رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الطريق الى 30 (8) .. قنابل المؤتمر

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد

عندما دعى  الدكتور سامح مهران إلى مؤتمر (ضد العدوان على الثقافة المصرية)  بمسرح سيد درويش فى يوم الاثنين الساعة الثانية ظهرًا كانت الدعوة عامة لجموع  المثقفين و الفنانين ، و لكن للأسف لم يكن الحضور على قدر المتوقع ، و لا على قدر الخطر الذى تشعر به الجماعة الثقافية ، فبرغم انكشاف أهداف حركة الإخوان و أنهم يخططون لاستيلاء اتباعهم على وزارة الثقافة من أجل تزييف وعى الأمة و طمس هويتها ، إلا أنه لم يحدث احتشاد مثل الذى تم بمؤتمر جبهة الإبداع الأول بنقابة الصحفيين الذى حضره حوالى 4 آلاف شخص ، برغم أنه انعقد منذ أكثر من عام ، و لم تكن الأحداث بهذه القوة و السخونة !!

و لعل السبب فى عدم كثافة الحضور هى تلك الحوارات التى  كانت تدور فى كواليس الحركة الثقافية حول خشية البعض من أن يفسر موقفه على أنه انحياز لطرف ضد آخر فى خصومة شخصية بين الوزير و رئيس الأكاديمية ، أو أن يبدو مدافعا عن أشخاص و ليس عن مبدأ ، فهكذا كان موقف معظم مسئولى جبهة الإبداع على سبيل المثال ، فلم يحضر المؤتمر منهم سوى الشاعرو الناقد عبد الجليل الشرنوبى و الذى تم تكليفه بقراءة بيان الجبهة الذى تمت الموافقة عليه فى اليوم السابق بالتنسيق مع أدباء و فنانيين من أجل التغيير و ائتلاف فنانى الثورة .

و لا ننكر أن قليلا من المثقفين تقاعس عن الحضور، إمساكا للعصا من المنتصف ، من باب الحفاظ على مصالحهم الصغيرة و الضيقة أو ربما بسبب انتهازيتهم ، و رأينا قلة منهم تحضر المؤتمر و هى تتحاشى أن يتم تصويرها و تختفى داخل الحمامات من محطات التليفزيون !! فتصرفات البعض كان تطبيقا للمقولة الشهيرة فى التراث و التى قيلت فى خلاف الإمام على بن أبى طالب و معاوية بن أبى سفيان : (قلبى مع على و لكن طعام معاوية أشهى.)

و برغم انتشار شائعات قبل عقد المؤتمر أن الوزير سيصدر قرارا بإغلاق قاعة سيد درويش بصفة أنها جهة حكومية تابعة لأكاديمية الفنون إلا أن الدكتور مهران تحسب لهذا ، فتقدم بطلب رسمى لتأجير القاعة بصفته مثقفًا – وليس بصفته القيادية بالوزارة كرئيس للأكاديمية – و سدد رسم الإيجار المقرر من جيبه الخاص ، و انعقد المؤتمر فى موعده و حضره العديد من المثقفين و الفنانين و منهم النجم حسين فهمى بصفته أحد خريجى الأكاديمية و مدرسا سابقا بها .

و فى بداية المؤتمر تحدث الدكتور مهران و كعادته أصر على إطلاق مجموعة من القنابل ذات العيار الثقيل ، فقد وصف وزير الثقافة الجديد بأنه (فاشل على المستوى الأكاديمي وليس له تاريخ على الإطلاق) . و ألقى بالقنبلة الأولى أن الوزير حصل على درجة الدكتوراه وعمره سبع وأربعون سنة ، والحد الأقصى ليحصل على هذه الدرجة ، هو أن يكون عمره حينها هو خمس وثلاثون سنة ، أما القنبلة الثانية فكانت أن  قوانين الجامعة تمنع التعيين بدرجة مدرس بعد سن الخامسة والأربعين ، و الوزير تم تعيينه بعدها بعامين ، و بذلك فتعيينه مخالف للقانون و كل مؤهلاته باطلة و هى قضية فساد كاملة الأركان ، ثم أضاف أن لا أحد قد رأى له انتاجا أكاديميا أو إبداعيا مميزا .

 و قال  : ( إننا نرى اليوم آلة القمع تتحرك لغلق مفاتيح الإبداع للتخلص منه، والنيل من حريته، مما يكشف عن انحياز مخطط من قبل )  مطالبًا رئيس مجلس الوزراء بتغيير وزير الثقافة الجديد ، مؤكدًا على أنه إذا كان الهدف هو تصفية قيادات الوزارة الثقافية فليعلم الجاهل بطبيعة الأمور أن المثقف المصرى الحقيقى هو مؤسسة بذاته .

و أصر الدكتور سامح على تكرار ما قاله من قبل فى مداخلة تليفزيونية أن هناك اسطوانة (سي دي) تكشف وجود علاقة جنسية تجمع وزير الثقافة الجديد بإحدى الطالبات، و هو الأمر الذي كان يجب أن يحول بينه وبين منصب الوزير، على حد تعبيره . و انه تحصل علي الاسطوانة نتيجة لشكوى ولى أمر الطالبة و فجر قنبلته الأخيرة بأن أعلن أنه تقدم بتلك الاسطوانة المدمجة  للرقابة الإدارية بعد إعلان اختيار الوزير .

و صعد عبد الجليل الشرنوبى إلى المنصة ممثلا لجبهة الإبداع ، ليقول إن الهجمة على مصر وثقافتها شرسة فى وطن يتجاوز الأحلام الضيقة، وإن جبهة الإبداع انطلاقاً من دورها وضمير المبدعين، أصدرت بياناً أدانت فيه هذه الهجمة الشرسة ضد الثقافة، كما رفضت تعيين الوزير الجديد.

