رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

صابرين .. موهبة طاغية منذ الطفولة والصبا

صبية تتمتع بالجمال الطبيعي

بقلم : محمد حبوشة

اعتمدت منذ دخولها الفن صغيرة في أدائها على الرشاقة والحيوية في الإلقاء السليم، فضلا عن الإيقاع السريع والتنوع الصوتي، والنكات والمفارقة الكوميدية اللفظية والحركية، وتدريبات حركية وأكروباتية راقصة، وتنوعت في محاولات العزف والغناء طبقا لمواصفات الشخصية، فالخدم عندها على سبيل المثال يستخدمون أدوات المطبخ والمنزل للعزف والعشاق يستخدمون أدوات رقيقة وبسيطة، وهكذا اعتادت النحمة (صابرين) الارتجال الحر لمشاهد من الحياة اليومية في لعب الأدوار عبر الارتجال الجسدي والانفعالي، من خلال ارتجال فكر دون حوار، والارتجال المركب فردي، وجماعي، والأخير تبدو فيه بارعة وهى ترتجل كلمات وجمل وانفعالات والباقونيجسدون الحركة والانفعالات.

شابة في مقتبل العمر

حين يبدأ المرء في العمل  علي أحد المشاهد المسرحية، وحين يعجز عن إدراك طبيعة المشهد؛ فإن الارتجال غالباً ما يكون هنا أفضل معين للممثل للدخول في معايشة هذه المشهد وفي النص المسرحي بوجه عام، لذا فحرفية الارتجال ساعدت صابرين دائما علي أن تضع أيدينا على أسباب تطور المشاهد المنطقية، ومن ثم فإنها تستخدم الارتجال كثيراً سواء في تدريباتها كممثلة أو في البروفات من أجل تحقيق الواقعية والمنطقية على خشبة المسرح أو السينما أو الدراما التليفزيونية التي قدمت فيها شخصيات ونماذج واقعية تتسم بالفطرة والتلقائية ومن فوق كل هذا جسدت بحيوية وإتقان شخصيات من لحم ودم  تعيش بيننا لتنقلها بسهولة ويسر لشخصيات مجسدة على الشاشة بتكويناتها الأصلية التي لاتفقدها نكهتها الطازجة.

معلوم أن مكونات الممثلة المتميزة (صابرين) في الاداء تتوزع بين المرونة الجسدية والصوت المعبر والحركة والتعبير والخيال والإحساس بالصدق في تقديم الشخصية المسرحية أو السينما أو التليفزيونية لخلق صورة مؤثرة كي تستطيع تحصيل التأثير الناجح على المتلقي، فعندما يقدم الممثل أداءا متماسكا لابد وأن تكون هناك تجربة مستقاة من دراسة عميقة للشخصية تجعله يتفهم كل مفاهيم التمثيل ونظرياته، وحتى يستطيع أن يقدم دوره بمساعدة المخرج الناجح بعناصر مؤثرة ومثيرة من خلال معرفته لأبعاد الشخصية وتحليلها كالبعد الطبيعي والنفسي والاجتماعي لابد أن يتمتع أداءه بمهارة مقنعة للمتلقي، ولابد أن يعرف الممثل الشخصية التي يحاول أن يقوم بها أو يحققها على خشبة المسرح أو شاشتي السينما والتليفزيون كدأب صابرين مع كل الشخصيات التي تقدمها.

تحرص صابرين في كل أدوارها على المسرح أو الشاشتين الصغيرة والكبيرة على أن تعرف أين موضع شخصيتها بالنسبة للظروف الزمانية والمكانية وظروف الشخصية التي تسبق أحداث الشخصيات الأخرى ومواقفها، وهى هنا تستند إلى قاعدة أنه يجب على الممثل أن يكون قادرا على الإفادة من تجربته الحياتية الماضية في تنشيط الذاكرة الانفعاليه لدية ليستطيع اختيار الموقف والانفعال المناسب لدوره في المسرحية التي هى عبارة عن حصيله تجاربه الحياتية والارتقاء بها على مستوى جمالي ليؤثر على المتلقي وتساهم في إعطاءه قوة دافعة تساهم في إعادة الخلق وتحديد الأهداف الصغيرة والكبيرة في العمل الفني وتثبيت الحركات الضرورية، كالدخول والخروج والجلوس التي يعتمدها الفعل في المشهد، إلى جانب القيم الجمالية من خلال المجاميع أوالكتل التي تتعامل معها في (اللوكيشن).

