رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الطريق الى 30 ـ (17) .. نشكركم على حسن تعاونكم

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

قبل أن يكمل الوزير شهرا فى منصبه ، كان قد أجرى مذبحة لمعظم قيادات  الوزارة ، فلقد أنهى ندب كل من : رئيس هيئة الكتاب و رئيس هيئة الوثائق القومية و رئيس قطاع الفنون التشكيلية و تسبب فى استقالة رئيس قطاع مكتبه و الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ، و أطاح برئيس قطاع الأمن ، و دخل فى صراع مع كل المنتسبين لهذه الإدارات و من هم متعاملين معها ، كل هذا خلال ثلاث أسابيع فقط و كانت أسبابه المعلنة هو تجديد دماء الوزارة ثم أضاف لها محاربة الفساد !!

فهو لا يفوت أية فرصة فى حواراته الصحفية أو لقاءاته التليفزيونية ([1])لإثبات الخلل فى أجهزة الوزارة قبل مجيئه ، و يصر على تكرار أنه فوجئ بقدر كبير من الفساد بالوزارة لم يكن يتوقعه على الإطلاق، مؤكدا أن هذا الكم من الفساد يحتاج إلى سنوات لمكافحته لكنه سيسعى بكل جهده للإسراع بإنهائه ، مطالبا بمنحه الفرصة حتى 25 يناير التالى لإنهاء كافة المظالم التى تراكمت فى الوزارة خلال أكثر من ثلاثين عاما !! وقال فى بيان صحفى : ( إن الثورة المصرية ما قامت إلا للقضاء على الفساد والمحسوبية واستغلال النفوذ، لذا فإن الثورة التى شارك فيها شرفاء الوطن لن تصمت على الفساد، ولن نتوقف إلا بالقضاء عليه نهائيًا ، ليحصل كل صاحب حق على حقه ) . كما صرَح فى بداية توليه  بأنه سيتم تحويل جميع ملفات الفساد داخل وزارة الثقافة إلى الجهات الرقابية للتحقيق فيها ، وذلك لإعادة الحقوق إلى أصحابها الحقيقيين من الشعب المصرى .

فى مقابل كل هذه التصريحات لم يقدم قضية واحدة تثبت فساد من اتهمهم ، و فيما بعد عندما سُئل لماذا لم يُحل قضايا الفساد التى يتكلم عنها للنائب العام ادعى أن أوراق و مستندات قضايا الفساد كانت موضوعة فى ( كرتونة )  و لكنها سُرقت من مكتبه ( و كأن مكتبه فى  طابونة من الممكن أن يخرج منها أى شخص يحمل كرتونة و لا يسأله أحد ) بل أضاف أن هناك بعض الشخصيات يخترقون مكتب الوزير ويهربون الوثائق ، مؤكدا أن مكتبه داخل الوزارة كان مخترقا ويتم تسريب المعلومات منه. و أن أحدهم كان يوقّع نيابة عنه بدون علمه ، مضيفاً ( معى وثائق تثبت أن من يكتبون ضدى يتلقون مكافآت وسوف نكشفهم قريباً )، و لم يكشف احداً و لم يثبت توقيع احد بدلا منه !!!!

لم يقف الأمر عند الاتهام فقط بالفساد بل لجأ الوزير إلى تهييج الجماهير ضد مخالفيه ، فعندما تمت مواجهته بموضوع السى دى الجنسى فى برنامج ( 90 دقيقة ) التليفزيونى ، لم يرد على الاتهام بل أخذ يتكلم على أنه أنهى فساد الكبار . فــ ( رؤساء القطاعات بالوزارة  – كما ادعى – يتقاضى كل منهم 16 ألف جنيه شهريا ، ويحصل على مكافأة 8 آلاف جنيه كل ثلاثة أشهر، و500 جنيه لكل لجنة، في حين أن العمالة الموجودة بالوزارة يعملون في ظروف مهينة ، و لا يحصلون على شيء ) و لذا  قرر تجميد صرف المكافآت الربع سنوية لقيادات الوزارة ، والتى يبلغ مجموعها نصف مليون جنية تقريبا، مراعاة – كما قال – للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، ولتوفير موارد لميزانية الوزارة لصالح صغار موظفيها والعاملين المؤقتين بها. (مؤكدا على ضرورة تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع خاصة صغار العاملين على أساس المعايير المهنية والجهد والكفاءة).

و بعد استخدام العامل الاقتصادى لتأليب الناس ضد مخالفيه ، بدأ فى تغذية الأحقاد بين المبدعين  و إثارة المهمشين منهم ، فهناك – كما يدعى – حالة من التعالى الشديد من قبل أدباء القاهرة تجاه العديد من أدباء المحافظات المبدعين  و ” ان الوزارة أصبحت محتكرة على بعض  الوجوه، التى كانت بها قبل الثورة وهى بعينها بعدها ، بل بنفس السياسات” ،  وشدد على أن مشروعه يهدف لفتح الوزارة أمام جميع الشعب المصرى  وإعطاء الفرصة لكل المواهب خاصة تلك التى كانت مهمشة ، وكذلك الاهتمام بأدباء مصر خارج العاصمة ، مشيرا إلى أن الكتاب الحقيقيين هم من سيظهرون في الفترة القادمة !!

