رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مصر القوية تحتفي بشهدائها الأبرار بعرض مسرحي غنائي مبهر

كتب : محمد حبوشة

ستظل الكتب والصحف والمجلات والفضائيات تسرد بطولات المصريين بالعصور القديمة والحديثة للحفاظ على أرض الوطن، ولن تنته حتى تفنى الحياة، فالمصرى دائما وأبدا ما يخلد ذكرى ويسطر ملحمة بطولية للتضحية والفداء يقف أمامها العالم احتراما وتقديرا، وأمس الأربعاء الموافق التاسع من مارس احتفل الشعب المصرى بيوم عزيز على القلب وذكرى عطره نسترجع فيها بطولات أصحاب النفوس الذكية، ألا وهم شهداء الوطن الذين دافعوا عن الأرض والعرض وضحوا بالغالى والنفيس حتى نعيش نحن أحرار، يوم الشهيد الذى خلدت ذكراه باستشهاد أحد قادة القوات المسلحة والذى فضل أن يكون بين جنوده على خط النار إنه الفريق أول عبد المنعم رياض.

وكان لزاما علينا أن نستمع فى هذه الذكرى العطرة لحكايات الأبطال.. وفى هذا الصدد روى البطل عبدالجواد سويلم، الملقب بـ (الشهيد الحي) الذى ولد فى 26 أبريل 1947 فى عزبة أبو عمر التابعة لمركز أبو صوير محافظة الإسماعيلية، وقدم معظم أجزاء جسده مقابل التصدى للعدو وتحقيق النصر فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، واشترك فى 18 عملية عبور خلف خطوط العدو، وتمكن من تدمير 11مدرعة، ليظل يوم التاسع من مارس الذي احتفلت به مصر أمس هو من أعظم المناسبات في حياة الشعب المصري، خاصة وأن القوات المسلحة والشرطة قدموا أرواحهم للدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره، وهنا لابد من لفت النظر إلى دلالة رمزية تكمن في طيات هذا اليوم وهى إن الشهيد (رياض) كان رئيس أركان حرب القوات المسلحة وهي أعلى رتبة عسكرية في الجيش، وكان يتقدم الصفوف في حرب الاستنزاف واستشهد في الخطوط الأمامية للقوات.

ومن هنا ضرب مثالا رائعا في دور القائد ورعايته لأبنائه، ويبقى هذا اليوم هو تكريم لذكرى وبطولة كل شهداء الوطن على مدار العقود، وللتذكير بأن الوطن لا ينسى تضحيات أبنائه ولتقديم كل الدعم والرعاية لأهالي الشهداء الذين فقدوا أبناءهم وإنهم ليسوا أمواتا وإنما أحياء يرزقون عند ربهم وذكراهم في الوطن خالدة.

فاضت دموع الرئيس السيسي من فرط التأثر

في كلمته في الندوة التثقيفية الـ 35 للقوات المسلحة المصرية أكد الرئيس السيسي أن ذكرى هذا اليوم 9 مارس هى يوم تتلاحم فيه تضحيات أبناء الوطن مع مفاخر مجدهم، يوم من أعظم الأيام خلودا في تاريخ أمتنا، وهو يوم الشهيد.. نلتقي هنا لنتذكر سويا ما جاد به هؤلاء الأبطال بأنفسهم وبأرواحهم، ليكتبوا صفحات مضيئة تهتدى بها أجيال تأتى من بعدهم، تسير على خطاهم وتقتدى برحلة كفاحهم، وتدرك أن الحفاظ على الأوطان ليس بالأمر الهين، وإنما يتطلب الجهد والتضحية.. وما حققه أبناء مصر على امتداد تاريخها الوطني، إنما يؤكد أن أرضها المقدسة لا يمكن أن تنضب أبدا من الأبطال.

ولأنه مقاتل مصري من طراز رفيع وأفني زهرة حياته في صفوف القوات المسلحة وتمتع بكفاءة قتالية وفكر استراتيجي عميق، فقد أشارة في دلالة واضحة على كفاءة المقاتل المصري في ساحات الحرب على الإرهاب قائلا: ليس خافيا على أحد أن العالم قد شهد خلال العقد الأخير أحداثا جسام غيرت مسار دول كانت تنعم بالأمن والاستقرار، مما أحدث جرحا غائرا في صدر مفهوم الدولة الوطنية من الصعب أن يلتئم أو تعود تلك الدول إلى سابق عهدها في المستقبل القريب، وكانت المنطقة التي نعيش فيها هي بؤرة كل هذه الأحداث، فاندلعت شرارة التخريب والتدمير، وانتهكت سيادة تلك الدول، وأصبح قرارها الوطني يتخذه غيرها، وقد فطنت مصر لكل هذه الأحداث والتطورات، فبنت سياجا متينا من القوة والوعى والإدراك، حصنت به شعبها، بدعم من جيشها صاحب العقيدة الوطنية.

