رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نجمات أساءت للمرأة في قلب الدراما الحالية

كتب : أحمد السماحي

في الوقت الذي باتت فيه المرأة تعتلي سلم المجتمع وتنافس على أكبر المناصب في الوطن العربي واحتلت في مصر أكثر من ربع عضوات البرلمان، وأصبحت حرية المرأة من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام، لكن لا تزال بعض الأعمال الدرامية تظهر المرأة بصورة شيطان رجيم على جناح تصرفانت بغيضة تنال من حنانها كأم وزوجة أو حتى إبنة عاق، وهو ما يتناقض مع الصورة المثالية التي تحاول المرأة المصرية الوصول إليها، بعد أن نجحت في كسر الكثير من التابوهات خلال السنوات القليلة الماضية بتحقيقها كثيرا من الإنجازات التي تضعها حاليا في مكانة مميزة داخل المجتمع.

أيتن عامر
ولاء الشريف
داليا مصطفى

في يوم وليلة

المتابع للأعمال الدرامية التى تعرض هذه الأيام نجد أنها قدمت العديد من النماذج السلبية لشخصية المرأة، من هذه الأعمال مسلسل (فى يوم وليلة) سيناريو وحوار مصطفى جمال هاشم، وإخراج شيرين عادل، والذي تضمن أكثر من صورة سلبية للمرأة حيث شاهدنا الفنانة (أيتن عامر) التى تجسد شخصية (سارة) تتخلى عن زوجها فى أول مشكلة يتعرض لها بعد زواج دام حوالي 15 عاما، وتتزوج من صديقه المقرب (يحيي)، ولأنها إمرأة نكدية وجشعة فلا تجعله يقترب منها أو يحصل على حقوقه الزوجية إلا بعد أن يأمن لها مستقبلها ويكتب لها عمارة، وسيارة!.

وفى نفس العمل نجد (ولاء الشريف) التى تجسد شخصية (تيسير) شخصية كريهه ومدمرة لأقرب الناس إليها وهو زوجها، حيث ترفض فى البداية أن يدفع مصاريف المستشفى لوالده، وفيما بعد وعندما تأسس معه شركة عقارية تجعل حضوره مثل غيابه، لا تستشيره أو تأخذ رأيه في أي شيئ يخص شركتهما، وفي النهاية تطرده من البيت والشركة في تحد غير مبرر غير أنها محرومة من الإنجاب وتخشى أن يتركها، وبتصرف فردي من جانبها تجعله فى لحظة ما يحاول قتلها حتى تعصف به في الشارع.

أما (داليا مصطفى) فتجسد شخصية النجمة الشهيرة (لبنى) التى تتخلى فورا عن خطيبها بمجرد ظهور حبها القديم (خالد) رغم أن خطيبها الحالي على درجة كبيرة من الثراء والوسامة، وأفضل من خالد بكثير، كما أنه لم يسئ لها في شيئ، وبالتالي لم تكن مقنعة في التملص من علاقتهما!، رغم أنها تحاول أن تقنع نفسها في أن تجد مبررا في الوقوف إلى جانب حبيبها الأول الذي تركها  قبل 13 عاما وتخلى عنها وتزوج بأخرى غيرها.

دينا

شنطة سفر

فى ثالث حكايات مسلسل (ورا كل باب) التى جاءت باسم (شنطة سفر) سيناريو وحوار محمد الشواف وإخراج محمد بكير، بطولة ( دينا، أحمد صيام، منة عرفة، ياسر على ماهر، ومها سلامة، وتسنيم مطر) شاهدنا (دينا) التى تجسد شخصية (هدى) التى تنكر تضحية زوجها وتطمع في فلوسه التى كونها بعد غربته حوالي 25 عاما وتستولي عليها بجشع هى وبناتها دون أي مبرر منطقي سوى الطمع والجبروت، وعندما يخبرها والدها بالبحث عن زوجها في المستشفيات، ترفض بحجة أن لديها جلسة (أوكسجين لشد الوجه)!

سكن البنات

كما شاهدنا في مسلسل (سكن البنات) شخصية (أيتن عامر) الأبنة التي تحاول أن تحصل على عقود فيلا أمها (وفاء عامر) عن طريق السرقة، وذلك بغرض بيعها بخمسين مليون جنيه على عكس رغبة أمها الممثلة المعتزلة التي تجد حياتها في تسكين بنات الجامعة ورعايتهم بديلا لها عن حرمانها من ابنتها الحاقدة عليها بحجة أنها لم تتربى في حضنها كما كانت تتمنى، ومن ثم تحاول أن ترثها رغما عنها وبالتالي لايهمها أن يكون مصيرها الشارع.

