رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الحقيقة الغائبة عن النقاد والجمهور في (أصحاب ولا أعز) ؟!

محاولات فك الروابط الدينية الأخلاقية بدافع الحرية الجنسية

كتب : محمد حبوشة

هدأت العاصفة الهوجاء التي صاحبت عرض فيلم (أصحاب ولا أعز)، وأقول هوجاء لأن لا أحد من أطراف المشكلة أصاب كبد الحقيقة، لا من جانب النقاد البلهاء الذين راحو يفسرون الرؤي والمعاني الفنية غير الصحيحة في فيلم متواضع لايرقى إلى مستوى السينما الناضجة الواعية بقضايا وقيم الشعوب الحقيقية، بل ذهب غالبيهم في غيه نحو التشدق بالدفاع عن حرية التعبير المزعومة والإبداع المفقود وغيرها من مصطلحات بالية لاتفيد ولا تجدي في عصر السماوات المفتوحة على مصراعيها، ولا من جانب جمهور الغفلة المتشنج الذي لم يشاهد في أغلبه الفيلم وراح تحت وطأة سيطرة السوشيال ميديا في اجتياحها الجنوني نحو فض أواصر التواصل الاجتماعي على جناح الفوضى والعشوائية والاتهامات والقذف والسب بطريقة عصبية تعكس الجهل والمرض الذي تعانيه معظم مجتمعاتنا العربية.

وحده فقط هو المستشار كمال عطية، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية هو الذي كشف المخفي من وراء عرض هذه النوعية من السينما والدراما التليفزيونية، حيث قال من ضمن ما قاله: لقد شاهدت هذا الفيلم حتى أكون منصفا وهو فى حقيقته تجسيد حى وتشخيص لمعاهدة ( سيداو ) – وهنا مربط الفرس – فى قالب درامي سينمائي، الإبنة تمتلك واقي ذكري وتطلب من والدها أن يسمح لها أن تنام مع صديقها في منزله، ومع عدم قدرة الأب الديمقراطي الرفض يترك لها الاختيار، المرأة المصرية تقيم علاقه على الماسنجر بسبب عدم اللقاء الجنسى بينها وبين زوجها وعندما يكتشف الزوج ذلك يغضب ثم يهدأ وكأن شيئا لم يكن، الزوج الذي لعب شخصيته (إياد نصار) يستقبل صورا إباحيه، الصديق المثلي الذي يعلنها للجميع بقوله (أنا مثلي) ويستقبل الجميع الخبر بشكل طبيعي وتحضنه نساء أصدقائه.

أصحاب ولا أعز .. بداية السلسة نحو تغيير الهوية الجنسية

لقد فسر لنا المستشار (عطية) بهدوء وعقل واع الكوارث المخفية وراء (أصحاب ولا أعز) والتي تكمن في تطبيق الفيلم حرفيا لاتفاقية (سيدو) مشيرا إلى أن هذا العمل موجه للأسرة العربيه، وألمح إلى أن القادم أسوء إن لم نتخذ موقفا حازما وحاسما ضد هذه الأعمال القذرة – على حد تعبيره – وتلك هى الحقيقة الغائبة عن أعين النقاد والجمهور اللذين تعاملا بسطحية مع كم السموم الموجودة في الفيلم.

ولمن لا يعلم ما هى اتفاقية (سيداو)، ولمن لا يعلم خطورة هذه الاتفاقية، ولمن لا يعلم كيف يريد الغرب تدمير الأسرة المسلمة، فإن بعض الدول العربية بدأت بتنفيذ اتفاقية (سيداو) والتي ترمي في بنودها إلى: القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وأنه لا فرق بين الرجل والمرأة نهائيا (حتى في الميراث) – بما يخالف الشرع طبعا – كما أن الاتفاقية اللعينة تقول: الرجل يمكنه الزواج برجل مثله، و المرأة يمكنها الزواج من امرأة مثلها!، ولعل فيلم (أصحاب ولا أعز) في محاولاته نحو بلعنا مسألة الشذوذ لتصبح أمر عاديا في مجتمعاتنا العربية يأتي كمقدمة خفيفة تجر وراءها أفلام أخري عبر نتفليكس تضعنا أمام الأمر حقيقة الأمر المرة في زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، وهو الهدف الأسمى لإنتاجات المنصة التي تهدد كل الأديان السماوية وشعوب العالم الحر كله.

