رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

من ينقذ بهاء سلطان من نفسه، ومن نصر محروس ؟!

نصر محروس يوجه هذا الصوت الشجي نحو التفاهة

كتب : أحمد السماحي

يعتبر المطرب (بهاء سلطان) واحد من أجمل وأحن الأصوات المصرية الحالية، صوت جميل جذاب معبر وحساس وقوي، لكن هذا الصوت يحيا داخل جسم وعقل لا يفكر ولا يجهد نفسه في تلمس رؤية جديدة لفنه، هذا الصوت المصري يحتاج إلى شاعر وملحن وموزع (يطبطبوا عليه) ويشتغلوا له بصدق دون أن (ينحتوه)!، ملحن يشكله ويضع اللمسات الأخيرة فيه لكي يظهر متميزا منفردا بأداء خاص، وشاعر يعطيه كلمة جديدة مختلفة، وموزع يضع لحن الملحن في إطار يبرز قدرات (بهاء) الصوتية.

أقول هذا الكلام بعد أن استمعت إلى أغنيات ألبومه الجديد (سيجارة) الذي بدأ يطرح مع نهاية عام 2021 وطوال الأسابيع الماضية، حيث طرح حتى الآن 9 أغنيات هى (يومين حلوين، مالك، رامي الحمول، أنا غلطان، تعالى أدلعك، عاملين الصح، ليالي طويلة، ده حب ولا، مين اتعلم ببلاش)! ولا ندري إذا كان هناك مزيد من الأغنيات أم سيقتصر الألبوم على هذه الأغنيات.

والحقيقة إنني بعد أن استمعت إلى هذه الأغنيات وجدتها مجرد أغنيات شعبية جميلة فقط، ليس فيها أي جديد من حيث الكلمات والألحان والتوزيع، أغنيات سبق واستمعنا إلى توأمها عشرات المرات من قبل، وإذا كانت بعض الأغنيات حققت نجاحا على موقع الفيديوهات الشهير (اليوتيوب) فهذا راجع إلى عذوبة صوت (بهاء) الذي كان (واحش) الناس ومشتاقه له بعد سنوات عجاف انقطع فيها عن الغناء، فضلا على مهارة وشطارة بعض الملحنيين مثل (عزيز الشافعي، ومحمد يحيي، وحسين محمود)، والتوزيع المتميز لكل من (أمير محروس، وأكرم عادل، وياسر ماجد، وطارق حسيب)، لكن كل هذا ليس كافيا طالما غابت الكلمة الجميلة الجديدة والمختلفة، لهذا يبدو أي نجاح، نجاح منقوص لن يزيد مع الوقت.!

اللافت في الأغنيات التى طرحت أن المنتج الذكي الذي أعتبره واحد من الذين يمسكون التراب ليحوله إلى ذهب (نصر محروس) كتب من الأغنيات التسعة، ست أغنيات هي (يومين حلوين، مالك، عاملين الصح، ليالي طويلة، ده حب ولا، مين اتعلم ببلاش)! و(نصر) من أذكى المنتجين، لكن ظهور أعراض الشعر عليه منذ سنوات جعلته يظن نفسه أحد فحول الشعر الحالي، ولما لا وهو يسمع بحكم كونه منتج كلمات ركيكة وسخيفة وتافه تعرض عليه يوميا، جعلته يقرض الشعر معتقدا أنه شاعرا حقيقيا في ظل ساحة مليئة بالمدعيين وأنصاف وأرباع الشعراء.

 لكن (نصر) الذي يعيش في (قنينة) ذكريات مغلقة لا يدري أي الأيام نحن نعيش؟! وأي تاريخ نحن نحياه؟!، وأي عالم هذا الذي نعيشه اليوم؟!، ولذلك فهو يعبر صادقا عن عواطفه المكبوتة التى لم تتفجر في صباه وشبابه، ولقد نجح لفترة لأنه استغل الجزء (الهايف) الساذج المركب في أذن المستمع المصري!.

