رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

يحيا الحب .. قدم لنا سندريلا السينما الغنائية ليلى مراد، وفتح النار على (عبدالوهاب)

محمد عبد الوهاب في مشهد من الفيلم

* محمد كريم : ليلى مراد تعبتني حيث كانت ضعيفة فى التمثيل إلى أبعد حد، وسبب ضعفها راجع إلى خجلها المتناهى.

* كتب أحد النقاد ينعي على (عبدالوهاب) الهبوط بموسيقاه في أغنية (يا وابور قوللي رايح على فين) !

* زكي مراد يصرخ (عبدالوهاب) قضى على (ليلى) مثلما قضى من قبل على (منيرة المهدية).

ليلى مراد في مشهد من الفيلم

كتب : أحمد السماحي

(أنا أحب السينما كثيرا، وكنت أهتم بألا يفوتني فيلم من الأفلام، ولكن ما كان يخطر على بالي أني سأظهر يوما على الشاشة البيضاء، إلى أن دعيت لتمثيل دور البطلة في فيلم “يحيا الحب” مع أستاذنا الكبير محمد عبدالوهاب، فداخلني شعور غريب هو مزيج من الفرح الشديد والرهبة الشديدة، أدركت عندما وقفت أمام الكاميرا لأول مرة أن خوفي كان في محله، وأن السينما في الواقع متعبة مرهقة، وآية ذلك أنه أغمى على أثناء التمثيل خمس مرات لكنها في الوقت نفسه لذيذة، مغرية ساحرة، النجاح فى السينما مثل كل عمل في الدنيا ليس أمرا هينا، وأظن أني نجحت وليس هذا رأيي وإنما ذلك ما رآه مخرجنا كريم؟!).

هذه هي الكلمات التى كتبتها (ليلى مراد) فى الكتيب الدعائي لفيلمها الأول (يحيا الحب)، والذي نتوقف عنده هذا الأسبوع فى باب (فيلم لا ينسى) بمناسبة ذكرى رحيل هذه الأيقونة الفنية النادرة التى رحلت عن حياتنا في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 21 نوفمبر عام 1995.

زوزو ماضي .. أول دور لها في السينما

قصة الفيلم

تدور أحداث الفيلم حول (محمد فتحي) ابن أحد الأغنياء الذي يؤمن أن الإنسان يجب أن يعيش من عرق جبينه، لهذا ينزل إلى القاهرة ليشتغل في أحد (المصارف/ البنوك) بمرتب شهري 15 جنية، ويستأجر شقة جديدة تواجه قصر (طاهر باشا والد نادية)، ويحدث سوء فهم بين (فتحي ونادية)، ثم يكتشف أنها ابنة أخت رئيسه في العمل في بنك مصر، وما أن تشكو له (نادية) حتى يقرر نقله إلى بنى سويف، ويكتشف فتحي حقيقة سوء الفهم، ويقعان في الحب، وتحاول نادية أن تطلب إلغاء أمر النقل، وتدور باقي الأحداث.

كواليس يحيا الحب

يتذكر المخرج (محمد كريم) ذكرياته عن فيلم (يحيا الحب) فى مذكراته التى أعدها الناقد (محمود علي) فيقول: (تعرفت على المؤلف المسرحي (عباس علام) فقرأ على بعض قصصه، لكني لم أكن أميل لإخراج فيلم سبق ظهوره على المسرح، ولكن عندما عرض على ملخصا لفكرة بسيطة وجدتها مناسبة جدا، وقررت تحويلها إلى فيلم، وقد أصبحت هذه القصة هى الفيلم الثالث لـ (عبدالوهاب) والتى أطلقنا عليه (يحيا الحب).

وفضل (عبدالوهاب) أن تكون البطلة التى تعمل معه مطربة، ورشح آنسة أسمها (ليلى مراد) وتمنى أن تعجبني ولاسيما من ناحية القوام، ولما رأيته في منزله وافقت على قوامها باستثناء جزء من جسمها، لا حيلة لها فيه، وكان والد الفتاة (زكي مراد) قد زارني ووجدت ابنته خجولا إلى أبعد حد، ولكنها تمتاز بالظرف والأدب، ولم تكن لدى (ليلى) حاسة التمثيل ولابد من تعليمها طريقة التعبير بالوجه والحركة.

