رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب : (أس قرار الاختيار في الاختيار)

ياسر جلال أبدع في تجسيد الدور

بقلم : محمد شمروخ

من البداية دعنا نتفق لو أنك كقارىء كريم ستبدأ قراءة هذه الكلمات، على أنك (إخونجي) أو (متعاطف) أو حتى (مؤيد) أو (سيساوى) أو أنك ترانى أننى أشرع في التطبيل العالى لمسلسل الاختيار في نسخته الثالثة، لو كنت أى من هؤلاء، فعذرا أنا لا أوجه كلامي إليك وإن كنت أرجو ألا تكمل هذا المقال لأنه لن يعجبك.

أنت تصر إذن؟!

وهنا لن أنفى لك أننى سأطرق الطبول لصالح هذا المسلسل الذي شاهدت حلقاته التى أذيعت على مدى الأيام الماضية، لكن طبولى ليست طبول إشادة أو مدح، لأنى ببساطة لست من أرباب مهنة النقد الفنى ولا أدرى ما هى المقاييس التى تحكم نجاح أو إخفاق أو تحديد مستوى عمل فنى، كما كان يطالعنا باب ما برامج اليوم في النصف الأسفل للصفحة الثانية من جريدة الأخبار حتى عهد غير بعيد (ممتاز *** – جيد ** – متوسط *)

هنا سأقرع الطبول فقط للتنبيه على أمر واحد يعتبر روح المسلسل وذلك لأنى مذهول ومتفاجيء من قرار ظهور ممثل يؤدى دور رئيس الجمهورية بشحمه ولحمه وروحه وصوته وحركاته وسكناته ونظراته ويكون ذلك في عمل موسمى ينتظره الملايين بين متربص أو متنمر أومنصف أو مطبلاتى!.

براعة فائقة لياسر على مستوى الصوت والتبرة

لكن دعك من كل هذا وركز معى أنه هذا يحدث حقيقة لأول مرة في أثناء سريان عهد حكم هذا الرئيس نفسه وعلى حياة عينه، بصراحة القرار جرىء جدا.

ليه بقى؟!

 لأنه بالطبع لم يكن القرار قرار مؤلف المسلسل ولا مخرجه ولا منتجه ولا أى من الذين ظهرت أسماؤهم في المقدمة أو النهاية لا فرادى ولا جماعة ولا حتى قرار من لم تظهر أسماؤهم (ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم).

هل تدرى ما معنى أن يتم تجهيز ممثل ولو كان يعتبر من نجوم الصف الأول خاصة في الدراما الرمضانية لأداء دور يجسد فيه صوت وصورة رئيس جمهورية يطالعنا كل يوم على شاشات التلفزيونات وعلى مواقع الإنترنت وفي الجرائد اليومية؟!

إنها مغامرة وسابقة لم تحدث في تاريخ الدراما المصرية ولا العالمية، فبرغم سبق ورود اسم وصفة رئيس الجمهورية في أعمال سينمائية وتلفزيونية سابقة إلا أن الوضع هنا مختلف بدرجة انتقال فلكية.

ومن الآخر كده.. القرار لا يمكن أن يتخذه إلا الرئيس السيسي بذات نفسه.. آه أنا أدعى هذا ومستعد للمساءلة على مسئوليتى وقدام أى جهه إلا (بلوكامين قسم الأزبكية).

مغامرة الرئيس السيسي لم تحدث في التاريخ من قبل

بس كلام جد.. هنا تتبدى خطورة الاختيار الحقيقي لهذا القرار الذي ينافس المسلسل في أهميته وتاريخيته، خاصة أن العمل يتناول فترة عشناها قريبا جدا ووعيناها وعانينا من أحداثها المتلاحقة وكم وضعنا أيامها أيدينا على قلوبنا ونحن نتابعها، فترة الله لا يعيدها بكآبتها وخوفها وقرفها، فترة كنا نترقب قدوم يوم الجمعة الذي حولوه إلى يوم قلق ورعب أسبوعى لشهور طويلة، بعد أن كان أسعد أيام الأسبوع وأكثرها بركة.

ثم تعال هنا، ألم يكن الرئيس السيسي ساعة طرح هذه الفكرة الجريئة والجديدة – منه أو من غيره – مع تنفيذها، يدرك تماما حجم وطريقة ردود أفعال المتربصين وما سيقابل به من كوميكسات وقلش للصبح وتنمر وتريقة للضحى.

بس كل هذا لو تم التفكير فيه لما خرج الاختيار من الأساس لا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة؟!

إياك تكون فاكر يا قارض ناسك إن إنتاج هذا المسلسل تم مخصوص ليحولوك من معارض إلى مؤيد ومن متعاطف إلى سيساوى.

ألم تر بنفسك وتشعر برد فعلك لما ظهر ياسر جلال في هيئة شخصية الرئيس السيسي منذ البداية لأنه كان في قلب تلك الأحداث؟!، وربما تكون قد شاركت بعد ذلك في القلش على المسلسل وعلى الاختلافات بين سمات الرئيس الذي تراه وتسمعه وبين الأستاذ ياسر جلال الذي تعرفه في أدواره السابقة؟!.

السياساوية اللى زي حالتى – مادمت حضرتك مصرا على التصنيف – رأوا ياسر جلال وقد تفوق على نفسه في أداء الدور مع أنك تعى تماما هذه الاختلافات وهذا سر التحدى.

