رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الحرمان .. اكتشف (نيللي)، وأكد موهبة فيروز، وأشاد بمناخ (حلوان)

* الفيلم كان أول إخراج للمخرج (عاطف سالم) وحصل على 500 جنية كأجر

* الحرمان مأخوذ عن قصة حقيقية وكانت العقدة النفسية الموجودة في الفيلم شيئ جديد على السينما المصرية

* أشاد بالفيلم (إحسان عبدالقدوس، موسى صبري، أنيس منصور، كمال الملاخ).

الأم والأب يفكران في سر هروب ابنتهما

كتب : أحمد السماحي

نحيي هذه الأيام وبالتحديد يوم 30 يناير الجاري الذكرى السادسة للطفلة المعجزة (فيروز) التى اكتشفها الفنان اللبناني (إلياس مؤدب) بحكم صداقته لوالدها، وذلك حينما لاحظ حركاتها الاستعراضية أثناء عزفه على الكمان في منزل والدها، وبعدها أدخلها مسابقة مواهب في ملهى الأوبرج لتقدم مولونوج أبهر الجميع، وكان من بين الموجودين ​الملك (فاروق) الذي أعجب بموهبتها ومنحها منحة خمسين جنيها، وكان مبلغا كبيرا فى هذا الوقت، وكان موجودا بالمصادفة (حسن الصيفي) الذي كان يعمل مساعدا في هذا الوقت للنجم (أنور وجدي) وأعجب بالطفلة وتعرف على والدها.

وفى اليوم التالي حكى للفنان (أنور وجدي) عن الطفلة الصغيرة التى نالت إعجاب الملك لدرجة أنه منحها 50 جنيها، فطلب (أنور وجدي) أن يراها، واتصل (الصيفي) بوالدها الذي حضر بصحبة ابنته التى ظلت صامتة لا تتحدث، وبعد أن أخذت على الموجودين بدأت ترد على أسئلة (أنور وجدي) الذي سألها عن اسمها فقالت له (بيروز) فطلب منها أن يسمع أغنية فغنت ثم رقصت فقرر أن يتبناها فنيا، ووقع معها عقد احتكار، وكان أول أفلامها (ياسمين) عام 1950 الذي حقق نجاحا كاسحا كان حديث مصر كلها، بعده توالت أفلامها فقدمت (فيروز هانم، صورة الزفاف، دهب، الحرمان، عصافير الجنة)، وعندما كبرت وأصبحت آنسة قدمت (اسماعيل ياسين طرزان، أيامي السعيدة، اسماعيل ياسين للبيع، بفكر في اللي ناسيني)، لكن كل أفلامها وهى كبيرة لم تحقق نفس نجاح أفلامها وهى طفلة مما جعلها تنسحب بهدوء من الوسط الفني، خاصة وأنها منذ طفولتها لم تكن عاشقة للشهرة والأضواء، وكانت تفضل عليهما الجلوس فى البيت.

فاضل ولطيفة وسيكا يفكرون في مصير منى

قصة الفيلم:

هذا الأسبوع في باب (فيلم لا ينسى) نتوقف مع واحد من أهم أفلامها وهو (الحرمان) الذي تدور أحداثه حول الفنانة (وفاء/ زوزو ماضي) التى تهمل زوجها وبيتها، وابنها الصغير من أجل تطلعاتها الفنية مما يتسبب في موت ابنها الصغير، وحينما يهبها الله ابنة جميلة تهمل أيضاً في رعايتها مما كاد يتسبب في موتها، وحاول زوجها المهندس (فاضل/ عماد حمدي) أن يلفت نظرها لتهتم ببيتها ولكنها صمت أذنيها فأخذ ابنته الصغيرة (منى / نيللى) ورحل للقاهرة.

 وهو في القطار يتعرف على السيدة (لطيفه/ زينات صدقي) والتي دعته للسكن في حلوان وأشادت بمناخها وطبيعتها الساحرة ودعته للعمل في أحد مصانعها، وساعدته في تربية (منى) مع زوجها معلم المزيكا الأستاذ (سيكا/ عبد السلام النابلسي)، وتكبر (منى/ فيروز) وتبلغ ثمان سنوات، وعندما زادت تساؤلاتها عن أمها اضطر (فاضل) لإرسال خطاب إلى أمها (وفاء) يستطلع رأيها إن كانت ترغب في رؤية ابنتها، فى هذا الوقت كانت (وفاء) تتعذب لغياب ابنتها بعد أن تمكنت الأمومة من مشاعرها فانشغلت عن المسرح بالبحث عن ابنتها مما أدى لطردها من الفرقة وتدهورت حالتها وأخذت في بيع متاعها لكى تنفق على نفسها.