صابرين طفلة

ولدت النجمة (صابرين) في القاهرة، واسمها الكامل هو (صابرين ياسين عبد الله)، وقد نشأت في عائلة فنية لأن الفنانة الراحلة نعيمة عاكف هى خالتها، وعائلة عاكف كانت من أشهر العائلات التي تعمل في السيرك، ومن ثم بدأت صابرين حياتها وهى طفلة وقدمت بعض الأدوار الصغيرة في البداية لكنها تميزت في الغناء أيضا واشتهرت بتقديم بعض أغاني الأطفال، ودرست صابرين في كلية الآداب وتخرجت من قسم الفلسفة، واعتزلت الفن لفترة وارتدت الحجاب، لكنها عادت مرة أخرى للتمثيل بالحجاب ثم قررت ارتداء الباروكات كبديل للحجاب وأثارت كثير من الجدل في مثل هذه الأمور، وبعد اعتزال دام عدة سنوات عادت صابرين إلى الساحة الفنية مرة أخرى وقدمت أعمالا فنية وهى محجبة، ولكنها أثارت الجدل عندما ظهرت بدون حجاب وارتدت الباروكة وذلك في مسلسل (شيخ العرب همام) مع يحيى الفخراني، ومسلسل (الشك) مع مي عز الدين، كذلك مسلسل (دكتور أمراض نسا) مع مصطفى شعبان.

بدأت الفنانة (صابرين) مسيرتها الفنية وهى طفلة صغيرة في عمر الرابعة، وكان من أوائل أدوارها في فيلم (حب أحلى من حب) وذلك في عام 1975 وكانت آنذاك طفلة في الثامنة من عمرها، توالت أعمالها الفنية فقدمت العديد من الأعمال الفنية المتنوعة بين مسلسلات وأفلام ومسرحيات وأغاني أيضا، قدمت أغنية الأطفال الشهيرة (أنا الفرخة) – التي تم إعادة إنتاجها مؤخرا بالكارتون وحققت على إحدى قنوات اليوتيوب أكثر من 500 مليون مشاهدة في 3 سنوات – كما أنها قدمت بطولة أكثر من عمل فني ووقفت أمام كبار النجوم أمثال أحمد زكي وعادل أدهم ومحمد صبحي وغيرهم.

شاركت مع الفنان مصطفى شعبان في فيلم (العذراء والعقرب) وذلك في عام 1990، كما أنها اعتزلت لفترة بعد أن قدمت دور البطولة في مسلسل (أم كلثوم) وذلك في عام 1999 والذي حقق نجاحاً كبيراً، وعادت مرة أخرى بعدة أعمال متنوعة، وآخر أعمالها الفنية هو فيلم (الإنس والنمس) الذي بدأ عرضه أمس الثلاثاء 3 أغسطس الحالي، فضلا عن لعبها أحد أدوار البطولة المشتركة في مسلسل (كله بالحب) الذي عرض في موسم رمضان 2021.

في أهم أدوارها (أم كلثوم)

في السينما قدمت (صابرين) عدة أفلام من علامات السينما المصرية ومن  أهمها: (سونيا والمجنون) في عام 1977، مدافن مفروشة للإيجار – 1986، غرام الأفاعي – 1988، اغتيال مدرسة – 1988العميل رقم 13 – 1989، إحنا اللي سرقنا الحرامية – 1989، قسمة ونصيب – 1990، العذراء والعقرب –  1990، فرسان آخر زمن – 1993، سواق الهانم – 1994، الغاضبون – 1996، لف ودوران – 2016، الماء والخضرة والوجه الحسن –  2016، تراب الماس –  2018، عروستي – 2021، الإنس والنمس – 2021.

وعلى مستوى الدراما التليفزيونية قدمت  عدة مسلسلات مهمة ومنها: ليلة القبض على فاطمة – 1982، رحلة السيد أبو العلا البشري – 1986، موعد مع الغائب – 1989، ضمير أبلة حكمت – 1991، ليالي الحلمية” في عام 1992، حارة المحروسة – 1996، هوانم جاردن سيتي – 1997، أهالينا 1997، أم كلثوم – 1999، حديقة الشر – 2000، العمدة هانم – 2009.، سامحني يا زمن – 2010، وادي الملوك – 2011، نظرية الجوافة – 2013، الشك – 2013، دكتور أمراض نسا – 2014، أفراح القبة – 2016، فكرة بمليون جنيه – 2019، ليالينا 80 – 2020، خط ساخن – 2020، كله بالحب 2021، كما شاركت في عدة أعمال مسرحية منها: (عصفور عقله طار – 1987 – حمري جمري – 1995 وغيرهما من أعمال أخرى.

في (أوراق التوت)
زينب الغزالي في (الجماعة)
في (ليالينا 80)
في (كله بالحب)

والمتابع لمسيرة (صابرين منذ دخولها عالم الفن طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها حيث شاركت في مسلسل (رفقا أيها الآباء) ثم توالت بعد ذلك مشاركتها في العديد من الأدوار الصغيرة، سوف يلحظ تطورها ونضجها من مرحلة لأخرى على جناح أداء احترافي لايخلو من العذوبة والتلقائية التي جعلتها واحد من أفراد الأسرة المصرية الحقيقية في مراحل حياتها وعلى اختلاف أدوارها، فهي الأخت الصغيرة، والصبية الجميلة الرومانسية، والشابة المتوقدة بالحيويبة والنشاط، لكن الانطلاقة الحقيقية كلها انت من خلال مسلسل (رحلة أبو العلا البشري) ثم مسلسل (ليلة القبض على فاطمة) ومسلسل (الدنيا وردة بيضاء) ومسلسل (ضمير أبلة حكمت) ومسلسل (ليالي الحلمية) ثم حصلت بعد ذلك صك الجودة في الأداء بحصولها على البطولة المطلقة في المسلسل الأشهر على الاطلاق (أم كلثوم) عام 1999.

