رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

ثورة (المتحدة) لتعديل مسار الدراما

بقلم : محمد حبوشة

تابعت عن كثب المؤتمر الصحفي الذي عقدته (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) وأثلج صدري تلك المستجدات المهمة في الأيام القليلة المقبلة، انطلاقا من الأزمة الأخيرة التي تعرضت لها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تعتبر المظلة الاستثمارية التابعة مباشرة للدولة، وتتبعها الشركات القائمة على الأنشطة الدعائية والفنية والإعلامية بمختلف أنواعها، من تنظيم الفعاليات وتجهيزات التصوير الجوي والميداني، وسوق الإعلانات، والصحافة المطبوعة، والمواقع الإلكترونية، ومنصات المشاهدة الرقمية .

وأكثر ما أسعدني في هذا المؤتمر الكاشف أنه سيشرف على التحول الخبير المصرفي والاقتصادي حسن عبدالله، والمساعد السابق لمحافظ البنك المركزي، ويبدو الأمل واضحا في مستقبل أكثر أمانا عندما استقر الرأي على أن هذا (التغيير الكبير) سيتمثل في طرح أسهم (المتحدة) للمرة الأولى في البورصة المصرية، وإدخال عدد من رجال الأعمال، الذين يمكن تصنيفهم من فئة الصفين الثاني والثالث، كمساهمين فيها، من خلال شركاتهم التي ستندرج تحت (المتحدة)، وكذلك الإفصاح عن التوزيع الحالي لأسهم الشركة، والتي يمتلك الحصة الأكبر منها أشخاص غير معروفي الهوية والتوجهات.

ظني أن هناك أيد خفية تتسم بالوطنية الحقيقية كانت تلعب خلف الستار في الأيام القليلة الماضية وبخطى متسارعة لإنقاذ سمعة القوى الناعمة المصرية، حيث تم الاجتماع بعدد من كبار النجوم ورجال الأعمال العاملين في مجال الإنتاج الفني، وبممثلين لنقابة المهن التمثيلية وروابط الكتاب والفنيين، لبحث أسباب تذمرهم من إدارة الشركة السابقة للمشهد الفني في مصر، وشكواهم من تعامل أحد الأزرع القوية والمتورط حاليا في اتهامات بإهدار المال العام قيد التحقيق، وأسفرت أن اللقاءات عن تعهدات بفتح مجال أوسع للشراكة الفنية بين (المتحدة) والمنتجين الصغار، وتكليف النقابة والروابط المختلفة بوضع قواعد استرشادية لتوزيع الأعمال، تضمن تشغيل أكبر عدد من الفنانين وإعادة النظر في وضع المستبعدين والمحتكرين.

وبقراءة سريعة لما صدرا عن المؤتمر اتضح لي أن  قراراته هى بمثابة مخرجات تمثل مدخلات المستقبل، ولعل أهم هذه المخرجات هو سقوط كلمة (احتكار) من قاموس السوق، حيث إنها كلمة غير محببة لكل الناس حيث جرى استبدالها بلفظة (التنافسية)، ومعروف أنه في ظل التنافسية ومناخها يسود الكل يصبح مستفيدا فالخاسر في المناخ التنافسي يعرف ماذا خسر؟ وكذلك الكاسب والرابح سيعلم كيف يزيد أرباحه؟، بالإضافة إلى أن التنافسية هى كلمة السر كمدخل للإبداع، فضلاً عن أن التنافسية تدفع الجميع للتنافس في كيفية النفاذ لقلوب وعقول المشاهدين، حيث إن المشاهدين هم البوصلة الحقيقية لأي نشاط إعلامي”.

وهنالك خبر لم يعدني على الإطلاق وهو إطلاق فكرة قناة إقليمية مصرية، لأنه على رأي المثل (المشرحة مش ناقصة قتلة)، فالأولى للشركة التي سيطرت تقريبا على (ماسبيرو) أن تطور قنواته وتنتقي واحدة منها لتكسبها صفة الإقليمية التي يتشدقون بها منذ سنوات طويلة، وحتى يتم  ذلك لابد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وأن لا نتعجل وأن نقارن بين القنوات المتشابهة في الفكرة للبحث عن نقطة تميز يكون بوسعنا من خلاها جذب المشاهدين وتحقيق الإبداع، حيث إن أخذ وقت دون تعجل مهم، خاصة أن الفكرة الخاصة بإطلاق قناة إخبارية إقليمية لها أهمية قصوى وتحتاج إلى جهد أكبر، كونها تحتاج لشبكة مراسلين عالمية وتعاقدات مع كبريات الوكالات العالمية.

