحل جان مارك فاليه، والذي أجاد ببراعة مزج الموسيقى وتداخل الأزمنة ليصنع معزوفة فيلمية عذبة غنية بالتفاصيل، يحسب للمخرج بأنه سكن كل شخص في دوره، واستفاد من هالة الغموض والظلمة المحيطة بالمطرب (أمير عيد) لتوظيفها في شخصية شادي، كما استغل براعة نجمة مثل (ركين سعد) بملامحها الهيبية وأدائها الهادئ الذي يمكنها كالماء من السريان في كل تفصيلة.

وفي النهاية فإن مسلسل (ريفو) استطاع أن يجمع حوله قلوب متحلقة، فئات مختلفة من المجتمع اجتمعت فقط على حب الفن وباستسلامها لهذه اللعبة الممتعة التي استمرت 10 حلقات أعلنت أنها مازالت تحمل داخلها بذرة حب الخيال حتى وإن كسرها الواقع، وتتوزع أحداثه على خطين رئيسيين يعرضان بتواز: خط معاصر عن مريم (ركين سعد) ابنة السيناريست الراحل، التي تحاول استكمال كتابة آخر قصص والدها؛ حيث يؤرخ فيها لفريق موسيقى مجهول ظهر في التسعينيات بمسمى ريفو. 

لكن بقيت هناك مشكلتان تتعلقان بالإخراج، انتقصتا قليلا من جودة المسلسل:

أولا: التفاوت العمري للشخصيات التي تظهر عبر الخطين الدراميين، لم يكن مقنعا بصريا مع كل الممثلين، ربما هي مشكلة مكياج أو ستايلست أو كاستينج. لكن المخرج مسؤول بالتبعية. 

ثانيا: بروزة الأغاني دراميا، وهي سمة تميز الدراما الموسيقية عمومًا، وغابت هنا، كنا نسمع الأغاني فقط لأنه جاء دور الفرقة لتغني، وكأن (شادي) أتى بكلمات وألحان من العدم ليغنيها، ماذا عن كواليس تأليف تلك الأغاني وتلحينها وتوزيعها، وتوضيح إسهام كل عضو بالفريق بشكل واضح؟

ياجماعة هو انتوا بجد عاوزيني أعمل الفيلم ده؟

كان هنالك أكثر من ماستر سين في ثنايا الحلقات، لكني أتوقف عند الحلقة الأخيرة وتحديد عند مشهد لقاء الأربعة من أعضاء الباند (حسن أبو الروس/ مدحت أباظة، صدقي صخر/ مروان سامي، تامر هاشم / ماجد جورج، مينا النجار / شخصية عازف باز) لتحفيز (مريم) على إنهاء الفيلم الذي يؤرخ على الأقل لـ (أمير عيد / شادي  مؤسس الفرقة).

تقول (مريم / ركين سعد) في البداية: ياجماعة هو انتم مصرين أعمل الفيلم؟

احنا الاربعة مع بعض من حقنا نختار

ماجد جورج : هو احنا الأربعة من حقنا نختار.. المهم انتي تبقي عايزه.

مدحت أباظة : العقد اللي احنا كنا بندور عليه .. بصي كده المادة دي: من حق أعضاء (ريفو) مجتمعين أن إبطال أي بند بهذا العقد.

العقد اللي احنا كنا بندور عليه

عازف الباز: ده العقد اللي كان بينا وما بين حسن اللي سامح مقالش عليه.

مروان سامي : يعني احنا مع نقدر نبطل موضوع استغلال قصتنا .. وناخد احنا الحقوق دي ونقرر بقى مين يعمل ايه وما يعملش ايه.

ماجد جورج : هو ده.

يعني احنا مع نقدر نبطل موضوع استغلال قصتنا

مروان سامي : واحنا عاوزينك انتي يا مريم اللي تكتبي قصتنا.

مريم : بس ليه؟ .. أكيد يعني مش عشاني بعد كل اللي حصل ده!

مروان سامي : لا عشان وعشان حسن.

مدحت أباظة : وعشان (ريف) وطبعا عشان شادي.

ده العقد اللي كان بينا وما بين حسن

مريم : أنا لما عرفت ان بابا كان متجوز مامة شادي .. على قد ما اتخضيت كنت حاسة اني معرفش أي حاجة عن بابا .. بس فيه حتة مني كده انبسطت .. كأني طول الوقت وأنا باسمع عنه .. كان نفسي نبقى اخوات – تقصد شادي – كان نفسي أعرفه .. أكلم معاه.

مروان سامي : واحنا معاك يامريم .. احنا حنحكيلك كل حاجة.

مدجت أباظة : آنسة مريم احنا اخواتك .. يعني اعتبري شادي موجود.

بس فيه حته مني كه انبسطت

عندئذ ينتهي المشهد الذي على أثره بدأت تلم شمل نفسها وتتعاون مع مريم على كتابة فيلم يؤرخ لفريق (ريفو) على ايقاع موسيقى أغنية (أنا نجم) لأمير عيد التي تقول كلماتها:

وبعدين … كل ما اخذ خطوه … ارجع اثنين

العمر بـ يجري سابق سنين

أنا شاب لكن … من جوه عجوز

عندي جناحات …. بس محبوس

مجروح … بنزف طموح

بدم بكتب كلامي واروح

بسرح بتخيل بروح بغني

ترد فيا الروح

يمكن ده مش مكاني!!

أو الزمان ده … مش زماني

أو أنا موهوم

يمكن خيالي وداني لدنيا او العالم ثاني

أو انا مجنون

أنا نجم بس ما فيش سماء

عندي جانحات بس ما فيش هواء

وبعدين جوه مني صوتين

صوت سابقني … والثاني قديم

صوت يدل

وصوت يضل .. صوت يحرر

وصوت .. يشل

وبعدين اروح لمين

بحلم ببكره أنا طول الليل

يجيء النهار والصبح كل اللي حلمته بـ يتمسح

هواك بحس انه سابق انتم عايشن في الماضي

وأنا معاه بتخانق مكان أنا شايفه

مش هنا عالمي

أقوى مني ومكمله

أنا نجم بس ما فيش سما

عندي جانحات بس ما فيش هواء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.