منة شلبي

في كل أسبوع يوم جمعة

على الرغم من تألق (منة شلبي) في أدائها طوال الـ 10 حلقات من عمر مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) فإنها استطاع أن تحبس أنفاس المشاهدين عبر مشاهد غاية في الدموية والقسوة والتقزز في غالب الأحيان، خاصة مع تكرار مشاهد تقطيع الجثث بالبلطة من جانب (عماد) الأبله الذي جسد دوره آسر ياسين بالاشتراك مع مهندسة الكمبيوتر (ليلى) التي لعبت دورها (منة شلبي) باحترفية كبيرة، ولكن لايكفي فقط أن يصنف هذا المسلسل المصري ضمن مسلسلات الجريمة والإثارة فقط بل ينبغي تصنيفه في خانة (الرعب الذي لايفضي إلى نتيجة سوى محاولة تبديد مساحات القلق بداخلنا عندما يقدم أحدنا على جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد) فينفذ القتل بأعصاب باردة .. تلك هى القيمة الوحيدة في المسلسل للأسف.

المسلسل الذي كتب قصته الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد، أخذه كاتبي السناريو والحوار سمير عبد الناصر، ومحمد هشام عبية، وعبر معالجة درامية لإياد إبراهيم، إلى مناطق أكثر إيلاما ورعبا، ربما لم نشهدها من قبل في أعمال درامية مصرية أو عربية، حيث يفتقد للهدف الإنساني الذي تعمل من أجله الدراما بحسب ما كتبه أرسطو في كتابه الشعر (إن التاريخ يكتب الأحداث كما وقعت، ولكن الدراما تكتب الأحداث كما كان ينبغي أن تقع).

ربما تكون هذه النماذج النسائية موجودة فى الواقع وموجود ما هو أكثر إيلاما منها، لكن تكثيف عرضها في وقت واحد، هذا هو الخطأ خاصة أن هنالك مقولات مؤداها: إن الدراما ليست إلا مرآة تصور مجتمعاتنا الداخلية بحلوها ومرها من خلال محاكاتها لواقع عالمنا العربي بجميع تناقضاته، لكن في الحقيقة هذه المقولة يختلف عليها الكثيرون باعتبار أن الدراما في بعض أعمالها تشوه الحقائق وتسيء لمجتمعاتنا العربية ولا تخدم القضايا الإنسانية.

ومن هنا لابد أن ينتبه صناع الدراما إلى أنها أصبحت تلعب دورا مهما في حياتنا المعاصر بعد أن تراجع دور الكتاب الورقي في عصر التكنولوجيا السريع، ومن ثم ففي ظل تنامي دور الدراما، ومدى تأثيرها في الأجيال الحالية، أن تركز على البعد الإنساني في الحياة، إنطلاقا من أهميتها كمنتج إعلامي يعنى برصد الأحداث وتطوراتها وانعاكساتها على مجمل الحياة العربية العصرية، فقد أصبحت الدراما تعمل كمعادل بصري ووثيقة تاريخية ومستنداً بصرياً للتاريخ بتقلباته المختلفة.

ولعل هذا النمو المطرد لدور الدراما في حياتنا المعاصرة، جاء بعد أن أصبحت الفضائيات العربية ومعها المنصات الرقمية الجديدة حالة خاصة وفريدة فى تطور مسيرة الإعلام العربى، منذ عرف العرب الصحافة فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، حتى أنه يمكن القول براحة تامة: بأن مجمل التطورات التى أحدثها ظهور الفضائيات العربية والمنصات فى الشارع العربى، وفى وسائل الإعلام التقليدية منذ أوائل العقد الأخير من القرن الماضى يعادل مجمل التطورات التى شهدها الإعلام العربى منذ ظهوره.

إذن الدراما تلعب دورا مهما في صنع حالة من الاستقرار والهدوء النفسي لدى مشاهد تحاصره مشاهد العنف الدموية والإرهاب الذي يحصد أرواح ضحاياه يوميا على قارعة الطريقة بذات الطريقة الوحشية، التي جاءت ضمن سياق أحداث مسلسلات تعزف على أوتار الشر داخل المرأة المصرية ونحن في لحظة فاصلة تزامنت مع احتفالنا بيوم المرأة العالمي، وتكريم أمهات الشهداء والمرأة المثالية في عيد الأم خلال الأيام القليلة الماضية، وهى أمور مرفوض تجسيدها شكلا وموضوعا على الشاشة، فقد سئمنا مشاهد العنف والقتل والتمثيل بالجثث من جانب المرأة التي تعد شريكا مهما في بناء هذا الوطن، ومن ثم أصبحنا بحاجة إلى دراما تصنع لنا أجواء رومانسية حالمة أو موضوعا اجتماعيا يبعث على الدفء العائلي أو الأكشن والإثارة القادرة على تفريغ الطاقات السلبية التي تلازمنا أينما ذهبنا، بدلا من تشويه الوجه الجميل للمرأة المصرية في ظل تألقها الحالي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.