وتقول عن مسلسل أم كلثوم: (بكل تأكيد، حياتي الفنية تنقسم لما قبل ولما بعد، المسلسل كان طفرة في كل شيء، فالمسلسل عن شخصية عظيمة بحجم أم كلثوم، كما أن النقاد والجمهور يعتبروه أهم السير الذاتية وأنجحها، وكان هناك اهتمام من كل جمهور الدول العربية، العالم العربي كله كان يتابع القناة الفضائية المصرية لمشاهدة المسلسل، هناك أدوار أخرى صعبة قدمتها، لكن يظل (أم كلثوم) هو الأصعب والأهم)، وقد حصلت في هذا المسلسل على أوسمة من الأردن وتونس والمغرب وغيرها، حتى أن الكاتب الكبير أحمد رجب قال: كسبنا سيدة الغناء في القرن العشرين وكسبنا صابرين سيدة التمثيل في القرن الجديد.

كنت أعاني من ازدواجية

ولأنها فنانة من طراز خاص، حيث قدمت العديد من الأدوار الفنية المميزة، فإنها تؤمن أن الفن مسؤولية ثقيلة يجب الاهتمام بها، وكما كانت لها بصمتها الخاصة في عالم السينما والدراما، باعتبار أنها صاحبة (كوكب الشرق) فقد برعت في أدائها خلال السنوات الأخيرة في عدة مسلسلسلات منها (أفراح القبة، وليالينا 80 وكله بالحب)، وربما هى أدوار أرهقتها كثيرا لأنها صعب للغاية وتحتاج إلى مجهود كبير حتى يحقق النجاح، كما أن شخصية حليمة في (أفراح القبة) على سبيل المثال جعلتها تقدم عملا مختلفا وجديدا يضيف لمشوارها الفني، وهى سعيدة جدا بالمسلسل، خاصة أن العمل كان مع المخرج محمد ياسين الذي أخرج من داخلي طاقات جديدة، ويحسب لها أنها قبل تلك الأعمال على جودتها أنها تصدت لأفكار جادة وشخصيات صعبة ومركبة على مستوى التمثيل والأداء ما بين الدراما التاريخية والإسلامية التي تعتمد على اللغة العربية، في مسلسل (أوراق التوت).

ونظرا لصدقها في الحياة والفن فقد اعترفت (صابرين) في إحدى تصريحاتها بأن الكوميديا هي أصعب أنواع التمثيل، وإن تجربتها في مسلسل (فكرة بمليون جنيه)، رغم إعجابها الشديد بها وحماسها لها، كانت صعبة جدا لأن التمثيل الكوميدى لجمهور ابن نكتة بطبعه مسألة غاية في الإرهاق، وذكرت أنها كانت تبحث منذ فترة عن عمل اجتماعى لايت تقدمه بعدما قدمت أكثر من عمل جاد حققت جميعها نجاحا كبيرا، مثل (أوراق التوت والجماعة 2 وأفراح القبة وأفراح إبليس)، وأضافت أنها لا تقيس أدوارها بالشبر، إنما بتأثير الشخصية التي تجسدها في المتفرج.

مثلت بالحجاب

ومن نفس زاوية الصدق الذي تتمتع به في الحياة والتمثيل، ترى أن شخصية (ميرفت) التي قدمتها في مسلسل (فكرة بمليون جنيه) تشبهها في علاقتها مع أبنائها، وأوضحت أنها جلست كثيرا مع الاستايلست الخاص بالعمل لوضع شكل لها يلائم شخصية الابن التي يجسدها على ربيع، وتابعت أنها سعدت بالأغنية التي قدمتها بصوتها في العمل، خاصة أن الناس تطلب منها دائما تقديم أعمال خاصة بالأطفال، وأن (فكرة بمليون جنيه) أعادها للأعمال التي سبق أن قدمتها ونجحت من خلالها مع الأطفال والأسرة.

وأخيرا تعيش النحمة المتألقة صابرين حاليا حالة كبيرة من الانتعاش الفني إذ تشارك في عدد من الأعمال الدرامية سواء التلفزيونية أو السينمائية وهم مسلسل واحد يحمل اسم (كورونا)، و4 أفلام وهي (الإنس والنمس) مع الفنان محمد هنيدي، فيلم (عروستي) مع أحمد حاتم، وفيلم (المحكمة) مع عدد كبير من النجوم وأخيرا فيلم (ليلة شتاء) والذي يتم الاتفاق على أبطاله في الوقت الحالي .. تحية تقدير واحترام لصابرين الإبنة الشرعية للفن المبهر في الدراما والسينما والمسرح، والتي أمتعتنا بلقائيتها وعفويتا التب لم تفقدها بعد كل هذه المسيرة الطويلة في الفن .. متعها الله بالصحة والعافية كي تمتعنا أكثر وأكثر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.