وأوضح (الشرنوبى) أن البيان يؤكد على عدة نقاط – لا تقل سخونة و لا تأثيرا عما قاله الدكتور سامح و لكنها أوسع و أكثر شمولا – أولها عدم الاعتراف بممارسات الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، لأنه حنث بما أقسم عليه أمام الله والوطن، وأخلف بما وعد به النخبة السياسية، وانحيازه لأجندة سياسية على حساب الوطن ، وثانيها أن الجبهة بكل مكوناتها وأعضائها تؤكد أن اختيار وزير الثقافة الحالى لا يرقى لمستوى التعليق ولا يستحق، لأن تعيينه يؤكد أننا أمام جماعة فى الحكم لا تدرك حجم الثقافة المصرية، وحجم الوطن، ولا يدل اختيارها إلا على أنها تسعى لوأد الثقافة المصرية من جذورها.

وأشار (الشرنوبى) إلى أن الجبهة أعلنت عن تدشين حملة بعنوان (مصر مصرية) لمواجهة مشوهى الثقافة والعقول المصرية التى تسعى لشق وحدة الصف، داعيًا جموع المثقفين فى القاهرة والأقاليم لوقفة احتجاجية ومسيرة تنطلق من مركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية إلى وزارة الثقافة غدا، الثلاثاء الساعة الواحدة ظهراً – و تلك كانت أول دعوة علنية ضد أخونة وزارة الثقافة – كما دعى البيان إلى الإعداد لمؤتمر مستقبل الثقافة والإبداع فى مصر ليبدأ أعماله منتصف شهر يوليو القادم، ودعوة جميع المثقفين للمشاركة فيه، وناشدت الجبهة كل المهتمين بالثقافة والإبداع فى مصر، لمواجهة الحملة الشرسة ضد المثقفين، وتهميش الثقافة وأعلنت تضامنها مع كافة الفعاليات الثقافية والفنية. 

و تكلم الفنان حسين فهمى عن محاولات الفصيل الحاكم إضعاف المجتمع المصرى و رده عشرات السنوات إلى الوراء ، عن طريق إضعاف كل مؤسسات الدولة من قضاء و شرطة و إعلام و يحاول إضعاف الجيش و هو المؤسسة الوحيدة المتماسكة حتى الآن ، و بانهيارها تنهار الدولة المصرية .

أما جوزيف ياسين، نائب حزب الجبهة الديمقراطية ( أحد أحزاب جبهة الإنقاذ ) ، فقد قال إنه لا يتعجب من وجود مثل هذا الوزير المسمى علاء، لأن تدمير الوطن لا يبدأ من الجيش لكن من الفن والثقافة فإذا تم تدمير القوة الناعمة دمرت قواتنا الثقيلة.

وأكد أن المثقفين هم خط الدفاع الأول لحماية هذا الوطن وهويته وفكره وقوته الناعمة، لأن الشعب المصرى لديه أزمة فى المعايير والتفكير، وأن المؤامرة هى محاولة تحويل مصر من دولة لها ثقلها الفنى والإبداعى إلى دولة متخلفة، موضحاً أن هذا لن يحدث، وأكد أن الحزب يدعم الفنانين، ويعتبرهم جنود هذا الوطن، فإذا استطاعوا إقناع المصريين بالخطأ الذى يحدث، وأن يتحدوا، فلن يوجد لهذا الكيان السرطانى المسمى الإخوان، لأنهم يعتمدون على تشويش الأفكار .

و أعلنت منظمة شباب حزب الجبهة عن دعمها لمؤتمر الأدباء والمثقفين من أجل المطالبة بإقالة وزير الثقافة علاء عبد العزيز، ولمنع مواصلة (أخونة الدولة) وثقافتها، وذلك فى إطار دعم المنظمة للثقافة والأدب . وأكدت المنظمة فى بيان لها على رفضها التام لأخونة وزارة الثقافة، والتى تسعى الجماعة لأخونتها، وتغيير فكر وقيم الشعب المصرى، من خلال بث الأفكار الوهابية والمتطرفة للقضاء على التاريخ المصرى الذى امتلأت صفحاته بالمبدعين والمفكرين.

وأعربت المنظمة عن دهشتها من اختيار علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة، قائلة : (كأن مصر أصبحت عاقرا لا تلد مثقفين أو من يجيدون تحمل مسئولية إدارة أمور البلاد) . ودعت المنظمة كافة المثقفين والإعلاميين للتضامن مع أدباء مصر ومثقفيها فى مؤتمرهم غداً من أجل التصدى لمحاولات الإخوان قتل التراث والفكر والثقافة فى مصر.

و فى نهاية المؤتمر أعلن الدكتور أحمد عواض، المخرج بأكاديمية الفنون، تشكيل لجان لمتابعة (العدوان على وزارة الثقافة)، يشارك فيها جميع المثقفين الرافضين لسيطرة فصيل واحد على الوزارة، وأشار خلال المؤتمر نفسه إلى أن من مهام هذه اللجان المشاركة فى تنظيم الوقفة الاحتجاجية للمثقفين والفنانين أمام دار الأوبرا، للمطالبة بإقالة وزير الثقافة .

و أثناء انعقاد المؤتمر تناثرت شائعات أن الوزير أصدر قرارًا بإنهاء ندب الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيسة دار الأوبرا المصرية وأنه من المتوقع أن يقوم (عبد العزيز) بندب الدكتور وليد شوشة الأستاذ المساعد بمعهد النقد الفنى بأكاديمية الفنون ليحل مكانها . و نُشر الخبر على موقع اليوم السابع .

و هنا انتفضت الأوبرا .. و لهذا حديث آخر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.