ويضيف (محمد كريم) : تعبتني (ليلى) إلى أبعد حد، حيث كانت ضعيفة فى التمثيل إلى أبعد حد أيضا، ولعل سبب ضعفها راجع إلى خجلها المتناهى، فكانت تخجل حين تضحك، وتخجل حين تتكلم.. وكان الحوار يتضمن كلامًا ينتهى بضحك.. فكانت تقول الكلام ثم تنفرج شفتاها عن ضحكة صامتة لا صوت لها، فكنت أستعين بفتاة من الكومبارس وأسجل صوت ضحكتها وأضعها على صورة الضحكة الصامتة.

ويتحدث رائدنا السينمائي عن اكتشافه للفنانة (زوزو ماضي)، فيقول: ساعدني الأستاذ (مصطفى القشاشي) صاحب مجلة (الصباح)، الذي كان له أفضال كثيرة على السينما المصرية، ورشح سيدة اسمها (زوزو ماضي) وذهبت لمقابلتها في المجلة حيث علمت منها أنها متزوجة وتقيم في بني سويف، كانت هذه عقبات قد تمنعها من العمل ولكني أعجبت بنبرات صوتها الخشنة بعض الشيئ، مما يميزها ويضفي عليها غرابة وإثارة.

 ووجدتها محدثة لبقة، وعلى ثقافة ودراية، ولكن عيبها الأساسي في نظري هو قوامها، فلم تكن سمينة، ولكنها كانت مليئة أكثر مما ينبغي، ووعدت بأن تنقص وزنها وتواعدنا على اللقاء بعد شهرين، بعد أن تنقص وزنها، وجاءت بعد شهرين ولم ألحظ تغييرا في وزنها فقلت لها : تخينة، فردت محتجة : أنا مت من الجوع طول الشهرين دول يا أستاذ كريم، فحكمت (عبدالوارث عسر) الذي كان موجودا، وأخذ يدير فيها بصره ثم قال : ولا تخينة ولا حاجة حلوة كده.!

عرض الفيلم يوم 24 يناير 1938 وفي حفلة المساء حضر كبار الشخصيات، وكان (عبدالوهاب) يمشي خارج اللوج ويصعد ويهبط، يستمع إلى أحاديث الناس، وأنا معه، وكثيرا ما يذهب إلى غرفة الماكينات استعداد لأغنية قادمة، وما أن كانت تدوي السينما بالتصفيق لأغنية، أو الضحك من منظر حتى كانت دموع الفرح تتساقط من عيوننا.

واحد فقط لم يعجبه الفيلم وهو والد (ليلى مراد) فقد أخذ يضرب كفا على كف، ويقول أن عبدالوهاب قضى على (ليلى) مثلما قضى من قبل على (منيرة المهدية)، لكن مخاوف الأب لم تتحقق وإنما هى لهفته على نجاح ابنته.

ويستكمل محمد كريم ذكرياته عن (يحيا الحب) فيقول: عرض الفيلم وحقق نجاحا كبيرا، وما ساعد على نجاحه أنني فكرت فى فكرة رائعة لم يسبقنا أحد إليها ولم يقدمها أحد بعدنا وهى عرض الفيلم بمصاحبة (عبدالوهاب) لأول مرة فى العالم كله، كان يضاف إلى ثمن التذكرة خمسة قروش فى اليوم الذى يغنى فيه (عبدالوهاب)، حيث كان يفاجئ الجمهور بأغنية من أغانى الفيلم، فى الليلة الأولى مثلا عندما جاء عرض أغنية (يا وابور قوللى رايح على فين) توقفت آلة العرض، وأضيئت الأنوار وفتح الستار عليه وسط فرقته الموسيقية كاملة، كانت الأغنية (يا وابور قوللي) يستغرق عرضها فى الفيلم ست دقائق، وكان يغنيها على المسرح فى أكثر من ساعة، لدرجة أن حفلة الماتينيه التى كانت تنتهى فى التاسعة كانت تنتهى فى الحادية عشرة، ويبدأ السواريه الساعة 11,30 تقريباً، ولم تستعمل هذه الطريقة بعد ذلك فى أى فيلم من أفلام (عبدالوهاب) ولا لأى مطرب آخر.

 

مشاهد مختلفة من الفيلم

هبوط (عبدالوهاب) بسبب (يا وابوار قولي)

كان من أهم الآراء التى أبداها النقاد عن هذا الفيلم أن عبدالوهاب تحول فيه من النواح والبكاء – كما يقول كريم ـ إلى التمثيل الفكاهي الراقي، وكان طبيعيا جدا في هذا اللون الجديد، وكذلك نجحت (ليلى مراد) سواء منفردة أو معه في أغنيات (يا دي النعيم اللي أنت فيه يا قلبي، وطال انتظاري).

