رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب : رابحون وخاسرون

الاختيار .. مسلسل متكامل يحث على الشعور الوطني

بقلم : محمود حسونة

لكل موسم درامي ملامحه، وبعد أن اعتاد الفنانون والمخرجون والمؤلفون التكتم على أخبار وقصص وحكايات أعمالهم الدرامية حتى يكتشف المشاهد بنفسه كل شيء، يأتي هذا الموسم محملاً بالمفاجآت التي يسعد بعضها المشاهدين، ويصيبهم بعضها الآخر بخيبة أمل.

موسم غني بالموضوعات المهمة التي تناقشها المسلسلات والتي يستحق عديد منها أن يعطيه المشاهد بعض وقته، مقابل أن تعطيه المتعة وتثير عنده التأمل وتشغل عقله وتفكيره وتكشف له من الحقائق ما كان مجهولاً، كما أن هناك أعمال لا تستحق المشاهدة، وصناعها يبدون مقارنة بزملائهم المتميزين، قليلي أو عديمي الموهبة، وإذا كانوا يسعون للتنافس فهم خاسرون وإذا كانوا يبحثون عن مشاهد فلن يجدوه وإذا كانوا يسعون لإثبات موهبتهم فهم فاشلون.

في الساحة الفنية مواهب حقيقية تستحق منا كل تقدير، كما تضم عديمي الموهبة المتشعبطين في قطار الشهرة وهم يدركون أو لا يدركون أن خداع الجمهور بعض الوقت ممكن ولكن كل الوقت مستحيل، ولذا فإن التنافس خلال الموسم الرمضاني والتزاحم على مشاهد مدلل لديه الكثير من الخيارات، ليس في صالح عديمي الموهبة، وليس في صالح الذين يكررون أنفسهم تمثيلاً ومضموناً، العاجزين عن الخروج من نمط قدموه ونجحوا فيه.

من الفنانين الذين استحوذوا على إعجاب المشاهدين من الحلقات الأولى الفنان ياسر جلال في تجسيده لشخصية الرئيس عبدالفتاح السيسي في (الاختيار 3) والذي نجح في تجسيد عمق الشخصية على كل المستويات، الملامح الشكلية وأسلوب الكلام وطبقة الصوت ولغة الجسد ونظرات العينين، ومعه أيضاً تميز في هذا المسلسل الفنان صبري فواز في أدائه لشخصية الرئيس المعزول محمد مرسي، والفنان خالد الصاوي في شخصية الإخواني الإرهابي خيرت الشاطر.

طارق لطفي وفتحي عبد الوهاب أجادا في (جزيرة غمام)

الممثل المتميز لا يتوقف تميزه عند عمل نجح فيه، ولكنه مع كل جديد يقدمه يؤكد تميزه، ومن هؤلاء طارق لطفي وفتحي عبدالوهاب في مسلسل (جزيرة غمام)، وخالد النبوي في مسلسل (راجعين ياهوى)، أما أمير كرارة فقد استعاد نفسه في مسلسل (العائدون) بعد أن فقدها في (نسل الأغراب) العام الماضي، كما أكد أحمد مكي المؤكد بأنه (كبير أوي).

هذا الكلام ينطبق على الأعمال التي استطعت متابعتها خلال الأسبوع الأول من رمضان، وقد يكون هناك الأكثر تميزاً عن الأسماء السالفة الذكر ولكن لم تتح فرصة مشاهدته حتى الآن بسبب حالة الزحام الدرامي الذي أصبح معتاداً وينتج عنه أن بعض الأعمال الضعيفة تعرض وينتهي عرضها من دون أن يحس بها أحد.

ومثلما يعتبر رمضان موسم للتنافس الدرامي بين الفنانين، فإنه موسم للتنافس الإعلاني بينهم أيضاً، وإذا كانت شريهان قد خطفت الأضواء العام الماضي إعلانياً، فإن ياسمين عبدالعزيز استطاعت هذا العام بإعلان بسيط ولكنه خفيف الدم، أن تسحب البساط من تحت أقدام فنانات يقدمن مسلسلات من 30 حلقة ولكنهن سيخرجن من السباق خاسرات منتقَدات كالمعتاد، ولا يردن استيعاب أن تصدر الأفيش لا يخلق نجومية دائماً، كما أن الانفاق بسخاء على ملابس البطلة واكسسواراتها لا يلفت أنظار الناس لها طالما أنها عديمة أو محدودة الموهبة.

عمرو سعد يكرر أعمال البلطجة في (توبة)

من الطبيعي أن تواصل الدراما تفنيد أكاذيب تجار الدين والإضاءة على الحرائق التي ارتكبتها جماعات الإرهاب والعنف ضد الدولة والشعب، ولذا جاء عدد من الأعمال التي تفضح الفئة الضالة بشكل مباشر وعلى رأسها (الاختيار) تأليف هاني سرحان وإخراج بيتر ميمي، و(العائدون) للكاتب باهر دويدار والمخرج أحمد نادر جلال و(بطلوع الروح) تأليف محمد هشام عبية وإخراج كاملة أبو ذكري، وأعمال تناقش قضايا التطرف والفساد والإرهاب بشكل غير مباشر ومنها (جزيرة غمام) للمبدع عبد الرحيم كمال والمخرج حسين المنباوي، و(ملف سري) تأليف محمود حجاج وإخراج حسن البلاسي.

بعض الأعمال نجحت في أن تثير ضجيجاً دون أن تحرز أهدافاً، وكأن هذا الضجيج مفتعل للفت أنظار الناس إليها في ظل هذا الزحام، فالناس أصبحت وكأنها في سوق والبضاعة المعروضة فيه كثيرة، ومن بين الزبائن من يجذبه البائع الذي يحدث ضجيجاً في السوق، يعاين ويفاصل ويتردد ولكنه غالباً ما يعزف عن هذه البضاعة بعد أن يتعرف عليها، ومن المسلسلات التي أحدثت ضجيجاً (دنيا تانية) بطولة ليلى علوي والذي أثيرت بشأن تعرضه لزنا المحارم أزمة أطرافها الرقابة على المصنفات الفنية والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وصناع المسلسل، وكذلك أثار مسلسل (توبة) للفنان عمرو سعد غضب أهل بورسعيد، حيث تدور أحداثه هناك، بسبب كثرة مشاهد العنف والبلطجة، ويبدو أن عمرو سعد قد غرق في دراما البلطجة وأصبح عاجزاً عن الخروج منها، والشخصية التي يقدمها في (توبة) لا تختلف شكلاً ولا سلوكاً عن تلك التي قدمها العام الماضي في (ملوك الجدعنة).

هذا غيض من فيض من الظواهر التي أفرزها الموسم الدرامي الجديد، والذي سيظل عشاق الدراما يكتشفونها حتى لما بعد رمضان نتيجة عجزهم عن متابعة هذا الكم من الأعمال المصرية والعربية، وفي النهاية لن يصفق الناس سوى للأعمال المتميزة والفنانين الموهوبين الذين يفاجئون الجمهور كل عام بجديد يؤكد أن الموهبة الحقيقية لا تنضب أبداً.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.