طيب إيه رأيك يا حزين إنى حاسس إن هذا مطلوب لذاته خاصة إن دور ياسر ليس بطولة مطلقة وأن هناك وحوش تمثيل تشاركه في المسلسل نفسه، و(أنبهك بأن كلمة حزين يمكنك أن تعتبرها لفظ تدليل في لهجتنا في جنوب الصعيد لكسر الحواجز النفسية بين المتحاورين (تماما كما كسر الحاجز النفسي أمام أداء دور رئيس الجمهورية.)

وحاول أن تتذكر معى أنه في أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك – رحمة الله عليه، كانت هناك بعض الأعمال تتطرق إلى الرئيس، لكن لم يجرؤ أحد أن يعرض على الرئيس أيامها ولم يفكر الرئيس ولا اهتم بها.

وركز في ما سيأتى:

الطيار محمد حسني مبارك

هل تذكر صعود الكاميرا مع الموسيقى العسكرية لصورة حسنى مبارك فوق مكتب الباشا مدير الأمن في المشهد السابق لمشهد نهاية فيلم (كراكون في الشارع) وجرس تليفون ومن طريقة الحوار نفسهم (قال إيه إنه بيكلم الرئيس)، لكن المهم أن تتذكر كيف فرحنا بحضور الرئيس غير المباشر لينصف المهندس شريف المصري صاحب فكرة بناء بيوت متحركة مع بقية الشباب الذين عمروا قطعة من الصحراء (قبل ظهور مافيا الأراضي طبعا).

وهل تذكر مشهد قفا الدوبلير في فيلم موعد مع الرئيس وهو بيقابل إلهام شاهين لتفضح الفاسدين، وكذلك نفس القفا تقريبا فى فيلم (أمير الظلام) وهو بيسلم على عادل إمام؟!

أكيد هناك أفلام كثيره في إشارات وتنبيهات ومواربات وقفا دوبليرات، لكن لم يفعلها أحد بالمواجهة ولا اجترأ على التفكير فيها لا على شاشة كبيرة ولا صغيرة!

ورغم طول مدة حكم الرئيس مبارك إلا أنه لم يجرؤ كاتب سيناريو ولا منتج ولا مخرج على فكرة تأليف دور لمبارك رغم خطورة أدواره العسكرية والسياسية قبل وبعد الرياسة وحتى فيلم الضربة الجوية الذي كان مزمعا تمثيله  ببطولة أحمد زكي كل ده راح في الوبا.

ياأخى حتى في فيلم أيام السادات استعانوا بمقطع مصور حقيقي لعدة ثوانى من فيلم وثائقي يتحدث خلاله مبارك عن دور الطيران في العبور بصفته أحد قادة العبور!

أذكرك بسؤالى: هل تدرك معنى هذا التحدى؟!

السادات مع فاروق إبراهيم في احظة تصوير خاصة

ولعلك لو كنت رجلا قد انتصف عقد خمسينات عمره ورادوجى محترف زي حالاتى، يمكن أن تتذكر الفنان الراحل محمود ياسين على الراديو يؤدى دور الرئيس السادات بعد قرار تقديم قصة حياته (البحث عن الذات) في مسلسل إذاعى الساعة خمسة إلا ربع تقريبا على البرنامج العام، كذلك النجم الراحل أحمد مظهر في حلقات مسلسل إذاعي آخر قام فيه بدور السادات بعنوان (عرفت هؤلاء)، وفي أساسه كان سلسلة مقالات كتبها أنور السادات بقلمه في الصفحة الأخيرة بجريدة مايو في بداية عهدها، أصلك يمكن ما تعرفش إن السادات كان قد مارس الصحافة كاحتراف بجانب عمله السياسي قبل وبعد ثورة يوليو 1952، وبالمناسبة عندما نشرت جريدة أخبار اليوم، الصور التى التقطها المصور الصحفى الشهير فاروق إبراهيم للسادات بأمر منه، أغضبت هذه الصور بعض المقربين من السادات وفي القلب منهم السيدة جيهان السادات نفسها، لأن أنور أراد أن يقدم حياته اليومية للقراء، فظهر بملابسه الداخلية يحلق ذقنه أمام مراية الحوض وكمان صور بالجلابيه الفلاحي وبالبيجاما الأفرنجي.

ولما زاد غضب المحيطين به ظانين أن هذه الصور يمكن أن تخل بمقام الرئاسة والرئيس، صرخ السادات فيهم : (أنتم ما بتفهموش حاجة.. هى دى الصحافة!)،

وحسب ما رواه الأستاذ أنيس منصور – رحمه الله، قال السادات معلقا على عدم رضا من حوله بحسم: (إذا كان دا رأيكم يبقى أنتم ماتنفعوش تقعدوا معايا!.. اللى يقعد معايا لازم تفكيره يكون أكبر من كدا!).

تلكم حكاية أنهى بها المقال الذي يمكن أن يكون تعبك نفسيا لأنك تنتظر منى تطبيلا أو نقدا غير مباشر بالمحسوس، لكنى أذكرك أن خطورة هذا الأمر وجراءة اتخاذ القرار هى الأساس في سبب تركيزى على هذا القرار (وليس خوفا من السيد بلوكامين قسم الأزبكية وحياة النعمة!).

والآن أترككم لتكملوا المسلسل على منصة (واتش ات) أو التلفزيون، ولتسترد انفعالاتك وتتشال وتتهبد وأنت تعدد أخطاء الدراما والإخراج والوقائع التاريخاوية وا وا وا.. أو يمكن تكون سيساوى زي حالاتى وتعمل فيها طارق الشناوى وتشيد بالمسلسل تمثيلا وإخراجا وتاريخا، ولكن يا حسرة لا أنا ولا أنت نقاد ولا مؤرخين

 ** تشرب شاي سكر بره؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.