وكتب أحد كبار الصحافيين والنقاد ينعي على (عبدالوهاب) الهبوط بموسيقاه في أغنية (يا وابور قوللي رايح على فين) ووصفها بأنها كلام فارغ تأليف ولحنا، واستعوض الله خيرا في أحمد رامي مؤلف الأغنية، وفي (عبدالوهاب) مطرب وملحن الأغنية.!

الأحداث السينمائية عام 1938

الأحداث السينمائية التى جرت عام 1938 في الساحة الفنية كما رصدها الناقد الراحل (علي أبوشادي) في كتابه (وقائع السينما المصرية في مائة عام):

* في سابقة تاريخية لم تحدث في مصر قبل، أو بعد ذلك، تمت مصادرة ومنع فيلم (لاشين) من إخراج (فريتز كرامب) من العرض العام في اليوم ذاته الذي تقرر عرضه جماهيريا في السابع عشر من مارس سنة 1938، وقد منعت الرقابة عرضه بأمر وكيل وزارة الداخلية لأن به مساسا بالذات الملكية ونظام الحكم، وأعلن ستوديو مصر منتج الفيلم أن الفيلم سيتأخر عرضه عن موعده مراعاة للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

كان (لاشين) أحد كلاسيكيات السينما المصرية، يربط في شجاعة بين الفساد السياسي والخيانة والانهيار الاقتصادي وينتهي بتحقيق إرادة الجماهير في تولية قائد محبوب من الشعب، وقتل الحاكم أو السلطان، اضطر ستوديو مصر إلى تصوير نهاية جديدة ينتصر فيها السلطان العادل وينعم بحب شعبه بعد سحق المؤامرة، أعيد عرض الفيلم مرة أخرى بنهايته الجديدة في 14 نوفمبر 1938.

* ظهرت المطربة (ليلى مراد) لأول مرة على الشاشة كبطلة في فيلم (يحيا الحب) إخراج محمد كريم.

* تقلص الإنتاج هذا العام، فلم يعرض سوى 11 فيلما من أصل 17 فيلما عرضوا العام الماضي، ولم يظهر أي مخرج جديد.

* قام المخرج (الفيزي أورفانيللي) بعمل نسختين من فيلم (خدامتي) الأولى باللغة العربية، والثانية باليونانية، فكان يصور المشهد بممثلين مصريين، ثم مرة ثانية بممثلين يونانيين، وقام ببطولة النسخة المصرية (مختار عثمان، وسلوى علام).

………………………………

الأفلام التى عرضت عام 1938

عرض عام 1938 إحدى عشر فيلما سينمائيا حسب موسوعة الناقد السينمائي (محمود قاسم) وهذه الأفلام هى: (بنت الباشا المدير، يحيا الحب، خدامتي، ساعة التنفيذ، التلغراف، أنا طبعي كده، نفوس حائرة، يوم المنى، لاشين، بحبح باشا، شيئ من لا شيئ).

………………………………

أفيش الفيلم

بطاقة فيلم يحيا الحب:

أفلام محمد عبدالوهاب

قصة وحوار : عباس علام

تصوير : جورج بنوا، بريما فيرا

ديكور : محمد رفعت

مهندس الصوت : مصطفى والي

ماكيير : عيسى أحمد (أول مرة)

فوتوغرافيا : حسين بكر

مساعد مخرج : أحمد ضياء الدين

مناظر : ستوديو مصر

موسيقى : محمد عبدالوهاب

قيادة أوركسترا : عزيز صادق

كتب (أحمد رامي) هذه الأغنيات (أحب عيشة الحرية، يا دنيا يا غرامى، يا دي النعيم اللي أنتى في يا قلبي، يا وابور قولّي، الظلم ده كان ليه، ياما أرق النسيم، يا قلبي مالك كده حيران، طال انتظاري لوحدي، ياللي زرعتوا البرتقال)، وكتب الشاعر (محمود أبوالوفا) قصيدة عندما يأتى المساء)

بطولة : (محمد عبدالوهاب، ليلى مراد، زوزو ماضي، محمد عبدالقدوس، عبدالوارث عسر، أمين وهبه، محمد فاضل، أمال زايد، حسن القصبجي).

سيناريو وإخراج : محمد كريم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.