المطرب الكبير علي الحجار يشدو بصوته العزب لروح الشهيد

ولهذا السبب وغيره من أسباب تؤكد عظمة الجيش المصري قال الرئيس: إني إذ أبعث من هنا بتحية إجلال وتقدير إلى رجال القوات المسلحة البواسل على اختلاف رتبهم ودرجاتهم لما يحملونه من شرف الحفاظ على مقدرات ومكتسبات الوطن، كما أوجه تحية إجلال وتقدير أيضا إلى رجال الشرطة المخلصين على حفظهم لأمن مصر الداخلي وتوفير البيئة الملائمة للاستقرار حتى تتمكن باقي أجهزة ومؤسسات الدولة من أداء دورها المنوطة به، ولم ينسى الرئيس توجيه تحية لجيش مصر الأبيض قائلا: كما لا يمكنني هنا، ونحن نتحدث عن تضحيات أبناء الوطن جميعا أن أغفل الدور الكبير والمتعاظم الذي يؤديه بكل تفان وإخلاص أبناؤنا الذين يعملون في المجال الطبي لمحاربة وباء فيروس كورونا، فما يقوم به هؤلاء الأبطال من جهد كبير لتوفير الراحة والطمأنينة للمرضى سيبقى خالدا في ذاكرة شعبنا.. تحية إجلال وإكبار، وتعظيم سلام لكل شهداء مصر على مر التاريخ وحتى اليوم.

خالد الصاوي .. تجليات خاصة على مسرح الشهيد

فاضت دموع رئيس الجمهورية في هذا اليوم ليست حزنا على من فارقونا بأجسادهم، بل دموع من يفخر بسيرة الشهيد، ويقسم على تنفيذ رسالته، لأنها بمثابة وصية واجبة النفاذ، ليس انتقاما من عدو غادر اغتال زهرة شبابهم، بل وعد بأن تصبح أرض هذا الوطن جنة كما راودت خيالهم، وفي هذا الصدد قال الرئيس السيسي: خلوا بالكم من بلدكم ..الناس دى (الشهداء) راحت عند ربنا سبحانه وتعالى وقدمت دمها علشان البلد دى تعيش .. تعيش بخير بصحابها وأهلها الموجودين، يكبروها ويعلوها ويحافظوا عليها وميخربوهاش.. وإلا كل تضحية اتقدمت من 8 سنين يبقا مكنتش فى مكانها، وأضاف الرئيس: (أتصور إن العنوان والرسالة اللى ممكن كإنسان مصرى أتلقاها من سيرة الشهيد والمصاب، إن التمن اللى هو دمى وروحى قُدم علشان الدولة دى تبقا دولة، ومحدش أبدا ممكن يتصور إنه فيه سبب يخليه يضيع الدولة.

لقد كان يوما رائعا بكل المقاييس عندما التحمت الدموع بأهازيج لفرح عبر القوى الناعمة المصرية مع كلام الرئيس عن فضل الشهيد، حيث شارك الفنانين العظماء في الانتماء لتراب هذا الوطن خالد الصاوى، وماجدة زكى فى عرض مسرحي فائق الجودة بمساندة كل من (هبة مجدي، رامز أمير، أحمد خالد صالح، أحمد خالد صالح)، الأمر الذي فاضت معه دموع الرئيس السيسي، خاصة أن فكرة العرض المسرحى، كانت عن تضحية رجال الجيش، بجانب المشروعات القومية الكبرى الذى تنفذها الدولة المصرية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وكيفية التصدي للشائعات التي تواجه المشروعات من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وأهمية العمل والبناء.

ماجدة زكي .. براعة فائقة في دور أم الشهيد

وقصة العرض المسرحى، عن أسرة مكونة من أب وأم و3 أبناء، الابن الأول ضابط في القوات المسلحة، والابن الثانى طالب في كلية العلوم، والبنت الثالثة تعمل مهندسة في العاصمة الإدارية الجديدة، وتتفاجأ الاسرة بخبر استشهاد الابن على الهواء مباشرة، لتتأثر الأم (ماجدة زكى) بشكل كبير وهى تتلقى خبر استشهاد ابنها في القوات المسلحة، ضمن العرض المسرحى، ويرصد معاناة الأسرة عن تلقى خبر عن العمليات الإرهابية فى سيناء، وكيف تتلقى خبر استشهاد نجلهم، وقلق الأم الكبير قبل تلقى خبر الاستشهاد، لتدخل فى حوار تخيلى مع ابنها الشهيد.

وتسببت الفنانة الكبيرة ماجدة زكى فى بكاء الحاضرين بفرط من إبداعها، وأظهرت الفنانة هبة مجدى موهبتها المميزة في عالم الغناء خلال مشاركتها باحتفالية يوم الشهيد أمام أنظار الرئيس عبد الفتاح السيسى، وذلك بعدما قدمت وصلة غناء بتعبير مميز على هامش العرض التمثيلي لأسرة تفقد ابنها عقب استشهاده في سيناء ببسالة ضد هجمة إرهابية غاشمة دافع فيها عن وطنه ببسالة حتي فقد روحه، وتمكنت (هبة) من إبراز موهبتها الغنائية خلال وصلة غناء مع المطرب على الحجار، خاصة بعد مشهد استشهاد (نور) الذى لعب دوره أحمد خالد صالح، وهى تقدم رسالة بكلماتها إلى ماجدة زكي، التي لعبت دور والدة الشهيد تثني فيها على تربيتها له كبطل ضحي بروحه فداء لوطنه، ومن أبرز كلمات الأغنية: (يا كل ام شهيد جينا نبوس ايديكى)، وقدم بهاء سلطان أغنية بعنوان (الشهيد فلان الفلاني اللي مات عشاني)، وذلك بعد عدة أغاني قدمها مجموعة من الفنانين منهم على الحجار، الذي استعاد لنا روح الغناء الوطني  الجميل، فضلا عن المطربة العربية جنات، وغيرهم، وقدم الفنان على الحجار أغنية عن الشهداء وسط بكاء وتصفيق الحضور، كما قدم الفنان سيد رجب فيلما تسجيليا عن الشهداء.