أما ( الثورة ) فكانت مطية له ، و ادعى أنها سببا فى مواقفه ، فقد أشار من خلال قناة مصر 25 التابعة للإخوان إلى أن الفنانين والمثقفين الذين قاموا بتنظيم وقفة ضده أمام نقابة الصحفيين لم يشاركوا فى الثورة وكانوا ينزلون للميدان من أجل التقاط الصور التذكارية فقط وهو يتأكد من ذلك تماما – لا أدرى من أين تأكد له ذلك ، هل يملك كشوفا بمن شارك فى الثورة و من لم يشارك ؟ – و قال إن الثورة قام بها المغمورون ، والمشاهير يريدون سرقتها الآن ، و أن هؤلاء المشاهير  لم يكونوا داخل الميدان فى يوم 28 يناير وكذلك فى موقعة الجمل ، وتابع الوزير أنه أصيب يوم موقعة الجمل في ميدان التحرير – و كأن هذا سببا كافيا لأن يأتى وزيرا للثقافة ؟ –  و أضاف (هناك من يتعامل مع الوزارة كسبوبة، وأنا لا أرتعب من المثقفين، فالعمل بالوزارة كان مرتبطاً بالمقربين و أصحاب الحظوة، وأنا أريد توزيع الدخول لصالح الفقراء) .

و تعليقا على الوقفات الاحتجاجية التى قام بها عدد من الأدباء لرفض تعينه، قال الوزير: ( هذا الأمر لا يعنينى من قريب أو من بعيد وأتساءل لماذا لم يحتجوا قبل ذلك على وزير الثقافة السابق ؟)، ثم مرة أخرى يلجأ إلى نفس المنطق المغلوط : (ما أوصلنى لهذا المنصب اجتهادى ووقوفى مع الثوار الحقيقيين . وأضاف عبد العزيز أن الهجوم المستمر على شخصه يأتى بسبب عملية التطهير وإعادة الهيكلة المستمرة داخل الوزارة ، وأوضح أن وزارة الثقافة كانت قديما للمهرجانات والاحتفالات و كانت تعمل دون ضوابط واضحة أو لوائح ، بخلاف التسيب فى ميزانية الوزارة التى تهدر فى المكافآت والعطايا للمنتفعين وأصحاب المصالح فقط ، و أن وزارة الثقافة تشهد سيطرة فئات بعينها ترفض أى تغيير أو ضخ دماء جديدة داخل الوزارة للنهوض بدورها . وإن الهجوم يتم عليه لأنه جاء للوزارة من خارج المجموعة ، وأثر على (النفحات) التي كانوا يحصلون عليها ، مؤكدا أن الكفاءة والأمانة هى المعيار لأي تغيير داخل الوزارة التي كانت تعاني من المحسوبية والشللية .

كانت أقوال الوزير فى مجملها مهينة فهى ترمى من هم ضده بكل نقيصة ، فحسب قوله فإن أحمد فؤاد نجم ضد الفقراء ، و بهاء طاهر من أصحاب الحظوة ، و إبراهيم عبد المجيد لم يكن موجودا بالميدان ، و محمد هاشم كان ينزل للاحتفال ، و محمد العدل من المنتفعين ، و فتحية العسال من  أصحاب المصالح ، و محمد عبلة ، و خالد يوسف و محمد الطراوى و مجدى أحمد على و ناصر عبد المنعم و … و … كما لم يخلو حديث الوزير من الكذب حيث قال أنه ألغى انتداب الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب بسبب توقفه عن العمل . و هذا كذب صريح فهو لم يتوقف عن العمل على الإطلاق ، كما كذب عندما  أكد على أنه يعمل وزيرا لكل شعب مصر وليس لحساب فصيل واحد  فجميع الأحداث التى أتت فيما بعد أثبتت عكس ذلك خاصة ما بعد 30 يونيو .

أما عن برنامجه كوزير فقد قال إن لديه مشروعا يختلف عن جميع المشاريع التى سبقته فى الوزارة، وشدد على أن مشروعه يهدف لفتح الوزارة أمام جميع الشعب المصرى، مؤكداً أنه أجرى حصرا لبعض الكتب، التى تطبع وتبين أن هناك كتبا تباع بـ7% من قيمة تكلفتها ( و هل يعيب وزارة الثقافة أن تبيع الكتاب مدعوما ؟ ) ، وعلى الرغم من ذلك يتم مكافأة أصحابها.  كما يوجد قصور ثقافة غير مفعلة رغم الانتهاء من بنائها مثل قصر ثقافة مركز المنشاة بمحافظة سوهاج، الذى تم الانتهاء منه منذ 15 عاما ولم يفتح حتى الآن، بالإضافة إلى تعطيل مسارح محافظتى الفيوم والغردقة نظراً لعدم وجود خطة لها .

و بعد كل هذه الأحداث و الصدامات التى ازادت من رفض الجماعة الثقافية بالكامل له ، أضاف قرارا جديدا كان بمثابة الضربة القاضية ، فبرغم أنه حاول من قبل إقصاء الدكتورة إيناس عبد الدايم عن موقعها بالأوبرا و رأى رد الفعل العنيف تجاه قراره ، و لم يلبث أن أنكر ذلك القرار ، لكنه لم يتعلم الدرس و مرة أخرى يصدر قراره بإنهاء ندب عبد الدايم ، مما زاد الموقف المشتعل تأججا ، و لكن البعض رأى خيرا فى هذا الاشتعال فكتب على وسائل التواصل : نود أن نشكر الجماعة الحاكمة على تعيينها وزير للثقافة يساهم فى إنجاح تمرد المثقفين المصريين على الجماعة الحاكمة ويساهم أيضا فى نجاح ساحق قادم إن شاء الله ليوم التمرد والغضب يوم 30/6/2013  .. ونشكركم على حسن تعاونكم

أما ما تم مع الدكتورة ( إيناس ) فكان ذروة الأداث ، و لهذا حديث آخر…

[1] كل المذكور على لسان الوزير مأخوذ من تصريحات له فى صحف اليوم السابع ، الوطن ، المصريون ، الحرية و العدالة ، المصرى اليوم ، و كذلك لقاءات تليفزيونية فى برامج مختلفة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.