وتكمن خطورة اتفاقية (سيداو) هنا في أنها لا تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية لكلا الزوجين، والقيام بعمليات جنسية شاذة عند الشواذ والمثليين وتحويل الجنس، وعدم التعرض لأطفالنا إن اختاروا الشذوذ، وللمرأة أن ترتبط بمن تشاء و تنفصل متى تشاء وتعاود الارتباط متى تشاء، ومن أجل هذا يجب أن نفهم القضية التى يطرحها فيلم (أصحاب ولا أعز) والتى تستهدف منصة (نيتفليكس) فرضها علينا، خاصة في ظل تزايد عدد الشباب الذين يشاهدون هذه المنصة ويأخذون ثقافتهم منها؟.

شعار سيداو يخيم على العالم العربي بدعم من الأمم المتحدة

لن أتطرق إلى النواحي الدينية، لأن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف كفت ووفت في بيانها الذي يشير قالت فيه إن (الضَّمائر اليقظة تدفع أصحابها نحو الإبداع المُستنير الواعي الذي يبني الأُمم، ويُحسِّن الأخلاق، ويُحقِّق أمن واستقرار المُجتمعات)، وأكد أن التَّمرُّد على الفَضيلة، والتَّنكر لقيم المُجتمع السَّويَّة بمخطَّطات وحملات مُمنهجة ليس حُرّيَّة، أو تحرّرًا، أو إبداعًا؛ بل هو إفسادٌ وإِضعَاف للمُجتمعات، وغَمْسٌ لها في أوحال الرَّذيلة)، وأكد البيان أن النَّماذج السَّيئة في المُجتمعات لا يُحتفَى بها، ولا يُتعاطف مع خطئها، بل ينبغي أن تُبغَّض أفعالها، ويُحذَّر النَّاس منها، وقال مركز الأزهر للفتوى إن أهم أدوار الإعلام السامية هو بناء وعي الأمم وتحسين أخلاق الشباب وانحسار الجرائم من خلال صناعة القُدوات الصَّالحة المُلهِمة، وتسليط الضَّوء على النَّماذج الإيجابية المُشرِّفة في المجتمع، أما تشويهُ معنى القدوة يساهم في نشر الانحلال الخُلقي، ويُزيّف الوعي، ويُفسد الفِطرة السليمة.

والكارثة الحالية في عدم القدرة على مواجهة (سيداو) الآن فقد وقّعت (190) دولة على هذه الاتفاقية الأممية ومنها كب دول العالم العربي مع إدراج جملة من التحفظات على بعض البنود التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية والأعراف والتقاليد العربية، كالمثلية الجنسية، وزواج المسلمة بغير المسلم، وحرية التصرف في جسد المرأة، وإلغاء الولاية، ولكن اللوبي الصهيوني الذي أصبح يتحكم في الإبداع الفني عبر منصة (نتفليكس) وغيرها من شركات الإنتاج العالمية بإيعاز من الماسونية العالمية أصبح يتحكم في كل قواعد لعبة الحرية مدعوما بورقة منظمات حقوق الإنسان التي تنشط في تهديدها المجتمعات العربية يوما تلو الآخر.

