رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

سمير صبري : حليم كان بوابة عبوري للفن، ويوسف السباعي رشحني لـ (بمبة كشر)

كتب : أحمد السماحي

قصيرة هي الحياة مهما طالت، لكن الحب طويل طويل حتى نهاية الحياة، والسيرة الحلوة أبقى ذكرى، والنجم الراحل (سمير صبري) ترك ميراثا من الحب عند كثير من الناس العاديين، وعند زملائه النجوم، لهذا سيعيش في وجدان الكثيرين سنوات وسنوات قادمة، أصاب نجمنا الراحل نجاحا ومالا وشهرة ونفوذا ووسامة وجمال، ولكن كل هذا لم يخدعه، ولم يصبه بالغرور، فقد كان في أعماقه بسيطا وطيبا.

وقد عرفته قارئا جيدا لكثير من الكتب المصرية والعالمية، وعندما أطلقنا بوابة (شهريار النجوم) كنت أرسل له على (الواتس آب) بعض الموضوعات خاصة القديم منها، وكان يرسل لي رسائل حب وتشجيع، وأحيانا يصحح معلومة أو يضيف أخرى، وطلب مني أن يجري معي حوارا إذاعيا عن كتابي (الدنجوان .. رشدي أباظة أسطورة الأبيض والأسود)، لكن حالت ظروف فيروس كورونا دون اللقاء، ومنذ فترة وبعد شفائه طلب مني أن يجري حوارا عن كتابي (حليم .. سيرة وأغنيات مجهولة) ووافقت وقررنا أن نجري الحوار في شهر يونيو القادم وفي عيد ميلاد (عبدالحليم حافظ) لكن الموت حال دون اللقاء.

اليوم سنتوقف مع بعض آراء (سمير صبري) الفنية والإنسانية التى ذكرها في بعض حواراته الصحفية والتليفزيونية والإذاعية، فإليكم هذه الآراء والذكريات:

** أعتقد أن القدر والحظ كانا في صالحي منذ البداية، بل رسم القدر لي طريق تحقيق حلم حياتي بأن أكون فنانا، حيث قرر والدي الانتقال إلى القاهرة وفتح فرع لشركتنا (مطابع محرم) هناك وفي الوقت نفسه انفصل عن والدتي وأخذني معه إلى القاهرة بينما ترك أخي (سامح) مع والدتي في الإسكندرية، ولن أنسى أبدا فضل أمي وأبي على عشقي للكتاب وقراءة أعظم المؤلفات التى ضمتها مكتبة كبيرة في البيت، ومنها تعرفت على عظماء الفكر في العصر الذهبي للثقافة والأدب والإعلام، في العالم العربي والغربي أيضا.

حليم كان بوابة عبوره للفن

** في القاهرة شاء القدر والحظ أيضا أن نسكن في شقة على النيل في عمارة (السعوديين) وهى العمارة التى كان يسكنها مجموعة من كبار نجوم الفن، ومنهم (عبدالحليم حافظ) وفي الأسانسير تعرفت إلى (حليم) بحيلة صغيرة، وقدمت له نفسي باعتباري طفلا أمريكيا معجب به اسمه (بيتر) وواصلت هذه الخدعة أو (الكدبة البيضاء) لمدة عام، وحصلت من خلالها على صور وأسطوانات (عبدالحليم)، موقعه منه إلى (بيتر)، إلى أن اكتشف الخدعة، وعرف أنني ابن جاره اللواء (جلال صبري) وصفح عني وصرنا صديقين.

** كان (عبدالحليم حافظ) هو بوابة عبوري إلى شارع الفن الذي حلمت به، فمعه وقفت لمدة ثوان لأول مرة أمام كاميرا السينما في فيلم (حكاية حب) إخراج حلمي حليم في أثناء غنائه لأغنية (بحلم بيك)، ومعه دخلت الإاعة للمرة الأولى، وبفضله وبمساعدة الإعلامية القديرة (آمال فهمي) قدمت أول فقراتي على موجات الإذاعة المصرية مقابل 50 قرشا، وكانت أول أجر أحصل عليه في حياتي مقابل اشتراكي في برنامج (ركن الطفل) الذي كان يحمل اسم (العمة لولو) الذي كان تقدمه النجمة (لبنى عبدالعزيز) فى إذاعة البرنامج الأوروبي قبل اتجاهها للسينما.

** من خلال الإذاعة وبعدها التليفزيون قدمت أشهر البرامج الإذاعية والتليفزيونية مثل (النادي الدولي، هذا المساء، كان زمان، مشوار)، ومن خلال هذه البرامج قابلت معظم النجوم والمشاهير في جميع المجالات في مصر والعالم العربي بل والغربي أيضا وتعلمت من كل شخصية قابلتها.

تعلمت طريقة الحوار من آمال فهمي

** تعلمت من (آمال فهمي) مبادئ وقيم الإعلام واحترام الضيف وكيف تأخذ من إجابات ضيفك سؤالك القادم، وكانت تقول لي دائما: (بلاش سيداتي سادتي، كلم الناس زي ما بتكلمني، قولهم صديقي وصديقتي، عاوزاك تبقى إنت قدام الميكرفون، عاوزاك تبقى شخصيتك المستقلة)، واكتسبت من ذهابي مع الأستاذ (جلال معوض) إلى حفلات (أضواء المدينة) التى كان يقدمها بنجاح كبير خبرة الوقوف على المسرح وتقديم الضيوف بحماس.