وفي أحد الأيام اضطر (فاضل) للتأخر في العمل وأرسل سائق المصنع لإحضار (منى) من المدرسة وأثناء ذلك تمسك بذراع الكهرباء وأعادت الكهرباء أثناء إصلاح والدها إحدى الماكينات مما أدى لإصابته وبتر يده، وهددتها الست (لطيفه) بأن والدها سيعاقبها بقطع يدها مما أدى لهروبها حتى لا تقع تحت طائلة العقاب، يبدأ الوالد في البحث عنها وتكون نقطة التقاء بين أبويها اللذان يعثران عليها في النهاية ويلتئم شمل الأسرة مرة أخرى.

أول ظهور لنيللي في السينما

……………………………………………………………

كواليس:

حكى المخرج السينمائي (عاطف سالم) ذكرياته عن الفيلم مع الناقد السينمائي (طارق الشناوي) في كتاب (جعلوني مخرجا) فقال: فيلم (الحرمان) كان أول إخراج لي في السينما المصرية، وفى هذه الفترة كانت (فيروز) حدث سينمائي ومعجزة، وعندما قرأت القصة الحقيقية أعجبتني وقررت أن أبدأ بها مشواري في عالم الإخراج وعرضتها على والد (فيروز) ورحب بإنتاجها، وذهبت إلى جمعية الشبان المسيحيين لمقابلة (نيروز عبدالملك) وتكلمت معه في قصة (الحرمان) ووافق على كتابة القصة والحوار وكتبت أنا السيناريو.

وعندما عرض عمل ضجة كبيرة جدا، وكتب الناقد (كمال الملاخ) وقال: أضع (عاطف سالم) في الصف الأول من المخرجين وأرشحه لأي مهرجان دولي، فرد عليه محامي قائلا: (فلقتونا بعاطف سالم ده عمل ايه يعني؟!)، فنشر (الملاخ) فى عموده ما قاله وقال أرجو أن يشاهد المحامي الفيلم ويقول لنا رأيه، وشاهد المحامي الفيلم وأشاد به وأرسل للملاخ (الإشادة) ونشرها.

والكاتب (أنيس منصور) قال: إنني متأثر بالمدرسة الأيطالية وأول مرة مخرج مصري يخرج من البلاتوه، وأشاد كلا من (إحسان عبدالقدوس، وموسى صبري) بالفيلم وكتبوا عنه كلامات رائعة.

لطيفة والأستاذ سيكا

……………………………………………………………

طارق الشناوي ينتقد (الحرمان):

كتب الناقد السينمائي (طارق الشناوي) في كتابه (عاطف سالم .. جعلوني مخرجا) رؤية نقدية لعدد من أفلامه فقال عن (الحرمان): حرص عاطف سالم رغم ميلودرامية السيناريو المليئ بالصدف والمفاجآت والمأسي على أن يضع دائما بسمة في الأحداث تخفف من وطأة قتامة التناول ويحقق من خلال الأغنيات الموجودة في الفيلم درجة عالية من التقنية في تنفيذها، وسوف تجد موقفا يتكرر كثيرا في أغلب أفلام هذا المخرج، وهو سطوة الزوجة على الزوج، وضعف شخصية الأزواج بوجه عام أمام زوجاتهم.

الفيلم مأخوذ عن واقعة حقيقية كتبها (نيروز عبدالملك) تجنح للتحليل النفسي عن ابنه تهرب من أبيها بعد اعتقادها أنها قد أدت إلى أن يفقد ذراعه، وكان الأب قد انفصل في بداية الأحداث عن زوجته من أجل رعاية ابنته نظرا لانشغال الأم بالعمل كممثلة مسرحية، ثم يعود الأب الذى أدى دوره (عماد حمدي) إلى الأم (زوزو ماضي) والأبنه حيث لعبتا نفس الدور (نيللي وفيروز) في مرحلتين زمنيتين متتاليتين.

يقدم (عاطف سالم) مع بداية الأحداث أغنية (دوري مي) لعبدالسلام النابلسي الذي يؤدي دور أستاذ موسيقى للأطفال، وبهذا تصبح الفرصة مهيأة لكي نرى أكبر عدد من الأبطال المفضلين لدى (عاطف سالم)، ويختار المخرج لقطة على أقدام (نيللي) وهى ترقص ليقدم لنا رقصة أخرى على أقدام (فيروز) في مرحلة سنيه مختلفة حيث تتابع نفس الدور، وهذا الاختيار يحمل حس سينمائي عال سوف يعلن عن نفسه في العديد من اللقطات الأخرى.

وفى الفيلم نجد الطفلة مصابة بالوسواس القهري، ويؤرقها دائما الأحساس بالذنب تجاه والدها (عماد حمدي) وأيضا الخوف منه والإحساس بأنه هو أو غيره سوف يقطع يدها عقابا على أنها أدت إلى أن تقطع يده، وبين مشاعر الخوف الشديده يأتي الحلم كتنفيس عن تلك المشاعر في محاولة لإعادة التوازن النفسي، ولهذا تحلم (فيروز) بأنها ترتدي ملابس راقصة باليه وتغني للفراخ المحرومة من أكلها.