كرنفال الألون الخيث في معناه ومضمونه البراق

يحاول اللوبي الصهيوني مدعوما من الأمم المتحدة والجمعيات الحقوقية تنفيد اتفاقية (سيداو) بالأمر الواقع وهى التي تتكون من خمسة أجزاء تحوي في مجملها ثلاثين بندا، وتعرف الاتفاقية مصطلح التمييز ضد المرأة بأنه (أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

‎وتركن تلك المحاولات البغيضة إلى أن الدول المصدقة والموقعة بإرادتها، عليها طبقا للاتفاقية الدولية واجب قانوني وأخلاقي بالالتزام، ومن ثم فهى مطالبة بتكريس مفهوم المساواة بين الجنسين في تشريعاتها المحلية، وإلغاء جميع الأحكام التمييزية في قوانينها، والقيام بسن أحكام جديدة للحماية من أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك عليها إنشاء محاكم ومؤسسات عامة لضمان حصول المرأة على حماية فعالة من التمييز، واتخاذ خطوات للقضاء على جميع أشكال التمييز الممارس ضد المرأة من قبل الأفراد والمؤسسات والمنظمات، وتبدو المسألة في ظاهرها هى الدفاع عن حقوق المرأة السياسية، بينما باطنها محاولات التحرر على أساس الهوية الجنسية وهو الهدف الأسمى لهؤلاء المتلاعبين بالأديان والعقائد السماوية التي تخاطب الفطرة السليمة.

المرأة العربية في مرمى سيداو

والملاحظ على جانب آخر تبدو استراتيجية الحركة للنسويات في بلادنا معتمدة على مبدأ التعتيم، فعلى الرغم من أن الحركة النسوية في بلادنا تدين بالولاء والانتماء للحركة النسوية العالمية، بل لعلها تمثل ما يشبه الصدى لكل ما تنادي به هذه الحركة العالمية، على اختلاف مدارسها، إلا أنه لا يمكن للنسويات في بلادنا مواجهة الرأي العام بكامل الأجندة والأطروحات الفكرية التي تتبناها الحركة النسوية العالمية؛ لذلك فهي تعتمد مبدأ التعتيم، فلا تبرز إلا مساحة محدودة من الأهداف التي يمكن قبولها أو التي يمكن الجدال عنها، مهما كانت مساحة تقبّلها بالغة الضيق.

تفكيك المجتمع بأبنيته المختلفة، هو الهدف النهائي للفكر النسوي، ولا يمكن أن يتم إلا عبر إحداث موجات متتابعة من الخلخلة تزيد كل موجة فكرة صغيرة، لكنها أكثر حدة، فبينما كانت البدايات مشروعة للمطالبة بحق المرأة في التعليم أو الحقوق السياسية والمدنية، بدت الخطوات التي تلت ذلك أكثر حدة، حتى وصل الأمر لشيطنة الرجل باعتباره ممثل النظام الأبوي، وتجاوزت الحركة النسوية العربية المطالبة بالحقوق، وتحولت لحركة احتجاجية تسعى للتفكيك والهدم، مستعينة بذلك بنشر الأدبيات المترجمة، وبالإنتاج الإبداعي الذي يستخدم لغة فنية مرنة لا يمكن محاكمتها بدقة، مرورا باستغلال الفضاء الإلكتروني، لترسيخ نموذج فج لنشر الفكر المثلي بين النساء عبر هذا الفضاء، وعبر الخط الساخن ومجموعات الدعم.

فتيات يمارسن الشذوذ علنا على مواقع التواصل

ولاشك أن استغلال الفن بلغته المرنة لإلهاء الشارع وإشغال الجماهير خطة قديمة – حديثة ماضية على قدم وساق، فتوقيت عرض فيلم (أصحاب ولا أعز) الذي أنتجته شركة نتفليكس الأميركية المشبوهة والتي لايعلم مصادر تمويلها حتى الآن ، ليمثل النسخة العربية رقم 19 المقتبسة عن الفيلم الايطالي (غرباء بالكامل) بما يروج له من أفكارمنحرفة وشذوذ وإباحية في ترجمة واضحة وصريحة  لبنود اتفاقية (سيداو)، يأتي في وقت ازدياد الجدل الدائر في المجتمعات العربية بين الحكومات وجهات التشريع حول بنود الاتفاقية المشؤمة التي يحاول اللوبي الصهيوني فرضها من خلال التشدق بحقوق المرأة بعد تفشي ظواهر التنمر والتحرش التي أصبحت عربية بامتياز حاليا.

