رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عصام السيد يكتب : الكبير اوى .. و الكبار جدا

أحمد مكي .. براعة الاختيار في الموسم الجديد

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

تعلمنا فى النقد أنه لا يجوز الكتابة عن عمل لم يكتمل ، فلا يجوز نقد عمل لم نره كاملا ، أو مسلسل فى منتصف حلقاته ، و لكن الفنان أحمد مكى اعتاد أن يقدم لنا فى المواسم المتعددة من  (الكبير أوى) مجموعة حواديت منفصلة ، تقع كل واحدة منها فى حلقة واحدة أو عدد قصير من الحلقات ، و لا يربط بينها و بين باقى حلقات الموسم سوى وجود نفس الشخصيات الرئيسية ، لذا يحق لنا أن نكتب عن مجموعة الحلقات العشر الأولى من الجزء السادس ، التى تشكل حدوتة زواجه الجديد و رفض أبنائه لهذا الزواج ، خاصة و أنه بعدها دخل إلى حدوتة أخرى بطلها هو (حزلقوم) الذى يبحث عن أم ابنه . و إذا كان الكبير لا يصبر على الاستمرار فى خط درامى واحد (أو حدوته واحدة) فذلك لأنه لا يستهدف سوى الضحك ، و الضحك فقط ، و بالتالى تخضع كل القواعد الدرامية لقانون إثارة الضحك ، و نحن هنا لا نعترض ، فالضحك هدف لا يخجل منه أى فنان شريطة ألا ينزلق إلى الإسفاف.

و هذا العام عاد الينا الكبير فى موسم جديد بعد انقطاع طويل منذ عام 2015 ، و لكن دون زوجته (هنية) التى كانت تقوم بدورها الفنانة المتميزة (دنيا سمير غانم) ، وبرغم أنها لم تشاركه آخر موسم قبل التوقف ، إلا أن الجمهور كان ينتظر من ستقوم بالدور، و من قبل بدء الموسم الجديد و التكهنات تتوالى بأسماء المرشحات للقيام بدور زوجة الكبير ، و بمجرد الإعلان عن اختيار الممثلة الصاعدة (رحمة أحمد) حتى أصدر بعضا من الجمهور أحكاما عليها بالرفض قبل أن يشاهد الحلقات و حتى بعد الحلقة الأولى مضى يقارن بينها و بين دنيا سمير غانم . و لكن توالت الحلقات لتحمل لنا العديد من المفاجآت.

رحمة أحمد .. مربوحة في الكبير قوي 6

المفاجأة الأولى هى احتفاظ الكبير بكل الشخصيات التى تعودنا عليها و ارتبطنا بها وأضحكتنا على مدار المواسم الماضية ، و فى الحلقات الأولى (أو لنقل فى الحدوتة الأولى) كانت لهذه الشخصيات مساحات تسمح لهم بالإبداع وإمتاع الجمهور و زيادة جرعة الضحك . و المفاجأة الثانية كانت فى ظهور شخصيات جديدة ربما كان لها امتداد فى المزاريطة الى جوار الكبير ، قام بهذه الشخصيات ممثلون موهوبون أبدعوا من قبل فى مسرح الجامعة و مسارح الهواة و نجحوا فيها نجاحا باهرا مثل مصطفى غريب (العترة : ابن الكبير) و حاتم صلاح (صديق عمره) و عبد الرحمن ظاظا (البائع) . أما المفاجأة الأكبر فكانت (مربوحة) الزوجة الجديدة للكبير ، فإلى جانب موهبتها الطاغية ، تم تقديمها بشكل جيد ساعد على سرعة تقبل الجمهور لها ، فقد أشبعته ضحكا فى أول ظهورها حتى صارت حديث الناس بين يوم و ليلة.

كل هذا النجاح تم إرجاعه الى الكبير، و لكن الحقيقة أن نجاحه الحقيقى هو حسن اختياره لمن حوله (كتابة و إخراجا) فالحلقات الجديدة يشرف على كتابتها اثنين من افضل كتاب جيلهم فى الكوميديا هما : (مصطفى صقر و محمد عز الدين) اللذان صاحباه فى مواسم سابقة ، و الحلقات الأولى كتبتها (سارة هجرس) تلك الكاتبة الموهوبة التى تمتلئ بخفة دم فطرية وعفوية تجسدها فى الحوار ببراعة فائقة . وتمتاز (سارة) بخيال خاص فى الكوميديا ، و التقاط تناقضات تثير الضحك (مثل فيديوهاتها عن العامية المصرية)، هذا الخيال ساعد رحمة على تفجير الضحك و اكتساب محبة الجمهور و إعجابه – مثلما حدث فى مشاهد ملابس ليلة الدخلة – و كل هذا دون أن تلجأ سارة للفظ خارج أو إيحاء جنسى رخيص . ساهم فى ذلك النجاح بالطبع مخرج متميز و متمرس فى إخراج الكوميديا و يجيد تقديمها هو أحمد الجندى ، فمن المؤكد أنه من ساعد رحمة على الظهور بهذا الشكل المحترف الواثق ، و كأنها ممثلة راسخة لا تواجه جمهور الفيديو لأول مرة فى دور البطولة.

كوميديا نظيفة كما يحبها الجمهور المصري

ولكن لابد من توجيه الشكر أيضا لشخص آخر بعيدا عن مسلسل الكبير ، إنه الفنان الكبير أحمد أمين الذين آمن بموهبة سارة هجرس و رحمة أحمد و حاتم صلاح وأعطاهم الفرصة الأولى من خلال برنامج ( البلاتوه ) ثم من خلال تواجدهم فى (أمين و شركاه) و لكنى أهمس لسارة :  ألم يكن من الأجدى للكبير – بدلا من السعى وراء الضحك فقط – أن يقدم لنا عملا من الممكن أن يكون علامة على مر الأجيال؟، ألم تكن قضية زوجة الأب و دخولها إلى أسرة ترفضها وسيلة لتقديم عمل أعمق؟ وأن يتم ذلك فى عدد أكبر من الحلقات نرى فيها صراعا بين الشخصيات و تقلبات بين الموافقة و الرفض؟، أليس هذا يسمح بمساحة أكبر للكوميديا ويتيح أن تتفجر بأكثر من شكل وعلى مستويات متعددة؟، و فى نفس الوقت يعالج مشكلة تعانى منها كثير من البيوت حيث تظل زوجة الأب مرفوضة حتى لو كانت طيبة، أما آن لنا أن نعالج الأثر السلبى الذى صنعته (حدوتة سندريللا) فى كل أطفالنا؟ ولكن علاجه كان يستلزم السير وراء (بناء درامى متماسك ومتصاعد) بدلا من اللجوء الى حيلة (لعبة الحبار) حتى يتقبلها الكبير و أبناؤه .

و لكنى أعتقد أن الكبير لا يحب الدراما ولا يهوى قواعدها ،  ولكنها كانت أجدى له، فربما خلقت حالة من تفاعل الجمهور أكثر عمقا و أكبر اثرا من مجرد الضحك.  ولكن لكل فنان اختياراته وهو فقط من يتحمل مسئوليتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.