** كان القدر والحظ بجانبي أيضا عندما اختارتني الإعلامية الكبيرة (ليلى رستم) لأذهب لمرافقة الضيوف الأجانب في مهرجان التليفزيون الدولي الأول في الإسكندرية، وجلست في كواليس مسرح (محمد عبدالوهاب) أراقب وأتعلم من (ليلى رستم) كيف تقدم النجوم الأجانب ببراعة ولباقة، وانصرفت (ليلى رستم) وإذا بي أجد على المسرح خلف الكواليس هرجا ومرجا، فتساءلت ماهي الحكاية؟ وعرفت أن (ليلى رستم) نسيت أن تقدم النجوم المصريين، وهم أيضا من كبار الفنانيين، وأنهم قد هددوا بالانصراف من الحفل!.

سعاد حسنى

وهنا سأل أحد المسؤولين عن تنظيم الحفل إن كان هناك شخص من الإذاعة أو التليفزيون يستطيع تقديم النجوم المصريين على المسرح فقلت : (أنا يا فندم من الإذاعة) فقال لي: (تعرف تقرأ أسامي النجوم المصريين وتحييهم على المسرح؟) فأجبته: (أعرف يا فندم)، وفتحت الستار أمامي بالأضواء المبهرة لأول مرة فناديت على نجومنا المصريين ورحبت بالنجوم الأجانب وصعد الجميع على المسرح ووقفوا خلفي، أنا وورائي أكثر من عشرين نجما، والقدر ألهمني وشجعني على اختراع مواقف مؤثرة بين النجوم متأثرا ببرامج الإذاعة التى كنت أعشقها خاصة برنامج (مطبات على الهواء)، وبدأت بـ (جاردنر ماكاي) بطل حلقات (مغامرات في البحار) ومعه (سعاد حسني)، وقالت سعاد للنجم العالمي : I Love you)) فإذا به يأخذها بين ذراعيها ويقبلها وصفق الجمهور طويلا.

فتشجعت وجمعت كل نجمين معا في مواقف مختلفة، ونجحت الفقرة نجاحا كبيرا، مما جعل وزير الإعلام في ذلك الوقت أبو الإعلام الدكتور (عبدالقادر حاتم) يقابلني ويطلب مني تكرار المشهد أي الجمع بين النجوم العرب والأجانب في مواقف مشابهة على المسرح كل ليلة، وكانت تلك الليلة هى فعلا بداية المشوار الجميل، وكتب كل كبار الكتاب في الصحافة عن مولد نجم (صانع البهجة الذي لمع فى ليلة افتتاح المهرجان).

الأديب والوزير يوسف السباعي رشحه لبطولة بمبة كشر

** بعد نجاحي في تقديم فقرات أول مهرجان دولي للتليفزيون المصري وإحساسي لأول مرة بمعنى الشهرة والأضواء رغم أنني كنت في سنة أولى بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، طلب مني الدكتور (عبدالقادر حاتم) وزير الإعلام العمل في مكتبه بعد تخرجي لكني لم أكن أريد هذه الوظيفة، وكانت أمنيتي أن أصبح فنانا يعيش مع النجوم وتحت الأضواء، كنت أريد أن أكون (عمر الشريف)، وبدأت رحلتي مع الإعلام والشهرة.. رحلة حافلة متنوعة كأنها موج البحر الذي لا يهدأ.

 ومن خلال رحلتي مع الإعلام، التقيت عددا كبيرا جدا من العظماء، وتعلمت من الموسيقار (محمد عبدالوهاب) أن (على الإنسان أن يحب ما يعمل ويعمل ما يحب، وأن يتحمل النقد والهجوم)، وقال لي مصطفى أمين (لو وقعت على الأرض اتعلم إزاي تقف تاني، وتمشي واوعى تلم الطوب اللي اتحدف عليك، هايحصلوك الحاقدين، خليك ماشي، وسيبهم هما يلموا الطوب، عمرهم ما يحصلوك).

مع نادي الجندي في فيلم (بمبة كشر)

** في السينما أديت سلسلة من الأدوار الصغيرة التى تعلمت منها فن التعامل مع الكاميرا، ومع المهنة نفسها، وتوالت الأدوار الصغيرة حتى جاءت الفرصة الذهبية عام 1974 من خلال فيلم (بمبة كشر)، بطولة (نادية الجندي)، وإخراج أستاذي مخرج الروائع (حسن الإمام)، ونقلتني الصدفة مرة أخرى إلى درجة البطولة المطلقة، بعدما رفض كل النجوم الوقوف أمام البطلة الجديدة (نادية الجندي) والمغامرة بأسمائهم في فيلم من إنتاج زوجها الفنان الكبير (عماد حمدي) ففزت ببطولة الفيلم بعد ترشيح الوزير (يوسف السباعي) لي، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا وتجاوز كل انتقادات النقاد وهجومهم على التهافت الجماهيري عليه حتى أنه ظل في دور العرض عاما كاملا، وفي السنة نفسها قمت ببطولة 3 أفلام هى (البحث عن فضيحة، الأحضان الدافئة، في الصيف لازم نحب)، واستمر عرض هذه الأفلام أكثر من 20 أسبوعا وحققت إيرادات خيالية.

** توالت الأفلام التى وصل عددها إلى 132 دورا مختلفا ما بين الكوميديا والدراما والأكشن والحركة والإثارة، كانت أدوارا يحلم بها أي ممثل عاشق للمهنة إلى جانب الأفلام التى أنتجتها لشركتي مثل (السلخانة، جحيم تحت الماء، دموع صاحبة الجلالة، أهلا يا كابتن، منزل العائلة المسمومة، نشطركم الأفراح) وغيرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.