وهنا أعيب على نقاد الغفلة الذين لم ينتبهوا إلى أن منصة (نتفليكس) تتبنى أفكار (سيداو) الشيطانية، وأن الأمر على حد قول بعضهم لايتعدى كون الفيلم  منحدر من فكرة عامة وأعماله تشمل جميع الثقافات المختلفة، ويتصور أن جميع الأمم لها مقومات ذات اللغة والدين، ويقدم المحتوى بتوجه كوني، كما هو الحال في الوقت الحاضر، ومن ثم فإن  علينا أن نقبل بزج بعض الرموز والعروض الباهتة في أدوار يقوم بها ذلك الفنان الشاب الذي يؤدي دور المثلي أو المنحرف كما هو موجود في الأفلام الأمريكية، ثم تنتقل نفس الأدوار والرموز إلى المسلسلات العربية بداعي دراما اجتماعية، أضف إلى ذلك العلاقات غير الشرعية والأدوار الشاذة التي تشاهدها الأسرة بكل طاقمها.

هكذا يريدون شبابنا على شكلة هؤلاء

لقد اخترعت العولمة (سيداو) تحسبا للفراغ لكي لا تبقى أي بيئة مشحونة جنسيا، وهذا في اعتبار العاقل إنما هو خلق بيئة فاسدة لا توافق دين أو معتقد أي مجتمع سليم، ولكن للأسف يأتي البعض يصوت لصالح هذه الاتفاقيات قبل أن يرى الخسائرالأخلاقية، ومن هنا يصعب على الباحثين تقرير أو إحصاء تلك الحالات في العالم إذا اختلفت القصص أو تشابهت فالثمن واحد هو فصل الإنسان عن الدين والهوية والقيمة الأخلاقية.

ومع ذلك فإن العقل في الثقافة الغربية يحتفظ بعزته واستقراره والتشديد على الهوية وإضعاف الثقافة الدينية، وكانت هذه النتائج متوقعة قدمت من أفكار فاسدة لنشر الآفات الاجتماعية التي تعيشها هذه الأمم، إن وسائل وأدوات العلم الحديث مفهومة ويعيها العقل ولا تتجاوز قدرات الوعي، بينما مثل هذه الظواهر غير ملائمة وذات قيمة رخيصة وأيدلوجيا ضعيفة تتمظهر سلبا على عادات الناس وتقاليدهم، ووسيلة لسلب احترام المرء لذاته، فعلى وسائل الإعلام فرض مقاطعة صارمة للفضائيات التي تبث هذه الأفلام والمسلسلات التي تبيح هذه العلاقات المحرمة والحفاظ على شباب وبنات المسلمين والعرب من الأفكار المنحرفة التي تتسلل إلى البيوت عبر الشاشات والبرامج.

لسنا بصدد توعية وتنبيه فقط بهذا الشأن وإنما لابد لنا من سعي حثيث عبر وسائل إعلامنا لا لمنع وحظر تلك المنصة بل بالتوعية بالمخاطر، وخاطبة الأهالي والأسر العربية بوعي وعقل ومنطق بالتوجيه نحو مقاطعة الاشتراك في منصة (نتفليكس) وغيرها من منصات تروج لهذه الأفلام المسلسلات التي تبيح المحظورات ضمن طبيعة حياة نمطية اعتاد عليها الشواذ في العالم وتم نقلها إلينا عبر فنون عربية هدامة بها من الانحلال الأخلاقي الكثير وتعد من الوسائل الغربية لترويج أفكار تلك الثعابين التي تبث سمومها التي تحاول التأثير وفرض التغيير على هوية شبابنا المتمرد بطبعه، خاصة أنه يجد هوى في هذه النوعية من الفنون القاتلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.