ومن أفضل الأغنيات التى نفذها (عاطف سالم) أغنية (صفر يا وابور) كلمات فتحي قوره، وتلحين محمد فوزي، ويتم تصويرها في القطار ويتم توظيف آلة الهارمونيكا بأسلوب جيد لارتباط هذه الآلة كثيرا بمشاعر الأطفال، وكما نجح أيضا في تقديم أغنية (البسكليته) تلحين (عبدالعزيز محمود) على شاطئ البحر، حيث صور (عاطف سالم) أغلب مشاهد الفيلم في الأماكن الطبيعية.

خناقة ومشادة بين عدلي كاسب وعبدالحميد زكي في أحد مشاهد الفيلم

……………………………………………………………

الأحداث السينمائية التى حدثت عام 1953:

رصد الناقد السينمائي الكبير الراحل (علي أبوشادي) أبرز الأحداث السينمائية التى حدثت في كتابه (وقائع السينما المصرية في مائة عام).

** قامت الثورة بتأسيس شركة النيل للسينما للإنتاج والتوزيع برئاسة الضابط وجيه أباظة.

** شاركت مصر في مهرجان برلين السينمائي عام 1953 بفيلمي صلاح أبوسيف (لك يوم ظالم)، و(ريا وسكينة)، وفيلم أحمد ضياء الدين (من غير وداع).

** إنشاء وزارة الإرشاد القومي وتولى مسئوليتها الكاتب والمناضل فتحي رضوان.

** قدم خمس مخرجين أفلامهم الأولى وهم عاطف سالم الذي قدم (الحرمان)، حسن الصيفي (نشالة هانم)، إلهامي حسن ( شريك حياتي)، جلال مصطفى (غرام بثينة )، حماده عبدالوهاب ( اللص الشريف).

……………………………………………………………

الأفلام السينمائية التى عرضت عام 1953:

عرض عام 1953 مجموعة من الأفلام المتنوعة لكبار مخرجي مصر ووصل عددها إلى 62 فيلما كما رصدها الناقد السينمائي والباحث (محمود قاسم)، وهى: (الحرمان، نشالة هانم، فاعل خير، بنت الهوى، مجلس الادارة، السر في بير، حظك هذا الأسبوع، نساء بلا رجال، بنت الأكابر، الحب المكروه، جحيم الغيره، عفريت هم عبده، قطار الليل، ريا وسكينة، في شرع مين، طريق السعادة، دهب، شريك حياتي، قلبي على ولدي، بعد الوداع، أنا وحبيبي، المقدر والمكتوب، عائشة، الشك القاتل، عبيد المال، تاجر الفضائح، مؤامرة، اشهدوا يا ناس، أرض الأبطال، حكم قراقوش، مكتوب على الجبين، حكم الزمان، اللقاء الأخير، بين قلبين، غرام بثينة، كلمة حق، لسانك حصانك، بيت الطاعة، أنا ذنبي ايه، بلال مؤذن الرسول، بيني وبينك، ابن للغيجار، غلطة العمر، ابن ذوات، السيد البدوي، اللص الشريف، وفاء، الحموات الفاتنات، حرام عليك، نافذة علي الجنة، حميدو، ماليش حد، ابن الحارة، ظلموني الحبايب، بائعة الخبز، لحن حبي، المستهترة، موعد مع الحياة، الدنيا لما تضحك، المرأة كل شيئ، مليون جنيه).

العائلة التى احتضنت منى

……………………………………………………………

بطاقة الفيلم:

إنتاج أفلام فيروز

مدير الإنتاج: روفائيل جبور

توزيع: أفلام النصر (حسن رمزي)

قصة وحوار: نيروز عبدالملك

سيناريو وإخراج: عاطف سالم

أخذت المناظر والطبع والتحميض: ستديو الأهرام

مونتاج: سعيد الشيخ، حسين عفيفي

موسيقى: محمد فوزي، عبدالعزيز محمود، منير مراد

مهندسا الديكور: شارفنبرج، جبيب خوري

ملاحظ السيناريو: نجدي حافظ

تمثيل: فيروز، عماد حمدي، زوزو ماضي، نجمة إبراهيم، زينات صدقي، عبدالسلام النابلسي، عدلي كاسب، ثريا فخري، عبدالحميد زكي، محمود لطفي، والطفل وجيه الأطرش، والطفلة نيللي.

منى في مرحلة التخفي والهروب
منى او فيروز مع شقيقتها ميرفت في أحد الاستعراضات
منى أو فيروز تغني وترقص بإجادة تامة في الحرمان
فيروز مع وجيه الأطرش في أحد مشاهد الفيلم
فيروز او منى عندما هربت وتخفت في صورة ولد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.