المؤتمر كان متميزا لأنه ألقى ما وصفه ببذرة المصداقية والشفافية كون التوجه لفكرة الطرح في البورصة يعني في معطيات ومفاهيم سوق المال فصل الملكية عن الإدارة، وهو مايشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تركيزا أكبر من قبل الرأي العام لمتابعة أحوال السوق الإعلامي بمفهمومه الأشمل، فإذا كان الرأي العام خلال السنوات الماضية كان ينظر إلى الملف بنص عين فإن مخرجات مؤتمر الأمس ستدفع الرأي العام للتركيز بشكل أكبر نظرا لمتابعة أداء هذا الكيان الضخم.

كلام المهندس حسام صالح، الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عن الاهتمام الكبير وشغف الناس بعد مؤتمر الشركة للإعلان عن خطتها التطويرية خلال الفترة المقبلة كان اهتماما فاق التوقعات يعكس قصورا في النظر من جانبه، فكيف يفاجأ مسئول يعمل بذات الشركة منذ خمس سنوات  بأن الجمهور المصري هو من غير شكل المعادلة الدرامية في موسم رمضان 2021، بعدما أصبح مشاركا في اتخاذ قرار ما يريده ويتمناه في الأعمال الدرامية القادمة، كما تجلى ذلك من خلال تفاعله على مواقع السوشيال ميديا معلقا على أحداث الحلقات أولا بأول ومقدما نقدا – ربما لايكون علميا أو يخضع لمقاييس النقد الأكاديمي – سريعا يعكس وجهة النظر، وكأن المسسلسلات كانت تعرض على خشبة مسرح، حيث يأتي رد الفعل في حينه، وتلك الآراء من جانب الجمهور كانت البوصلة التي توجه المشاهدين لكثافة المشاهدة لحساب مسلسل دون غيره، أيضا السخرية من مسلسلات بعينها دفع الجمهور أن يسقط من حساباته المسلسلات الرديئة على مستوى الحبكة والأداء.

لقد اتضحت الرؤية للدراما المصرية بعد تم أن إعلان المتحدة للخدمات الإعلامية بأن السوق بات مفتوحا في كافة المواسم سواء السباق الرمضاني أو غيره من المواسم لكافة المنتجين لتحقيق المنافسة بين صناع الدراما والكتاب والمؤلفين، ولن يكون العمل قاصرا أو محتكرا من قبل شركة أو شركتين، وأعتقد أن هذا خبر مهم وسعيد لأن الدراما والفن جزء من قوة مصر الناعمة من ناحية ومن ناحية أخرى لن يكون هناك مخرجين وفنانين ومنتجين نفتخر بهم بلاعمل، فعلى حد تعبير نقيب الفنانين أشرف زكي: (لايصح أن 200 واحد شغالين أو الواحد شغال 7 حاجات و2000 واحد قاعدين في البيت)، وما يبعث على الأمل أنه سيتم إنشاء مكتب للتنسيق بين النقابة وشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لتوفير المنتجين والمخرجين والممثلي وتحقيق العدالة المطلوبة في توزيع الأدوار.

وأعود لكلام المهندس حسام صالح، الرئيس التنفيذى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، الذي يثير الدهشة والعجب في قوله: (الاهتمام الكبير وشغف الناس فى إطار انتظار مؤتمر الشركة للإعلان عن خطتها التطويرية خلال الفترة المقبلة كان اهتماما فاق التوقعات، وأنا شخصيا ماكنتش متوقع هذا الاهتمام والإثارة، والاهتمام الذى شهدناه يؤكد أن الناس لا تهتم فقد بما نقدمه على الشاشة ولكن أيضاً عندهم شغف واهتمام لأنهم عاوزين يشوفوا الإعلام بيعمل إيه ورايح على فين وهيطور إيه؟)، ولست أدري إن كان يدرك (صالح) أو لايدرك أن القوة الناعمة فى مصر قوة كبيرة ولها تأثير كبير فى المنطقة وعندما تستعيد تلك القوة  مكانها الأكبر والقوى فى سوق الإعلام، يستتبعه التواجد الإقليمى الذي يتعلق بحجم مصر ومكانتها.

التواجد الإقليمى ياسيد صالح كان فى توقيت ما موجود من خلال الدراما المصرية ولكنه اختفى فترة وعاد من جديد ببصيص من الأمل، والشركة المتحدة هى التي ستساعد بنسبة كبيرة في عودة الريادة فى الدراما على الشاشات العربية، ففى شهر رمضان كانت 80% من الشاشات خارج مصر والتى تتحدث اللغة العربية تعرض الدراما المصرية، ومن هنا لابد من توسيع قاعدة المشاركة من المنتجين أو توسيع قاعدة المشاركة فى السوق الدرامى، ويصبح السوق مفتوحا للجميع من المميزين، ومن ثم سنشهد أعمالا راقية  ومبدعة تحفز على  التقدم والتطور الذي يليق بالقوة الناعمة المصرية التي فقدناها طويلا، وفي النهاية أعتقد أن فعاليات هذا المؤتمر تبشر بالخير القادم على جناح سياسات جديدة تكفل للإعلام المصرية القيام بدوره المنوط به.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.