 ولكن ما ذنبنا نحن الذين نسمع؟!، وما ذنب المطرب المسكين (بهاء سلطان) أن يتحمل هذه الفحولة الشعرية النادرة! .. نحن الذين نقول عبارات الاستحسان أو الرفض ما ذنبنا؟!، ونحن نعيش حياة متفتحة على العالم، ما ذنبنا أن تفرض علينا مشاعر بليدة سبق واستمعنا إليها عشرات بل مئات المرات في أزمنة سابقة، مشاعر ليست منا، وحكايات سخيفة لم نعيشها ولن نعيشها!

جزء من مقالي في اليوم السابع عام 2011

ما ذنبنا أن يمارس (نصر) ذوقه الخاص علينا، وإلى متى يظل (نصر) وغيره من الشعراء الذين في وهم موهبته يعيشون أسرى أمزجتهم دون الاستفادة من صوت بقيمة وجمال (بهاء سلطان) ذلك الصوت الفارض نفسه والمسيطر الذي تعشقه الملايين على مستوى العالم العربي، للأسف يبدو وكأن الزمن قد توقف بـ (نصر) في مكان ناء منعزل عن العالم ومشاكله وناسه، وكأننا مازلنا من خلال رؤياه المحدودة نعيش في العصر الذي سبق ثورة 1919 حيث بدأ الانحلال ينتشر والفساد الاجتماعي، مرت أعوام منذ كتبت عنه في عام 2011 في (اليوم السابع) مقال بعد طرحه ألبوم (ومالنا) لبهاء سلطان بعنوان (نصر محروس والمطرب المطيع)، وبعد مرور كل هذه السنوات وجدته (هو هو) دون أن يغير ألفاظه ومعانيه التى يختارها فهي تنحصر في أمثلة شعبية وجمل مأثورة يرددها الناس ويضعها في قلب ركيك من الجمل فيبدو ما كتبه من جمل وألفاظ وكأنه أكله الزمن.

ولقد استغل (نصر محروس) الجزء (الهايف) الساذج المركب في أذن المستمع المصري، ونجح لفترة لكن هذا النجاح ليس نجاحا مستمرا بل هو نجاح وقتي، بدليل أنني عندما كتبت عنه وعن بهاء منذ 11 عاما في (اليوم السابع) قلت أن الذي سيبقي من ألبوم (ومالنا) أغنية (أنا مصمم) التى كتبها (أمير طعيمة) ولحنها (رامى جمال)، ووزعها (أحمد إبراهيم)، أما باقي أغنيات الألبوم فلن يذكرها أحد!، وقد صحت رؤيتي ونسى الناس أغنيات من عينة (تعالى، 100/100، وجوه حضني) وغيرها من الأغنيات ضعيفة المستوى.! وبقيت (أنا مصمم).

وفي رأي أن ما يكتبه (نصر) في أغانيه من معان لا يمكن أن تسمى شعرا على الإطلاق، فهى بالتحديد نوع من النظم القريب من الزجل، وإلا فأين الصور الشعرية التى هى من المفروض العمود الفقري لكل ما نطلق عليه شعرا؟، أين الرؤية الجديدة والتخيل؟، أن أي فن لا يترك فرصة للمتلقى لكي يتخيل يعتبر فنا لاغيا، لأنه يلغي بالتالي الأرضية الاجتماعية والفنية التى يجب أن يقف عليها، أننى أفترح على (نصر) أن يترك (صومعته) العامرة بكل ما لذ وطاب من مشهيات وأدخنة! ويسمع كيف يغني العالم الآن؟!، وكيف تختار (أنغام، وسميرة سعيد، ولطيفة، وكارول سماحه، وأصالة، ومحمد محي، وعلي الحجار) أغنياتهم، ليتأكد فى النهاية أنه أخطأ في حق نفسه حق بهاء وفي حقنا جميعا عندما تعمد فرض كلماته الساذجة على أسماعنا عبر صوت ملئه العذوبة والشجن.

أغنيات ساذجة كما يتضح من عناوينها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.