تمكنت (هبة مجدي) من إبراز موهبتها الغنائية
أحمد خالد صالح .. جسد أسطورة الشهيد بجدارة
مايان السيد قدمت دورا رائعا في العرض
رامز أمير .. سجل حضورا خاصا

وقد أسعدتني بشكل خاص كلمة الكاتب والسيناريست الرائع عبد الرحيم، حيث قال: (البطل المقاتل على الجبهة، عشان خاطر حاجة من اثنين ملهمش ثالث النصر أو الشهادة، معنى كده إن الشهادة نصر، وإن روح شهيد واحد معناها نصر لملايين، وأضاف: (الشهيد له علامة كل العيون تشوفها، خلي بالك وأنت ماشي في رمل سيناء، ده مش رمل، ده نور الشهداء اللي يرفعك من فوق الأرض ويخلي قيمتك أكبر، وعلى باب كل بيت شهيد في مصر تلاقي تاج من نور)، وتابع: (خلي بالك قدام الباب وأنت رايح تزور تأدب وانحني، لإن البيت فيه شهيد بيحبك لدرجة إنه قدم روحه فداك، إحنا المصريين اللي عارفين مقام الشهداء، ونزور سيدنا الحسين بمحبة وإجلال؛ لأنه سيد الشهداء، الشهيد مدد والمدد معنى ميعرفوش العدو، عشان كده عدونا ديما مهزوم ومحروم، وعشان كده مصر معاها سر النصر، ويوم ما بتحارب بتبدل ميمها نون فتبقى نصر).

لقد لمس عبد الرحيم وتر ند كل المصريين، فعندما يرتقي الشهيد إلى السماء ويسير في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد في رحاب جنة الخلد، وتختلط الدموع بالزغاريد، عندها فقط لا يبقى لدينا شيئا لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخص كل قصتنا بابتسامته، كل قطرة دم من دمائه الطاهرة الذكية سقت نخيل الوطن فارتفع شامخا يطاول عنان السماء، وكل روح شهيد كسرت قيود الطواغيت والأشرار والإرهابين، وهو ما يدعنا أن نتساءل في عجب: من أى سبيكة ذهب صيغت نفوس هؤلاء الشهداء، كيف استطاعوا أن يثبتوا ويهزموا الرعب من الموت والخوف من الرصاص، أي روح قدسية تملكتهم في تلك اللحظة؟!.

بهاء سلطان .. حضور قوي يليق بموهبة غنائية كبيرة
جنات .. صوت عربي حساس عبر بصدق عن روح الشهيد المصري

ولأن الشهادة هى أسمى درجات الفداء من أجل مصر التى ستظل بمكانها ومكانتها نقطة الالتقاء لكل روافد الحضارة الإنسانية ومصدرا لصوت الحكمة والعقل ونموذجا فريدا للوسطية والاعتدال تخاطب ضمير الإنسان وتقهر الجهل والتشدد والإرهاب، ويظل الوطن الحصن الذى تجتمع قلوبنا جميعا دفاعا عنه، أما التضحية فهى رمز الفداء لتظل رايته خفاقة عالية واعترافًا بجميل وفضل شهدائنا الأبرار، لهذا فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحرص في كل عام في الذكرى العطرة أن يقوم بتكريم الشهداء من خلال أمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم في إشارة رمزية على محاولة رد الجميل لمن ضحوا بأرواحهم، فولاهم ما كنا هنا اليوم.

ومن هذا المنطلق  يبقى يوم الشهيد من الأيام الخالدة في تاريخ مصر، وكافة الأمم التي خاضت حروبا وقدمت تضحيات في سبيل الدفاع عن كيان الدولة، بل إن هذا اليوم هو رمز للاحتفال ليس بذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض وحده وإنما بكل شهداء مصر، إنه يوم تعظيم لمعنى وقيمة الشهادة الدينية والوطنية، التي ينبغي على الأجيال الجديدة معرفتها، نعم يجب  أن تعرف هذه الأجيال قيمة الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن وأنها قمة ما يصبو إليه الإنسان، خاصة وأن الشهادة قيمة دينية جاء في ذكرها آيات قرآنية وأحاديث نبوية عديدة عظمت من قدر الشهيد.. تحية تقدير واحترام لأرواح شهدا مصر الأبرار في يومهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.